كان ينبغي الأنتظار حتى تثبيت وقف اطلاق النار بين الأسرائيليين وحماس لندوّن هذه السطور .
ما جرى في الأيام الأخيرة لايمكن تسميته بمعركة ولا بحرب , فلم تتوفر الشروط العسكرية لمواصفات المعركة , كما أنّ تسميته بأشتباكاتٍ فهي غير دقيقة جداً بالرغم من استخدام الصواريخ والدبابات في ذلك , حيث أنّ أيّ اشتباك ينبغي أن يغدو مستمرا بين الطرفين ولاتتخلله فترات ما من التوقف بأنتظار توجيه ضربةٍ من الخصم للرّد عليها , وحتى أنّ اصطلاح ” مناوشات ” فهو تعبيرٌ مخفف , فتبادل الضربات الصاروخية من البر والجو كان عنيفاً للغاية .. وكما امسى معروفاً فالعمليات بدأت بتسلل وحدة كوماندوز اسرائيلية خاصة وبلباسٍ مدني الى داخل غزّة من دون أن تشعر بها اجهزة أمن حركة حماس لأغتيال قيادي في كتائب القسام , وانكشفت العملية الأسرائيلية في لحظة التنفيذ وردّ الفلسطينيون هناك على القوة المهاجمة وقتلوا ضابط اسرائيلي برتبة مقدم مع اصابة سبعة جنود , فتدخّلت المروحيات الأسرائيلية ” المهيأة مسبقا ” على الفور وقصفت تلك المنطقة بكثافة لأجل التغطية على انسحاب الكوماندوز , وهذا ما جرّ الى التصعيد الساخن الذي بدأ بأستهداف حافلة جنود صهاينة بصاروخ ” كورنيت ” الدقيق الأصابة وتمّ تصوير العملية ” فلسطينياً ” وبثها كما شوهدت في وسائل الأعلام .. العملية الأسرائيلية لم تكن مبررة من الناحية الستراتيجية ولم تكن من مقتضيات الضرورة لتؤدي الى الى مقتل هذه الأعداد من الجانبين فضلاً عن تدمير مبانٍ واهدافٍ مدنيةٍ اخرى , وبانَ أنّ القيادة الأسرائيلية لم تتوقع سرعة وشدة الرد الصاروخي والقصف بمدافع الهاون بهذه الكثافة من داخل غزة , وبالرغم من أنّ الوساطة المصرية < المخابرات > لعبت دورها بجدارة في الشروع بالتهدئة السريعة وثم تثبيت وقف اطلاق النار , إلاّ أنّ كلا الطرفين ” حماس واسرائيل ” كانا بحاجةٍ لذلك سياسياً وعسكرياً … وبالخروج من ميدان العمليات القتالية وتفاصيل جزئياتها التي جرى اختزالها هنا , والتي اصلاً تداولت معظمها وسائل الإعلام العربية والدولية من جوانبٍ مختلفة , ومن دون الحصول على فرصٍ زمنيةٍ لإرسال مراسلين حربيين وموفدين اعلاميين لتغطية تفاصيل الأحداث , بأستثناء بعض القنوات العربية الفضائية التي تمتلك مراسلين فلسطينيين ثابتين على الساحة الفلسطينية ,
هنالك مداخل ومداخلات في توصيف ما جرى رغم نسب التباين في زوايا الوصف والتوصيف : –
O – إنّ حركة حماس وعبر ” كتائب القسّام ” التي تتبنّى العبئ الوحيد في ادارة الصراع مع جيش العدوّ عبر الحدود الفاصلة بين الطرفين , فأنّها لا تمثّل كلّ الفلسطينيين في القطّاع ولا في عموم فلسطين او ما تبقى منها في الضفة الغربية .!
O – هنالك نسبة كبيرة من عموم الجمهور العربي ” وخصوصاً من معظم دول الخليج العربي ” يمتلكون تحفّظاتٍ جمّة على حركة حماس بسبب ارتباطاتها بأيران وبالأزدواجية المتناغمة والمدروسة لحكومة قطر وأميرها .. << وقد شاهدنا في نهاية الأسبوع الماضي كيف أنّ وزير الخارجية القطري الشيخ الشاب محمد بن الرحمن آل ثاني وصل الى غزة حاملاً في موكب عجلاته مبلغ 15 مليون دولار كرواتب لموظفي حركة حماس كجزءٍ من مبلغ 90 مليون دولار كصفقة ! لكنّ موكب الوزير القطري تعرّض لتظاهراتٍ واحتجاجات المواطنين الغزاويين على سياسة قطر التي تنفذ المخطط الاسرائيلي بجدارة ومهارة , حيث تهدف الى شقّ الصف الفلسطيني عبر تمويل حماس دون إعلام السلطة الفلسطينية ولعزل القطّاع سياسياً وتنظيمياً عن الضفة الغربية >>
O – الى ذلك , فلا يمتلك الجمهور العربي من المحيط الى الخليج إلاّ التعاطف السيكولوجي والعاطفي مع اية جهةٍ او حركةٍ فلسطينية تتعرّض لنيران الجيش الأسرائيلي وتتبادل إطلاق النار والصواريخ معه .
O – حسابات القيادة الأسرائيلية المُصغّرة ” بين الساسة وقادة العسكر والموساد ” عبر عمليتهم العسكرية المباغتة ضدّ قيادات ” حماس ” كانت تعاني قصر النظر في السياسة الدولية وضيق الأفق ايضاً , فعدا أنّ كلا الطرفين الفلسطيني والأسرائيلي تكبّدا خسائراً بشريةً متاينة بين الطرفين , إلاّ أنّ القيادة الأسرائياية لم تتحسّب أنّ الوضع الدولي لا يتحمّل أيّ تصعيدٍ عسكريٍّ في توقيت الشروع بالعقوبات الأمريكية ” النفطية , الأقتصادية , والسياسية ضدّ حكومة طهران , وما قد ينجم عنها من افرازاتٍ محتملة ومفترضة مع قادم الأيام .
O – من زاويةٍ بعيدةٍ أخرى , فَلَمْ يعد مقبولاً رهن الصراع العربي – الصهيوني بأهواء بعض القادة والزعماء والمشايخ العرب او العربان , ومن المحال التنكّر لأصول ومبادئ وارواح شهداء كلّ العرب وعلى مدى نحو ثلاثة ارباعِ قرن من الزمن او اكثر , ويبدو ايضاً ضرورة اللجوء الى محرّكاتٍ اخرى لإدامة الصراع العربي – الأسرائيلي خارج نطاق الحركات والتنظيميات الدينية .!
O – من جانبٍ آخرٍ واقربُ بُعداً .! فأنّ المتغيرات الأقليمية والدولية وتصاعد حدّة المواجهة السياسية لدول الخليج وبرفقة دولٍ عربيةٍ اخرى لها ثقلها العسكري والسياسي مع ايران , والمسنودة والمعززة بالعقوبات الأمريكية على طهران , فهذه الأوضاع المستجدة لم تعد تسمح بأثارة وإعادة إثارة مكنونات الصراع العربي – الفلسطيني من جديد وفي هذا التوقيت تحديداً , في الوقت الذي استبقت اسرائيل ذلك بالتودد الأصطناعي تجاه الشعوب العربية عبر السوشيال ميديا ! ولأهدافٍ بعيدة ومتوسطة المدى .! , ونحن هنا لا نتبنّى أيٍّ من وجهات وزاويا النظر المطروحة في السطور اعلاه , إنّما إرتأينا تغطيةً اعلاميةً من بعض الزوايا الخاصة وليس جميعها .!