23 نوفمبر، 2024 5:36 ص
Search
Close this search box.

قراءة في دعوة الرئيس الروسي لمناقشة مصير النظام العالمي

قراءة في دعوة الرئيس الروسي لمناقشة مصير النظام العالمي

شهد القرن العشرين والعقدان اللذان مضيا من القرن الواحد والعشرين، الكثير من التحولات ونحن هنا نقصد أمران، اولا؛ صعود دول من العالم الثالث،في المنطقة العربية وفي الجوار اي في عموم منطقة الشرق الاوسط وبقية المناطق في العالم؛ في حقول الاقتصاد والصناعة والزراعة والاستثمار في مباحث العلم وفي السياسية وتمنية الموارد واستغلالها وتحرير اقتصاداتها من الهيمنة الامبرالية الغربية، لتحقق في ذلك، تقوية اقتصادها واستقلالها وسيادتها الكاملة، واجبرت القوى العالمية على ان تحسب لها الحساب، عند مناقشة اي شأن من شؤون المنطقة التى هي فيها او في جغرافيتها وفضاءاتها الاقتصادية والسياسية؛ دول جنوب شرق اسيا والهند وتركيا وايران وغيرها، الكثير من الدول المعمورة. بكل تأكيد ان تحرير الاقتصاد من السيطرة الامبرالية، يعتبر الاساس الذي لابد منه في المحافظة على القرار المستقل والسيادة. ان هذا يؤدي الى الاستثمار الامثل للموارد الطبيعية وغيرها وايضا لتنمية الموارد البشرية وتطويرها بما يحصن البلد ويحميه من ألاعيب القوى الامبرالية الدولية، ويفتح الباب واسعا على تقوية القدرات العسكرية، للحماية والدفاع عن الاستقلال والكرامة وعن الثروات وعن الانسان.. وهذا هو ما تحصلت عليه الدول انفة الذكر. وفي الجانب الثاني، هناك دول ظلت تدور في فلك الامبرالية العالمية خلال قرن كامل، لم تجني سواء ضياع الاستقلال وتعرضها الى النهب المنظم من عمالقة رأس المال العالمي وتبعا لهذا، ظلت المحافظة على حدودها وامنها رهينة بإرادة القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، مما افقدها قدرتها على الحركة الحرة في الفضاءات الدولية حتى في الاوضاع التى تعني وتخص امنها واقتصادها وسياستها، فهي مجبرة سواء رغبت ام لم ترغب على ان تسير في الفضاء السياسي والاقتصادي الذي يرسمه لها الحماة من القوى الغربية وعلى وجه التحديد الحصري، الولايات المتحدة الامريكية. القوى الدولية الكبرى وحين ينبرى احد تلك الدول الكبرى في الدعوة على اعادة صياغة الامن الدولي وعلى وجه التحديد اعادة صياغة مجلس الامن الدولي وهنا نقصد دعوة الرئيس الروسي للدول النووية الكبرى، الاعضاء الدائميين في مجلس الامن الدولي، الى مؤتمر دولي يضم الدول التى سبق ذكرها؛ لمناقشة توسيع او زيادة الاعضاء الدائميين في مجلس الامن الدولي، بضم دول اخرى في المناقشة المفترضة هذه، سواء نووية او غير نووية ولكنها دول فاعلة ومؤثرة في المشهد الاقتصادي والسياسي في المعمورة. وهي دعوة الى تحويل العالم الى عالم متعدد الاقطاب كي يكون العالم اكثر امنا واستقرارا وتطورا. بصرف النظر عن الاسباب الحقيقية لتك الدعوة، التى تنحصر في ايجاد مقاربة لتحجيم او الحد من الهيمنة الامريكية على دول العالم والحد من تحكمها في مصائر الدول والشعوب؛ تظل هذه الدعوة ومهما كانت مولداتها او بواعثها، يغلب عليها الجانب القانوني والانساني والاخلاقي، لأيجاد صيرورة تحتوي قانونيا، التحولات المتسارعة في العالم.. البروفيسور الروسي في المدرسة العليا في الاقتصاد، في موسكو، دميتري يفستاييف، كتب في أورسيا أكسبرت، حول دعوة الرئيس الروسي:”… من هذه الدول، بالطبع، تتميز الهند، وايران والارجنتين واندو نسيا ومصر وفيتنام وتركيا. بينما للدول التى تمتع بسيادة دولة جزئية،كاليابان وبولندا والمانيا والسعودية، ان تفوض صوتها في الحوار لعاصمة سياسية ما او دولة الاحتلال، اي الولايات المتحدة الامريكية. لنأخذ السعودية فهي لها وضع خاص مع الولايات المتحدة، تختلف كليا عن بقية الدول التى ورد ذكرها( اليابان وبولندا والمانيا..) فهذه الدول لها مكانة خاصة جدا وهي مستقلة القرار الى الحدود المعروفة، وجرح سيادتها، لم يكن غائرا في العمق العميق من جسد السيادة، فهو لايشكل سوى خدش من مشرط الجراح الامريكي؛ فهي اما حليفة بقدر كبير من التكافيء او هي اعضاء في حلف الناتو. السعودية وهي مثال لبقية الدول العربية، لاتمتلك القرار المستقل ربما هامش منه، ليس له تاثير وفعل في الاقتصاد والسياسة. فهي تعتمد في امنها وحماية حدودها على الولايات المتحدة الامريكية. مما يفرض عليها فرضا ان تتحول وهي كذلك؛ اداة تشغيلية للمشاريع الامريكية وايضا الاسرائيلية في المنطقة العربية. لو ان السعودية وغيرها من الدول العربية الاخرى ذات الثقل الاقتصادي والسكاني والموقع الجغرافي الاستراتيجي، اعتمدت على قدراتها وعلى شعبها في الحماية بتأسيس جيش قوي يحميها، وبناء اقتصاد قوي ومتين ومستقل باستثمار الموارد الهائلة التى تحوز عليها، مع بناء نظام حكم يعكس ارادة الشعب في الاختيار، لما كانت لها حاجة للحماية الامريكية، وبالتالي يكون لها كما لغيرها، صوت في مناقشة المفترضة لمصائر العالم. المنطقة العربية من اشد مناطق العالم حرارة وسخونة في التغيرات المفترضة او المرتقبة، هنا علينا ان نلاحظ حجم الخسارة في الكرامة الوطنية، في الاهمال والتجاوز وفي توكيل التصويت وفي الحوار الى الولايات المتحدة كدولة احتلال، للأنابة عن الدولة المحتلة ولو جزئيا..اما مصر فعليها ما عليها من ضعف في الاقتصاد، لجهة قلة ايفاءه لمتطلبات القرار المستقل..مما يؤدي بالنتيجة الى ان قضايا الدول العربية في المنطقة العربية، وهي قضايا حبلى بالتحولات والتغيرات التى تهدد تهديدا وجوديا هذه الدول وشعوبها؛ يؤكل الحوار عن المصائر الى الولايات المتحدة الامريكية التى هي وليست غيرها، صاحبة هذا التهديد الوجودي. في مقدمة هذا التهديد، صعقة القرن التى رفضها الفلسطينون رفضا قاطعا. يخطأ من يعتقد انها تعني الفلسطينون فقط، انها منصة لتلك التحولات والتغيرات..

أحدث المقالات

أحدث المقالات