23 ديسمبر، 2024 3:40 ص

قراءة في مذكرات نصير كامل الجادرجي ج4(عن الوظيفة والانتخاب )

قراءة في مذكرات نصير كامل الجادرجي ج4(عن الوظيفة والانتخاب )

نتواصل مع مذكرات الاستاذ نصير كامل الجادرجي لنقراءها ونقراء من خلال احداثت ذكرت فيها ووقائع التاريخ العراقي لنحللها ونستخلص الدروس لنعرف ماحدث وماكانت تداعياتة ودورهذة الوقائع المهم في تشكيل الحياة السياسية في العراق واوصلنا الى ماوصلنا الية اليوم . يذكر الاستاذنصير الجادرجي واقعة عملة كموظف حكومي وانة توظف بدافع قتل الفراغ والاطلاع ويعرج على حال حدوث فيضان بغداد الشهير في شهر اذار مارس عام 1954 .وكيف انة تداعت الفعاليات الاجتماعية ومؤسسات الدولة والجيش الى انقاذ العاصمة وكيف حالت سدة ناظم باشا حينها من حدوث الكارثة ثم يذكر واقعة تستحق الوقوف عندها كنت في تلك الايام موظفآ في ديوان وزارة المواصلات وكان مقر ديوان الوزارة يطل على نهر دجلة وفي احد الايام يخبرة زميلة حمدي قدوري يوم امس حضر وزير المواصلات السيد عبد المجيد عباس مصطحبآ زوجتة وكذالك رئيس الوزراء حينها الدكتور فاظل الجمالي وبعد وصولهم خرجوا بجولة نهرية متفقدين الفيضان واستقلوا زورق الطوارئ . يستمر الاستاذ نصير بسرد الواقعة ويقول وفي المساء كنت في مقر الحزب اي الحزب الوطني الديموقراطي وكان هنالك ايضآ الاستاذ فائق السامرائي حاضرآ وهو من قيادي حزب الاستقلال . وكان الحديث يدور حول الفيضان المحتمل فقام نصير الجادرجي بابلاغ الحاضرين عن موضوع الجولة النهرية فخاطبة الاستاذ فائق السامرائي صاحب جريدة الجريدة (لولا خوفي عليك لكنت قد كتبت في الجريدة عن هذا الموضوع )فأجابة لا يهمك اكتب كما تشاء واعتبرني مستعد لتلقي العواقب . وفي اليوم التالي كتب الاستاذ فائق السامرائي مقالة (رحلة تحت ضوء القمر)انناامام عقلية تفهم معنى الدولة القانونية و الدولة القانونية مفهوم يعني دولة تخضع سلطة الحكم فيها للقانون خضوع المحكومين لة كل سلطة وسلوك فيها ينبع من القانون وسيادة القانون تفرض فيها على سلطات الدولة جميعآ التشريعية والتنفيذية والقضائية هذة القوانين مصدرها القانون الطبيعي واحترام الحريات وشرعة حقوق الانسان .هذا كان دافع من كتب المقال الاستاذ فائق السامرائي وهو الصحفي البارع والمحامي القدير نقيب محامين بعد حسين جميل .و ان الوظيفة هي اداة خدمة للشعب والوطن و يتمتع الموظف فيها بحرية الرأي ولعل اتفاقية العمل الدولية الموقعة في 17 يونيو 1964 جاء فيها ((في ضوء الهدف الاساسي الذي ينص على ان لجميع البشر ايآ كان عرقهم او معتقدهم او جنسهم الحق في العمل من اجل تحقيق رفاههم المادي و الروحي وفي ظل ضروف تسودها الحرية )وكذالك نص اخر اتفاقية العمل الدولية رقم 111لسنة 1958 فالموظف بالنهاية مواطن او انسان يجب ان يتمتع بحقوق الانسان ومنها حرية التعبير كأحد حقوق الانسان .وفي القانون الاساسي العراقي الذي حصلت في ظلة الواقعة (للعراقين حرية ابداء الرأي والنشر والأجتماع المادة 12 من القانون الاساسي لسنة 1925).
من هنا فأن نقل الخبر حينها الى الصحف من قبل الاستاذ نصير هو نوع من ممارسة الحرية وواجب وطني .ان المؤسسات الحكومية عند قيامها بأي عمل او قرار تتخذة
مقيدة ب انة يجب ان لا تكون قراراتها مشوبة بعيب اساءة استعمال السلطة او ان تستهدف غايات بعيدة عن المصلحة العامة او ان تستهدف الوصول الى غاية خلاف للغاية التي حددها القانون وهذا مااستقرت علية الدساتير والقوانين التي تشكل مفردات القانون الاداري . ان مقارنة بسيطة بين سلوك نصير الجادرجي هذا مع سلوك البروقراطية والموظفين في فترات لا حقة والأن في ظل العهد الحالي يكشف لنا عمق التراجع الاخلاقي والسلوكي في مؤسسات الدولة فالتزلف و التملق وطغيان المصالح الشخصية والحزبية والقبلية وغيرها من قيم تتناقظ مع حقوق الانسان والمصلحة العامة اعادة الدولة العراقية الى العصور الوسطى في القرن الحادي والعشرين سلوكيات مقززة تتم تحت غطاء المصلحة العامة وهي بعيدة كل البعد عنها . يقول نصير كامل الجادرجي في صباح اليوم التالي ارسل بطلبي مدير الذاتية وقال ان السيد الوزير غاضب جدآ على تسرب اخبار رحلتة النهرية مع رئيس الوزراء وامر بتشكيل لجنة تحقيقية مظيفآ آنة اخبر الوزير بان الذي سرب الخبر نصير الجادرجي يقول نصير الجادرجي قاطعتة قائلآ (خير مافعلت فأنا من اخبر السيد فائق السامرائي بالحادثة ومستعد لأبين رأي في هذا الموضوع والصحف ستثيرة من كل الجوانب وحينها (سنلعب بالوزير طوبة )) . على اية حال فأن الادارة لم تتخذ اي اجراء عقابي بل ان الاستاذ نصير الجادرجي شارك بفعالية في درء الفيضان وقد منح نوط الأنقاذ لدورة .
من الاحداث المهمة في تلك الفترة ايضآ الغاء الاحكام العرفية واضراب عمال السكاير في بغداد واضراب عمال النفط في البصرة وكذالك مؤتمر الحزب الوطني الديموقراطي السادس وفي نبرة تحدي القى الاستاذ كامل الجادرجي خطاب مهم في المؤتمر وصدور قرار من الحزب بتحية الدكتور مصدق رئيس وزراء ايران وهو سجين راجع مذكرات محمد حديد صفحة 272 . وهذة الخطوة بأعتقادي تشكل تحدي للنخبة الحاكمة وقتها وعلاقاتها الدولية ودعم لقوة لبرالية دمقراطية في بلد مجاور
ورفض للتخندقات الطائفية في المنطقة . هنالك ايضآ حدث مهم وهو لقاء الأستاذ كامل الجادرجي مع المستر فريمن العضو في حزب العمال البرطاني والنائب في مجلس العموم البرطاني بعد يوم واحد من خروجة من المعتقل في 12/1/1953 راجع مذكرات كامل الجادرجي صفحة 539 وما بعدها . يعجبني جدآ مقطع ورد في هذا اللقاء
سأل المستر فيرمن كامل الجادرجي هل يمكن ان تعطوني فكرة عن طريقة الحكم العراق اجابة كامل الجادرجي (كما تعلمون يحكم نظريآ بواسطة نظام دستوري برلماني
ديمقراطي ولكن هذة النظرية غير مطبقة عمليآ بالمرة فليس هناك انتخابات حقيقية ولا برلمان يحاسب الوزارة وان الحريات السياسية المضمونة بالدستور غير محترمة فهو يحكم بالواقع حكمآ دكتاتوريآ !قال المستر فيرمن من الذي يحكم بهذة الطريقة اجابة كامل الجادرجي انة يحكم من فئة خاصة مؤلفة من اشخاص لا يتغيرون ومن حاشية تتغير من حين الى اخر حسب الظروف ويرعى هذة الفئة الوصي على العرش وتعمل هذة الفئة بأستشارة الانكليز او بوحيهم ).هذة المقطوعة تصلح حتى لوصف الحال اليوم فهناك نظام دستوري برلماني ودستور توجد في موادة احترام للحريات لكن على ارض الواقع يشير واقع الحال الى تضيق شديد على الحريات الاجتماعية والفكرية وحرية الرأي والتعبير وتعيش مؤسسات الدولة وبيروقراطيتها في ظل ممارسات تعود الى عصر انعدام الحريات وتسيطر قيم ماقبل الحدثة على عقلية القوى ذات النفوذ وتسيطر دوافع العشائرية والطائفية والمصالح الفئوية والعرقية على الاجواء وهذة وصفة لتحبط تنشاءة اي نظام ديمقراطي في ظل رحلة عودة الى عصر ماقبل الحضارة وماقبل الدولة في المجال العام في اطار فوضى لكن غير خلاقة . على اية حال هناك مقولة لمونتسكيو مؤلف كتاب روح الشرائع ( اذا لم نكن نمتلك الأشياء فلنملك اذآ مظاهر الأشياء )حدثت انتاخابات 1954 وكان كامل الجادرجي مرشح والمشرف على حملتة الانتخابية حسين جميل الشخصية القانونية الفذة وكان ضمن ويوضح نصير الجادرجي وقائع الحملة الانتخابية وكيف تحولت الحملة الانتخابية في منطقة سوق الصفافير الى تظاهرة مؤيدة للجادرجي جابت شوارع بغداد ثم جاءت النتائج ففاز كامل الجادرجي وحسين جميل وجعفر بدر عن البصرة ويشير محمد حديد في مذكراتة الى ان الحكومة لم تتدخل في مراكز المدن ولكن تدخلت في الارياف فحصلت الحكومة والبلاط على الاغلبية باصوات الارياف والاقضية الصغيرة وبعد الانتخابات التي لم ترق للحكومة عطل المجلس ثم جاءت حكومة السعيد فحلت المجلس
فأعيدت الانتخابات التي قاطعتها القوى الديمقراطية ولم يرشح احد فأنتهت بمهزلة بعد المقاطعة فاز 121 نائب من اصل 135 بالتزكية المقاطعة سحبت الشرعية السياسية عن السلطة وادخلت النظام السياسي في مرحلة بداية النهاية ويذكر الاستاذ نصير الجادرجي ملفات البلاط التي كشفت عنها محكمة الشعب جاء فيها (اجتمعت بنوري باشا فوجدتة في حالة تأثر …………لن يقبل بتولي مسؤولية الحكم بوجود هذا المجلس لأنة يعتقد بأن الجماعة الذين دخلوا المجلس مثل كامل الجادرجي سوف يجعلون عملة صعبآ للغاية وهو يأسف انة سمح للجادرجي بدخول المجلس نوري السعيد الى الوصي عبد الالة ) كانت تلك بداية النهاية للنظام