قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس ، لم يكن قرارا (إعتباطيا) وغير مدروس..وإنما كان بسبب جملة (مبررات عملية منطقية) وفرت له الغطاء لاتخاذه هذا القرار، نوضحها على الشكل التالي:
** إنه لم يكن بمقدور ترامب الفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية نهاية العام الماضي، لولا عاملين أساسيين:
أولهما : إن ترامب تعهد لإسرائيل كليا انه سيقدم لها (مكسبا ) كبيرا تمثل في إنه سيقوم بنقل السفارة الأمريكية من تل ابيب الى القدس ، ودعم (عملية سلام شكلية) فيما بعد ، واقناع العرب وبخاصة دول الخليج والاردن ومسؤولين فلسطينيين للانضمام الى تلك الخطوة، يتمثل في الاعتراف بدولة فلسطينية منقوصة السيادة (شكلية) وبالطريقة التي تتلائم وتوجهاتها، أو ان إسرائيل ترفض المشاركة في أي جهود للسلام ، وتذهب كل (المكاسب) الاخيرة باقامة (دويلة فلسطينية) سدى ، بل لن تقوم لها قائمة بعد اليوم..ولهذا حصل ترامب على دعم (يهودي) قوي سمح له بالفوز بالرغم من ان هيلاري كلينتون كانت متفوقة في نتائج الانتخابات ، لكن (اللحظات الأخيرة) التي جرت فيها عملية التلاعب بالأصوات والنتائج من قبل قوى يهودية لها سطوة داخل دوائر صنع القرار الأمريكي هي من (قلبت الموازين) لصالح ترامب وفاز بالانتخابات!!
ثانيا: كان لتدخل المخابرات الروسية بعد توجيهات بوتين لها بسبب العلاقات الإيجابية التي نمت قبل انتخابه، واعطائه ضمانات بأن لروسيا القدرة الالكترونية على التدخل لصالحه إن أقدم ترامب على (تحسين) علاقاته مع روسيا بعد فوزه ، وضمان حصولها على مواطيء قدم أكبر في المنطقة، فكان له ما أراد، واستطاعت المخابرات الروسية بطرق تقنية والكترونية عالية المستوى التدخل في عملية التحكم بالنتائج ، وهي عملية معقدة للغاية، ان تقوم دولة اخرى وعن طريق أجهزة مخابراتها بأن تكون لديها ( قدرة النفاذ) الى داخل صناديق الاقتراع ، وتغيير النتائج في عمليات العد والفرز من مواقع مدن أمريكية أخرى ، بطرق فنية غاية في البراعة هي من مكنت ترامب بالفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية، وهي من سمحت له الان بأن يتخذ (أصعب القرارات) منذ مائة عام ، كان فيها الزعماء الأمريكيون من عهد ترومان مترددون ليس في الاعتراف الكلي بإسرائيل لكن بالتجرؤ على نقل سفارة بلادهم الى القدس، مما يحرم العرب من اقامة دولتهم الحقيقية في فلسطين وعاصمتها القدس، وتحويل القدس الى عاصمة أبدية لإسرائيل ، وان رد الفعل العربي لن يتعدى الشجب والاستنكار وانتظار الوقت لكي ينسى العرب قضيتهم ، شيئا فشيئا، ويعودوا من جديد للمطالبة بأي شكل من أشكال الدولة، بضمنها غزة واجزاء من الضفة الغربية وفق ما هو موجود حاليا، وعدم التقدم أكثر بمنح العرب أراض او مواقع مهمة مثل القدس لأي سبب من الأسباب..وسهل التدخل الروسي لصالح ترامب في الفوز بالانتخابات لأن يكون لعلاقات البلدين مراحل تقدم ايجابية رغم اعتراضات الكونغرس والدوائر الاخرى التي ما تزال حتى الان تشكك بفوزه بضمنها كلينتون نفسها ودوائر بحثية امريكية، ويعرف ترامب ان كلينتون هي من كان لها نصيب الرئاسة لكنها استطاع (خطفها) منها بصعوبة بالغة بسبب العاملين الاساسيين اللذين اشرنا اليهما وهما دعمه الكلي لاسرائيل وتنفيذ وعده لها بنقل سفارة بلاده الى القدس وهو ماحصل!!
أما ردود فعل الدول العربية، فهي لن ترهب امريكا ولا ترامب، وسيمرر القرار، وستكون لاسرائيل الغلبة في الصراع، في كل الاحوال ، بل وارغام حتى العرب على الاعتراف بالحقيقة المرة شاءوا ام أبوا، برغم (عدم مشروعية) استيلاء اسرائيل الى القدس، وشجب العالم كله لتلك الخطوة..او اقامة كيانها الغاصب على الارض العربية ..وستبقى اسرائيل هي المتحكمة بمستقبل المنطقة لعهود طويلة، وبخاصة بعد إن (تهاوى) العراق وتدهورت أحوال بلده وشعبه، وتلاه بقيت العرب في حلقة من الانهيارات المريعة، كانت اليمن ربما آخر تلك القلاع ..أما دول الخليج فقد سلمت مقدراتها للأمريكان منذ أمد بعيد..في حين لاتجرؤ أي من دول المنطقة على مواجهة إسرائيل ، وستكون كل محاولات من هذا النوع مجرد ضحك على عقول المغفلين والبسطاء ومن سيبقون نيران حطب الساسة ووقود نزواتهم ومغامراتهم الجنونية، من اجل البقاء على سدة السلطة والتمترس خلف كراسي الحكم..ولن يكون بمقدور أي منهم فعل شيء يستحق الذكر..وان كل مايصدر مجرد ( جعجعات) لاتقدم ولا تؤخر!!