17 نوفمبر، 2024 6:32 م
Search
Close this search box.

قراءة في الانساق الثقافية  المضمرة 

قراءة في الانساق الثقافية  المضمرة 

من ثقافة التغيير إلى ثقافة التبرير والتدويرقد لا يختلف اثنان على حجم الفساد والتدمير الذي تعرض له العراق منذ فترة ليست بالقليلة  مما دفع الجماهير العراقية بكل أشكالها ونتماءاتها للخروج بمظاهرات حاشدة تطالب بالتغيير والإصلاح والكشف عن مصادر الفساد في نظام الحكم منذ 2003 وإلى يومنا هذا حتى ان الطبقة السياسية بكل أحزابها باتت هي الأخرى تستشعر المازق وتطالب بالتغيير والإصلاح من خلال استبدال وتقليص الوزارات والنفقات ومحاسبة المقصرين عن  هذا الفساد بدون استثناء سواء كان زعيم حزب ،أو زعيم طائفة ،أو زعيم قومية ،وهو ما يكشف عن وعي شعبي وجماهيري  وسياسي بدأ يستشعر حجم المأزق والخطر من استمرار هذا التدهور والفساد كما ويعكس وعي جمعي أخذ يتبلور يوما بعد يوم بأهمية فعل التغيير كونه يمثل شرطا أساسيا من شروط الإصلاح الحقيقي القادر على انتشالنا من الأزمة الاقتصادية والسياسية ،والأخلاقية التي تعصف بنا اليوم ، إلى هنا  الكلام جميل جدا شعب يعي حجم المشكلة ويسعى للتغير   عبر آليات عمل سلمية ومدنية متقدمة ،وطبقة سياسية خائفة على مصيرها السياسي .لكن على مستوى البحث والمتابعة لما يحدث سنجد  أننا أما شعارات براقة لم تجد مصاديقها على الواقع بعد بل حتى لم يتم الوعي بعناصر ها الأساسية المتمثلة في الوعي بمفهوم ونوع  التغيير المطلوب تحقيقه بل لم تطرح اغلب هذه الجماهير السؤال على نفسها كيف نغير ولماذا نغير؟ والسبب في ذلك هو غياب الوعي لدى اغلب قيادات هذه الجماهير عن أهم محددات وآليات التغيير كما  فات هذه الجماهير أن فعل التغيير هو فعل ثقافي معرفي له اشتراطات فكرية تنظم عمله داخل الواقع تؤثر  وتتأثر فيه من ضمنها الوعي بفكرة ومفهوم التغيير بوصفه بنية ثقافية  ترتكز على محددات ثلاث هي : نقد ،، تجديد،  اصلاح ،اي لايمكن للتغيير أن يحدث بشكل حقيقي وفاعل دون المرور بهذه المحددات الثلاث فبدون النقد لا يمكن أن نشخص أسباب المشكلة ، وبدون التجديد  لايمكن لنا البحث و إيجاد الحلول لهذا المشكلة، ومن ثم تحقيق الإصلاح لا يتم إلى  عن طريق تصحيح المسارات السابقة ،وعليه فالتغيير وفق هذه المحددات  هو فعل يرتبط تحقيقه بمنظومة ثقافية وفكرية وأخلاقية ترتبط بتوجهات ورؤى استراتيجية تؤمن بأن الحاضر هو من يرسم نوع المستقبل وبالتالي لا مستقبل متقدم دون حاضر ناجع ومتجدد. ولو عكسنا هذه المحددات على اغلب مطالبنا بالتغيير سنجد اننا لا نزال لم نعي او نفهم معنى وطبيعة  التغيير الحقيقي فبدل ان يكون نقدنا منصب حول اسباب المشكلة المتمثلة في طبيعة الثقافية التي أفرزت لنا وجوه سياسية طائفية فاسدة وغير قادرة على تحقيق الأمن والأمان الاقتصادي والسياسي والاجتماعي  للمواطنين ، نذهب إلى تكرار نفس الأخطاء السابقة من خلال دعمنا المستمر لنفس الوجوه والرموز التي كانت عامل فاعل ومشاركة  في إنتاج هذه السلطة بكل أنماط  الفشل المعروفة ، فبدل من الإستفادة من تجارب الفشل  السابقةو  جعل الحاضر نقطة انطلاق للمستقبل عبر التجديد ، والإصلاح ،تجد هذه الجماهير  تعيد انتاج تمركزها خلف نفس الوجوه و الرموز التاريخية ، والماضوية دين /قبيلة  ، وبدل السعي الحثيث لتأسيس وعي ثقافي يرفض كل ما هو ترقيعي أني بحجة الإصلاح نجد أن هذه الجماهير تمارس نفس فعل التبرير والتدوير لبعض الذين يرفعون شعار الإصلاح وهم أحد أهم أسباب الفشل وعليه ما يحدث في العراق اليوم من مطالبات للتغيير والإصلاح ما هي إلى عملية تدوير وتبرير للأخطاء  السابقة من خلال أعادة أنتاج لنفس هذه الملاذات والمرتكزات السياسية بخطابها التبريري والتدويري المتمثل في أنساقها التاريخية والثقافية المضمرة عبر  تمركزها حول ثنائية  عشائري / ديني  لنظل نرزح تحت رحمة الفساد والتخلف والتبرير والتدوير لنفس وجوه الفساد المعروفة .

أحدث المقالات