ياتي ميثاق الشرف الذي تم توقيعه من قبل قيادات الكتل السياسية في العراق , خطة ايجابية في محاولة لتنقية الاجواء السياسية من الاحتقانات والترسبات التي علت على السطح خاصة في الاشهر الاخيرة الماضية , وبالرغم من اهمية هذا المشروع الوطني الا انه شهد غياب ثلاثة من قادة الكتل السياسية الذين يعدون ضمن محور الصراع الداخلي وخاصة الدكتور اياد علاوي وصالح المطلك , حيث ان الخلافات السياسية قد وصل بها الامر الى عبور الحدود العراقية منها الى الخارج لامكانية استيراد حلول ربما كان البعض من القادة ورؤساء الكتل قد اعتقد انه الوصفة المناسبة لحل ازمات الداخل العراقي ,,
ولعل غياب بعض قادة الكتل عن توقيع ميثاق الشرف يعطي للمواطن العراقي عدة رسائل تختلف بعضها عن البعض في التفسير ووضع الاحتمالات , ولعلي في هذه الرؤية التي ربما شاركني فيها بعض المراقبين السياسين اجد ان المواطن العراقي قد انتظر طويلا ليصل رجال السياسية الى مرحلة الميثاق ولحظة التوقيع وتجاوز الخلافات بطريقة تختلف عن السابق , وهي الطريقة التي استندت الى وضع نقاط وبنود ومحاور منها ما يتعلق بالدستور وامكانية ايجاد حلول مناسبة لما اختلف عليه من فقراته او بنوده , او بامكانية التوافق على ماتسبب بالخلاف بين بعض قادة الكتل من بنود او اتفاقيات هي خارج الدستور , وربما لايوجد في الدستور مايمكن ان يكون حلا لمثل هذه الاتفاقات , فيترك الامر الى الحالة التوافقية بين الخصوم دفعا لتوسيع دائرة الخلاف .
البنود الاحد عشر والتي تكون منها ميثاق الشرف الوطني لم تاتي بجديد الا انها جاءت لتؤكد كل ماجاء في محافل الصلح والعناق وتقبيل الاكتاف بين قادة الكتل والتي سرعان ماتبخرت بعدها بساعات , بنود الميثاق جاءت لتشديد الحاجة الى الوحدة والعمل بروح الفريق الواحد , ونبذ العنف والطائفية , و تعزيز الثقة بين اطراف العملية السياسية , واشاعة روح التقارب ونبذ القطيعة , واعتماد مبدأ ثقافة الحوار لمعالجة الازمات دون ترحيلها الى الخارج .
كل هذه البنود لو تم العمل بها فعليا وحرفيا سنجزم جميعا بان لامشلكة تقف امام قادتنا بمجرد التوقيع على ورقة الميثاق , ولعلي اختصر كل ماجاء من بنود في ميثاق الشرف الوطني بالخطاب السياسي الذي كنا نسمعه ولاشهر طويلة من السيد عمار الحكيم والذي كان ومازال ينادي به مطالبا قادة الكتل بالوحدة ونبذ الخلافات والابتعاد عن تدويل القضية العراقية .
والتدويل هنا يعني توسيع مساحة الصراع وتحوله من عراقي – عراقي الى عراقي – عربي , ولكن بعد كل هذه السنين العشرة الماضية من التغيير مازال هناك من يؤمن ويتصور ان الحل ليس عراقيا وانما الحل عربي خارجي , رغم علمه بان جميع المحاولات التي سعى اليها البعض بانها تكللت بفشل ذريع ولم تتمكن من ايجاد وصفة سياسية مناسبة للازمة العراقية وذلك لسبب بسيط , هو ان الحل الخارجي المعلب والمستورد لايملك روحية الطيف العراقي باجمعه , فيلقى الفشل , فضلا عن ان هذه الوصفة جاءت لمصلحة خارجية وليست عراقية .
السيد عمار الحكيم حاول في اكثر من مناسبة استخدام نظرية التقريب بين الخصوم , وقد تمكن الرجل اخيرا من لملت اعتى خصوم القضية العراقية , وتم التوقيع , ولكن بغياب مثلث هام من قادة الكتل , ولربما يتساءل البعض , عن مدى تاثير تواقيع القادة الثلاثة السيد مقتدى الصدر وعلاوي والمطلك من ورقة ميثاق الشرف على واقع العملية السياسية ؟
المواطن العراقي لايمكن له ان يحصل على وثيقة كاملة , البنود والمحاور والخطابات والحضور , هذا كله نموذج رائع للحظة الخروج من ازمة عانى منها العراقيين لعشرة اعوام , الا ان هذا النموذج لدى العراقيين لم يكتمل لغياب توقيع السادة الثلاثة والذين كانوا يعدون من الاطراف المهمة في العملية السياسية , والتي كان لها الاثر بالكثير من الهزات التي تعرض لها العراق , ليسال المواطن العراقي نفسة عن سبب الغياب , وماوراءه , ولماذا ؟ لتبقى عجلة القلق لديه تدور باستمرار .
ونحن معه نتساءل هل ان المواطن سيعيش مناخات واجواء مناسبة للتعايش السلمي في ضل وثيقة تعزز تمتين أواصر الوحدة الوطنية وتقوية النسيج الاجتماعي ومد جسور المودة والإخوة بين جميع مكونات وأطياف الشعب العراقي ؟