23 ديسمبر، 2024 11:01 ص

قراءة في احتمالات تشكيل الحكومة العراقية المقبلة

قراءة في احتمالات تشكيل الحكومة العراقية المقبلة

بالرغم من أن أي متتبع لمجريات الانتخابات العراقية ومساعي تشكيل الحكومة ، يواجه صعوبات جمة ، في ما يمكن تأشيره من رؤى وتوجهات بشأن سبل تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، الا انه يمكن النظر الى جملة سيناريوهات أو خطوط عامة ، قد تفضي الى تشكيل الحكومة وفقا لأحد المحاور والاحتمالات التالية:
1. هناك حقيقة وهي ان رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي ما زال يراهن على انه بالامكان استقطاب كتل سياسية للتحالف معه وتشكيل ( حكومة أغلبية سياسية ) ، يساعده في ذلك عدد المقاعد التي حصل عليها وهي بحدود الـ 95 مقعدا ، ورغبة كتل مختلفة صغيرة من كتل أخرى الانضمام معه ، لكن آمال المالكي بإمكان تشكيل الحكومة حتى لو تحالف مع آخرين ما تزال تواجه مشكلات كثيرة ومعقدة يصعب التكهن بمدياتها.
2. الاحتمال الآخر أن يرشح التحالف الوطني أكثر من شخصية لرئاسة مجلس الوزراء ،وهو ما أقره في إجتماعه الاخير، كأن يرشح المالكي وباقر الزبيدي وآخر من التيار الصدري على سبيل المثال ، لكن التحالف الوطني سيضع معايير لمن يترشح اولها قبول الكتل الاخرى للمرشح، اضافة الى القبول الأقليمي والدولي، وعندها قد يجد المالكي انه حتى هذا الخيار يمكن التلاعب به والانسجام مع فكرته، كونه يعد من وجهة نظر التحالف الوطني ( الشخصية الأقوى ) لكنه سيواجه تهمة انه مارس معهم ( الدكتاتورية والاقصاء والاستفراد ) بالسلطة  مثلما مارسها مع آخرين ، ومن يضمن للإئتلافات الداخلة في التحالف الوطني ان المالكي سيتغير في علاقته معهم أو ينسجم مع رؤاهم، وبخاصة لكتلتي المواطن والتيار الصدري الطامعتين بمنصب رئاسة الوزراء والتي تتمنى ان تجد كرسي رئاسة الوزراء وقد أصبح من نصيبها، لكنها تدرك في قرارة نفسها انها قد لاتحصل على المنصب لجملة اعتبارات اولها ان المالكي لن يترك لها مجالا للتفكير بهكذا اتجاه يعد من وجهة نظر المالكي (الخط الأحمر) الذي ينبغي على التحالف الوطني ان يضعه في اعتباره، في حال رشح بديلا عن المالكي أو رفض ترشح المالكي الى الولاية الثالثة.
3. ان المالكي بمقدوره أن يرشح شخصية أخرى من ائتلاف دولة القانون مثل علي الأديب أو  شخصية بارزة من ائتلافه مثل طارق نجم لإحراج التحالف الوطني، إذ ان  المالكي يعتقد ان ترشيح أحد شخصيات ائتلاف دولة القانون سوف لن يقبل به التحالف الوطني ، حتى لو كان التحالف الوطني على خلاف كبير مع المالكي ، اذ ان الاخير يعتقد أن مرشح ائتلاف دولة القانون سوف لن يحصل على القبول المحلي وحتى الاقليمي وربما الدولي.
4. واذا ما وجد المالكي ان الطرق موصدة بوجهه ، وان التحالف الوطني مصر على إبعاده من الولاية الثالثة فسيضطر الى اختلاق ازمات داخلية تبقيه لأطول فترة ممكنة، وقد يدخل البلد في متاهات حكم الطواريء لكي لايكون بمقدور الكتل السياسية اختيار رئيس للوزراء ، كما قد يشاركه آخرون من الرئاسات الثلاث ان اوضاعهم ببقائهم الحالي هو افضل لهم من ان تتم ازاحتهم عن السلطة، ، والمالكي  يبحث الان عن ( مخارج قانونية ) للخلاص من الاحراج ،بأن يطيل عمر حكومته الى ابعد فترة ممكنة، كحل وسط الى ان يوصل اطراف التحالف الوطني الى انه ليس اماهم خيار سوى القبول به كمرشحهم الوحيد لرئاسة الوزراء.
5. وفي حال توصل المالكي ان كل هذه السيناريوهات غير ممكنة وان هناك اصرارا محليا ودوليا لترشيح شخصية أخرى غير المالكي لرئاسة الوزراء ، فأن التحالف الوطني سيرشح باقر الزبيدي كمخرج وحيد وبخاصة ان لدى الزبيدي امكانية قبوله محليا واقليميا ودوليا، وبهذا يكون هذا أحد الخيارات الافضل ترجيحا.
6. هناك مشكلة أخرى بشأن ترشيح رئيس الجمهمورية أو رئيس البرلمان، فالخلاف بين العرب السنة والأكراد بشأن من لديه الأحقية بشان المنصب ما يزال قائما، ولم يتم ايجاد ( مخرج ) لمنصبي رئاسة البرلمان والجمهورية، التي توجد وجهات نظر مختلفة ومعقدة بشأن من يتولى هذين المنصبين من العرب والأكراد.
7. ويبقى خيار المرجعية الدينية في آخر المطاف يسير بإتجاه خيار آخر، اذا ما تم رفض كل الخيارات اعلاه، واوصدت الأبواب امام مخرج مشرف لتشكيل الحكومة ، عندها ستطرح المرجعية الدينية شخصية مستقلة خارج نطاق كتل التحالف الوطني، وبهذا سيكون طرح هذا ( البديل ) المخرج الوحيد من الأزمة، ويمكن ان يكون المرشح السابق جعفر الصدر، كأحد الحلول التي تراها المرجعية الدينية، من يخرج البلاد من أزمتها الحالية، كونه الشخصية المستقلة التي لاخلاف جوهري بشأنها، وقد تم ترشيحه في الانتخابات السابقة كمرشح لرئاسة الوزراء، وهو يحتاج الى توافق اقليمي ودولي للقبول به، وقد ترشح شخصية مستقلة ليس لها علاقة بأي عنوان ديني كمخرج أخير لإنهاء الأزمة.
هذه بإختصار أقرب السيناريوهات المحتملة لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة..ويرى مراقبون يتابعون تطورات الأوضاع في العراق أن تشكيل الحكومة العراقية سيطول هذه المرة ، لأن صعوبات جمة تواجه الفرقاء السياسيين، الذي يبحثون بين ثنايا لقاءاتهم ومشاوراتهم عن أي ( مخرج ) يحاولون من خلاله إزاحة المالكي عن طريقهم، وهم يتمنون لو ان هناك توجها إقليميا ودوليا يدعم مساعيهم في هذا الإتجاه، وفي كل الاحوال فأن المالكي في نهاية المطاف يرى انه الخيار الأخير الذي لابد وان يلتقي معه الفرقاء جميعا شاءوا أم أبوا.