أخلاقيات ومبادئ العمل الصحفي والإعلامي
المقدمة:
منذ أن وطأت اقدامنا أرض الصحافة منتصف السبعينات ، وحينها ما زلنا طلبة في قسم الاعلام بكلية الأداب فرع الصحافة والعلاقات العامة ، كنا في أشد حالات الإلتزام بقيم الصحافة وأخلاقياتها ، قبل أن نقرأ موادها في قوانين صادرة عن جهات او منظمات اعلامية ، وكان جل العاملين في الحقل الصحفي أنذاك مهنيين وعلى درجة عالية من الحرفية والالتزام بأخلاقيات المهنة ، ولم تشهد مؤسسات الصحافة حينها مشكلات كثيرة بهذا الحجم الذي يظهر اليوم في عالم الصحافة ، والتي تعد تحديات خطيرة، حتى خرجت الكثير منها عن سياقات العمل الاعلامي وأخلاقياته.
وقبل أكثر من خمسة عشر عاما ، وبالتحديد قبل عام 2003 ، أي في عهد الأنظمة التي كان يطلق عليها بالشمولية لم تكن هناك حاجة ماسة أمام من يعمل بالصحافة لوجود أسس ومعايير وضوابط للعمل الصحفي والاعلامي ، لكون كل ماكنة الاعلام والدعاية في وقتها مكرسة للنظام السياسي وتحت سلطته ، ولم يكون بمقدور أحد الخروج عما تمليه عليه من توجهات وشروط .
بل ان الصحافة عموما في دول المنطقة ، تعمل وفق أسس ومعايير كانت قد وضعت لها ، ولكن تطبيقها كان يعمل به بدون وجود تلك الضوابط والمحددات ، لأن كل من دخل تلك المهنة يعرف مقدما ما هو مطلوب منه، وليس له حق الخروج عن تلك الضوابط أو المعايير ، كونه بعمل في صحافة يطلق عليها بالصحافة الملتزمة ، التي لاتحتاج لمن يعمل تحت اروقتها أن يعرف ان هناك ضوابط ومعايير، والكل الا ماندر ملتزم بها ويحافظ على تلك المباديء والسياقات الخاصة بالعمل الاعلامي ، دون ان يطلع عليها او يقرأها ، وهو ليس بحاجة لها أصلا، لعدم وجود من ينافسه من قوى أخرى ، لكي يتصارع او يختلف معها ، ولكن بعد عام 2003 وتعدد القوى السياسية في العراق وتعدد توجهاتها وارتباطاتها بالخارج ،أن يمتلك كل من لديه المال والسلطة صحيفة أو اذاعة أو تلفزيون وهو يعمل على هواه وبلا ضوابط وكل يغني على ليلاه ان صح التعبير ، وليس بمقدور أحد أن يقف بوجهه او يعطل وسيلته الاعلامية عندما تخترق كل الحواجز وتضرب القيم الأخلاقية عرض الحائط.
أما الان وبعد تعدد الوسائل الاعلامية وبعد ظهور الانترنيت والمواقع الاخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي ، وبعد تلك الفوضى التي تضرب أطنابها في العراق ، فقد راح كل من يمتلك مؤسسة اعلامية ، وهي تعبر عن وجهات نظر حزبه السياسي او طائفته او أجندته السياسية مع المحيط الخارجي، فقد تطلب الأمر وضع سياقات او معايير أخلاقية تذكر العاملين في الحقل الاعلامي الالتزام بها، فهي موجودة ضمن أطر اعلامية محلية او دولية، ينبغي احترامها، بل أصبحت الحاجة ماسة لوضع آليات لتلك الضوابط لكي تلتزم بها وسائل الاعلام التي غالبا ماتكون ملكيتها لأشخاص واحزاب ..وليس للدولة من حدود للتدخل في توجهاتها ، الا عندما شعرت ان الأمور خرجت عن سيطرتها، ودبت الفوضى بين أغلب تلك المؤسسات، كل يحاول ان يفرض رؤاه ووجهات نظره على الآخرين، بالطريقة التي تعجبه او ترضي طموحه في الهيمنة على الآخر والاستحواذ على مقدرات كراسي السلطة ، وأن يكون له شأن في السلطة والقرار.
واذا كان البعض يجد في تلك الظاهرة انها جزء من الحريات الأساسية للنظام الديمقراطي الجديد ، وينبغي ان يترك لها الباب مفتوحا على مصراعيه ، فأن هناك جملة مشاكل وأزمات وحالات فوضى رافقت مسيرة هذا النظام الديمقراطي ، وأصبحت الحاجة ماسة للتذكير فعلا بضوابط المهنة وأخلاقياتها بعد ان انحدرت كثير من توجهاتها الى القاع، وراحت تمارس سطوتها وتريد ان تفرض وجهات نظرها على الرأي العام رغما عن إرادته.
وهنا لابد من التذكير أيضا بأن هناك جملة مباديء وأسس وضعها خبراء الاعلام والمهتمين بالشأن الإعلامي منذ عقود، ينبغي مراعاتها في أي عمل إعلامي أو صحفي منها : المصداقية والموضوعية والحيادية ، حرية الصحافة والاعلام، الاستقلالية، المحافظة على حقوق الآخرين، والامانة الصحفية ، الشعور بالمسؤولية الاجتماعية .
إن حرية التعبير التي كفلتها الدساتير الدولية ، لاتعني الفوضى والانفلات ، ولهذا يتطلب من الصحافة ووسائل الاعلام ان تحترم وظيفتها المهنية، من خلال الالتزام بالضوابط والمعايير الأخلاقية ، مقابل ان تمنح الدولة حرية اعلامية مكفولة، بلا تقييد لضوابط المهنة ، وان يسهر الجميع على حماية الحريات الصحفية ، فهي الضمانة الأكيدة التي تجعل الصحافة والاعلام تمارس مهامها وفقا لمسؤولياتها الأخلاقية.
ولا ينكر أنه في العراق قد توفرت معالم حرية صحفية واسعة منذ أكثر من عشرة اعوام ، ولكن بالمقابل ، وبعد انتشار الصحف ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة وعلى نطاق واسع، وبعضها يعمل بدون ضوابط ، فان المهمة تقتضي ان تلتزم تلك الوسائل الاعلامية والصحفية بأخلاقيات مهنة الصحافة ، لكي لاتعطي مبررا للدولة ولجهات أخرى عرقلة مهامها الصحفية او تعكير الحريات الصحفية او تقييد الحريات الصحفية، تحت مبررات قد تكون في جانب منها مشروعا، إن لم تحترم تلك المؤسسات الاعلامية المعايير التي وضعت من أجلها ضوابط المهنة وأخلاقياتها ، عندها نكون قد حمينا عشرات الصحفيين من ان يطالهم الحساب او تعرضهم للمساءلة القانونية وفق ضوابط النشر المعدة بقوانين نافذة.
وتعد المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي مثل ( الفيس بوك) ، التي انتشرت بشكل واسع في السنوات الأخيرة ، وربما غطت على بقية وسائل الصحافة والاعلام، التهديد الأكبر لأخلاقيات مهنة الصحافة ، وظهرت وكأنها (البديل) عن الوسائل التقليدية في العمل الصحفي، بالرغم من أن تلك المواقع الالكترونية في أغلبها لم تلتزم بضوابط المهنة، وخرجت احيانا عن كثير من السياقات الصحفية، إن لم تكن هددت هيبة الصحافة، وعرضت سمعتها لمخاطر كثيرة، وكانت الصحافة الورقية أكثر من نالها أذى تلك المواقع ، بل أنها كانت (التهديد الأكبر) الذي يوجه لها (الصحافة الالكترونية) ، والتي راحت تغزو عالم الصحافة والاعلام ووسائل الاتصال عموما ، وشكلت لها (تحديا) لم تألفه منذ عقود!!
إن المباديء والأسس التي وضعت كمعايير للالتزام بأخلاقيات مهنة الصحافة هي الضمانة التي تعطي للحريات الصحفية مساحة أوسع من الانتشار، وفي قدرة الصحفي على إيصال رسالته الى الرأي العام والاسهام في بناء مجتمعه ، وبدون إرساء وتطبيق تلك المعايير تكون الصحافة عرضة للتضييق عليها او تواجه مصاعب لم تكن بحاجة الى ان تختلقها مع أجهزة السلطة ، ولكي تبقى موضع احترام وهيبة ، ليس بمقدور كائن من يكون ان يضعها محل إتهام.
هدف البحث :
يحاول هذا البحث ان يؤشر مسارات خارطة الطريق للعمل الصحفي والاعلامي من خلال جملة أسس ومباديء ، يضعها المختصون بالشأن الصحفي والاعلامي ، بشأن معايير أخلاقيات مهنة الصحافة، لضمان وحماية الحريات الصحفية من الملاحقة والمحاسبة القانونية.
أهمية البحث :
يكتسب هذا البحث الاعلامي أهميته من خلال تعاظم دور وسائل الاعلام في الحياة العامة، وبعد ان شهدت انتشارا واسعا وبخاصة في العراق ، بسبب الحريات التي منحت للعمل الاعلامي ، يكون من الضروري ، ان يهتم العاملون في الوسط الاعلامي باحترام أسس ومبادي العمل الاعلامي وأخلاقياته، وقد تم اعتماد دارسات وبحوث رصينة لتأكيد وجهة نظرنا ، بأهمية حماية الحريات الصحفية ، وايقاف محاولات الاستحواذ عليها من جهات، تتربص بها ، كونها تضع مصلحتها السياسية العليا للسيطرة على الآخرين كأحد اولوياتها، وتحاول ان تضع نفسها فوق الآخرين، لكن رسالة الصحافة ومسؤولياتها الأخلاقية هي من تحول دون تعرضها للتضييق عليها، لكي تبقى هي السلطان والرقيب والمؤشر الذي لايمكن لكائن من كان ان يتعرض له، بعد ان توفرت في البلد حريات صحفية، تكاد لاتجد لها مثيلا في أغلب دول المنطقة.. وهو ما يعطيها مساحة أكبر من التقدير والاحترام لمهنة صاحبة الجلالة، ويبقى وقارها وهيبتها فوق كل إعتبار.
مفهوم أخلاقيات مهنة الصحافة
وقد وضعت النقابات الصحفية وبعض محترفي المهنة جملة أسس ومباديء ومعايير، تشكل (خارطة الطريق للعمل الاعلامي) في أي بلد ، وتهتم أخلاقيات مهنة الصحافة بتوضيح القواعد السلوكية والأخلاقية لأعضاء هذه المهنة سواء فيما بين من يمارس تلك المهنة او في علاقاتهم مع الغير ، ضمانا لعدم خروج الصحفي أو الاعلامي عن تلك الضوابط والمعايير الأخلاقية ولو في حدها الأدنى .
وتعرف “أخلاقيات مهنة الصحافة بأنها ” مجموعة القواعد المتعلقة بالسلوك المهني والتي وضعتها مهنة منظمة لكافة أعضائها، حيث تحدد هذه القواعد وتراقب تطبيقها وتسهر على احترامها، وهي أخلاق وآداب جماعية تخضع لسلطة القضاء “.
وقد عرفها ( جون هوهنبرغ ) أحد الضالعين بشؤون الاحتراف الصحفي على أنها “تلك الإلتزامات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها كل صحفي و المتمثلة أساسا بضرورة العمل من أجل الوصول إلى تغطية منصفة وشاملة ودقيقة، صادقة وواضحة مع مراعاة حماية المصادر وتحقيق الصالح العام، عن طريق احترام القانون وحقوق الحياة الخاصة للأشخاص وتصحيح الأخطاء في حال وجودها “.
ويعرّف “المعجم الإعلامي” لـ (محمد منير حجاب) أخلاقيات الإعلام على أنها “القيم والمعايير المرتبطة بمهنة الصحافة، التي يلتزم بها الصحفيون أثناء عملية انتقاء الأنباء واستقائها ونشرها والتعليق عليها، وفي طرحهم لآرائهم”..أما الصحفي والباحث المختص بأخلاقيات العمل الصحفي محمد أبو عرقوب فيوضح أنه “يجب على الصحفي أن يكون على مستوى جيد من معرفة القواعد المهنية المتعلقة بالنشر، ولا تكفي المعرفة إذا لم يصاحبها التزام قائم على الإقتناع بأن مهمة الصحافة والإعلام لا تستقيم ما لم يكن هناك قواعد مهنية سليمة تبنى على أساسها الأعمال الصحفية والإعلامية التي نقوم بها”.
المصدر/ جون هوهنبرج، “الصحفي المحترف”، ترجمة محمد كمال عبدالرؤوف، الدار الدولية للنشر والتوزيع القاهرة 1990/ ومركز هردو لدعم التعبير الرقمي / القاهرة ٢٠١٦
المبادىء التي يجب أن يتحلى بها العمل الإعلامي:
من خلال البحث المعمق في النظريات الاعلامية لدى الباحثين الاكاديميين في المجال الاعلامي ، فقد تم الاتفاق على عدد من المباديء والمعايير التي ينبغي على العاملين في الحقل الاعلامي والصحفي مراعاتها ، وهي :
١- المصداقية والموضوعية والحيادية :
وهي من أولى ضوابط الالتزام والمسؤولية الأخلاقية بمهنة الصحافة، وتشكل المعيار الأول للالتزام سواء أمام الحكومة والقضاء أو أمام الرأي العام .
٢- حرية الصحافة والإعلام :
تعد الحرية الاعلامية مهمة جدا لكي يكون بمقدور الصحفي والاعلامي ان يوصل رسالته الى الجمهور، والحرية لاتعني التحلل من القيم الاخلاقية والمجتمعية أو الخروج عليها، بل ان الحرية هي وسيلة لتتعبير عن الرؤى والتوجهات التي تخدم تطور المجتمع ونهوضه ، وتتجه بالتطور خطوات الى الأمام .
٣- الاستقلالية :
الاستقلالية تعني عدم انحياز الصحفي أو الاعلامي لأية جهة سياسية او حزبية ، ورفض محاولات (البعض) لصبغ أو تلوين التوجهات السياسية بما يخدم أهدافها هي، دون اعتبار للقيم الأخلاقية المتعارف عليها..وينبغي على الصحفي ان يلتزم بمعايير (الحياد) و (الإستقلالية) قدر الامكان، لكي تكون وجهات نظرك محترمة ومحل تقدير الآخرين.
٤- المحافظة على حقوق الآخرين:
وهي تعني المحافظة على حقوق الآخرين وعدم التعدي أو التجاوز على حرياتهم وتكشف أسرار بيوتهم مالم تكن قضية تعني المجتمع كالجرائم، وأيضآ تحرى كتابة القصة الخبرية بإنصاف بحيث تذكر أقوال جميع الأطراف وبحيادية تامة ، اما اذا أراد الصحفي إبداء وجهة نظره الشخصية مع إيضاح أنه رأي شخصي وخاص به ولا يمثل رأي الجريدة أو الوسيلة الاعلامية او الموقع الذي يعمل لحسابه ، فهذا الأمر مهم للغاية.
أخلاقيات العمل الإعلامي في ظل النظريات الإعلامية:
يحاول بعض الباحثين والخبراء في مجال الإعلام والإتصال وبعد التنامي الكبير في دور الإعلام في مجالات الحياة كافة، إيجاد نظريات إعلامية وتوظيفها لخدمة أغراض وأهداف المهنة الإعلامية . وقد تباينت تلك النظريات حسب آراء ومعتقدات مروجيها والقائمين عليها بإلزام الإعلاميين بأخلاقيات العمل الاعلامي ووضع الأطر العامة لتلك الأخلاقيات.. ومن أهم النظريات الإعلامية المعمول بها عالميا:
1.نظرية السلطة:
ظهرت هذه النظرية في القرنين السادس عشر والسابع عشر في انكلترا . وهي تستند الى فلسفة السلطة المطلقة للحاكم او حكومته او كلاهما معا. ونرى ذلك واضحا في نظريات افلاطون، ارسطو، ميكيافللي، هيغل. الهدف الرئيسي لهذه النظرية هو حماية السلطة وتوضيحها لسياسة الحكومة المسيطرة على مقاليد الأمور. تقر هذه النظرية للحكومة الإشراف على الإعلام وفرض الرقابة عليه .
ولا يجوز وفق هذه النظرية نقد الجهاز الحكومي والسياسي لان العمل الإعلامي فيها هو بمثابة إمتياز خاص يمنحها الحاكم للإعلامي والصحفي . و بالتالي فهو مدين لها بالولاء والإلتزام، وعليه تنفيذ ما يأمر به. بصورة عامة تتبنى الدول النامية والدول غير الديمقراطية هذه النظرية بوصفها الأساس الفكري لبناء منظوماتها الإعلامية.
2.نظرية الحرية او النظرية الليبرالية:
ظهرت هذه النظرية في عصر النهضة الأوروبية وتحديدا في القرن الثامن عشر والتاسع عشر وكان من أبرز من نادى بها جون ميلتون وجون لوك. تقوم هذه النظرية على أساس تقديم كل المعلومات والأفكار للجمهور، وان النقد الحر ضرورة لتحقيق الرفاهية والتقدم، وان العمل الإعلامي يجب ان يتحرر من اية رقابة مسبقة وان يكون مفتوحا لأي شخص او جماعة دون الحصول على رخصة حكومية مسبقة، وان تكون أبواب النقد مفتوحة دون خوف او عقاب من السلطة او الحاكم ،وان يعمل الإعلامي بكل حرية دون قيود او إكراه على نشر معلوماته وان يتمتع بالإستقلال المهني. ساعدت هذه النظرية الإعلام والصحافة والإعلاميين على التخلص من سيطرة الدولة، خصوصاً في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية.
3.نظرية المسؤولية الإجتماعية:
تتلخص هذه النظرية التي نادى بها عدد من الأساتذة والأكاديميين بالمسؤولية الإجتماعية ومصداقية الأخبار والحيادية ، وعلى ان الإعلام يجب ان يكون في خدمة المجتمع من خلال الإلتزام المعايير المهنية كقول الحقيقة والدقة والموضوعية .
4.النظرية الشيوعية:
شهد الربع الاول من القرن العشرين ميلاد نظرية الصحافة الشيوعية التي كان كارل ماركس الأب الروحي لها، متأثرا بفلسفة زميله الألماني هيغل. تركز هذه النظرية على توظيف وسائل الإعلام في خدمة الجهاز الحكومي والحزب الشيوعي، بحيث يقوم الإعلام والصحافة فيها، بتقوية وتوسيع النظام الإشتراكي، والترويج لمبادئه، وليس البحث عن الحقيقة في أغلب الأحيان.
5.نظرية المسؤولية العالمية:
إن أهداف وغايات هذه النظرية تنبثق من مفهوم خدمة المجتمع الإنساني ككل،وتعتبر إمتدادا لنظريات الحرية الإعلامية ونظرية المسؤولية الإجتماعية، لكنها اكثر شمولا كونها تنطلق من وإلى المجتمع الإنساني الأشمل دون تحديد جنس هذا المجتمع، اذ ترفض الأفكار العنصرية او العرقية او التعصب الديني بكافة أشكاله، وتعمل على خدمة الإنسان من كل جوانب حياته، وتؤمن بالحرية الكاملة والكافية التي تمكن الإنسان من إبداء رأيه والتعبير عن أفكاره من خلال وسائل الإعلام المتاحة.
6.نظرية صحافة التنمية:
تعترف هذه النظرية بسمو واستقلالية الإعلام ووحدته وتماسكه ورفضه للتبعية وللسلطة المتعسفة وتأكيده على التنمية بكل فروعها، وتركز على توحيد إتجاهات الشعب من أجل التنمية الوطنية ومساعدة المواطنين على إدراك ان الدولة الجديدة قد قامت بالفعل بمساعدة وتشجيع المواطنين على الثقة بالمؤسسات والسياسة الحكومية مما يضفي الشرعية على السلطة السياسية وقبولها..
7. نظرية المشاركة الديمقراطية
نشأت هذه النظرية كرد فعل مضاد للطابع التجاري وإحتكار وسائل الإعلام المملوكة ملكية فردية ويعبر مصطلح المشاركة الديمقراطية عن معنى التحرر من قيود الأحزاب السياسية القائمة . تكمن الفكرة الأساسية فيها في إهتمامها بإحتياجات ومصالح وآمال و حق المواطن في إستخدام وسائل الإتصال والإعلام من اجل التفاعل والمشاركة على نطاق واسع في مجتمعه.
وترى هذه النظرية ان وسائل الإعلام تعنى أكثر بالحياة الإجتماعية وتخضع لسيطرة مباشرة من جمهورها وتقدم فرص للمشاركة على أسس يحددها مستخدموها بدلا من المسيطرين عليها.
المصدر/ مركز هردو لدعم التعبير الرقمي وأخلاقيات العمل الإعلامي ومهنة الصحافة _ موقع الهدى للثقافة والإعلام )/ والقيم الأخلاقية في العمل الإعلامي _ الصوت الحر )
تلوين الاخبار ..خرق لكل مواثيق المهنة الصحفية
يعد (فن التلفيق) و( تسريب الاخبار) إحدى اتحديات الخطيرة التي تواجه مواثيق الشرف الاعلامي وأخلاقيات الصحافة ، كما ان تلوين الاخبار وصبغها وفقا لمشيئة صاحبها او من يقف وراءها من جهات سياسية واجندات، تعد هي الأخرى تحريفا للخبر وخروجه عن سياقاته ، كونها تحتوي على مواد متعددة من عمليات التضليل والخداع بين ثناياها وهي أقرب الى عمليات التلوين والنسج الاخباري من ان تكون صياغات ذات طابع خبري كماهو متعارف عليه ، والنسج هو( فبركة) وعمليات حياكة (التضليل) ليتم نسجها بين تلك المضامين بطرق مخفية يحاول معدوها قدر الامكان وضع عراقيل وصعوبات أمام من يحاول اكتشاف أهداف وتوجهات مثل هذه الانواع من الدعاية المختبئة خلف مضامين خبرية متقنة الصنع ، وهكذا تكون عمليات الفبركة بين ثنايا الاخبار والتقارير والمقالات وكل اشكال الكتابة الصحفية .
المصدر : حامد شهاب/ فن تسريب الاخبار والحرب النفسية / دار الجواهري للنشر 2016
اليونسكو تضع معايير لضوابط وأخلاقيات مهنة الصحافة
وجدت منظمة التربية والثقافة والعلوم / اليونسكو/ ان العمل الاعلامي يدخل ضمن أنشطتها كعمل ثقافي انساني قيمي معلوماتي ، ولهذا حاول باحثون من ذوي الشأن ومن المختصين في اليونسكو ان يعيروا المسؤولية الأخلاقية للعمل الصحفي والاعلامي اهتمامهم في هذا الشأن.
وقد عبرت منظمة اليونسكو عن العوامل التي حدت بها للتدخل ، بعد إن أشارت في بحث اعدته عن المباديء والأخلاقيات أنه “بعد أن فقدت الصحافة مبادئها الأخلاقية، فتكون قد فقدت قِيمها، ومصداقيّتها وسبب وجودها، وتساءلت : كيف يمكن وقايتها في هذه الحالة؟
وتشير منظمة اليونسكو الى ” إن تعديل الأخلاقيات المهنية للصحافة بسنّ القوانين قد تؤدّي إلى التعرّض لمخاطر الرقابة، ويبقى الإلتزام التطوّعي بالمبادئ الأخلاقية السبيل الأفضل لتستعيد الصحافة مكانتها.
آيدن وايت..وعقبات تواجه الصحافة
يقول احد خبراء منظمة اليونسكو وهو (آيدن وايت) ” إن الصحافة تسير قدما وفي حركة دائبة لم يسبق لها مثيل. ففي يومنا هذا، أصبح الصحفي يعمل بوتائر أسرع وتحت ضغط مستمر وفي جوّ معقّد. وفي مخاض هذه المسيرة العسيرة، تعلمت وسائل الإعلام كيف أنّ الثورة الإعلامية، مع كل صفاتها التحررّية، هي في نهاية المطاف سلاح ذو حدين.
ويضيف وايت أنه “في حين أنّه أصبح بإمكان وسائل الإعلام نشر مقالاتها في جميع أنحاء العالم في بضعة ثوان، كما أصبح بإمكان وسائل الإتصال بناء مجتمعات أقوى وأكثر استنارة وأكثر اندماجا، إلّا أنّ الأنماط الإقتصادية التي كانت تؤمن تمويل الصحافة في الماضي أضحت معطّلة، وفي كثير من الأحيان غير قابلة للإصلاح”.
ويوضح وايت أنه ” ومع تقلص موارد تمويل الصحافة التي تخدم المصلحة العامّة، أصبحت قاعات التحرير تعاني الصعاب للحفاظ على قاعدتها الأخلاقية. كما تضخمت، الى حدّ بعيد، كل المشاكل التي كانت تشغلها دوما مثل التحيّز السياسي، وتسلّط المؤسسات غير المشروع، والقوالب النمطية وتضارب المصالح”، لافتا أن الصحافة الإخبارية شهدت في السنوات الخمس عشرة الماضية تدهورا كبيرا ، حيث أنّ التكنولوجيا قد غيّرت من طرق التواصل بين الناس وطريقة عمل وسائل الإعلام. واليوم، يحصل معظمنا على الأخبار من خلال الهواتف النقالة ومن المنصات الإلكترونية التي نمت بكثرة باستغلال البيانات الشخصية لمستخدمي الإنترنت، والهيمنة على الإعلانات المربحة التي كانت تنتفع منها وسائل الإعلام التقليدية”.
تحديات الصحافة
وتوضح اليونسكو جوانب أزمة أخلاقيات الصحافية من خلال العراقيل التي راحت تواجهها السلطة الرابعة ، حيث ” أن الآلاف من وسائل الإعلام أغلقت أبوابها (الصحف أساسا)، كما فَقد عشرات الآلاف من الصحفيين وظائفهم. وبتقلّص مصادر الأخبار التقليدية، خاصة على المستوى المحلي والجهوي، قلّت المسالك للوصول الى الاخبار الموثوقة، بالرغم من أنّ مساحة حرّية التعبير قد توسعت بشكل كبير”.
إنشاء شبكة الصحافة الأخلاقية
تقول منظمة اليونسكو انها وبسبب تلك التحديات والمصاعب التي تواجهها مهنة الصحافة والاعلام فقد ” تمّ إنشاء شبكة الصحافة الأخلاقية منذ خمس سنوات، بهدف تعزيز الصحافة في مواجهة هذه الأزمة.
وتشير في تبريرها لموقفها الأخلاقي هذا للتدخل الى انه ” بوصفها ائتلافا يضم أكثر من ستين مجموعة من الصحافيين والمحررين وأصحاب الصحف ومجموعات الدعم الإعلامي، تشجع الشبكة على التدريب والقيام بالإجراءات العملية لتعزيز الأخلاقيات والحوكمة. وقد تردّد صدى نشاط هذه الشبكة إيجابيا لدى الصحافيين في جميع أنحاء العالم، سواء في ما يتعلق بتطوير نماذج اختبارية للصحفيين للكشف عن خطاب الكراهية، أو وضع مبادئ توجيهية بشأن تغطية النزاعات، أو إعداد التقارير حول موضوع الهجرة”.
وتضيف انه ” بما أن جذورها مزروعة في وسائل الإعلام، فإنّ تقارير شبكة الصحافة الأخلاقية التي تغطي عدة بلدان تحظى بالمصداقية لدى الإعلاميين، بما في ذلك التقارير التي ترفع الغطاء عن الممارسات الصحفية المخفية أو تلك المتعلقة بتحديات التعديل الذاتي”.
وقد بينت عمليات سبر الآراء التي أجرتها الشبكة في هذه الفترة المتقلّبة، كما تشير اليونسكو “أنه بالرغم من المناخ الإقتصادي والسياسي المعادي، فإنّ الصحافيين في كل مكان – من تركيا، وسوريا ومصر إلى الباكستان، والصين وأندونيسيا – ملتزمون بالكشف عن الحقيقة وبأخلاقيات المهنة”.
اكتساب ثقة الجمهور
وتشير منظمة اليونسكو الى ” إن هذا الإلتزام بالمعايير الأخلاقية هو بمثابة “الضمانة الذهبية”، في عهد التحولات الاجتماعية التي ألقت بالمنظومة العالمية للاتصالات في مرحلة إنتقالية فوضوية. وبالنسبة للعاملين في وسائل الإعلام ولأيّ شخص يسعى للحصول على وسائل اتصال موثوقة وآمنة، في المستقبل، أصبح الدفاع عن الصحافة الأخلاقية وتعزيزها أكثر ضرورة من أي وقت مضى”.
مخاطر الانترنيت والاخبار الزائفة
وبفعل الأخبار الزّائفة والدعاية السياسية والمؤسسية إضافة إلى الإنتهاكات الوقحة المتداولة عبر الإنترنت، أصبحت أسس الديمقراطية من وجهة نظر منظمة اليونسكو مهدّدة وفُتحت خطوط أمامية جديدة للمدافعين عن حرية التعبير والمسؤولين السياسيين والإعلاميين، وعلى نطاق أوسع، أدى هذا المزيج السام من التكنولوجيا الرقمية، وغياب الضمير السياسي والإستغلال التجاري لمشهد الاتصالات الجديد إلى زعزعة منظومة الإعلام الجماهيري وإنهاكها. وبما أن شبكة الصحافة الأخلاقية على وعي بهذا الوضع، فقد شجعت على فتح باب جديد للنقاش حول الحاجة إلى إدراك دور الصحافة المقيدة بإطار المعايير الأخلاقية، كضرورة لكسب ثقة الجمهو”ر.
والمطلوب حسب ما تراه شبكة الصحافة الأخلاقية، هو تأسيس شراكة جديدة مع جمهور وسائل الإعلام وصناع السياسة لإقناعهم بضرورة تعزيز الصحافة الأخلاقية، وبإمكانية استخدامها كمصدر إلهام لوضع برامج جديدة للتربية على وسائل الاتصال والإعلام.
واليوم، ليس الإلتزام بمراقبة أسلوب التعبير واحترام الحقائق حكرا على الصحفيين، بل يتحتّم على كل من لديه ما يقوله على ساحة الاعلام العامة أن يتشبث بالمعايير الأخلاقية.
شبكة الصحافة الأخلاقية
وتعتبر شبكة الصحافة الأخلاقية أن القيم المهنية للصحافة، كالتمسّك بالحقائق، والروح الإنسانية واحترام الآخرين والشفافية والإقرار بالأخطاء ، هي مبادئ أساسية ينبغي أن يقتاد بها الجميع، بما في ذلك مستخدمي الوسائط الإجتماعية والصحفيين المدنيين، لكن هذا السلوك لا بد أن يكون طوعيا وناتجا عن قناعة وليس بإملاء القانون.
والمشكلة تكمن في أنّ شركات التكنولوجيا العملاقة التي تهيمن على ساحة الإعلام الجماهيري، مثل غوغل، وفيسبوك، وآمازون، وتويتر، تقوم بترويج المعلومات في جوّ خال تماما من القيم. فهي لا تعير أية أولويّة للمعلومات باعتبارها مصلحة عامة كما هي الحال مع الصحافة المهنية. ولا تميّز هذه الشركات في سياستها التسويقية، بين الانتاج الصحفي وغيره من المعلومات حتى لو كانت ضارة وفاسدة.
وبما أن فيسبوك يعدّ ملياري مشترك، فهذا يعني أن هناك مراجع واحد لكل 250.000 مستخدم. إن ذلك لا يمثّل إلاّ جزءا بسيطا ممّا يستوجب توفيره لمتابعة ومراقبة تفاقم المحتويات غير الأخلاقية والمنتهِكة للأعراض ومواجهة أخطار الدعاية والأخبار الزّائفة.
الديمقراطية مهدّدة
ومن وجهة نظر شبكة الصحافة الأخلاقية ” فإن هناك حلا بسيطا يكمن في قبول شركات التكنولوجيا تقمّص دور الناشر في هذا العصر الرقمي، والإستفادة من العدد الهائل من الصحفيين الأكفاء والملمين بالأخلاقيات المهنية، الذين شردتهم ثورة المعلومات. نحن نعلم أن هذه الشركات بإمكانها تحمّل التكلفة. ففي أوائل عام 2017، قدر السعر التجاري لفيسبوك بحوالي 400 مليار دولار أمريكي، أما سعر غوغل فقد فاق 600 مليار دولار أمريكي. وهي من أغنى الشركات في العالم”.
وتضيف شبكة الصحافة الأخلاقية أنه “في الوقت الذي يكتفي فيه السياسيون وأرباب المؤسسات التكنولوجية الكبرى بالتباكي والتذمر من هذا الوضع، دون أن يأخذوا أي إجراء فعلي، نلاحظ تزايدا في عدد السياسيين عديمي الضمير الذين يستخدمون التكنولوجيا لتقويض الديمقراطية والتدخل في المسارات الانتخابية. وما الأخبار الزائفة المليئة بالكذب إلا جزءا من هذه الإستراتيجية”. وقد ندد العالم والأكاديمي البريطاني مخترع شبكة إنترنت العالمية، تيم بيرنرز-لي، بهذا الإنحراف حيث حذّر من وقوع عالم الإنترنت تدريجيا تحت هيمنة الحكومات والشركات الرقمية ومن اختناق الإنترنت من جراء استغلال المعطيات الشخصية.
كشف الأخبار الزّائفة
وإذا حصل أن تسرّع يوما أحد الصحافيين في نشر خبر ما، فإن الصحافة التي تحترم القيم الأخلاقية تقرّ دوما بأخطائها. ولأنها تعتمد على حقائق الواقع وتؤمن بالمصلحة العامة، فهي توفر للسياسيين خارطة طريق لبناء فضاء إعلامي عام آمن وموثوق به.
المصدر : آيدن وايت / هو مدير شبكة الصحافة الأخلاقية، ومؤلف كتاب «حتى أصارحكم بالحقيقة : مبادرة الصحافة الأخلاقية»، وهو استعراض على الصعيد العالمي للقضايا المتعلقة بأخلاقيات المهنة الصحفية (2008). شغل منصب أمين عام الإتحاد الدولي للصحفيين على مدى 24 عاما حتى مارس 2011. وهو مؤسس المعهد الدولي للسلامة الإخبارية ومؤسس “آيفكس” (تبادل حرية التعبير الدولية).
تحديات تواجه الإعلام العربي بشأن أخلاقيات المهنة ومواثيق الشرف الإعلامية
تشير الدكتورة حنان يوسف أستاذ الاعلام العربي في جامعة عين شمس الى انه “في ضوء التحديات العالمية وثورة الاتصالات التي تواجه المجتمع العربي، برزت أدوار جديدة ألقيت على عاتق الاعلام لخلق ثقة ومصداقية تبادلية بين الاعلام العربي والمواطن المتلقي والمستمع المشاهد والقارئ لنقل وجهات النظر وعكس الصورة الواقعية والمنطقية بشفافية”.
وتقول أستاذ الاعلام العربي في جامعة عين شمس : ” نحن نعيش في بقعة من هذا العالم كثرت فيها الصراعات والأزمات التي أدت الى مجموعة من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ومايحصل في لبنان وفلسطين والعراق الآن يشير أن العالم لا يعرف الكثير عن الشارع العربي وإنما يستقي معلوماته من مصادر رسمية أو أخرى لا تمثل العرب العاديين ولا وسائل الإعلام العربية الرسمية وغير الرسمية لأسباب كثيرة منها: عدم ثقته بمصداقية وشفافية الإعلام العربي بسبب عدم إسقلالية الإعلام في التعبير عن وجهة نظر الشارع العربي الحقيقية – وثانيا” لا زال إعلامنا العربي يتأرجح بين قطبي مجال مغناطيسي متنافر- ميثاق الشرف الإعلامي والسلطة السياسية المتمثلة بأجهزة ومنظومات الرقابة والمتابعة والتوجه.
ومن وجهة نظر الدكتورة حنان يوسف فإنه لابد من إيجاد حل لتلك المعضلة من خلال تحمل ” مسؤولية خلق ميثاق شرف إعلامي عربي شامل، يوصل ويحلل المعلومة بمصداقية ويعبر عن وجهة نظر إعلامية عربية حقيقية، في ظل قوانين وأنظمة ومواثيق إعلامية تصون وتحمي الإعلامي والإعلامية العربية وحقهم في الوصول الى المعلومات دون مسائلة الرقيب الا في حال عدم التقيد والإلتزام بميثاق الشرف الإعلامي العربي.
ولا تخفي الدكتورة حنان يوسف أستاذ الاعلام العربي في جامعة عين شمس من أن ” أكثر المشاكل التي أثيرت في مجتمعاتنا البشرية قاطبة كان سببها عدم التزام الصحفي بأخلاقيات المهنة وبعادات وتقاليد المجتمعات، وآخر هذه المشاكل التي أثيرت كانت الرسومات المسيئة لشخص رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم… فنشر مثل هذه الرسومات التي أساءت لأكثر من مليار مسلم الأمر الذي يعتبر خروجا عن أخلاقيات المهنة وآدابها ويمس بشريحة كبيرة من أبناء المجتمعات الإسلامية، احدث مثل هذا الأمر مشاكل كبرى هزت العالم بأسره، هذا مثال لعدم الالتزام بأخلاقيات مهنة الصحافة ومواثيق الشرف الإعلامية”.
أخلاقيات العمل الصحفي هامة جدا
ارى الدكتورة حنان يوسف أستاذ الاعلام العربي في جامعة عين شمس “إن مسألة اخلاقيات العمل الصحفي هامة جدا ومسؤولية مجتمعية كبرى واقعة الأساس على الصحفي نفسه ووعي بالصحافة ورسالتها المجتمعية السامية وضميره المهني الصرف ومدى تمسكه بما تفرضه عليه هذه المهنة من مهام”…والمطلوب منا كإعلاميين من وجهة نظرها “أن نتمسك بأخلاقيات مهنتنا السامية والعمل على نشر مبادئها في أوساط الجيل الإعلامي الجديد من أجل خلق صحافة واعية تحمل هموم المجتمع، والمطلوب أيضا العمل على خلق جيل واعي بالرسالة المجتمعية الخيرية للصحافة ودورها في بناء مجتمع قويم خالي من الأمراض المجتمعية العصرية”.
المبادئ والتوصيات من اجل ميثاق شرف اعلامي عربي:
وقد وضعت الدكتورة حنان يوسف جملة مباديء وتوصيات من أجل اقامة ميثاق شرف اعلامي عربي من خلال:
أولا: الحريات الصحفية:
1. التأكد على ان حرية الصحافة تعني توافر مقومات العمل الصحفي وفي مقدمتها حرية الوصول إلى المعلومات، والحق في ملكية الصحف وإصدارها وطبعها وتوزيعها دون تعرضها لأي شكل من أشكال الرقابة.
2. المطالبة بالغاء كل القيود المكبلة لحرية الصحافة والصحفيين بما في ذلك إلغاء كافة التشريعات والقوانين والأنظمة التي تسمح بتدخل الدولة في شئون الصحافة ومعاقبة الصحفيين بالعقوبات السالبة للحرية والتحكم في لقمة عيشهم.
3. إدانة فصل الصحفيين لأسباب تتعلق بممارستهم لمهنتهم أو تعبيرهم عن آرائهم والدعوة إلى فصل بين الملكية والإدارة في الصحافة الحزبية والخاصة.
4. إقرار حق التنظيم النقابي للصحفيين على أسس مستقلة وديمقراطية وإلغاء كل التشريعات القائمة التي تعوق أو تجرم ممارسة هذا الحق.
5. دعوة المجتمعات الصحفية العربية التي لم تتشكل فيها نقابات أو تنظيمات مهنية مستقلة إلى المبادرة لتشكيل كيانات نقابية تمثل الممارسين الفعليين لمهنة الصحافة في هذه البلدان للدفاع عن مصالحهم وحقوقهم.
ثانيا: المسؤولية الصحفية وأخلاق المهنة
1. كشف الأهداف المستترة وراء المعايير السلطوية المزيفة حول مسئولية الصحافة العربية، والتأكد على أن هذه المسئولية تنبع من ارتباطها بهموم وقضايا الشعوب العربية، ومن ولائها للحقيقة، ومن قدرتها الذاتية على محاسبة الخارجين على أصول المهنة وآدابها.
2. التأكد على نبذ صحافة الابتذال والابتزاز والمبالغة والتشهير واستنكار كل مظاهر النشر الصحفي التي تقوم على استغلال الجريمة والجنس وانتهاك حرمة الحياة الخاصة لآحاد الناس، والتصدي لهذه الممارسات لمنع إفلاتها من العقوبة.
3. التحذير من خطورة استفحال ظاهرة الخلط بين المادة التحريرية والمادة الإعلامية باعتباره عدوانا على حق القارئ في الإعلام ومخالفة صريحة لقواعد العمل الصحفي وأخلاقياته، والتشديد على تحريم عمل الصحفيين بالإعلانات.
4. التنديد بانتهاك بعض القائمين على شئون المؤسسات الصحفية العربية لأخلاقيات العمل الصحفي وتشجيعهم على انتهاك القواعد المهنية للعمل الصحفي.
5. التأكيد على احترام الصحفيين لضمائرهم خلال أدائهم لمهنتهم وتجنب استغلال المهنة في الحصول على هبات أو اعلانات أو مزايا من جهات محلية أو أجنبية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
ثالثا: النقابات ومواثيق الشرف المهنية
1. التأكد على حاجة الصحفيين العرب ممثلين في مؤسساتهم المهنية أو النقابية إلى ميثاق أخلاقي من ذواتهم ويرتكز على الاصول المهنية واحترام حق القارئ، والاتفاق على آلية مهنية ملائمة لمحاسبة المخالفين.
2. دعوة النقابات والاتحادات والمنظمات الصحفية العربية إلى الاضطلاع بمسئولية الرصد السريع لانتهاكات حرية الصحافة في البلدان العربية، وتشجيع المبادرات الخاصة بتعاون هذه المنظمات في إنشاء شبكة الرصد وتبادل المعلومات.
3. الدعوة إلى تعزيز أشكال التعاون الممكنة بين النقابات المهنية المستقلة القائمة وبين الكيانات النقابية الناشئة، وتقديم ما لديهم من خبرة وامكانات لدعم استمرارها على اسس ديمقراطية ومستقلة.
4. دعوة النقابات والاتحادات العربية إلى إعطاء الأولوية للأوضاع المعيشية المتدنية للقطاع الأكبر من الصحفيين العرب، ووضع برامج مناسبة لزيادة أجورهم ورواتبهم تحصينا لهم من محاولات الاختراق والاحتواء.
5. حث النقابات والاتحادات على تبني برامج تدريب ونثقيف مهنية خاصة تعالج موضوعات الثقافة القانونية وتشريعات الصحافة المحلية والاقليمية والدولية، والاهتمام بتنمية المهارات والقدرات المهنية بما يواكب تقنيات الاتصال الحديثة.
6. اعتبار مسئولية إعادة بناء المؤسسات الصحفية والإعلامية الفلسطينية، ودعم صمود الصحفي الفلسطيني مهمة عاجلة على كل الصحفيين العرب، ودعوة النقابات والاتحادات والجمعيات العربية لتنظيم حملة لتلقي المساهمات المادية والفنية الممكنة.
رابعا: حماية الصحفيين في أوقات الحرب
1. العمل من أجل إصدار اتفاقية دولية لحماية الصحفيين في اوقات الحرب بالتعاون مع كافة والمؤسسات المعنية اقليميا ودوليا.
2. العمل بالتعاون مع المنظمات الصحفية والحقوقية العربية والدولية لإقامة دعوى أمام المحاكم الدولية، لمحاسبة مرتكبي الجرائم الحرب ضد الصحفيين في فلسطين والعراق، وغيرها من بلدان العالم، واعتبارها جرائم لا تغتفر ولا تسقط بالتقادم.
3. العمل على تكوين تحالف إعلامي دولي لمناهضة الجرائم والانتهاكات الفظة لحقوق الإنسان الفلسطيني في الأراضي العربية المحتلة، وفي مقدمتها جرائم قتل وإرهاب واعتقال ومطاردة الصحفيين الفلسطينيين والأجانب والاعتداء عليهم، وكذلك الاعتداء المستمر على المؤسسات الإعلامية الفلسطينية لفرض التعتيم على جرائم الاحتلال.
4. عدم جهود الاتحاد الدولي للصحفيين في إنشاء المؤسسة الدولية لضمان سلامة الصحفيين وحماية أرواحهم.
5. الترويج لمبادئ حرية التعبير عن الرأي والحريات الديمقراطية عامة وتعزيز فهم مبادئ الديمقراطية والليبرالية السياسية وترويج ثقافة التسامح واحترام الرأي الآخر في إطار الحوار السلمي بين الثقافات والأفكار إلى تحقيق الأهداف التالية:
1. الدفاع عن حرية التعبير في كافة وسائل الاعلام المطبوعة والمسموعة والمرئية والإلكترونية في كافة البلدان العربية.
2. تعزيز دور الصحافة كسلطة رابعة تمثل المجتمع.
3. دعم ونشر الأعمال الصحفية والفكرية الهادفة إلى نشر ثقافة الحرية.
4. نشر وتعزيز مبادئ ثقافة حرية التعبير عن الرأي باعتبارها من الأسس الضرورية لإيجاد إعلام حر ومستقل في البلدان العربية وكذلك نشر ثقافة الحرية بين الصحفي القارئ باعتبارهما طرفي المعادلة الصحفية.
5. المشاركة في الجهود الرامية إلى الغاء القوانين والتشريعات واللوائح المقيدة للحريات وخاصة حرية التعبير عن الرأي. والمساهمة في تطوير الإطار القانوني الليبرالي الذي من شأنه أن يؤمن حرية التعبير عن الرأي بالوسائل السلمية للجميع.
6. رصد ومراقبة كل ما من شأنه خرق مبادئ حرية التعبير عن الرأي من وقائع وتشريعات وسياسات ونشر سجل خرق حرية الرأي في البلدان العربية. والعمل على استصدار قوانين تكفل الحرية الصحفية والفكرية. وكذلك رصد ومراقبة التطورات الايجابية التي من شأنها تطوير الأداء الديمقراطي بالإضافة إلى كشف كافة الانتهاكات والضغوط والتعديات التي تمارس ضد حرية التعبير والعمل الصحفي والفكري.
7. المشاركة في دعم ومساندة الصحافيين الأفراد والنقابات والمؤسسات الصحافية والإعلامية والمؤسسات المدنية والأفراد الذين يتعرضون لضغوط أو اعتداءات حكومية بوليسية كانت أو قانونية بسبب ممارستهم لحرية التعبير عن الرأي، وكذلك ضد الضغوط والاعتداءات التي يمكن أن تأتي من الأحزاب السياسية أو جماعات رجال الأعمال.
8. التضامن مع الصحفيين والكتاب الذين يتعرضون لأي ضغط من أي نوع كان. كما يقوم الاتحاد برصد وتسجيل الوقائع المرتبطة بحرية التعبير عن الرأي وحرية الصحافة على مدار العام.
المصدر: ورقة عمل مقدمة من د. حنان يوسف / أستاذ الاعلام العربي – جامعة عين شمس – مصر / مؤتمر الإعلاميات السادس 2007/ عمان – الأردن
الخاتمة والتوصيات:
توصلت تلك الدراسة الى جملة حقائق ومستلزمات ، مفادها الايمان بأن للصحافة والاعلام رسالة أخلاقية ، ينبغي احترامها والإلتزام بقيمها وضوابطها كمعايير أخلاقية ومهنية في كل الازمان العصور والنظم السياسية ، لكي نضمن عدم تعرض الإعلاميين والصحفيين لمتاعب الملاحقة والمساءلة ، وعدم التجاوز على الغير ، ومراعاة ضوابط المهنة والقوانين النافذة ، وليأخذ الصحفيون دورهم في البناء والتغيير الايجابي، ولكي يبقوا شموعا مضيئة في سماء الموهبة والابداع والعطاء والتوهج ، ومنارة للعقول ، وطريقا يدل المجتمعات على كيفية خلاصها من واقعها المرير للانطلاقة الى آفاق المستقبل المنشود نحو الحالة الأفضل.
ويضع المهتمون بالشأن الاعلامي والصحفي والباحثون مجموعة من التوصيات التي تعينهم في عملهم الاعلامي بإعتبارها ضوابط تخدم توجهاتهم ووفق التوجهات التالية:
أن تكون هناك دورات تدريبية للإعلاميين من مندوبين ومحررين وجميع العاملين في المؤسسات الإعلامية وحثهم على إحترام الدقة والموضوعية والإلتزام بالمصداقية في الطرح والتناول، واحترام قواعد الحرية الصحفية .
إقامة ورش عمل وندوات تشجع على زيادة الوعي بالمعايير والإعتبارات الأخلاقية وتعضيد الحس الأخلاقي لدى الإعلاميين.
حثهم على الاطلاع على الدراسات و البحوث العلمية عن أخلاقيات العمل الإعلامي وتدريبها كمنهاج لطلاب الإعلام في الكليات والمعاهد.
أن ترتبط رخصة ممارسة العمل الإعلامي بإمتلاك المتقدم لقدرات علمية وموهبة ورغبة صادقة لممارسة عمله.
تنمية مهام النقابات والاتحادات الصحفية الرصينة التي تعمل كمؤسسات ضبط أخلاقية للإعلاميين.
اعادة تقويم أوضاع الإعلام والصحافة من الناحية المهنية والإرتباط الأخلاقي المهني.
المصادر:
جون هوهنبرج، “الصحفي المحترف”، ترجمة محمد كمال عبدالرؤوف، الدار الدولية للنشر والتوزيع القاهرة 1990
مركز هردو لدعم التعبير الرقمي / القاهرة ٢٠١٦
حامد شهاب/ فن تسريب الاخبار والحرب النفسية / دار الجواهري للنشر 2016
أخلاقيات العمل الإعلامي ومهنة الصحافة _ موقع الهدى للثقافة والإعلام )/ والقيم الأخلاقية في العمل الإعلامي _ الصوت الحر )
جيهان احمد رشتي، الأسس العلمية لنظرية الإعلام، القاهرة، 1975.
حسن عماد مكاوي، أخلاقيات العمل الإعلامي، القاهرة، 2006.
د.حميدة سميسم، مفهوم الخطاب الدعائي، بغداد، 1998.
عبد اللطيف حمزة، أزمة الضمير الصحفي، القاهرة، 1960.
مختار التهامي، الرأي العام والحرب النفسية، القاهرة، 1974.