27 ديسمبر، 2024 6:28 ص

قراءة في الواقع الشيعي الشيعي

قراءة في الواقع الشيعي الشيعي

لا يمكن لأحد أن ينكر وجود الطوائف في الأديان، اليهودية والمسيحية، كما الإسلام، وجدت الطوائف بإختلاف التفسيرات للنصوص الدينية لهذه الديانة أو تلك، وفي قراءة متأنية للتأريخ، نلاحظ قيام حروب وتصفيات على هذا الأساس، ومن دون الإسهاب في سرد تأريخي لهذه الحروب، يكفي فقط أن نذكر الحروب في القرون الوسطى، التي راح ضحيتها كثير من المسيحيين واليهود، على أساس ديني طائفي مقيت.
فيما يتعلق بالديانة الإسلامية، لا يختلف الأمر كثيرا، حيث نجد أن السُنة يمقتون الشيعة، لأن الأخيرة (بحسب ظنهم) يعبدون أشخاص، ويسجدون للحجر، في حين أن الشيعة (وبحسب ظنهم) يعتبرون أنفسهم هم الأحق في أن يتبعهم الآخرون، لأن أئمتهم نص عليهم الرسول الأكرم (عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم) في أحاديث كثيرة.
هذ الأمر نتج عنه تباعد وتنافر بين أكبر طائفتين مسلمتين، ومع هذا فأنا هنا لا أحاول تسليط الضوء على هذا التنافر، لأني أحاول هنا قراءة الواقع الشيعي ـ الشيعي، من وجهة نظر متجردة.
بسقوط النظام السابق، إستوسق الأمر للطائفة الشيعية في العراق (65% من مجموع سكان العراق) ما يعني بأنه الأغلبية، بموجب النظم الديمقراطية يكون الحكم بيدهم، وهو الأمر الذي حاصل نظريا، لكن فعليا الأمر معكوس، ولن ندخل في هذا الأمر أيضا لتشعبه، لكن الملاحظ أن هذه الطائفة الكبيرة العدد، أنها لغاية اليوم لم نجد لها زعيما سياسيا حقيقيا، والسبب في ذلك كثرة التقاطعات الفكرية والعقائدية لديهم، فترى شخصيات تحاول ركوب الموجة باسم الدين، وأخرى تحاول ركوب الموجة باسم العلمانية، والأغلبية متفرقة لا تعلم تصدق من وتكذب من.
الكل ينادي بنصرة المذهب، خاصة بعد أن إستطاعت مجموعة من الإرهابيين والقتلة إحتلال مدن عراقية، وقتل الألاف من الشباب الشيعة، والسبب في كل ذلك إهمال المطالبات السُنية من قبل السيد المالكي (تعمد مع سبق الإصرار)، والتي ما كان لها أن تكون لو إستمع لصوت العقل من قبل أشقاءه في المذهب، لكن العزة بالإثم كانت هي الغالبة فجرى ما جرى (ولات حين مندم).
بدأنا نسمع خلاف شيعي ـ شيعي، ذلك لأن المناصب والسلطة والمادة أصبحت حاضرة وبقوة في تفكير قيادات شيعية عديدة، بالتالي تمكن كل فريق من تشكيل ميليشيات تابعة لها بمسميات مختلفة، الأمر الذي إضطرت معه المرجعية الدينية الى توجيه النقد للفاسدين في الحكومة، وكما هو معلوم لدينا من هم الفاسدين في الحكومة وصرحت بهم المرجعية.
الطمع في الكيكة تجعل الإخوة يتقاتلون بينهما، ليصل القتال (بالقاذفات) كما هو حاصل الأن في بعض المناطق، ذلك لأن لا أحد يريد أن يتسلط عليه الأخر، فالكل يدعي بأنه من حمى المذهب، وبالتالي فمن حقه فقط أن يقود العراق، وفكرة حماية المذهب من الأطماع تخلب القلوب، وتجلب لحامليها الفوز في الإنتخابات في أي وقت وزمان.
إذا ما حصل فعلا الصراع الشيعي ـ الشيعي (لا قدر الباري عز وجل) من هو المستفيد، هل هم السُنة، وأي طرف فيهم هو المستفيد الأكبر، وهل يرضى الأنداد فيهم بوجود مستفيد أكبر، وإذا لم يكن السُنة هم المستفيد، إذا من هو المستفيد الأكبر في ذلك؟
لا أعتقد أن من بين السنة سيكون مستفيد، ذلك لأن هناك لاعب أكبر من الإثنين يلعب لعبته بإتقان، فيم الآخرين يؤديان ما عليهما بدون وعي، ونقصد هنا الولايات المتحدة التي لعبت لعبتها بعد أن سحبت قواتها من العراق نهاية عام 2011، في محاولة لتنفيذ أجندتها التي لم تستطع تنفيذها في وقت سابق.
إن تنفيذ الأجندة الأمريكية يتطلب تنافر القوى العراقية، السُنية ـ السُنية، والشيعية ـ الشيعية، والعرب والكورد، وهو الأمر الذي يجب الإنتباه إليه وتفويت الفرصة عليه، من خلال نبذ الصرعات الداخلية بين أبناء المذهب الواحد، والوطن الواحد، والتأكيد على أننا جميعا في مركب واحد، ولا يوجد خاسر أو رابح بيننا؛ فيما لو تنازل بعضنا لبعض عن حقوقه لأخيه، لأننا بالمحصلة النهائية نكون قد ربحنا شيئا أكبر وهو العراق الواحد