قراءة في انفتاح العراق على الواقع السوري الجديد ضمن سقف المصالح الوطنيه

قراءة في انفتاح العراق على الواقع السوري الجديد ضمن سقف المصالح الوطنيه

شهدت العاصمة القطرية الدوحة لقاءً لافتاً جمع بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وزعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني برعاية أمير دولة قطر وفي الوقت الذي أثار اللقاء تفاعلاً شعبياً واسعاً واختلافاً في التفسيرات غابت عنه التحليلات السياسية الرصينة التي تقرأ الخطوة ضمن سياقها الإقليمي والواقعي بعيداً عن الانفعالات والتأويلات السطحية

الواقع في سوريا اليوم لم يعد كما كان قبل أكثر من عقد من الزمن فقد تغيرت موازين القوى على الأرض وبرزت أطراف جديدة تمسك بزمام الأمور في مناطق واسعة من سوريا ومنها هيئة تحرير الشام التي باتت جزءاً من معادلة الأمر الواقع وضمن هذا الفهم لم يكن اللقاء مفاجئاً بقدر ما هو امتداد لتحولات سياسية تنطلق من مبدأ التعامل مع الوقائع لا مع الأوهام .الحكومة العراقية أثبتت من خلال هذا اللقاء أنها تمارس سياسة خارجية متزنة تتجنب التدخل في الشؤون الداخلية للدول لكنها في الوقت ذاته تحرص على حفظ الأمن القومي والمصالح الوطنية وقد جاء تأكيد الوفد العراقي في الدوحة على أهمية الملف الأمني والاقتصادي ليعكس رؤية ناضجة ترى أن استقرار الحدود مع سوريا يتطلب تنسيقاً عملياً مع الجهات الفاعلة فعلياً على الأرض بغض النظر عن توصيفاتها السياسية أو الأيديولوجية رعاية قطر لهذا اللقاء تشير إلى تحولات أعمق في المنطقة حيث تتجه بعض الدول إلى لعب دور الوسيط بين القوى المتصارعة بما يعزز الاستقرار ويكسر الجمود في الملفات العالقة وهذا الدور القطري يلتقي مع الرؤية العراقية التي تسعى إلى خلق بيئة إقليمية أكثر أماناً وتوازناً بعيداً عن الصدامات والمزايدات

العراق يدرك أن أمنه لا ينفصل عن أمن جواره السوري ولذلك فإن بناء تفاهمات عملية مع الأطراف المسيطرة على الشمال السوري بات ضرورة لا خياراً خاصة في ظل التحديات المشتركة مثل الإرهاب والجريمة المنظمة وتجارة السلاح والمخدرات التي تعبر الحدود وتستهدف استقرار الدولة العراقية في الوقت ذاته لم تغفل القيادة العراقية عن الملف الاقتصادي الذي يمثل بوابة لحلول عملية تسهم في تخفيف التوترات وفتح آفاق تعاون تعود بالفائدة على الشعوب لا على السلاح والمواجهات وهو ما أكدت عليه بغداد خلال اللقاء باعتبار أن التنمية الاقتصادية جزء من معادلة الاستقرار المستدام ما جرى في الدوحة يجب أن يُقرأ كخطوة جريئة ضمن سياسة واقعية جديدة تتعامل مع الفاعلين الحقيقيين لا مع الشعارات البعيدة عن الأرض وهو تجسيد لمقولة إن السياسة ليست فن المستحيل بل فن الممكن المدروس والمبني على المصالح المشتركة انفتاح العراق على الواقع السوري الجديد لا يعني تغييراً في الثوابت بقدر ما هو إعادة تموضع ذكي في بيئة إقليمية متغيرة وبهذا تؤكد بغداد مجدداً أنها لاعب عقلاني ومسؤول يسعى إلى حماية حدوده ومصالحه عبر الحوار والتفاهم لا عبر الصدام والمواجه علما طلب الوساطة جاء بناءاً على رغبة الجانب السوري الذي يرغب فتح صفحة جديده مع العراق ضمن سقف حماية المصالح الوطنية للطرفين وطالما جنح النظام السوري الجديد بذلك اننا نعتقد على العراق ان يمد يد السلام وطي صفحات الماضي وفتح آفاق التعاون الأمني ونحن بأمس الحاجة ليه وكذلك الاقتصادي ولهذا اننا نقول خطوة السيد السوداني كانت عقلانيه سياسيه ونظر إلى المصالح العراقية مستقبلاً اكثر مما هي دعاية انتخابيه كما يروج لها البعض على العكس العراق. يحتاج إلى التعامل مع دول الجوار بسياسة التوازن وحفظ المصالح .