أصدر حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي، والقائد العام للقوات المسلحة، الأحد (3 يوليو 2016)، حزمة قرارات أمنية، على خلفية التفجير الانتحاري في منطقة “الكرادة” وسط بغداد، الذي أسفر عن إستشهاد اكثر من 200 من المدنيين الأبرياء . ولغرض الوقوف على أهمية هذه القرارات من عدمها لابد من مناقشتها الواحد تلو الآخر.- اعلان مصدر بمكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي انه” امر وزارة العدل بتنفيذ احكام الاعدام بمجموعة من المحكومين بهذه الاحكام من الارهابيين فورا”.نتساءل : هل كُنتُم بانتظار مثل هذه الكارثة التي حدثت في الكرادة لتصدروا هذا القرار ؟ لماذا لم تتعلموا من الاردن مثلاً ، عندما أعدم محتجزين ارهابيين لديه في اليوم التالي لمقتل طياره الكساسبة ؟ هل كُنتُم تخبئونهم لصفقات مع دولهم او للحصول على اموال تدفع مقابل الإفراج عنهم كما حدث لعشرات المرات سابقا وخاصة في عهد غير المأسوف عليه نوري المالكي.
– رفع جميع أجهزة “كشف المتفجرات” من الحواجز الأمنية في بغداد والمحافظات وفتح تحقيق بصفقات الفساد التي رافقت استيرادها.هو قرار مثير للسخرية والشفقة فالجميع يعلم أن ملف هذه القضية أغلق قبل مدة قصيرة ورفعها او بقاءها لا يغير شيئاً فوجودها أو رفعها هو عدم.
– تكليف “قيادة عمليات بغداد وقيادات العمليات الأخرى والقوات الأمنية بإعادة تنظيم السيطرات والحواجز الأمنية بما يخفف على المواطنين والاستعانة بقوات ردع مسنودة بجهد استخباري”. أليس الحديث عن معاناة المواطن من إجراءات السيطرات المذلة له والتي لافائدة منها حتى باعتراف من يعمل في هذه السيطرات يدور منذ سنوات طويلة ، لماذا تنبهتم اليوم بإعادة تنظيمها للتخفيف عن المواطن الذي لاتعترفون بأبسط حقوقه في العيش بحرية وكرامة وأمان ؟ وماهي قوات الردع التي توعدون بها ، هل ستأتي من السماء ومن كوكب آخر . أين ولماذا تحتفظون بها في الفترة السابقة ؟- تكليف “قيادة العمليات المشتركة بتكثيف الاستطلاع الجوي والجهد الاستخباري فوق العاصمة والمناطق المحيطة، لكشف حواضن الإرهاب، وتوزيع مسؤولية القواطع الأمنية بالتنسيق بين قيادات العمليات ووزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني والمخابرات واللجان الأمنية في المحافظات”.اذا ما رجعنا الى الاستطلاع الجوي فان حركة أشخاص مفخخين او حتى عجلات مفخخة لا يساعد على كشفها بسهولة وسط المدن وخاصة المناطق المكتظة بالسكان ، فهذا الإجراء يعمل به في مناطق القتال وهي من الأفضل ان تخصص لهذه المناطق حيث يقاتل الجيش والشرطة والقوات الملحقة والساندة لهما. أما الجهد الاستخباري فهو بيت القصيد هنا والذي لو فعل فعلا لأوقف الكثير من الخروقات ولكن ذلك يتطلب عاملين حرفيين في هذا المجال وليس من الطارئين على المجال الأمني المعينين بالمحاصصة او المحسوبية والمنسوبية ، كما يحتاج الى تعاون المواطنين مع الدولة ، هذه الاخيرة التي أوجدت فجوة كبيرة بينها وبين المواطن وشرخت العلاقة معه منذ سنوات كانت مليئة بعدم الثقة نتيجة الفساد والمحاصصة والكذب والاهمال والتسويف وغيرها.أما إعادة توزيع جديد لقواطع المسؤوليات ، فالجميع يتذكر بعد تفجيرات مدينة الصدر قبل عدة أشهر والتي كانت مروعة ايضا بشكل يضاهي تفجيرات الكرادة الاخيرة ، كيف تبرأت وزارة الداخلية من مسؤولية الملف الأمني في بغداد وألقت المسؤولية على عمليات بغداد وخرج وزير الداخلية ليتحدث عبر القنوات وعلى الانترنت بشكل مطول موضحاً ان الداخلية لاتمتلك القرار في ادارة الملف الأمني للعاصمة ولا يجوز تحميلها اية مسؤولية . وبعدها أعطاها رئيس الوزراء هذه الصلاحية ، ومع ذلك حدثت تفجيرات كثيرة وآخرها وربما ليس أخيرها التفجير الكارثي الاخير في الكرادة. فأي توزيع جديد تتكلم عنه يا سيادة القائد العام ؟ لمن ستعطي هذا الملف مرة أخرى ليجرب حظه من جديد برؤوس الأبرياء من العراقيين الذين أصبحوا لا حول لهم ولا قوة ؟ أفتونا يرحمكم الله .
– خلال استقبال مدير مكتبه لوفد من شباب الكرادة المتظاهرين شدد العبادي على “اهمية محاسبة المسؤولين الامنيين المقصرين في الكرادة على الخرق الامني الذي تسبب في العمل الارهابي الجبان” بحسب بيان صحافي لمكتبه الاعلامي .نستفهم : لماذا لاتحاسبون من سبقهم من الذين تماهلوا في واجباتهم ان لم يكونوا قد تواطئوا عمداً مع الإرهابيين والمجرمين ، وكشفهم وإعلان معاقبتهم اما الشعب ليثق بكم ويصدق أقوالكم ولو لمرة واحدة وايضاً ليتعظ الآخرون ؟
– قراره باشراك أبناء الكرادة في حماية منطقتهم بسبب تكرار تعرضها لتفجيرات مدمرة .سؤالنا : أين كُنتُم عن هذا التوجه ؟ ألم تحصل آلاف من حالات التفجير من قبل في مختلف المناطق في عموم العراق منذ عام 2003 ، فاذا كان هذا الحل متوفر لديكم من قبل فلماذا لم تعملوا به إلا بعد ان وقع الفأس بالرأس كما يقال وحدثت الكارثة الاخيرة؟هذه التساؤلات هي فيض من غيض . ولا أعتقد أن هناك من مجيب عنها ، ذلك أن فاقد الشيء لا يعطيه.