17 نوفمبر، 2024 9:52 م
Search
Close this search box.

قراءة في الانتخابات والمشهد الفارسي

قراءة في الانتخابات والمشهد الفارسي

إيران ستحكم المنطقة بقوة المليشيات والغباء الأمريكي
الديمقراطية مظهر لا ينال منها المواطن سوى شكلها
التطورات التي تشهدها الساحة الإقليمية تأخذ بالمنطقة إلى عدم الاستقرار، فالمشهد السوري معقد بفعل التدخل الإيراني ، و اللبناني أيضا لا يقل تعقيدا عن السوري، وساحة اليمن مشتعلة بفعل الفرس وسيطرتهم ، وفي العراق حدث ولا حرج فالأمور واضحة ولا تحتاج إلى تركيز حيث الحرس الثوري هو الذي يشكل الحكومة التي ذهبت إلى سيطرة مقتدى والعامري وهما ركنان من أركان الفرس وأدواتهم، والحرس هو الذي يعطي ملامح المرحلة القادمة من شكل الحكم.
وفي الكويت أيضا ربما يوحي المشهد بسيطرة أتباع المرشد الفارسي بعد انتشار فيديو يؤكد تلك الصورة ، ويكرس مخاوفنا التي ذكرناها، ولا تختلف البحرين عن الكويت في ذلك المسار وربما المنطقة الشرقية في السعودية بعد أن اشتعلت لأكثر من مرة بتحريك من أتباع إيران. الصورة وفق ذلك الإطار شاملة وكما ذكرنا لا تحتاج إلى تركيز عال، الأصابع الفارسية هي التي تحرك مسارات السياسة في هذه البلدان مجتمعة في ظل غياب حل يحفظ كرامتها بل وسيادتها إن بقي لمفهوم السيادة من شيء.
حكومة داخل الحكومة
الحراك الشعبي في طهران ومدن أخرى في إيران يكاد أن يكون بارقة أمل حتى وإن كانت ضعيفة نحو مسارات قد تختلف معها الأحداث الإقليمية في الشرق الأوسط تلك البقعة المشؤومة التي نعيش فيها، لكن حين نعرج على تفسير ما قد يحدث في إيران نفسها نتيجة ذلك الحراك يتضح لنا أن هناك متداخلات في شكل ومنظومة الحكم الفارسي تتمثل في حكومة داخل الحكومة، وباختلاف مستويات القوة التي تمثلها الحكومتين على الشارع الإيراني. فهناك حكومة روحاني ( الرئيس) تقابلها حكومة ( الحرس الثوري) وهي الأقوى والأشد فتكا وتحكما في مسارات الدولة الإيرانية، مقابل ضعف حكومة روحاني إن هي قورنت بحكومة الحرس التي يدعمها المرشد بكل ما أوتي من قوة.
ومن مصلحة ( حكومة الحرس) أن يتم تقويض بحكومة الرئيس ، بل من المرجح أن يمارس الحرس ضغوطات على الشارع بما يملكه من أنصار وهم كثر ليدفع به نحو الإطاحة بحكومة الرئيس وهنا يتوجه الحرس لشغل الفراغ الدستوري الذي سيخلفه سقوط حكومة روحاني ( الرئيس).
الديمقراطية الإيرانية مظهر
الديمقراطية الإيرانية مظهر فقط لا ينال منها المواطن الإيراني سوى شكلها عبر ورقة الانتخاب ( ممارسة الانتخاب فقط) كما في عموم ديمقراطيات الشرق الأوسط، لا نسمع بمفردة ( حق المواطن الدستوري) إلا في موسم الانتخابات فقط، وبعدها يترك هذا المواطن ليواجه مصيره بمفرده أمام أعاصير هائجة من المصائب التي تواجهه متمثلة بالسكن والغلاء والصحة وهدر الكرامة ( كما في العراق وغيره) والتعليم والأمن المفقود وتسلط المليشيات ، وضياع الحقوق ، وصولا إلى التهجير القسري والقتل والتشريد والهجرة إلى المجهول.
الحال بصورة عامة لا يبشر بخير في القادم، والذي يعنينا العراق طبعا، فبعد أن أعترف الجميع بتزوير الانتخابات وهو ليس بالمستبعد أو الغريب، فالذي قاد البلد إلى الهاوية طيلة عقد ونصف من الزمن، وأضاع ثروات تمثلت أرقامها بما يزيد عن 1000 مليار دولار، وكرس الفساد والسرقة المحاصصة في الدستور كقيم للحكم لا ينتظر منه أن يكون ملائكي ( التعبير استعارة من وزير الخارجية العبقري) إبراهيم الجعفري أحد أركان ذلك الفساد، بعد اعتراف الجميع بالتزوير وإقراره من قبل المحكمة بقرار إعادة العد والفرز، والتهديدات بحرق البلد وإشعال حرب طائفية من قبل أركان الفساد نوري المالكي وهادي العامري ،وما سيترتب على ذلك العد والفرز من تحالفات لا تعنى بالشأن العراقي ولا حقوق المواطن مهما رفعت من شعارات، لابد أن تنتج عنه حكومة فاشلة ساقطة بكل المقاييس، فمن يأتي بالتزوير والغش وقوة السلاح سوف لن يقدم مصلحة الوطن وأهله على مصلحة من دعمه أو مصلحته الشخصية، فصائل وكتل تابعة لإيران كيف تخدم العراقيين وتقدم مصلحتهم.
لقد أظهرت نتائج التزوير أن نسبة المشاركة في الانتخابات العراقية 18% ، وهي نسبة تمثيل الفاسدين أولئك الذين في الحكم، وهذه النسبة رفعها السفير الأمريكي إلى 44 % عند زيارته أحد مراكز الاقتراع بعد أن أحس ولمس عزوف العراقيين عن المشاركة في عمليتهم السخيفة القذرة ، والتي أودت بالبلاد إلى الكارثة.

تجفيف منابع الإرهاب الفارسي
اليوم وبعد ضياع كل شيء لابد بل يجب على أمريكا وهي الدولة المعنية بإنهاء تلك المهزلة المسماة ( عملية سياسية) في العراق أن تبادر إلى قطع حلقة الوصل الفارسية أولا مابين سوريا وإيران عبر العراق ،وثانياً أن تذهب إلى تجفيف منابع الإرهاب الفارسي في العراق والذي تمثله المليشيات وأحزاب الإرهاب التابعة للفرس والتي سلطتها أمريكا على رقاب العراقيين منذ 2003 حتى اليوم.
إن عدم القضاء على المليشيات المجرمة بكل فصائلها وأشكالها التي تديرها إيران في العراق وسوريا اليوم، سيحولها إلى غول يبتلع المنطقة برمتها دون استثناء، ولن يبقى احد بعيداً عن تأثراتها وسيطال أجرامها الجميع.
والحل الذي يكمن في تلك النقطتين البارزتين أولاً نحو ترتيب الأولويات بعدها بدء من دعم القوة الوطنية الصادقة والشريفة، والتي ليس لها تبعية ذليلة لأحد . هذا هو الحل الجذري وما عداه هو ضحك على ذقون الجميع ومجاملات على حساب الأجيال والأوطان، نعم أنه حل لا يخدم أمريكا ولا مصلحتها المرتبطة بمصلحة ووجود النظام المجرم في إيران ، لذلك نقول أن من ينتظر الحل من أمريكا عليه أن لا يعول عليها بتغير مسار ما هو حاصل، ومن بغى التغيير من شعوبنا فليسعى بنفسه نحوه ويتوكل على الله.

أحدث المقالات