23 ديسمبر، 2024 5:03 م

قراءة متأنية لفخ تأييد المالكي أُممياً..؟!

قراءة متأنية لفخ تأييد المالكي أُممياً..؟!

لا يخرج تأييد “مجلس الأمن” لحملة المالكي العسكرية على محافظة (الأنبار) التي تشكل ثلث مساحة العراق، عن إطار إستخدام النزاعات. إيقادها أو تهدئتها- حسب الحاجة-. ثم الوصول بها من داخلها إلى حلول يستقر بها ومعها السلام وتحقق المصلحة الأميركية حدهما الأدنى. لا تستطيع واشنطن منع النزاعات ولا الصراع على المصالح، فذلك بعض قوانين الحياة، لكنها تستطيع منع المغامرات غير المحسوبة، أو السماح بالمبرمجة. خلق وضع دولي تدار فيه الأزمات وتبقى تحت السيطرة. وهذا بحد ذاته نصر للولايات المتحدة، التي تنفرد بإدارة “الأُمم المتحدة” وذراعها السياسي “مجلس الأمن”. ما يقلقهم ويفرحهم في آن، هو الحروب التي تفجرها نزعات القوة أو صراع المصالح. كلاهما متوفرتان في نموذج حرب المالكي على خصومه. وهو من إختار المواجهة مع الكل. ولن يتوقف زحفه وعسكرته عند الأنبار. سيواصل قصفه للمدن متصوراً إنه بتلك السياسة الوحشية التي توظف الدعم الأُممي “الأميركي” بشكلٍ خاص، و”الإيراني” بحكم الجوار والمذهب والثأر من مناوئي المالكي، أنه يحقق نصراً عسكرياً يثبت وضعه السياسي.
التأييد الأميركي ثم الأُممي، مرجعه، أن إدارة أوباما تبحث عن فرصة لإنجاح مفاوضات السلام في فلسطين وسورية، وليقينها من فشلها سلفاً، دفعها للبحث عن حدث أمني ما بحجم وحشية المالكي مع أهالي الأنبار، للتغطية على الفشل الأول، وإشغال الرأي العام، فبدى لها أن المالكي سيهبها  هذه الفرصة. وحين هاتَفّ نائب الرئيس الأميركي “جو بايدن” المالكي، لم يعطه كما قيل إذناً بضرب الأنبار، منحه ضوءاً “أصفر” قابل للتأويل سواء التحرك ببطئ، أو التمهل والتفكُر، فاستنتجت إدارة أوباما أن الأزمة السياسية والشعبية التي تعصف بالمالكي والإقليمية التي يخشاها بظرفها السوري، ستحمله على تحرك محدود بهدف الإبتزاز، وكان ذلك أقل مما يستوجب تدخل واشنطن وكانت مستعدة لغض النظر عنه وتركه يمضي في سياقه المحلي دون إستخدام القوة. ولكن المالكي إستنتج ما هو أبعد من حديثه الهاتفي مع بايدن، وبنى على إنطباعه الشخصي سياسة إجتياح الأنبار وتدميرها. مشكلة المالكي إنه يجهل التاريخ والجغرافيا. ولو عرفهما جيداً لأدرك أن سياسة الولايات المتحدة، لم تكن تسمح لـ”بريطانيا” شريكتها في غزو العراق وتدميره، بمثل هذا الإجتياح، حتى تسمح لقوة محلية يقودها المالكي أنشأتها أميركا ثم إنسحبت وتركتها كسيحة بحاجة لدعمها الدائم، مهما تكن ذرائعها، بأن تهدد (الأنبار) عقدة المواصلات والإتصالات والممرات والثروة المعدنية- النفط البديل- لتستخدمها فيما بعد في سياسات مغامرة أبعد وأخطر.