23 ديسمبر، 2024 12:10 ص

قراءة لحديث ” من أطاعني فقد أطاع الله .. “

قراءة لحديث ” من أطاعني فقد أطاع الله .. “

الموضوع : سوف نتناول في هذا البحث المختصر الحديث التالي ، عن أبي هريرة – أن رسول الله – قال : ( من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن يعصني فقد عصى الله ، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعص الأمير فقد عصاني ) ؛ رواه مسلم . وفي شرح هذا الحديث ، في موقع / الألوكة ، أورد التالي وبأختصار ( وقد ﺩﻝ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﻃﺎﻋﺔ ﺃﻭﻟﻲ الأﻣﺮ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺄﻣﺮﻭﺍ ﺑﻤﻌﺼﻴﺔ ، ﻓﺘﺄﻣﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ 59 سورة النساء ، ﻛﻴﻒ ﻗﺎﻝ : ﻭﺃﻃﻴﻌﻮﺍ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻞ : ﻭﺃﻃﻴﻌﻮﺍ ﺃﻭﻟﻲ الأﻣﺮ ﻣﻨﻜﻢ ؟ لأﻥ ﺃﻭﻟﻲ الأﻣﺮ لا ﻳﻔﺮﺩﻭﻥ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ ، ﺑﻞ ﻳﻄﺎﻋﻮﻥ ﻓﻴﻤﺎ ليس بمعصية ، ﻭﺃﻋﺎﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ؛ لأﻥ ﻣﻦ ﻳﻄﻊ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻓﻘﺪ ﺃﻃﺎﻉ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ لا ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻐﻴﺮ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﻌﺼﻮﻡ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ، ﻭﺃﻣﺎ ﻭﻟﻲ الأﻣﺮ ﻓﻘﺪ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻐﻴﺮ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻓﻼ ﻳﻄﺎﻉ ﺇلا ﻓﻴﻤﺎ ليس بمعصية ، ﻭﺃﻣﺎ ﻟﺰﻭﻡ ﻃﺎﻋﺘﻬﻢ ﻭﺇﻥ ﺟﺎﺭﻭﺍ ، ﻓﻸ‌ﻧﻪ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﻃﺎﻋﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﺃﺿﻌﺎﻑ ﻣﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻣﻦ ﺟﻮﺭﻫﻢ ، ﺑﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺭﻫﻢ ﺗﻜﻔﻴﺮ ﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ ﻭﻣﻀﺎﻋﻔﺔ الأﺟﻮﺭ . ) ، ثم سأسرد قراءتي العقلانية له ، مع أستعراض لبعض الأحاديث الاخرى التي تندرج تحت نفس المضمون .
القراءة : 1 . أن الحديث أعلاه في نصه البنيوي ، يؤشر الى أن طاعة الله تؤخذ من خلال طاعة الرسول ! ، واني أرى / بعد ترك تفاسير الفقهاء والمفسرين – لأنهم يفسرون وفق أهوائهم العقائدية ! ، أنه هناك تضاربا بين النص القرآني ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ 59 سورة النساء ، وبين حديث الرسول القائل ( من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن يعصني فقد عصى الله .. ) ، أي بمعنى : في النص القرآني هناك تقديم طاعة الله على الرسول ، بينما في الحديث أن طاعة الرسول هى بالنتيجة طاعة الله ، وفي محاضرات العالم السيد فرقد القزويني ، يقول : ” نقلا عن عائشة بنت أبي بكر الصديق ، أن الصديق أمر بحرق 500 حديثا مكتوبا بخط يده ، نقلا عن الرسول مباشرة ! ” ، السؤال : لم حرق الصديق الأحاديث ! ، لا بد هناك من سبب منطقي لحرقها ، منها مثلا : تضاربها مع النص القرآني ! – وهذا دليلا أخرا على تضارب وتقاطع بين القرآن وبين الأحاديث النبوية ! . ولكن : أيضا هناك أشكالية ، حيث وجود نص قرآني يبين أن الرسول : لا ينطق كيفما شاء ” ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ سورة النجم: 3، 4 ” . * أذن طاعة من أولا – الله أم الرسول ! ، ما دام حديث الرسول موحى أليه من قبل الله ! .
2 . حتى الرسول بذاته يركز على أطاعة الحاكم ، الهدف السامي والمهم لديه هو تطبيق الحاكم للشريعة ، فقد جاء في موقع / اسلام أون لاين ، التالي ، أنقله بأختصار ( وقد وجدنا في المروي عن النبي ما يشير إلى التلازم بين وجوب طاعة الحاكم وبين تطبيقه لكتاب لله ، فعن أم الحصين أنها سمعت رسول الله يخطب في حجة الوداع يقول : ” ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله ، اسمعوا له وأطيعوا ” – رواه مسلم .. فوجوب الطاعة متلازم مع تحكيم الحاكم لكتاب الله ، في حين أن تضييع الحاكم لبعض حقوق الرعية لا يسقط طاعته – إذا كانت له شرعية – ما لم يتخذ من ظلم الرعية ومنع الحقوق نهجا متبعا ، ثم إن هذا الحاكم الذي يجب التغاضي عن هناته وتضيعه لبعض الحقوق إنما هو الحاكم الذي جاء عن طريق بيعة شرعية ) . * فيما يتعلق ب ” التشديد على أطاعة الحاكم / الذي بويع شرعيا وفق حديث الرسول ، مع وجوب التغاضي عن سيئاته ! ” ، أني لا أرى في هذا الشأن من عدل وحق في هكذا أحاديث ! .
3 . أن الأحاديث النبوية ومنها / الحديث أعلاه ، وظفت لخدمة الحاكم ، خاصة حكام الدولتين الأموية والعباسية ، وذلك لجور وفسق وفساد وظلم ومجون بعض حكام تلك الحقبتين ، وهكذا أحاديث تجعل من الشعب يصبر على ظلم الحاكم ما دام الحاكم يطبق الشريعة – أي تخدير للشعب ، وفي موقع https://sites.google.com/site/ahbaralhadith يبين التالي ” الحديث من صنع الإنسان و ليس من وحي الرحمان ولا من الرسول (ص) ، الأحاديث والروايات صناعة أموية عباسية بإمتياز ” ، وبهذا المضمون أيضا يتكلم في قناة الحرة في 18 يماير 2018 – وبشكل أكثر شمولية ، المفكر الإسلامي محمد شحرور ، ويقول ” إن المسلمين وقعوا في الفكر الأحادي ولم يتقبلوا الآخر . وأضاف في حوار مع قناة الحرة أن ما وصل إلينا من الإسلام هو صناعة إنسانية صيغت في العصرين الأموي والعباسي . ” . * هذا يدلل على أن الأحاديث صنعت على مقاس الحكام ، وبمباركة فقهاء الأسلام ، في الحقبتين الأموية والعباسية .
4 . الأحاديث النبوية تمادت في خدمة الحاكم ضد مصلحة المحكوم ! ، وأنتهجت نصا غريبا ! ، فقد جاء موقع / أسلام ويب ، التالي ، أنقله باختصار ( حديث: ” وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ” ، وشرحه : وأما مسألة الخروج بالسيف على الحاكم المسلم الظالم ، أو الفاسق ، الذي لا يصل فسقه للكفر البواح ، فقد اختلف فيها سلف هذه الأمة وخيارها ، ثم آل الأمر ، أو كاد إلى اتفاق كلمة أكثر الأئمة المتبوعين والعلماء المعروفين على القول بترك القتال وعدم الخروج .. ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة ، للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي ، وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ، ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم ، وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين .. ) . * هنا لا أرى أكثر من هذا الجور في نص الأحاديث النبوية وتفاسيرها ، بالرغم من وجود بعض من الروايات التي تشير الى ” وقد ﺩﻝ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﻃﺎﻋﺔ ﺃﻭﻟﻲ الأﻣﺮ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺄﻣﺮﻭﺍ ﺑﻤﻌﺼﻴﺔ ” ، الأشكال أن الأحاديث النبوية تحث على الصبر والصمت على جور وظلم الحكام ! .
الخلاصة : * بعيدا عن كل ما قاله المفسرون ، وبغض النظر عن قراءتي للحديث ذات العلاقة ، والأحاديث التي تصب بذات المفهوم ، أود أن أبين أن محمدا كان دوما في طرف الحاكم وضد مصلحة المحكوم ، وينصر الأمير ويقنع المظلوم بالصبر على الجور ، وذلك لأستغلال محمد للأمير والقائد في تحقيق أهدافه – والرسول يهدد من يعصى الأمير أو القائد بالعقاب و الثبور ! ، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ قَــالَ : ” مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِر ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَــــاهِلِيَّة – البخاري7053 / مسلم1851 ” . وكان رسول الأسلام أيضا يشدد على طاعة الحاكم ، حتى أن فعل وفعل من مفاسد وموبقات ، فعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ : قُلْنَا : يَا رَسُولَ الله ، ” لا نَسْأَلُكَ عَنْ طَاعَةِ مَنِ اتَّقَى ، وَلَكِنْ مَنْ فَعَلَ وَفَعَلَ ، فَذَكَرَ الشَّرَّ ، فَقَالَ : اتَّقُوا الله ، وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا – ابن أبي عاصم في السنة1069 ” . * أما المذهب الوهابي السلفي ، الذي يسير على نهج مذهب محمد بن عبدالوهاب – والذي يعظم ويعزز – بل يشرعن ، من شأن السلطة الحاكمة في السعودية ويتغاضى عن معاصيها ! ، والذي ساهم الأخير في تأسيس المملكة السعودية مع آل سعود ، فأحد أئمة السعودية الكبار ” عبد العزيز بن عبد الله بن باز 1912 – 1999 / قاض وفقيه سعودي ” قد نشر في موقعه ( وبين أنه لا يجوز أطاعة الحاكم في المعاصي ، ولكن لا يجوز الخروج على الحاكم ، حتى وان فسد وجار ! ) . وهنا أيضا تكريس لسلطة الحاكم الظالم الجائر على المحكوم المظلوم . * خلاصة الأمر أن المحكوم في الحالتين صابر على الظلم وصامت في عدم الخروج على الحاكم ! .. والرسول دوما / وفق أحاديثه ، كان مع سلطة وقوة وبطش القائد و بعيدا عن حق المحكوم والمظلوم ، وذلك من أجل تحقيق ما يصبوا أليه ! .