قراءه لكتاب ثورة كوردستان ومتغيرات العصر نضال الجبال أم إنتفاضة الــمدن
حلم الامة امام اختيارين
في الــزمن الاستثنـــــائي
( 1 – 2 )
مقدمة
قراءة كتاب ( ثورة كوردستان ومتغييرات العصر / نضال الجبال ام انتفاضة المدن ) وهومن تأليف القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني السيد حكمت محمد كريم ( ملا بختيار ) والكتاب يستعرض صفحات بعضها قديم واخريات حديثة من تأريخ أمتناًً التي تعيش ومنذ سنة 550 ق . م حياة تراجيديه الى الحد الذي عندما نراجع بعض من هذه الصفحات نقترب من الصدمة ونستغرب من النفس الطويل لهذه الامة التي رغم ماساتها بقت جذوة قابلة في كل مرة ان تعود نارا ملتهبه مصره على البقاء رغم الغدر الذي غدر طوال هذا التاريخ .
ونطالع في الكتاب بالاضافة الى عرض تاريخ تجربتين : حمل السلاح والتوجه الى الجبال لاعلان الثورة ام الدعوة الى الانتفاضة في المدن ‘ نطالع تجربة الكثير من الشعوب منهم القريبين ومنهم البعيدين عن الكرد مع دراسة التجربتين للثورة في حياة الشعب الكردي ويسلط الضوء على مسيرتهما تاريخياَ ‘‘ مؤلف هذه الجهد الفكري والتاريخي ليس من جمع المؤرخين بالمفهوم المهني الاختصاصي ‘ ككثير من المؤرخين الكرد المعاصرين ( د. كمال مظهر ) والاخرين ‘ بل هو صاحب فكر وقلم ومشارك فعلي بالعمل والفكر معا منذ سبعينات القرن الماضي ومنذ الخطوات الاولى للثورة الكوردستانية من اجل الحرية وفي مجالي الثورة المسلحة في الجبل و انتفاضة المدن ‘ ومن خلال تحليلاتها لتأريخ أختيارات الشعوب من اجل الحرية للطريقتين والخوض في تفاصيل نماذج كثيرة يصل الى قناعة بأن اختيار انتفاضة المدن افضل طريق يقرب الكرد ارضا وشعبا من الاستقلال ‘‘ بالنسبة لنا ‘ وبالقدر الذي تعلمنا من تجارب الحياة وقراءة التحليلات ومعايشة بعض صفحات الاحداث ‘ نحاول هنا محاولة متواضعة ‘ لطرح بعض الملاحظات على هذا الجهد الفكري المتميز
الامة المغدور من بداية التاريخ
بعد الغدر الذي يتحدث التاريخ عنه ‘ عندما اختار احد ابناء هذه الامة ان يلعب فيه دوراَ سلبيا مؤثرا ‘ حيث تم اسقاط دولة الميدية في عام 550 ق . م ‘ ولم تأتي فرصة طوال ذلك التاريخ لكي ينطلق من خلاله الكرد لاعادة بناء دولتهم القومية كحال القوميات الاخرى في المنطقة .
لانريد ان نتوقف طويلا على ذلك الانكسار ‘ بل نستعرض بشكل موجز الاحداث التاريخية منذ عام 1514 الميلادية حيث نتفاجأ ان الصورة واضحة امامنا تاريخيا:
تواجه الامة الكردية وباستمرار ومنذ ذلك العام كل المحاولات من اجل الحرية وبقوة شرسة لاقصى حد بحيث اذا وصلت انتفاضتها الى خطواتها الاولى لبناء الاستقلال ‘ لا يطول التمتع بذلك النصر لعام او عام ونصف حيث تسحق انتفاضاتها بالقوة التي اشرنا اليه ‘ والمؤلم في هذا العرض ‘ انه كان يتم اجهاض تلك المحاولات لاسباب داخلية عندما يجد اعداء الكرد منفذ من سياجهم الداخلي لاجهاض حلمهم
• عام 1514 بعد حرب جالديران تم تقسيم ( الشعب والوطن كوردستان ) بين الامبراطوريتين الصفويه والعثمانيه
• عام 1858 انتفاضة يزدان في منطقة بوتان التي استطاعت تحرير مساحة واسعة من كوردستان ولكن انتهت بتفريق قواتها بعد ترك عدد غير قليل من رؤساء العشائر صفوف قوات الانتفاضة
• عام 1880 انتفاضة الشمزينان على حدود تركيا – ايران بقيادة الشيخ عبيدالله النهري ‘ عام 1881 تم القضاء عليها وتم اسر قائدها
• عام 1916 تم ظهور شرق اوسط جديد نتيجة اتفاقية سايكسبيكو على اطلال انهيار الامبراطوريتي الصفوية والعثمانية فكان نصيب الكرد ( الشعب والوطن ) تقسيمهم على ثلاثة دول من انتاج تلك الاتفاقية
• عام 1920 انتفاضة الشيخ محمود الحفيد الذي تمسك باعلان الدولة الكردية التي اسسها عام 1919 ‘ قوات البريطانية التي احتلت العراق قامت بسحق الانتفاضة واسر الشيخ ونفاهه الى الهند
• عام 1920 ايضا انتفض ابراهيم هنانوو في كوردستان الغربية حيث شكل في جنوب حلب اربعة فرق مسلحة بهدف اعلان الاستقلال والثورة ضد القوات الفرنسية ‘ ولكن الفرنسين وبقيادة جنرال ( غورو ) واجهوا الثورة بشراسة وتم اخمادها
• وفي نفس العام ايضا اندلعت انتفاضة اسماعيل خان سمكو في اقليم الورمي ( كوردستان الشرقي ) ضد الحكم المركزي في طهران استمرت تلك الانتفاضة الى عام 1930 حينها دبر الحكم في طهران خطة تحت عنوان مباحثات للاتفاق مع سمكو ولكن في الواقع كانت مؤامره مدبره تم فيها اغتيال قائد الانتفاضه تحت الخيمه التي جرت فيها المفاوضات
• في تلك الاعوام التي اندلعت فيها الانتفاضات تم الاتفاقيتين ( دون اي نتيجة مثمرة لمصير الكرد ) رغم انهما تمت تحت عنوان استجابة لطموح الكرد ‘ وهما اتفاقيتي سيفر عام 1920 الذي تؤكد على الحكم الذاتي و في المادة 64 منها اشارة الى مشروعية العمل لتاسيس دولة كردية ‘ لم يتم تنفيذ اي بند من بنود الاتفاقية ‘ وفي عام 1923 تم توقيع الاتفاقية الثانية عرف باسم اتفاقية لوزان حيث تم بموجبها الغاء اتفاقية سيفر …!
• مرة اخرى وفي عام 1925 وفي كوردستان الشمالي اعلنت انتفاضة اخرى بقيادة الشيخ سعيد بيران تم تصدى لها بالحديد والنار وفي عامي 1930 و1931 انتفاضة اخرى بقيادة احسان باشا اذ ابتدأ انتفاضته بدعوة الامم المتحدة لدعم استقلال كوردستان و اخمدت الانتفاضة بنفس طرق العنف كان منهجا لسلطة انقرة للاجهاض على انتفاضات الكرد
• عام 1946 بدعم من الاتحاد السوفيتي اعلن عن قيام جمهورية مهاباد في اقليم كوردستان الشرقي و رفع علم الاستقلال ولكن وبعد اقل من عام هاجمت القوات الايرانية الاقليم ومدينة مهاباد و احتلتها واعدم قادة الاعلان
• في كوردستان الجنوبيه ( العراق ) انطلقت ثورة مسلحة تحت شعار ( الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكوردستان ) وذلك بعد ان تراجعت حكومة قاسم عن النص الدستوري وهي المادة الثالثة من الدستور العراقي بعد 14 تموز 1958 ‘ استمرت الثورة رغم حصول بعض المحاولات للاتفاق بين الثورة وحكومة بغداد بعد سقوط قاسم في انقلاب 8 شباط 1963 الدموي (وعرف بموافقة الحكم على ماسميت باللامركزية للكرد) و بعد انقلاب عبدالسلام عارف ضد انقلابي شباط ( عرف ببيان عارف والقيادة الكردية ) 1964 واثناء رئاسة عبدالرحمن البزاز ( عرف ببيان 29 حزيران )1967 لم تثمر هذه الاتفاقيات شيء للكرد الى ان اضطر الحكم في بغداد وفي 11 اذار 1970 للاتفاق مع الثورة وعلى اساس الحكم الذاتي لاقليم كوردستان وبعد 4 سنوات وهي الفترة التي حددت لتطبيق الاتفاقية باصدار قانون الحكم الذاتي والمباشره بتاسيس مؤسساتها من هنا ظهر الخلاف بين الجانبين والذي ادى الى عودة الصدام بين الطرفين وكانت للاطراف الاجنبية دور مؤثر في عدم الوصول الى الحل المطلوب ‘ كان لحكم شاه ايران وبدعم واضح من الادارة الامريكية الدور الكبير في عودة القتال ولكن وفي مبادرة غير متوقعة تم الاتفاق في الجزائر بين العراق و ايران سحب الطرف الثاني كل الدعم عن الكرد و انهارت الثورة بشكل ماسوي حيث اصبح الكرد ضحية للصراع الاقليمي والدولي على الهيمنه على المنطقة .
• مراجعة هذه السلسلة من الانتفاضات ونتائجها المؤلمة من انتصارات وبعد ذلك انكسارات في حياة القومية الكردية دفع الكثيرين من المراقبين و متابعي هذه القضية وحتى المؤرخين الى البحث عن جذور المشكلة والمسببات من خلال توجيه السؤال : لماذا ؟ والبحث الموضوعي المستمر للوصول الى الاجابة وحل اللغز ..!
الظلم والتقسيم المشترك
الكرد لحد اقصى والعرب بنسبة اقل ‘ عند مراجعة الوجود وضمان للحق القومي اكبر متضرر من التقسيم الرديء الذي جاء به التحالف البريطاني الفرنسي الذي ادى الى تقسيم وتاسيس الكيانات القوميات المتواجده تاريخيا في المنطقة وهي :
الكرد و العرب والفرس والترك ‘ وطن القوميات الاربعة تبدأ من الحدود الشرقية لايران الى ساحل البحر الابيض المتوسط ‘ ادت اتفاقية سايكسبيكو الى تقسيم خبيث كانهم وبشكل متعمد اختاروا فقط القومية الكردية تتحمل وزر انهيار الامبراطورية العثمانية التي يسمونها هم بالرجل المريض ‘ ورغم ان الكرد قالوا قديما : ( زرع كلمة – لو – فلم تثمر شيء ) ‘ لو اختاروا في ذلك الظرف ‘ كل اراضي كوردستان كمستعمرة لهم او لاحدهم في قلب الشرق الاوسط كما فعلت بريطانيا عند الاحتلال الكامل لاراضي الهند ‘ لكانت انتفاضة الكرد بعد حين وطرد المستعمر وانتهى امر تقرير مصيرها بيدها ولاصبحت القومية الرابعة صاحبة الكيان الدولي في المنطقة
كتبنا في مقال في ثلاثة حلقات نشرت في حينها في جريدة الزمان واكثر من صحيفة الكترونية بعنوان ( استفتاء لاستقلال كوردستان : لالماذا ‘‘ ونعم متى ):
( أن قوى الاستكبار العالمي، وبعد الحربين العالمية الأولى والثانية، قامت بتجزئة الأرض والشعب الكوردي بين ثلاث قوميات، وترك مصيرهم تحت تصرف تلك البلدان التي تعاني من أزمة، عبارة عن ابتلائهم بقيادات سلطوية وفوقية لهم، وكل قومية حسب إرثها التاريخي تقودها قيادات ملئت أفكارهم بالتعصب العرقي والديني والمذهبي، والرغبة لعدم التنازل عن كل هذه العقد حتى لو سالت الدماء للركب، كما يقول المثل ! ودون أن يكون لهم أي استعداد لفهم أو استيعاب أفكار العصر، مثل حقوق الآخر، أو تبادل السلطة سلمياً، ….الخ ولذلك ترى أن كل المحاولات لمعالجة القضية الكردية في ألاجزاء ألاربعة تبدأ من الفوق، وبطريقة التراضي بين الفوقانيين في الطرفين، وعندما تواجه مصالح أي طرف ماسك بتيسير أمور الرعية لا يمر وقت إلا وترجع العقدة إلى المربع الأول، وهكذا…)
علينا ان لانقفز فوق حقائق ذات شواهد تاريخية تقول : ان حظ الكرد مع العرب بالقياس مع وضعهم مع السلطتي المركزية في ايران وتركيا ( بالاخص القوى العربية او الجهات والمنظمات غيرة الرسمية ) من خلال تعاملهم اوفر ايجابية من خلال تقديرهم لوجودهم القومي
الانتفاضات الكردية والتدخل الخارجي
مع تقديري لاستاذ بختيار ‘ النماذج التي عرضها في دراسته من الثورات والانتفاضات لشعوب ئائره من اجل الحرية ‘ اكثرها اذا لانقول كل النماذج ليسوا نماذج ملائمة للمقارنة مع الثورات والانتفاضات الكردستانية ( لآن تلك الثورات والانتفاضات ‘ لشعوب ثائرة ومنتفضة من أجل الحرية من الحكام المستبدين كانوا ربطوا مصلحة الوطن بالارادات الخارجية ‘ في حين ان الانتفاضات والثورات الكردية تهدف البقاء حيث كانت – ولايزال تواجه حملات ابادة وجودها القومي ارضا وشعبا ) وممكن ان نضيف على الملاحظة الوضع الفلسطيني ايضاً ‘ لان الشعبين المغدورين ضحيتين للمخططات استراتيجية الهيمنة منذ تنفيذ تلك المخططات يواجهون شتى طرق التحدي لوجود خصوصياتهم في الانتماء للارض والتراث و الثقافة واللغة ‘ اما ثورة كاسترو ضد باتيستا ماكانت ثورة قومية تهدف الحفاظ على الخصوصيات كرمز لوجوده ‘ هم اي الكوبيين انتفضوا لان باتيستا سلم الارادة وثروات وطنهم الى مصدر القرار الامريكي بشكل مهين ‘ من هنا وانطلاقا من روح الكبرياء الوطنية قامت الثورة وانتصرت ‘ وكذلك حرب و تحدي وانتفاضة الشعب الفيتنامي كانت ضد تخطيط الامبريالية الغربية ( تحالف الامريكي الفرنسي ) الهادفين تشتيت ارادة شعوب جنوب شرقي اسيا وفرض نموذج تقسيم الكورتيين كخطوة لمحاصرة نمو ثورة الصين اليساري و محاصرة السوفيت وتقوية دولة ( تايوان ) التي فرض من قبل الغرب كممثل شرعي للصينيين ‘ ولكن ارادة الفيتناميين افشلت مخطط الغرب وبعد تضحيات كبيرة عادة الدولة موحدة واصبحت انتصاراتهم يحتذى بها في مقاومة من يريد تقسيم وتفكيك وحدة الشعوب الحية وتم طرد الفرنسيين في معركة (ديان بيان فو ) عظيم الذكر
نستغل هذا التذكير للاشارة الى تجربة الفيتناميين في التمسك بوحدة الشعب واعتبار ارادته وسياج وطنة الموحد عند من يقودهم لايدخل في اطار اي تسويات وفي اي ظرف منكسرين اومنتصرين ‘ كلنا سمعنا عند خروج اخر جندي امريكي من سايكون اعلن توحيد شمال وجنوب البلد و اعتبار هانوي عاصمة دولة موحدة ولم نسمع عن اي خبر يتحدث عن تقسيم اي مكسب لتبقى ظاهرة الشمال والجنوب في ذاكرة الوطنية الفيتنامية .