23 ديسمبر، 2024 3:40 ص

قراءة في الرسائل السبع.. ماذا ستقول المرجعية غدا في الرسالة الثامنة ؟

قراءة في الرسائل السبع.. ماذا ستقول المرجعية غدا في الرسالة الثامنة ؟

في كل جمعة ينتظر العراقيون ماتقوله المرجعية في خطبة الصلاة الثانية.. ويكون الترقب واسعا حينما تجتاح البلاد الأزمات وهي تترى مستمرة منذ زمن بعيد.. ومنذ ٢٠٠٣ أصبح للمرجعية دور كبير في النصح والإرشاد والتوجيه والنقد والتقييم والمراقبة للحكومات ولمجمل العملية السياسية حتى أضحى رأيها هو الفيصل الحاسم في كثير من القضايا المصيرية التي مرت..

وهي في كل مايصدر عنها صوتا صادقا لمطالب الناس وهمومهم ومظالمهم وآلامهم وآمالهم من دون مصلحة ضيقة فئوية أو طائفية أو مناطقية فقد كانت دوما تعبر عن المجتمع العراقي كله وعلى هذا الأساس فقد نالت الاحترام والثقة من جميع العراقيين بل وكل من له صلة بالشأن العراقي عربيا واقليما ودوليا فضلا عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية..

وأدناه قراءة تلخيصية لمواقف المرجعية منذ بدء الانتفاضة حتى هذه اللحظة…

أولا.. في الرابع من تشرين الأول قرأ السيد احمد الصافي نص ماورده من مكتب سماحة السيد السيستاني…

وقد أدانت المرجعية فيه ورفضت الاعتداءات الدامية التي خلفت عشرات الضحايا وأعدادا كبيرة من الجرحى والمصابين وطالبت القوى والجهات التي تمسك بزمام السلطة أن تقوم بخطوات جادة في سبيل الاصلاح ومكافحة الفساد وتجاوز المحاصصة والمحسوبيات في إدارة الدولة ودعت السلطات الثلاث الى خطوات عملية واضحة وحملت مجلس النواب المسؤولية الأكبر في هذا المجال..
وأهم مافي هذا النص أنها كررت مقترحها الذي لم تلتزم به الحكومة السابقة في تشكيل لجنة من خارج قوى السلطة لوضع خارطة للخطوات المطلوب اتخاذها داعية كل السلطات بالسماح لها بالاطلاع على مجريات الأوضاع.. في إشارة واضحة منها أن الحلول يجب أن توضع من خارج السلطة لتدارك الأمور قبل فوات الأوان..

ثانيا.. في الحادي عشر من تشرين الأول قرأ الشيخ عبد المهدي الكربلائي نص ماورده من مكتب سماحة السيد السيستاني..

وفي هذا النص حملت المرجعية الحكومة وأجهزتها الأمنية مسؤولية الدماء التي أريقت في المظاهرات بعد سقوط الآلاف من المتظاهرين بين شهيد وجريح في بغداد والناصرية والديوانية وغيرها في مشاهد فظيعة تنم عن قسوة بالغة فاقت التصور وجاوزت كل الحدود..
وطالبت بقوة.. الحكومة والجهاز القضائي بإجراء تحقيق يتسم بالمصداقية حول كل ماوقع في ساحات التظاهر وكشفها أمام الرأي العام وعن الذين أطلقوا النار على المتظاهرين وعدم التواني في ملاحقتهم واعتقالهم وتقديمهم الى العدالة وحددت ذلك بإسبوعين رافضة التسويف كما حصل في السابق..
وأكدت المرجعية إنها لن تنحاز إلا الى الشعب ولا تدافع إلا عن مصالحه.

ثالثا.. في الخامس والعشرين من تشرين الأول قرأ الشيخ عبد المهدي الكربلائي نص ماورده من مكتب سماحة السيد السيستاني..

وفيه شددت المرجعية على ضرورة أن تكون التظاهرات الاحتجاجية سلمية خالية من العنف لخشيتها على مستقبل البلاد وانزلاقه الى الفوضى والخراب ليصبح ساحة لتصفية الحسابات بين بعض القوى الإقليمية والدولية..
كما دعت القوات الأمنية بعدم استخدام العنف مع المتظاهرين السلميين والتعامل معهم باللطف واللين لأنهم خرجوا يطالبون بحقهم في حياة حرة كريمة ومستقبل لائق لبلدهم وشعبهم..
وبينت ان هناك العديد من الاصلاحات التي تتفق عليها كلمة العراقيين وطالما طالبوا بها ومن أهمها مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين ورعاية العدالة الاجتماعية في توزيع الثروات وتقليل امتيازات المسؤولين وأعضاء مجلس النواب واتخاذ اجراءات مشددة لحصر السلاح بيد الدولة والوقوف بحزم أمام التدخلات الخارجية وسن قانون منصف للانتخابات يعيد ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية..
وأشارت الى أن التقرير المنشور عن نتائج التحقيق لم يحقق الهدف المترقب منه ولم يكشف عن جميع الحقائق والوقائع بصورة واضحة للرأي العام وطالبت بتشكيل هيأة قضائية مستقلة لمتابعة هذا الموضوع واعلام الجمهور بنتائج تحقيقها بكل مهنية وشفافية..

رابعا.. في الأول من تشرين الثاني قرأ السيد احمد الصافي نص ماورده من مكتب سماحة السيد السيستاني…

وقد أكدت المرجعية في هذه الجمعة على ضرورة العمل على منع المزيد من إراقة الدماء وعدم السماح بانزلاق البلد الى مهاوي الاقتتال الداخلي والفوضى والخراب وأن الأزمة يمكن حلها اذا كانت هناك نوايا صادقة ونفوس عامرة بحب العراق والحرص على مستقبله..
وان المبدأ الذي التزمت به المرجعية الدينية هو احترام ارادة العراقيين في تحديد النظام السياسي والإداري لبلدهم من خلال إجراء الاستفتاء العام على الدستور والانتخابات الدورية وليس لأي شخص أو مجموعة أو جهة بتوجه معين او أي طرف اقليمي أو دولي أن يصادر إرادة العراقيين في ذلك ويفرض رأيه عليهم…

خامسا.. في الثامن من تشرين الثاني قرأ الشيخ عبد المهدي الكربلائي نص ماورده من مكتب سماحة السيد السيستاني..
وفيه قدمت المرجعية خمس نقاط تلخص رؤيتها في الأزمة الراهنة استذكرت في مقدمتها الكوكبة الأولى من الأحبة الذين ضرجوا بدمائهم الزكية حركتهم الإصلاحية وبما تجلى من صور مشرقة وصبر وثبات وتضامن وتراحم بين صفوف المتظاهرين..
وتضمنت النقاط الخمسة الفرصة الفريدة للاستجابة لمطالب المواطنين وفق خارطة طريق يتفق عليها وتنفذ في مدة زمنية محددة.. وضرورة المحافظة على سلمية الاحتجاجات بمختلف اشكالها وعدم الزام الأخرين بالمشاركة القسرية واحترام الاراء لكل مواطن وأن هناك أطرافا وجهات داخلية وخارجية تسعى اليوم لاستغلال الحركة الاحتجاجية لتحقيق بعض أهدافها واخر هذه النقاط هو عدم جواز الانتقاص من أبناء القوات المسلحة وتضحياتهم الجسيمة..

سادسا.. في الخامس عشر من تشرين الثاني قرأ السيد احمد الصافي نص ماورده من مكتب سماحة السيد السيستاني…
وفي هذه الخطبة كررت المرجعية الدينية العليا موقفها من الاحتجاجات الراهنة المطالبة بالإصلاح ووضحت ذلك بخمس نقاط..
فهي تساند الاحتجاجات السلمية وتدين الاعتداء عليها وعلى القوات الأمنية والمنشآت الحكومية والممتلكات الخاصة..
وأن الحكومة تستمد شرعيتها من الشعب المتمثلة ارادته بنتيجة الاقتراع السري العام إذا جرى بصورة عادلة ونزيهة وطالبت بالإسراع في إقرار قانون منصف للانتخابات يمنح فرصة حقيقية لتغيير القوى الحاكمة واستبدالها بوجوه جديدة..
وعلى الرغم من مضي مدة غير قصيرة على بدء الاحتجاجات إلا إنه لم يتحقق على أرض الواقع مايستحق الاهتمام في إشارة واضحة الى الشكوك في مدى قدرة أو جدية القوى السياسية الحاكمة في تنفيذ مطالب المتظاهرين..
وأن التسويف والمماطلة لمن كانت بيدهم السلطة لن يمكنهم من التهرب فما بعد هذه الاحتجاجات ليس كما كان قبلها..
وإن معركة الإصلاح هي معركة وطنية تخصه وحده ولايجوز السماح بأن يتدخل فيها أي طرف خارجي وتحويل البلاد الى ساحة صراع يكون الخاسر الأكبر فيها هو الشعب.

سابعا.. في الثاني والعشرين من تشرين الثاني قرأ الشيخ عبد المهدي الكربلائي نص ماورده من مكتب سماحة السيد السيستاني..

وقد نوهت فيها وكررت مواقفها السابقة مع التأكيد على حرمة الدم العراقي وضرورة استجابة القوى السياسية لمطالب المحتجين وشددت على الإسراع في انجاز قانون الانتخابات وقانون مفوضيتها لأنهما يمهدان لتجاوز الأزمة الكبيرة التي يمر بها البلد..

مما جاء أعلاه يبدو جليا أن المرجعية كانت واضحة في وقوفها مع المطالب الشعبية وأنها عبرت بما لايقبل الشك بأنها في جانب المتظاهرين السلميين ولم تدع مناسبة إلا وأعلنت امتعاضها من القوى السياسية الحاكمة وأن من أوصل البلاد الى مانحن فيه اليوم من فوضى وخراب هو السلوكيات الفاسدة والفاشلة للمنظومة السياسية التي حكمت البلاد منذ ١٦ عاما..
ومن جهة أخرى فإن المتتبع للأحداث سيجد جليا أن الحكومة وقواها السياسية لم تنفذ ما جاء في هذه الرسائل من نصائح وتوجيهات بل على العكس تماما بقيت تمارس التسويف والمماطلة سواء في لجانها التحقيقية او تشكيل لجنة مستقلة او اصلاحاتها الوهمية او تعديلاتها البائسة للقوانين أو عدم التوصل الى قانون منصف للانتخابات فضلا عن المضي في طريقتها المعهودة في المحاصصة والتعيينات والقرارات الفوضوية والمبنية على استشارات خاطئة ومقدمات مغلوطة..

والأخطر من هذا وذاك أن الحكومة ومن ورائها احزابها مازالت تقتل العراقيين وتقمعهم وتعتقلهم وتخطفهم في كل يوم من دون اكتراث أو استجابة للدعوات الدولية والمحلية بالكف عن ممارسة هذه الجرائم اليومية وحتى هذه اللحظة ونحن نكتب المقال وقع المئات من الشهداء والالاف من المصابين والجرحى..

اذن ماذا ستقول المرجعية غدا بعد أن قالت مالديها وكررت وأكدت وناشدت وطالبت وحذرت خلال الأسابيع الماضية بطريقة لا لبس ولا غموض..

هل ستقولها لهم بلا أي تلميح أن الوقت حان لاستقالة الحكومة واعلان الانتخابات المبكرة قبل أن يفوت الأوان بعد الأحداث الدامية والجرائم البشعة التي ارتكبتها القوى السياسية وحكومتها الفاقدة للشرعية خلال الساعات الماضية القليلة…

وإن غدا لناظره قريب