19 ديسمبر، 2024 12:53 ص

قراءة لما حدث في مرفأ بيروت

قراءة لما حدث في مرفأ بيروت

قبل أيام قصفت إسرائيل قرى لبنانية مدعية أن جماعة تسللت من لبنان إلى فلسطين المحتلة، فرصدتها قوات إسرائيلية، وفتحت عليها النار، ولا يعلم مصيرها، وعلى الأثر مشطت القوات الإسرائيلية منطقة الحدود اللبنانية بالمدفعية، ولكن حزب الله أنكر أن تكون المجموعة المتسللة إحدى مجموعاته القتالية، وقال الحزب إن القصف كان من جانب واحد، ولم تعلق إسرائيل على بيان حزب الله وطويت القصة.

الراجح أن ما ادعته إسرائيل حقيقة، فقد تسللت مجموعة لبنانية، بهدف رزع لغم، أو تدمير موقع ما، أو قتل جنود، والانسحاب سريعا، من دون أن تبقي أثرا يعطي للعدو الإسرائيلي ذريعة مهاجمة لبنان، عندها سيكون حزب الله قد نفذت تهديده بالثأر لعنصره الذي سقط بنيران إسرائيلية في الأراضي السورية، ولكن انكشاف أمر المجموعة المتسللة وعودتها من دون تنفيذ للمهمة، وأغلب الظن أنها مأمورة بالعودة، وعدم تنفيذ المهمة اذا ما كشفها الإسرائيليون، وهو ما جعل حزب الله ينكر الحدث، الذي مر بلا اضرار سوى التدمير الذي طال أحد البيوت، ولم يصب أحد من اللبنانيين، وطويت الصفحة لبنانيا، إلا أنها لم تطو إسرائيليا، فإسرائيل هي دولة مغتصبة ومعتدية، إلا أن لها استراتيجية تقوم على الاحتفاظ بكل التفاصيل لرسم خططها، اذ ليس هناك مكان للصدفة في قاموسها، فهي قد ادخرت حادثة التسلل الذي أنكره حزب الله لتنفيذ جريمة بشعة، حولت فيها مدينة بيروت إلى مدينة منكوبة.

المعروف أن حكومة لبنان الحالية التي يقودها حسان ذياب، ليست حكومة تكنوقراط كما يُدّعى، إنما هي حكومة سياسية، تنفذ ما يريدة أقوياء يسيطرون على القرار، من حزب الله والتيار الوطني التي يتزعمه جبران باسيل وزير خارجية لبنان السابق، وهو صهر رئيس الجمهورية ميشيل عون، مؤسس التيار المذكور، مع وجود هامش بسيط من النفوذ لنبيه بري، الذي يمسك بالعصا من الوسط، فهو مع الجميع، له حصته سواء في المعارضة أو الموالاة

التحالف بين عون وحزب الله، يقوم على أن يدعم عون شرعية سلاح المقاومة، ويدعم الحزب مشروع عون في رئاسة الجمهورية والاستحواذ على القرار المسيحي، ووفق هذا التحالف، يكون نفوذ عون قويا في المرافق السياسية، ويكون نفوذ حزب الله قويا في المرافق الأمنية، ومن أهم هذه المرافق مطار بيروت المعروف بمطار رفيق الحريري، ومرفأ بيروت، اللذين يخضعان بشكل كبير لنفوذ حزب الله، الذي يوظفهما في سياق مشروعه، ولا استبعد انه يقوم بعمله هذا بعلم من شركائه العونيين، وان بطريقة غير مباشرة.

يبدو أن إسرائيل قد حصلت على معلومة من خلال أقمارها، أو استخباراتها، أو من خلال أحد اصدقائها الأوربيين أو الأمريكيين وغيرهما، أو من خلال عميل لبناني، تفيد تلك المعلومة بوجود مواد عسكرية شديدة الانفجار مخزنة في المرفأ، ربما هي موجودة منذ مدة، كما صرح مسؤولون لبنانيون بذلك، أو قد تكون وصلت توا من حلفاء لحزب الله، خاصة وان الطريق البري بين دمشق وبيروت ليس آمنا لمرور الشحنات العسكرية، لأنه بات في حكم المسيطر عليه إسرائيليا، فقررت إسرائيل ضرب تلك المواد ضربة تحدث تدميرا هائلا في بيروت، مراهنة على ان حزب الله سوف ينكر وجود مواد عسكرية، ومن ثم انها ستنجو بفعلتها هذه من الإدانة فتكون حينها قد حققت هدفين، الأول أنها زرعت بذرة شقاق بين اللبنانيين وبين حزب الله، والثاني أنها أوصلت رسالة لحزب الله بحجم التدمير الذي سيطال لبنان إن هو أقدم على مهاجمتها من جنوب لبنان، لتبقي المعركة فقط في الجولان السوري، مراهنة على صداقة الروس ونفوذهم في سوريا، عسكريا من خلال تواجدهم الكبير وقواعدهم المنتشرة في طول البلاد وعرضها، وسياسيا من خلال رسمهم مسارات حركة بشار الأسد.