لم تقطع سلطنة عمان علاقاتها الدبلوماسية والسياسية بدمشق طيلة سنوات الأزمة، كون أن العلاقات السورية العمانية ترتكز على أسس راسخة وقوية تعمقت أواصرها من خلال الاهتمام المشترك بين الجانبين لإعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة وإنجاح مسار الحل السياسي في سورية.
وزيارة بن علوي إلى دمشق هي أرفع زيارة لمسئول عربي منذ زيارة الرئيس المعزول عمر البشير لدمشق في ديسمبر الماضي، كأول رئيس عربي يزور سورية منذ بدء الحرب على سورية عام 2011 ، فزيارة البشير نهاية العام الماضي، تلتها إعادة الإمارات فتح سفارتها في سورية، وتأكيد البحرين استمرار عمل سفارتها هناك أيضا، وهو ما فسره المتابعين السياسيين أنه مقدمة لتطبيع العلاقات العربية مع الدولة السورية.
بالتالي تشير زيارة بن علوي إلى دمشق إلى معاودة السلطنة طرح نفسها من جديد في ملف الأزمة السورية، والقيام بدور الوسيط الذي يجمع الفرقاء على طاولة واحدة لإنهاء الأزمات في المنطقة، وبالتالي فإن توقيت زيارة بن علوي لدمشق مهم جدا في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة حالياً.
بالتالي يمكن وضع هذه الزيارة في سياق التعاون والتنسيق والتشاور المستمر بين البلدين إزاء ما يحدث في المنطقة، لبلورة موقف مشترك وواضح من مجمل ما يجري على الساحتين الإقليمية والدولية خاصة أن أمريكا وحلفاؤها في المنطقة يحاولون خلط الأوراق من جديد، ووضع العصي في عجلات أي جهود لإيجاد حل للأزمة السورية بما يلبي طموحات الشعب السوري بعيداً عن التدخلات والإملاءات الخارجية، كما تحمل في طياتها رسائل إلى من يهمه الأمر بأن علاقات الشراكة الإستراتيجية القائمة بين سورية وسلطنة عمان قوية، وخارج المساومات والصفقات، وهي زيارات تعطي الانطباع بوجود دور عماني جديد في الأزمة السورية.
في هذا الخصوص نرصد العديد من المؤشرات التي تشير إلى دور بارز للوساطة العمانية من أجل التوصل لحل سياسي للأزمة السورية يجنب المنطقة من حرب إقليمية ممتدة، فعمان تملك من الرصيد الإستراتيجي ما يؤهلها للقيام بمبادرة دبلوماسية خلاًقة لحل الأزمة السورية في ضوء المعطيات التالية:
– إن عمان هي دوماً الأقرب إلى سورية والأقدر على فهم ما يجري فيها.
– إن عمان تتبع دائما سياسة مرنة في علاقاتها الدولية والإقليمية، تجسد ترجمة فعلية لمبادئها في السياسة الخارجية تتفق مع ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة .
– تتسم السياسة الخارجية العمانية بالصراحة والوضوح انطلاقا من مبادئ الاحترام المتبادل ولذلك فإن علاقاتها القريبة مع مختلف الدول يسهم في حل المشكلات والتقريب بين وجهات النظر المختلفة.
وهنا أرى بأن هناك رؤية إستراتيجية موجودة في كل الأوساط العمانية وعلى أعلى المستويات، مفادها أن عمان التي يمكن أن تسهم في عودة الاستقرار مرة أخرى إلى منطقة الشرق الأوسط المضطربة كما إن هناك رؤية إستراتيجية ثابتة وهي دعم سورية في كل الأوقات.
مجملاً….إن هذه الزيارة تعطى رسالة واضحة لدول العالم بضرورة الإتحاد من أجل وضع حد لخطر الإرهاب كما تؤكد بأن سورية قادرة على تخطي الصعوبات التي تواجهها، وأن عُمان مع دمشق في خندق واحد.
أختم مقالي بالقول: إن التضحيات التي قدّمها السوريون في مواجهة الإرهاب، يؤكد على دور سورية المحوري، وعبرها سترتسم ملامح عالم جديد تكون فيه لاعباً أساسياً في المنطقة، وإنني على ثقة تامة بأن الشعب السوري قادر على تجاوز وتخطي أزمته ومحنته الراهنة بفضل تماسكه ووحدته الوطنية، لأنه يدرك جيداً دوره في مواجهة كل المشاريع الإمبريالية الرامية إلى تفتيت وطننا الكبير ” سورية “. .