المواقف السياسية تتغير حسب بوصلة المصالح حيث لم يعد هناك ثوابت ولا اخلاق في السياسة، والمدرسة الامريكية البراغماتية دائما في توافق مع السياسة الايرانية من ناحية الخداع والغدر والكذب ولحد الان لا احد يستطيع ان يجرم مغزى الانسحاب الامريكي من افغانستان وكثير من اعتقد وانا منهم ان الانسحاب الامريكي غايته الاشتباك بين طالبان مع ايران دون الانتباه الى ان طالبان ليس دمية امريكية فهي اليوم ليس طالبان الامس التي كانت مجرد فصيل مقاتل عنيد بينما اليوم تسعى لتسلم الحكم في افغانستان وبذلك اكيد سوف تتحول من فصيل محارب الى قوة سياسية لان الذي يتقلد مقاليد الحكم يتقيد باساليب السياسة لا بالسلاح وانه ليس من المعقول ان تبدأ طالبان مرحلة حكمها بالحروب مع محيطها الاقليمي وهي محاطة بدول لا يستهان بها من حيث القوة مثل ايران وروسيا والصين لذلك اكيد سوف تختلف الرؤى والمواقف وفق المستجدات في الساحة السياسية لهذا قبلت طالبان التفاوض مع الحكومة الافغانية بوساطة ايرانية قبل ان تكون في سدة الحكم بالرغم من انعدام الثقة بين طالبان وايران لان كل طرف يجهز نفسه بالسر والعلن في مواجهة نوايا الطرف الاخر لان طالبان لا يمكن ان تنسى ان ايران كانت سبب في هزيمتها في السابق وايران تلعب بخيارات متعددة اولها الحيطة والحذر من خلال قيامها بسحب عشرة الاف مقاتل من ميليشياتها في سوريا تحسباً لاي طارئ على الحدود مع افغانستان وفي الوقت نفسه تحاول التقرب من طالبان واستمالتها لبناء علاقات سياسية متوازية لهذا قدمت الجانب السياسي وجمعت على طاولة واحدة ممثلين عن الحركة والحكومة الافغانية مما جعل الكثير يشكك في الموقف الامريكي كونه انسحاب لغرض الهروب لا اكثر وليس من وراءه اتفاق مع طالبان لقلب الطاولة على ايران وانما مجرد دعايات اعلامية لتبرير الهروب ورد ماء الوجه، لان طالبان في حالة استلام الحكم سوف تتحول من فصيل مقاتل الى حاكم سياسي كما اشرنا وبذلك يصعب على امريكا التحكم في القرارات السياسية لحركة استلمت الحكم بجدارة من خلال نضالها العنيد وارغمت امريكا على الرحيل مما يعني ان الملامح السياسية لطالبان لم تتضح بعد وايران بمكرها ارادت ملئ الفراغ بفتح صفحة جديدة معها ولكن جذور الخلافات تبقى عميقة بين الطرفين خصوصاً المذهبية لهذا ايران في احد خياراتها في حال قيام طالبان بدعم البلوش والبشتون فانها سوف تقوم بدعم الحكومة الافغانية التي جمعتها مع طالبان لاجل عدم سقوطها وانفراد طالبان بالسلطة مما يعني ان ايران تريد ان تستبق الاحداث بدعم حكومة افغانستان وتوفير الحماية لها من السقوط وعرقلة وصول طالبان للحكم خصوصاً في حال وجود نوايا امريكية لخلق صدام بين طالبان وايران بالاضافة الى سعي ايران بإيجاد ميليشا شيعية على غرار الحشد الشعبي في العراق بدعم القيادي الأفغاني إسماعيل خان، الذي يُعرف بـ”أسد هرات” لمواجهة زحف طالبان التي استولت على منطقة رئيسية في إقليم هرات، حيث يعيش عشرات الآلاف من أقلية الهزارة الشيعية هناك والتي تقع على بعد نحو 100 كيلومتر من إسلام قلعة، المعبر الحدودي الرئيسي مع إيران الذي بات يخضع لسيطرة طالبان، حيث قال خان في مؤتمر صحفي، أن المئات من المدنيين من جميع أنحاء البلاد تواصلوا معه وأبدوا استعدادهم لتشكيل (الحشد) ومقاتلة طالبان .. بمعنى كل يعمل على ليلاه والعرب نيام … لذلك يفترض بالعرب المتضررين من ايران عدم الوقوف مكتوفي الايدي والتفرج على ما يجري في الساحة الاسلامية ولابد من التحرك بدخول اللعبة بشجاعة واستمالة طالبان من اجل تحجيم دور ايران وايقاف غرستها وتدخلاتها بالمنطقة وفق مبدأ اقتناء الفرص والعمل بالمثل للدفاع عن مصالحهم ووجودهم من التآكل الزمني بسبب تهميشهم وعدم الاكتراث بأمنهم القومي وذلك بدعم طالبان وتهيئة مستلزمات القوة من حيث توفير المال والسلاح للاستفادة منها كقوة ضاربة جاهزة من غير حاجة الى تأسيس وتدريب لان المعروف عن طالبان تمتلك الخبرة والعناد والثبات وبالتالي قطع الطريق امام تحين الفرص في الوقت الضايع التي تستخدمها ايران وامريكا للنكاية بالعرب لان مشكلة العرب انهم غير قادرين ان يقولوا لا لأمريكا لان العقلية الامريكية لا تقبل لحلفائها الدائمين التفكير في مصالحهم خارج اطار المظلة الامريكية وحسب مقولة الرئيس الاسبق دونالد ريغن مصالحنا مع العرب لا تتأثر لا بالصداقة ولا بالخصومة لانهم ينفذون ما نريد .. لذلك نشاهد اغلب الدول العربية ومنها دول الخليج لم تتمكن من التعامل بالمثل بدعم المعارضة والاقليات في الداخل الايراني رداً على التدخلات الايرانية السافرة في الشأن الداخلي لدولهم ولم تتجرأ في تشكيل ورقة ضغط كبيره على ايران مثلما تضغط من خلال ميليشياتها الولائية على دول المنطقة .. اما اليوم ما الذي يمنع السعودية مثلاً من دعم طالبان والبلوش والبشتون بالمال والسلاح طالما ايران مستمرة في دعم الحوثيين وتزويدهم بالمال والسلاح والطائرات المسيرة للعبث في اليمن وتهديد دول الجوار بدلاً من الاعتماد على امريكا التي يتغطى بها ينام عريان لذلك يفترض عدم تصديق انسحابها من افغانستان لغرض الاشتباك بين طالبان وايران حتى لو كانت تخطط لذلك لانه لم يعد هناك مصداقية لامريكا لانها لا تريد للعرب تنفس الصعداء لذلك لابد للعرب من اقتناء الفرص ومسك خيوط اللعبة والتحكم بالاحداث لان الانزواء والنأي بالنفس يعني التآكل والموت البطيئ.