بادئ ذي بدأ وللابتعاد عن الاغراق في فلسفة شكل الانظمة السياسية لما لها من سلبيات ستبعد المقال عن هدفه وهو توضيح اي الانظمة تتناسب مع طبيعة المجتمع العراقي وميول الفرد والضمانات التي يوفرها النظام لحرية المجتمع
وجود دعوات من بعض القيادات المجتمعية نحو التحول من النظام البرلماني الى النظام الرئاسي وما لاقاه هذا المطلب من تأييد جماهيري واسع بحجة عدم فاعلية مجلس النواب ومجالس المحافظات والإسراف والتبذير في الأموال العامة كما يدعي البعض ، وتناسى المطالَبون عدة حقائق منها :
١ : هل المشكلة في شكل النظام ام في المتصدين لإدارة النظام ؟ وهل النظام الرئاسي يحتوي على ضمانات تجعل التفرد والتسلط في السلطة أمرا ً مستبعدا ً في الحالة العراقية ؟ ، وما هي نسبة وطنية المطالبات بهذا الشيء ؟ ومن هم المطالبين بذلك ؟!
٢ : المجتمع العراقي ذو النسيج المتنوع والمترهل من المشاكل المجتمعية وعلى رأسها الطائفية غير قابل لوجود سلطة عليا واحدة تكون من حصة طائفة معينة دون مشاركة باقي الفئات معها ، مما سيولد المناخ المناسب لنشوء التطرّف في الجانب الاخر وإسباغ نوع من المنطقية على حججهم الواهية بنسبة معينة كالحجج التي كنا نرفعها ضد النظام البائد .
٣ : اقتران تغيير النظام مع إلغاء كافة المجالس التمثيلية ( البرلمان ، مجالس المحافظات ) سيلغي كافة الضمانات التي تقيد الحاكم لعدم وجود تعددية في مركز القرار مما يؤدي الى رؤية موحدة تمثل رأي القائد الضرورة وعدم إمكانية مراجعة القرارات الخاطئة في ضَل تسيس كل ما يسمى مستقل ( الكتلة النيابية الاكبر انموذجا ً ) ، وسيجعلنا امام شبح الدكتاتورية من جديد ، والنظام المركزي المقيت الذي ضقنا ذرعا ً به
٤ : رفض جميع التيارات المجتمعية لهذا النظام لانه سيلغي دورها في السلطة نهائيا ً لان من طالب بذلك لديه رؤية تتقاطع مع رؤية هذه التيارات في بناء الدولة وسياسة المجتمع ذو الفئات المتباينة ، مما سيجعلنا امام صراع شديد يصل حد الانقلابات بسبب تباين النظريات والمنطلقات وما ترتب على ما طبق منها سابقا ً والمنتظر ليس بعيدا ً عنها ،
٥ : عدم وجود مستقلين يستطيعون المنافسة في الانتخابات الرئاسية لأنهم في الرؤية الحالية ( المستقلون لا دين لهم ) ، وهذه حقيقة سواء اعترفنا بوجودها ام لا ، مما سيجعلنا امام مستقلين شكليا ً وتوابع لجهات داخلية وخارجية خفية ً مما سيضعنا امام تعدد للسلطات ستكون واحدة ظاهرية واُخرى خلف الكواليس ، كالنظام الامريكي وسلطة ال( boos ، السيد ) صاحبة المال والسلطة والنفوذ وجعل الرئيس شرفيا ً ليسبغ الشرعية على القرارات التي تُتخذ بعيدا ً عنه
٦ : وحتى الاغلبية التي تعتقد بقدرتها على الوصول الى رئاسة السلطة التنفيذية هي واهمة بسبب تعدد الجهات التي ترغب بالوصول الى رأس السلطة مما سيجعلها امام معضلة تشتت الأصوات وضياعها وبعد ذلك ليس هنالك تحالف او إئتلاف بأمكانه أستعادة السلطة وسندخل في متاهات مظلمة سنقول بعدها كان بالإمكان أفضل مما كان .