لقد كتب الباحثون والمدققون في ظاهرة الاستبداد بعناوين مختلفة وباساليب واشكال متنوعة وكانت تلك البحوث غالبا ما تناقش حالت خاصة وفردية يقع الكاتب تحت تاثيرها ويشعر بخطرها فهو يكتب عن الاستبداد من حيث انه آلة قمع والة حبس وتكبيل، ومن حيث انه طاغية يمتلك كل اسباب القهر والجور، وهذه فكرة يكاد يتفق عليها المألفون والباحثون ممن تعرض لهذا المعنى او لهذه الظاهرة قديما وحديثا، الا ان هذه القراءات والتحديدات لم تلتفت الى نقاط مهمة وجوانب هي اخطر من الظاهرة نفسها، وهذا ليس تقصيرا في تلك الاقلام وتلك الجهود الا أنه لابد من تميز ولابد من تمايز .
الا انني حين قرات كتاب الباحث العالم الشيخ عز الدين البغدادي الموسوم (تطهير البلاد من تاثير الاستبداد) وقد ارسله لي لإبداء ملاحظاتي عليه، وانا اشكر له حرصه وامانته وثقته.
فاني قد وجدت حالة اخرى ودراسة مختلفة عما كتب، وبحدود اطلاعي المتواضع، فلقد وجدت في هذه الدراسة نوعاً جديداً من الابداع وسمواً عالياً في فهم الموقف اذ ان الباحث اعزه الله التفت الى جانب اهم وهو دراسة الظاهرة ليس من حيث النصوص الدينية فقط ، ومقارنتها او تطبيقها على بعض الحالات التي حصلت في التاريخ، بل انه في هذه الدراسة جمع بين قوة فهم النص الديني مع الدراسة النفسية والاجتماعية للمجتمع الذي يقع تت تاثير الاستبداد، والاسباب ار التي تهيء لتقبل ذلك الاستبداد وماهي علاماته ومظاهره، ومن ثم التاثيرات التي ستبقى وتعقب رحيل المستبد فيما لو حصل مؤثر خارجي ازال ذلك الاستبداد، وقد بين الباحث في التفاتة مهمة الى ان الاستبداد ليس هو الشخص ذاته، وانما هو الثقافة التي ترسخت في الافراد وفي المجتمع، من خلال حكم ذلك المستبد والاساليب التي تبناها لتكريس اذهان المجتمع لتقبل الاستبداد بكل انواعه وصنوفه لدرجة ان يتطبع المجتمع ويألف الظلم والخنوع ولا يشعر بالمظلومية او حتى بالهزيمة ..!!
دعوتي لكل القراء والباحثين المخلصين والى مشايخنا الاعزاء الى قراءة هذا الكتاب قراء واعية واعتذر من تقصير مدادي عن البوح بما يحمله الكتاب من رؤى هامة ومهمة
واسأل الله تعالى ان يسدد الباحث في خطاه الصالحة والاصلاحية لبناء المجتمع الجديد الخالي من العيوب والامراض
© 2016 Microsoft الشروط الخصوصية وملفات تعريف الارتباط المطوِّرون العربية