23 ديسمبر، 2024 4:53 ص

قراءة في قصة “الصورة والحب.. في موعد مع القدر” لمحمد بونيل

قراءة في قصة “الصورة والحب.. في موعد مع القدر” لمحمد بونيل

يطل علينا القاص الجزائري محمد بونيل بنص قصصي جديد تحت عنوان “الصورة والحب.. في موعد مع القدر”، ليؤكد مرة أخرى عنايته الفائقة بقضية الصورة الفوتوغرافية، وكما يعلم الجميع فالصورة مضمون من حيث ما تعكسه من رموز أو ما تعبر عنه من معان خفية، وهذا يدفعنا كقراء لنتساءل بدورنا: ما هي العلاقة بين الصورة والحب في مضمون هذه القصة تحديدا؟

منذ الانطلاقة في قراءة هذا النص القصصي سنسقط حتما في فخ الفضول وذلك من خلال عبارة كتبها القاص عن سابق إصرار وترصد (إني أحبك) ليعكس مشاعر ذلك البطل وهو بدوره مصور فوتوغرافي جزائري دفعه حب المهنة إلى زيارة عاصمة الجزائر، وكله استعداد ليكون بين الحضور ضمن فعاليات افتتاح معرض “فن الصورة الفوتوغرافية” حيث جاءت طبعته الجديدة لتعكس جمال صحراء الجزائر التي يعشقها الأجانب بشكل عام حيث يقول السارد: “…تحكي مجموعته الفنية المعروضة أو بالأحرى التي عرضت من خلال بهو فضائه الواسع على صور

فوتوغرافية حول جمال صحرائنا الواسعة و مما تتمتع و تزخر به مدننا في الجنوب من إرث و معالم سياحية و تاريخية و مناظر طبيعية خلابة تسر الناظرين و تبهر الوافدين عليها من أجانب دائما ما يحكون أنهم بأمس الحاجة إلى شعاع الشمس الذي يعطيهم حسبهم طاقة إيجابية عند عودتهم إلى بلدانهم هناك و خاصة الأوروبيون…”، ومنه نستنتج أن للجزائر عموما مكانة خاصة في قلوب الأجانب وزادتها الصورة الفوتوغرافية قيمة فنية متميزة في عصرنا الحالي.

يواصل المبدع محمد بونيل تفسير حكاية ذلك الشاب المتعطش لفن الصورة الفوتوغرافية واهتمامه بدلالاتها المتعددة معلنا تحفزه في تقويم صوت ذاته المنفتح على الفن الثامن بشكل إيجابي حيث يقول السارد: “…صور في مجملها و ما تحمله من رسائل يمكننا أن نضعها في خانة الإنسانية، كيف لا؟ و سكان الصحراء يتحلون بالكرم و الجود و حسن الضيافة للأخر و بعض الشواهد التراثية قد تم إدراجها ضمن المعالم الإنسانية المحمية بنص قانون منظمة الأمم المتحدة للتربية و العلوم و الثقافة “اليونسكو” التابعة لهيئة الأمم المتحدة هي الآخرى جسدت على اللوحات الفوتوغرافية لذات الفنان المصور الفوتوغرافي…”.

لعل ما سيشد انتباه القارئ هو ظهور تلك الشابة الجزائرية التي حملها القدر لتعود الى الجزائر كونها تقيم في ألمانيا، وهي بدورها عاشقة للفن والإبداع إجمالا حتى أنها تكتب في احدى المجلات المتخصصة في الإبداعات الفنية. كل هذا يجعلنا نتوقع ذلك اللقاء الذي لم يخطط له الطرفين (البطل والشابة المغتربة) وهي بؤرة الحبكة التي وظفها بونيل لتكون موضوع القصة بل الهدف من خلق أجواء تعكس الإحساس بالحالة التي ستظهر على ملامح الشخصيتين لا قول المعنى فمثلا نقرأ ما يلي: “… لمحها و هي تنظر إليه فبادلها النظرات من حين لآخر، بعد أن خلص من التحدث إلى القناة الفضائية الأجنبية…”.

ولا غرابة إذا تلمسنا نفسا روائيا في هذه القصة حيث استطاع المبدع محمد بونيل في الغوص بين ثنايا وصف شخصياته ورسم حركاتها بدقة متناهية في فضاء مغلق ألا وهو المعرض، كما استطاع إلقاء الضوء على بعض الجوانب النفسية بطريقة غير مباشرة بين الحين والآخر.

تطورت العلاقة بين البطل وتلك الشابة المغتربة حتى أنها تواصلت عبر “الفايسبوك” وكذلك “السكايب” حيث كان التفاعل ايجابيا جدا بعيدا عن الأكاذيب والشائعات التي نسمعها كثيرا عن قصص حدثت بين شخصين (شاب وشابة) عبر مواقع التواصل الإجتماعي وكل هذا جعله يسافر هو الآخر إلى ألمانيا ليتجدد ذلك اللقاء عبر فعاليات معرض فني هناك: “…يوم إفتتاح المعرض الخاص به كان الجمع غفير و كانت تلك الشابة المغتربة الجزائرية بجانبه تترجم له ما قد قيل أو يقال عن تحفه الفوتوغرافية، و قد أعجب بها كثيرا و هذا ما زاد في توطيد العلاقة بينهما، من مهنية إلى صداقة إلى إعجاب فقدمته حينها في ألمانيا إلى أهلها هناك…”.

في الأخير، لم ينسى القاص محمد بونيل أن يجمع الشمل بين الحبيبين وذلك من خلال عقد قرانهما، لنلمس تلك الصورة التي عكست مضمون ذلك الحب الذي أثمر في نهاية المطاف ورزق الزوجين بطفلين، لنكتشف أن الحب تحمله أجنحة القدر مهما كانت المسافات بعيدة، وأن الأمل لا يزال موجودا.