28 ديسمبر، 2024 2:32 م

قراءة في قصيدة (الرجل الحلزون) للشاعر صلاح حسن

قراءة في قصيدة (الرجل الحلزون) للشاعر صلاح حسن

اختزالية الموصوف ونزوع الشكل المفتوح
ان عالم القصيدة ،عالم معرفة ،عالم تخصص، لا بد لمن يحاول دخوله ان يتمسك بما هو جدلي المنحى بين الفعل وتصور الفعل ،ثم بعد ذلك (الفعل ذاته) الى (تصور الفعل) ومن هنا تستمر الحركة النصية في القصيدة ويتحقق الفن الشعري كمعطى مادي (صورة في شكل مادة) تتقدم للتصور والتنظير في التصور وعبر مقدمات تحرك فعل استجابة الية الصورة في الاشياء ،حيث لابد ان تتكون القصيدة هنا على اساس (تركيبية) و لانها تركيبية، فهي تكون بالنتيجة المنطقية الموضوعية ،وصفا بالغا في تحليلية اللغة الفاعلة الى مصدرية الصورة الشعرية في الاشياء التي تتحكم فيها ومن خلالها ،ويمكننا القول بان القصيدة قد تبدو على هذا الاساس ،غير منطوقة ،تصل الى مراحل مادية الصوت الغير محسوس بفعل معناها وقيمتها المؤسسه بتراكيبها وبنائها العقدي على نحو من المنحى الاكثر استجابة لقيمة المعنى التاويلي المباشر او غير المباشر بموجب موقع نظام الاشتراط المعرفي لموقع النص وقصديته .عبر هذه المقدمة التاويلية التي هي بمثابة التمهيد النظري لمحاولة استكشاف مكامن المعنى في لغة وشاعرية اعمال الشاعر العراقي المغترب صلاح حسن ،وقد اخترنا بهذا الصدد قصيدة (الرجل الحلزون) وذلك يعود بسبب استخدام الشاعر لهذا النص ادوات (تاويل المتخيل النصي) :

لو قيض لي ان ابدا حياتي من جديد

لاخترت ان اكون حلزونا

واعيش في جسدي

اينما ذهبت اكون في بيتي ..

ان تجربة قصيدة (الرجل الحلزون) تمثل نموذجا حيويا في كتابة نصوصية العوالم (الكافكوية) اذ يشرع الشاعر في هذه القصيدة الى تلمس الروح الوثابة عبر سرية (متاهة الاوطان) وعبر محاولة كشف كل تمظهرات الشاعر المهاجر والمغترب في جسد (جغرافيا المنفى) التي اردها الشاعر في هذه القصيدة الى ان تكون بمثابة (الجدلية الحلزونية) .ولعل من جهة اخرى غاية في الاهمية ،نلاحظ بان كتابة الشاعر لهذه القصيدة ،تاخذ نوعا ما من طابع (الانزياح التوصيفي) الذي راح يمثل شكل من التمثيل الذي يجعل من الرجل الحلزون هو الشاعر صلاح حسن الذي يرى ما تمور به سيولة الوجود التحولي في بحثه القصدي .لعلنا قد نتساءل حول ما يرمي اليه الشاعر هنا ؟و ماذا يريد قوله ؟وهو يجوب اصقاعه الماهولة بالدهشة والاسئلة ؟ماذا حاول ان يتلمسه من شواهد (رجله الحلزون) ومن غربة واضطراب الاوطان وهي تقاربروح ضياع وانعزال المواطن العراقي في كل سرانيته واحزانه

ومراثي انحباس وطنه في قلبه ؟هل ثمة محاولة للكشف عبر اغواءات هذه (الاسئلة الكافكوية) وعن بقايا احلام الشاعر صلاح حسن وعن خطاطته التي قد دون فيها ذكريات المواطن العراقي في كل اسفاره واحلامه وصور وطنه المنسي في تزاحم سرانية (الرجل الحلزون) ام ان الشاعر صلاح حسن ارادها افصاحا عن حقيقة الانسان المعاصر وهو يعيش عوالمه المباحة للحروب والاحزان وما تركه المنفى من احلام عاطلة في قلب متاهة الاوطان العربية. في قصيدة (الرجل الحلزون) يعتمد الشاعر تقنية (قناع الاصوات) اذ يحاول الشاعر من خلالها ان يكرس خطابه الشعري على اساس رحلة الاسئلة داخل كينونة (الذات /القناع /الموضوعة /الاخر) ان قصيدة الشاعر تعد بهذا الصدد من التاويل، بمثابة الرؤيا في اقنعة محاولات افصاح مخبوء [تجليات الواقع /ذات الشاعر /الاشياء /حركة كينونة المكان /الغموض والتشويق ] ان لحظة الحلم للرجل الحلزون هي لحظة البحث عن استقرار او عن لحظة انكشاف امنه مع الذات .ان ما يستطيع ان يمنحه الشاعر صلاح حسن في قصيدة (الرجل الحلزون) هو هذه الرؤية المفزعة التي تجعل من نصه الشعري يبدو وكانه استعاره كبرى ترتبك فيها قوة الصوت ازاء اختلال المعنى ،وانسلاخ الدلالات من سياقها الوظائفي / التعبيري لتكون كتابة في الترميز الشعري الى حد استغوارها قصدية احالية المعنى ،وترحيل دالته المباشره الى تشظيات تجعل من التعددية في قوة الصوت محمولا شفرويا يفضي الى الكشف عن مستويات مختلفة يمتزج فيها الصوت بالفكرة وبالطاقة النفسانية المكبوتة التي تجعل من الشاعر امام نوع من الكتابة المراودة التي عند جسد النص لتلامس تشابكات الصوتي مع وظيفة الشفروي :

وحين اقف

يتلاشى المكان .

لي زمن خالص

ذكرياتي اصنعها بنفسي

وتاريخي اكتبه بيدي .

لو قيض لي ان ابدا حياتي من جديد

لاخترت ان اكون حلزونا

واعيش في جسدي .. ]

ان اسطورة (الرجل الحلزون) تمثل بهذه المقاطع من القصيدة ايهام رؤيوي مسكون بهيمنة انكشافات كينونة لحظات انبثاق الحلم الانساني وهو يحاول ان يرسم له ابعادا تقف وحيده ازاء كينونة الشاعر العارية والتي تحمل وحدها هاجس الكشف السري عن لذة الاوطان وغياب مساكن تلك الاوطان خلف متعاليات الرؤية الاستعاريلحدود ونواة هاجس الالم :

جربت ان اعيش كالاخرين

في بيت صغير جميل

في وطن صغير جميل

ولكن الارض ضاقت علي لانني اردت ان اكون سيد نفسي .

منذ ذلك الحين

بنيت داخل نفسي بيتا

ودعوت العالم كي يسكن فيه ،

ان شاعرية الشاعر المبدع صلاح حسن في قصيدة (الرجل الحلزون) تقدم خطابها على اساس استعاري كبير ومن خلال تعدد مستويات الرؤية .. حيث الشاعر يتماها في خلود الوطن البعيد .. حيث الحلزونات هناك تتواجد بكثرة كبيره _ ازاء غربة الذات عن كينونة اوطانها المصادره دوما تحت سقف من الذاكره اللانسانيه وتحت خلود اسئلة الذات المحاصره ..

إحالات

قصيدة ( الرجل الحلزون ) /صلاح حسن / منشورة في صحيفة (الاديب) /

العدد (93 ) 26 من تشرين الاول /

صلاح حسن : شاعر عراقي مقيم في هولندا