18 ديسمبر، 2024 7:58 م

قراءة في المشهد العراقي إستقالة نواب الكتلة الصدرية

قراءة في المشهد العراقي إستقالة نواب الكتلة الصدرية

غالبا ما يثير انسحاب كتل أو قوى سياسية من المظلة التشريعية سواء قبل الانتخابات النيابية أو بعدها لغطا واحتمالات كثيرة يشير اغلبها إلى عمق التناقضات مع “اطراف او قوى مقابلة” في ما يتعلق بالتوافق على اتمام إجراءات مجدولة ومتعارف عليها وفقا لمعادلة (نتائج انتخابات – تشكيل حكومة) بعبور العتبة الأولى “انتخاب الرئاسات الثلاث”.
بيد ان مخاضات الشد والجذب بُعيد اعلان نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة، تجلت بالنتيجة التي انتهت إليها الكتلة الصدرية باعلان استقالة اعضاءها من ” برلمان لم يتفق من الساعات الأولى لالتئامه على المواصلة، ولنا بجلسة انتخاب محمد الحلبوسي مع ما اعتراها من وقائع جائت لتحسم نتائج ارجئت من الجلسة التي أدارها رئيس السن ” دكتور محمود المشهداني” وانتهت بنقله الى المشفى بعد تعرضه لاعتداء. من قبل رافضي اعلان الإطار التنسيقي الكتلة الأكبر في البرلمان.
ولا غرابة ان نجد في أحداث الجلسة الاولى ( المضطربة ) اولى بوادر التناقضات التي عصفت بالقوتين الرئيسيتين ( الإطار والتيار) وقد أخذت بالاتساع وصولا الى ( الانسداد السياسي) رغم ذهاب التيار الى التنوع في الاعلان عن كتلة ( انقاذ وطن) في محاولة لعبور محور الطائفة والعرق وصولا الى ائتلاف ( شيعي، سني ، كردي).
لكن “الانسداد – الاستعصاء” استطال أمده، بعنوان عريض يقول أن “الأطراف السياسية الأساسية في البلاد عاجزةً عن الاتفاق على الحكومة المقبلة”.

وبتحليل متأن لرؤى القوى السياسية قبلذاك – قبيل الانتخابات التشريعية- نخلص الى ان أحزابا سياسية كانت أعلنت انسحابها من سباق الانتخابات المبكرة في البلاد وسط تحديات جمة، منها توالي الخروق الأمنية في محافظات ” ديالى، كركوك، صلاح الدين، الأنبار ومناطق شمال بغداد ( الطارمية)” والاستهدافات المتكررة لأبراج نقل الطاقة الكهربائية والحرائق التي نشبت في مستشفيات ( عزل مصابي كورونا مثل مستشفى الحسين في الناصرية، ومراكز حكومية.

• انسحابات تموز
لم يغب عن المتابع السياسي ان يلاحظ ان اولى حلقات الانسحابات المتوالية من الانتخابات كانت بإعلان التيار الصدري انسحابه من مضمار الانتخابات، واعتزاله العمل السياسي في 15 تموز الماضي، بعد 3 أيام على الحريق الذي حدث في عنبر مخصص لمرضى كورونا في مستشفى الحسين في الناصرية، أودى بحياة العشرات.
اعقبه أعلان الحزب الشيوعي العراقي انسحابه في 24 تموز من السباق الانتخابي، مشككا في نزاهتها عند الإخلال بالشروط التي كانت الكتل السياسية اتفقت عليها عند تشكل حكومة مصطفى الكاظمي العام الماضي.
ونرى في تعليل عضو اللجنة المركزية في الحزب “حسين النجار”؛ إن الانتخابات إذا ما جرت وفق الظروف الحالية فإنها ستكون محصورة بين القوى المتنفذة التي وصفها “بالفاسدة”، ومن دون أن تسفر عن أي تغيير حقيقي في عمل مجلس النواب أو الحكومة المقبلة. مؤكدا أن أهم شروط إجراء الانتخابات في موعدها تتمثل في محاسبة الفاسدين وسراق المال العام وقتلة المتظاهرين، لافتا الى ان هذه كلها لم تتحقق حتى الآن، فضلا عن عدم تشريع قانون الأحزاب رغم المطالبة بإقراره منذ سنوات، وأشار إلى أن قانون الانتخابات الحالي لا يخدم سوى مصالح الأحزاب المتنفذة، إذ لا يزال المال السياسي مسيطرا على المشهد.
وفي خطوات لاحقة، يعلن رئيس جبهة الحوار الوطني صالح المطلگ انسحابه من الانتخابات، ليتبع ذلك إعلان التحاق رئيس الوزراء العراقي الأسبق وزعيم تحالف المنبر العراقي إياد علاوي بقائمة المنسحبين .
وأرجع المنبر العراقي سبب الانسحاب إلى “تلاشي فرص النجاح لإقامة انتخابات نزيهة تخدم الشعب العراقي في ظل الاوضاع المتفاقمة وتدهورها، واستمرار الحالة المأساوية في ظروف معيشية غير ملائمة، مع استشهاد عشرات الناشطين والمتظاهرين السلميين الذين يرفعون شعاراتهم الوطنية من أجل عراق تسوده العدالة والإخاء والمساواة”.

• ماذا بعد؟

انسحاب قوى سياسية قبيل الانتخابات، وانسحاب فصيل سياسي وبعض البرلمانيين من مجلس النواب، وتفكك بعض الأئتلافات مثل ( امتداد) بعد الانتخابات، يكرر الإشارة إلى عمق التناقضات بين القوى السياسية التي لم تستطع الاتفاق على خطوة واحدة في مضمار السعي بجادة تشكيل حكومة جديدة.
الحقيقة التي لابد من الإشارة إليها تقول أن بعض الكتل السياسية لا تملك رصيدا جماهيريا، باستثناء التيار الصدري والحزب الشيوعي العراقي الذي اعلن انسحابه قبل الانتخابات).

– انفراط عقد الثلاثي
مع الإشارة الى ان تقديم الكتلة الصدرية الاستقالة مؤخرا لا يمكن تطبيقه الآن، فالبرلمان دخل في عطلة لمدة شهر وقبول الاستقالة يحتاج إلى عقد جلسات للبرلمان”.
لكن .. طلب مقتدى الصدر من أعضاء كتلته النيابية (73 نائباً) كتابة استقالاتهم من البرلمان العراقي رسم ملامح مرحلة جديدة في المشهد السياسي عبر التلويح بخيار حل البرلمان والذهاب لانتخابات مبكرة، في ظل تأكيد الصدر على أن الذهاب للمعارضة أفضل من المشاركة بحكومة توافقية من جانب.. ومن جانب آخر، تأكيد حليف الصدر ( الحزب الديمقراطي الكردستاني) “ان القوى السياسية الكردية والسنية المتحالفة مع الصدر ليست بصدد الدخول بأي مفاوضات مع الكتل الأخرى وقررت المضي بتحالفها مع الصدر من دون تراجع”.
ازاء ذلك، لم تكن التحذيرات المتصاعدة لنواب وسياسيين من تأثيرات الأزمة السياسية المتواصلة على الملف الأمني، بعيدة عن تفسير هذه الخطوة، فيما اعتبرها مراقبون تأكيد على موقف الصدر ومحاولة للرد على اتهام التيار الصدري بأنه هو الذي يعطل تشكيل الحكومة.
وفي إطار ردود الأفعال على استقالة اعضاء التيار الصدري ترى رئيسة حركة “جيل جديد” سروة عبد الواحد، إن “الاستقالة من مجلس النواب الحالي قد تكون الحل الأفضل في ظلّ الخروق الدستورية الحاصلة وعدم الالتزام بالتوقيت”، لافتة الى افضلية حلّ البرلمان والذهاب إلى انتخابات.
لكن قراءة نص المادة 64 من الدستور تنفي هذا الاحتمال ( حل البرلمان يكون بالتصويت على ذلك من أغلبية عدد أعضائه الإجمالي (329 نائباً)، ومن خلال طلب موقع من ثلث أعضاء البرلمان (126 نائباً).
هذا التناقص يأتي معكوسا وفقا لمعطيات تؤكد استمرار حكومة تصريف الاعمال يتناسب طرديا مع استمرار الانسداد السياسي وان معيار بقائها مرهون ببقاء الأزمة السياسية التي تنعكس وتتشظى الى ازمات تطحن المواطن العراقي لفترة أخرى قد تمتد إلى عام كامل ثم التوجه نحو حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة طالما ان فرص الاتفاق بين ( الإطار- التيار) باتت شبه معدومة لعدم وجود فسحة لقاء او تفاهم يقضي بتنازل أحد الطرفين، والاعتراف بأحدهما بأنه الكتلة الأكبر في البرلمان.