23 ديسمبر، 2024 9:17 ص

قراءة نقدية‎ الثيمة الحاضرة في .. ذاكرة امرأة منسية  للقاصة أيسر الصدوق

قراءة نقدية‎ الثيمة الحاضرة في .. ذاكرة امرأة منسية  للقاصة أيسر الصدوق

نصوص تعددت ثيماتها ، وجوانبها الإنسانية التي تناولتها ، تشعبت أحداثها ، وتناثر الحزن بين طياتها ، لتلتقي تحت عنوان عريض هو معاناة المرأة العراقية  التي تمحورت عليها معظم قصص المجموعة القصصية ( ذاكرة امرأة منسية ) للقاصة أيسر الصدوق والتي صدرت عن (دار المرتضى) للنشر والتوزيع ، والتي احتوت على ثمانية وعشرين  قصة قصيرة ، أخضعتها القاصة لثقافتها الحتمية كامرأة شرقية تحاول فك بعض رموز أحجية قديمة عاشتها المرأة العربية في ظل سطوة المجتمع ألذكوري الذي حرمها الكثير من حقوقها .. فاختارت لغة سردية بسيطة سلسة ، اعتمدت على حواريات مقتضبة ، وإسهاب في الوصف لكل ما يحيط بالحدث من خلجات إنسانية وتداعيات فكرية ، تجتاح أبطالها أثناء سير أحداث قصصها التي اختارت ثيماتها من الواقع ، وأن ندر بعضا منها على ارض هذا الواقع ، إلا إنها تميزت بخصوصية كل منها وتفردها في البناء القصصي عن غيرها ، وبذلك منعت حدوث أي تداخل بينها ، لا على مستوى الثيمات ولا على مستوى السرد القصصي ، مستثمرة قدراتها الثقافية  والمعرفية لإبراز مظلومية المرأة الشرقية والعراقية بوجه الخصوص ، وما عانته وتعانيه في مواكبتها لجميع الأحداث التاريخية والانعطافات المهمة التي مر بها العراق من انتكاسات وحروب وقحط وعوز ، بأسلوب سردي طغى عليه  إيقاع هادئ ومتزن ،مؤطر بصبغة حزن سرمدية رافقت بطلات قصصها ،   لذلك نجد إن اغلب القصص قد غاب عن نهايتها عنصرا الدهشة والمفاجئة  المعتاد وجودهما في القصص القصيرة ، فكانت ذات نهايات مفتوحة ، تتيح للقارئ مديات أوسع في استنتاج ما ستؤول إليه الأحداث ..كما في قصة (قيد آخر ) ، التي دفعت فيها بطلتها ثمن وجودها في بيئة متداعية أخلاقيا ، بعدما فقدت أبيها في حادث إرهابي ، ولحقت به أمها بعد وقت قصير ، لتجد نفسها محاطة برغبات محرمة من قبل عمها ، اضطرتها اللجوء إلى الشارع لتعيش حالة الضياع والبؤس والتشرد ، كخيار يحفظ لها عفتها وشرفها ..وفي قصتي (الفجيعة ووعود كاذبة )  تناولت القاصة ثيمتان من واقعنا المعاصر ، سلطت الضوء فيهما عن ظاهرة النزوح التي رافقت سيطرة الجماعات الإرهابية على مدن العراق ، وما عانته العائلات النازحة من بؤس وحرمان ، وحلمها بالعودة ، كانت المرأة الشاخص الرئيسي الذي دارت حوله أحداثهما ..وفي قصة ( سنين باقية ) نرى إن القاصة توجه صرخة مدوية بوجه الإنسانية ، في سردها لحياة امرأة خمسينية فقدت ولديها بفوضى العنف التي تجتاح مجتمعنا اليوم ، لتحمل على عاتقها مسؤولية إعالة أبنائهم ، في مجتمع لا تمتلك فيه أي مؤهل يمكنها من العيش معهم حياة حرة كريمة ، فينتهي بها المطاف عاملة نظافة في إحدى المشافي ، تقتات هي وأحفادها على مرتب صغير ، وفضلات طعام المرضى.
ذاكرة امرأة منسية للقاصة أيسر الصدوق محاولة واعدة في كتابة القصة القصيرة بطعمها العراقي .. يمكن تحويلها الى مشروع أدبي رائد ، يعنى بكل إرهاصات مسيرة المرأة العراقية في تاريخنا المعاصر ، تكون القاصة جزء مهم فيه.