هناك أهمية عظمى للوحدة العربية، حيث هي اهم واسبق من كل شيء بالنسبة الى امتنا، وحزب البعث العربي الاشتراكي بما انه يقول انه صاحب مشروع جدي وحقيقي للوحدة ويطرحها ك “أساس” لمشروعه فعليه ان يكون في مقدمة الأحزاب العربية في طرح هذا المشروع، الذي هو امر مفيد للعرب…كل العرب، وهو الحلم لنا كلنا.
نريد ان نقرأ المشروع القومي العربي في العراق الجريح حزب البعث نموذجا من خلال عين إسلامية حركية؟ على مستوى الفكرة وأيضا التنظيم وكذلك المشروع؟ و خاصة ان هناك تغييرات تجرى على الساحة العربية و الدولية حيث هناك انتقال امبراطوري للسيطرة و التحكم من واقع قطبي واحد الى واقع متعدد الأقطاب و هو ما سيترتب عليه انشاء مواقع جديدة للسيطرة و التحكم و النفوذ ما بين الامبراطوريات الصينية و الروسية والأمريكية , و نحن في عالمنا العربي الفاقدين للمشروع و للاستقلال الحقيقي و القرار النابع من مصالحنا , نريد ان نقول ان ساحتنا العربية المفرغة من المشروع العربي الجامع التوحيدي ستكون ضمن إعادة التقطيع و التوصيل و إيصال أجزاء جغرافية مع أخرى و إعادة انشاء دول جديدة و سلطات مستحدثة حسب ترتيبات أي اتفاق صيني روسي امريكي قادم , فلا احد يعرف ماذا سينتظرنا في المستقبل؟ و خاصة ان ترتيبات ما بعد اتفاق سايس بيكو و تفاهمات ما بعد الحرب العالمية الثانية في واقعنا العربي اما فشلت او في طريقها للانهيار وناهيك عن فقدان حتى القدرة صناعة دولة قطرية حقيقية وهو المستوى الأدنى من طموح أي نخبة عربية مسئولة تعيش الهم المعرفي و الحركي في إعادة النهضة العربية و الحالة الحضارية الى مناطقنا مع تحقيق الاستقلال الحقيقي عن نفوذ الأجانب الغرباء عنا و هم الطفيليات المجرمة الذين استعبدوا مناطقنا وشعوبنا و سرقوا ثرواتنا و اسهموا في مشاريع التدمير الشاملة للأنسان و الأرض العربية و هم من حشروا انوفهم في كل واقعنا العربي من خلال الاستشراق الثقافي او من خلال إعادة تقسيم مناطقنا العربية حسب مصالحهم , ان هؤلاء الغرباء الأجانب الذين استعبدونا و سرقونا اضافوا للمأساة العربية الشاملة مأسي أخرى و مشاكل اكبر و عقدوا امورنا و هم لا يهمهم شيء الا ان يسرقونا و ينهبونا و هم عنصريين ويكرهوننا , و علينا ان ننظر الى تصريح تشرتشل رئيس وزراء بريطانيا عندما يقول عن العرب انهم “همجيون” , او عندما تصرح حكومة الإمبراطورية البريطانية الاستعبادية “في بيان رسمي” انه يجب عليهم ان لا يسمحوا ل “الجمهورية العربية المتحدة” ان تستفيد من ثرواتها الوطنية !؟ اذن هم حرامية و سراق و لا يخجلون ان يقولوا و يصرحوا بذلك و لكن العرب لا يقرأون تاريخهم و لا يريدون الخروج من حالة الاستحمار الذاتي التي خلقها الاستعباد البريطاني و الفرنسي و لاحقا الاستعباد الأمريكي , ناهيك عن مشاكلنا الذاتية من اختلاف مجتمعي و التدمير المنهجي المتواصل التي قامت به الدولة العثمانية ضدنا ك “عرب على مدى” اربع قرون من الزمان , حيث عزلونا عن كل العالم و لم يكونوا يريدون الا استخراج الحالة الضريبية المالية من شعبنا العربي في كل مكان , فتراكمت مشاكلنا و ابعادنا الحضاري عن الإنتاج المعرفي و الحركة التطبيقية في النمو و الازدهار , فلقد اغلقوا علينا كل منافذ الحياة و تركونا لقمة سائغة للأجانب الغرباء لكي يستعبدوننا.
وغير هذا الواقع الدولي الانتقالي هناك على المستوى القطري المحلى لواقع المنطقة العراقية يبرز بكل وضوح أيضا الفشل المتواصل لشلة الجواسيس و المجرمين القتلة و سياسيي الصدفة و الحثالة البشرية الخيانية الذين جائوا مع الاحتلال الأمريكي و هؤلاء الاوباش ومن هم معروفين إعلاميا اغلبهم اصبح في طريقه للموت و لكن عند اسيادهم الامريكان و الأوربيين هم كأشخاص ليسوا مهمين , فهم قد خدموا الأجانب و صنعوا طبقة وسيطة لنقل أموال العراق المسروقة للخارج و اصبح هناك طبقة بشرية شريرة شيطانية لها علاقاتها و مصالحها و منافعها من النظام الغرائبي العجائبي الذي اسسه الاحتلال الأمريكي و روج له الصهاينة وهذا ما يهم الحلف الطاغوتي الربوي العالمي .
طبعا هذه الطبقة الشيطانية السرطانية و النظام الغرائبي العجائبي الذي أقامه الامريكان بتخطيط صهيوني ضمن دستور الاحتلال , استفادت منه “الحالة القومية الإيرانية” و الذي دخلت داخل الموقع العراقي من خلال مليشيات مسلحة مرتبطة مع الجمهورية الإسلامية المقامة على ارض ايران و التي انحرفت ثقافيا و حركيا عن خط الامام الخميني رحمه الله و اخذت تستخدم الحالة الطائفية ك “رافعة” لصناعة نفوذ قومي إيراني” في موقع فشل الدولة العراقي و هذه المسائل و الأمور ذكرتها في اكثر من موقع اعلامي و خبري و إعادة التذكير بها مطلوبة لتثبيتها تاريخيا و أيضا لصناعة ساحة مسرح منها ننطلق لنشرح ما نريد بالنسبة للمشروع القومي العربي داخل العراق و بالتحديد حزب البعث العربي الاشتراكي ك “تنظيم” و ك “ثقافة قومية حركية”.
ان تتم قراءة إسلامية لمشروع قومي عربي من خلال انسان يؤمن بأن الإسلام الحركي يمثل قاعدة للحياة و التغيير و أيضا كمنطلق لصناعة الحضارة و خلق الابداع الفردي , ان هكذا قراءة لها أسبابها و أيضا منطلقاتها و منها ان القومية العربية تمثل خصوصية نعيشها كلنا وهي جزء من ديننا الإسلامي و هي تمثل “قومية الدين الإسلامي” اذا صح التعبير حيث ان اللغة العربية كرافعة لغوية تحمل فائض معرفي متراكم على مدى العصور و الازمان المتعاقبة و أيضا هناك واقع نعيشه على مستوى الكرة الأرضية حيث صراعات الدول الحديثة و الامبراطوريات كلها صراعات قومية ضمن رافعات دينية او ليبرالية او ماركسية…الخ , فنحن نريد ان نتحرك في واقعنا العربي بعيدا عن الترف الفكري الذي ينتج الكلمات بدون ان يكون لها علاقة مع الحياة.
فالقومية حقيقة في حياتنا وأيضا الوحدة العربية أحد اهم الحلول لمشكل التخلف والابتعاد عن صناعة الحضارة وانتاج التنمية الحقيقية.
نحن عرب نعيش على ارض عربية ورسولنا الاكرم محمد بن عبد الله عربي القومية وهذه خصوصيتنا وجزء من هويتنا والتنكر لها ومحاولة نسيانها امر غريب الاطوار، كمن ينسى اسمه فيصبح ب “لا” هوية و”لا” عنوان ؟! ناهيك على ان الدوائر المرتبطة مع الحلف الطاغوتي الربوي العالمي توجه كل الأطراف المرتبطة بها في عالمنا العربي في منع أي ذكر او ترويج او إطلاق اسم العرب او الوحدة او الامة العربية والوطن العربي اوالشعب العربي في المواقع الإعلامية والثقافية مع ان الحلف الطاغوتي الربوي العالمي في مراكز تفكيره التأمري علينا والدراسات المنشورة علينا والتي يستخدمها ضدنا ينظر الينا ك “عرب” وفقط، ولكنه يريد منا ان ننظر الى بعضنا البعض ونشاهد انفسنا ك مصريين وجزائريين وموريتانيين وكويتيين وعمانيين…الخ، ويرفض كلمة العروبة والقومية العربية والوحدة , لكي لا يعود المارد و ينطلق من جديد ويعيش الاستقلال بعيدا عن عبودية الأجنبي.
ان يعيش الانسان خصوصيته وان يتحرك ضمن واقعه الخاص فهذه ليست عنصرية او شي خاطئ بل هو من العمل الصحيح وما هو طبيعي وخاصة ان القومية العربية ك “خصوصية” ليست قومية عنصر دموي وراثي بل هي قومية “لغة”، فالعربي هو من تكلم العربية وعاش على ارض عربية، وهذا الجزء الثقافي المعرفي تتوحد فيه القومية مع الإسلام ك دين شمولي.
نحن نريد ان ننطلق مع تجديد الطرح الفكري العربي ليشمل ثنائية يكون فيها الإسلام يتحرك جنبا الى جنب مع الخصوصية العربية التي نعيشها نحن العرب , لكي تكون ثقافتنا منطبقة مع الواقع تحكى موسيقى الروح التي يعيشها العرب على هذه الأرض فمن لا يتوحد مع القومية العربية يتوحد مع الإسلام والعكس صحيح و من هو كردي او امازيغي فأما هو مسلم او يتحدث اللغة العربية اذن هو كردي القومية و امازيغي القومية و أيضا في نفس الوقت هو عربي , فالقومية العربية لا تلغى خصوصيتهم الكردية او الامازيغية ولا تناقضها و كذلك الامر مع المسيحيين العرب الذين حسموا المسألة مبكرا حيث انهم عرب و أيضا أصحاب ثقافة إسلامية و هذا الكلام تحرك فيه مفكرين القومية العربية الأوائل كأمثال قسطنطين رزيق و غيره , و هذا واقع اخر نعيشه في مناطقنا العربية المختلفة فما يجمع كل هذه التنوعات المذهبية و الدينية على المنطقة العربية الا انهم عرب فالمسلمين بكل تقسيماتهم و المسيحين بكل طوائفهم ما يجمعهم ك “مشترك ” انهم “عرب”.
ان فرض خصوصية على أخرى ومحاولة الالغاء هي ما تصنع المشكل والمشاكل والتناقض كما حصل عندما تم بث الفكر العنصري الطوراني التركي في واقع الدولة العثمانية فتحركت المذابح ضد العرب والأرمن والبلغار والاشوريين …الخ من دون سبب الا الكراهية العنصرية الشريرة، فتدمرت الدولة العثمانية الى اثنان وعشرين دولة، بعد ان خلقت المأساة في واقعنا.
اذن المطلوب “انتاج ثنائية قومية عربية إسلامية” تصنع لنا الشخصية والمنهج والطريق الثقافي المعرفي الإيماني للإعادة صناعة واقع حضاري جديد في منطقتنا العربية.
هذه مقدمة لقراءة اسلامية في المشروع القومي العربي حزب البعث نموذجا فمنذ تدمير الدولة العراقية بكل موروثها ومؤسساتها وأنظمتها وارشيفها وجيشها يعيش العراق المأساة المتواصلة والمشكل المستمر المتراكم، وهذه الدولة التي تم تدميرها أمريكيا وصهيونيا ليست “دولة صدام حسين”!؟ الذي سيطر عليها في فترة زمنية معينة بل هذه الدولة أساسا موجودة متأسسة منذ العشرينيات من القرن الماضي، والغزو الأمريكي للعراق جاء لأسقاط دولة ومجتمع وهذا ما نجح فيه، واساسا رسميا جاء الغزو الأمريكي تحت حجة أسلحة الدمار الشامل وهي حجة باطلة كما اثبت التاريخ وكما يعرف الجميع وكما اعترف بذلك من استخدم هذه الحجة.
ان التنظيم الحزبي الذي أعاد صياغته صدام حسين بعد مذبحة قاعة الخلد والذي قتل فيها رفاقه البعثيين من اجل تثبيت وجوده الشخصي في موقع السلطة ومن ثم تحول حزب البعث الى شبكة حزبية تنظيمية تخدم المشروع الذاتي لصدام حسين وعبادة شخصيته.
لقد تناسل العدد من الأعضاء التابعين لهذا التنظيم ليصل الى يوم الاحتلال الى أربعة ملايين عضو مسجل رسميا، كلهم هربوا ولم يقاوموا المحتل حتى ب “عطسة” بعد ان كانوا كالوحوش المفترسة ضد أبناء وطنهم من تعذيب واغتصاب وكل ما لا يخطر على بال بشر من أساليب شريرة من صناعة العذاب والتعذيب والقتل، ولكنهم امام الأجنبي الغازي كلهم هربوا مع رئيسهم صدام حسين والذي استسلم للغزاة الامريكان في النهاية وأصبح العراق فاقد للاستقلال وبدون سيادة.
هذا التنظيم فقد ملايينه الأربعة من منتسبينه والذين تحول جزء منهم الى أحزاب شلة الجواسيس وسياسيي الصدفة والحرامية الذين جائوا مع الاحتلال الأمريكي ومنهم من استمر في مسائل التعذيب والقتل والاجرام مع تلك الأحزاب والتنظيمات او مع التنظيم الوظيفي المسمى داعش وغيره.
اصبح لهذا “التنظيم” لاحقا أسباب لبقائه مرتبطة مع مصالح هذا الطرف العربي الخارجي او مع ذلك الطرف الكردي حيث استقرت القيادة القطرية للتنظيم في مدينة أربيل الى وفاة عزة إبراهيم الدوري الذي استلم التنظيم بعد وفاة صدام حسين , و لاحقا تم تعيين او انتخاب شخص اخر تحت اسم حركي “أبو جعفر” تم التعرف عليه هذه الأيام بعد اعلان وفاته واسمه “صبار المشهداني” و لا اعرف خلفيات الرجل و اذا كان صاحب قناعة قومية عربية حقيقية او هو من المجانين و المضطربين عقليا الذين لا يزالون يعيشون خرابيط “قادسية صدام” و “يوم الزحف العظيم” و “كم انت رائع سيدي ؟!”.
هل هذا التنظيم بمن تبقى منه يريد العودة الى الخط القومي العربي الحقيقي وإعادة ربط نفسه وذاته مع الجناح الاخر من حزب البعث العربي الاشتراكي الموجود في سوريا؟ هل هناك من عندهم إيمائيات فكرية ثقافية قومية “حقيقية” ويريدون التخلص من كل هذا التاريخ الاجرامي والقتل والسحل والتعذيب والخراب الذي قام هذا التنظيم، هل هناك من يريد الحركة والكلام بعيدا عما تم فرضه عليهم في الماضي؟ هل هناك من كانوا صامتون وساكتون لأنهم لم يكونوا يستطيعون الكلام؟ وليسوا في مواقع القرار والسيطرة الحزبية المتقدمة، وبعد عزة الدوري أصبحوا في خلاص؟ وتقدموا لمواقع حزبية اقوى وأفضل؟
ما نعرفه انه “أجزاء” و “كتل” من هذه التنظيم غير جاهزة للوحدة مع الجناح السوري او أي طرف اخر قومي او حتى وطني و”لا” يريدون الدخول في أي جبهة وطنية لأنهم مستفيدين ماليا من “طرف عربي” يريد استخدامهم كورقة طائفية ضمن الانطباع الخاطئ المروج أمريكيا وصهيونيا ان حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق يمثل حالة مذهبية مرتبطة في مناطق تكريت والموصل …. الخ.
بما يخص الجناح السوري لحزب البعث العربي الاشتراكي قيادة قطر العراق المعارض للطاغية صدام حسين والمختلف في رؤيته للواقع العراقي والعربي عن التنظيم الاخر، وخاصة في موضوع الغزو الصدامي لدول الكويت وأيضا معارضته قيام الحرب العراقية الإيرانية واعتبارها حرب عبثية لا معني لها وكذلك عاش هذا التنظيم الموقف الوطني السليم والصحيح والذي اثبتت صحته الأيام عندما عارض الاحتلال الأمريكي للعراق مع احتفاظهم بموقفهم المعارض لحكم صدام حسين.
هذا التنظيم البعثي السوري يعيش الرغبة في الوحدة والاتحاد وحسب المصادر انه جرت لقاءات عديدة بخصوص مسألة “وحدة” جناحين تنظيم حزب البعث العربي الاشتراكي “اليساري واليميني”، ولكن هناك كلام عن عدم جدية هذه المحاولات؟ وأيضا لا زالت هناك “عقلية التذويب” فكل طرف يريد ان يذيب الطرف الاخر في داخله، وأيضا كل طرف يريد ان يصبح هو القائد؟ وأيضا هناك مسألة المصالح والبعد الزمني تمنع الوحدة الحزبية حيث أصبح هناك ابتعاد تنظيمي بين الدولتين وهناك نظرة مختلفة للأمور وواقعا أصبحوا حزبين منفصلين وكذلك حزب البعث السوري هو تنظيم مرتبط مع النظام الحاكم هناك وفي العراق التنظيم البعثي كان يحكم وهو الان في موقع مختلف.
على كل حال هناك من يتصور ان تلاقي وعودة حزب البعث العربي الاشتراكي واحد متوحد في تياريه اليميني واليساري امر ايجابي وهي تسميات جائت لكي يتميز جناح عن اخر ولتثبيت مواقف كل جناح على المستوي الوطني والقومي على مدى المراحل الزمنية التي مرت فكل منها اتخذ مواقف سياسية وقرارات اختلفت عن الاخر وكان من الواجب ان يتميز كل منها عن الاخر، ولكن مع هذه المرحلة الزمني الحساسة أصبح من اللازم تجاوز كل هذا التاريخ وإعادة التوحيد.
ف “نظريا” “لا” يوجد” تيار يسار ويمين” في حزب البعث وهو مصطلح تم استخدامه بعد الانشقاق وفي “فكر” حزب البعث لا يوجد شي اسمه يسار ويمين.
لذلك هناك من يقول: ان التوحيد الحزبي اصبح اكثر قابلية للتحقيق من خلال وفاة عزة الدوري و ارسال رسائل إيجابية من عناصر قيادية مؤدلجة مؤمنة ثقافيا داخل التنظيم العراقي لم تكن تستطيع الكلام و الحركة في حرية , و أيضا هناك من طرح مسألة تنظيم اجتماعات تنسيقية لصناعة الوحدة التنظيمية الحزبية في شكل محترف لمنع الفشل , و هناك من يستذكر ويتذكر حالة الوحدة العراقية السورية التي تأمر ضدها “صدام حسين” و اسقطها لكي يخدم مشروعه الشخصي الذاتي المصلحي الاناني للوصول لوقع الحكم و السلطة , حيث اتفق البعثيون آنذاك على كل الأمور و كل التفاصيل و أصبحت الوحدة العراقية السورية قاب قوسين او ادني للتحقق على كل المستويات الإدارية و التنظيمية و العسكرية و الامنية و الحزبية ,والتي لولا ان قتلها صدام حسين وتأمره ضدها لكانت خريطة الوطن العربي في أيامنا هذه مختلفة و واقعنا في مكان اخر.
في هذه المسألة نريد ان نقول: ان مشكلة “حزب البعث اساسها في المنطقة العراقية والمنطقة السورية والجهود في هكذا مسارات تنسيقية تنظيمية وحدوية علينا ان نذكر انها لا زالت ضعيفة ومجالات الاختلاف موجودة منذ العام 1963وهناك بحار من دماء الاعدامات المتبادلة وحروب عبثية من تحت الطاولة امنيا واستخباراتيا وكذلك تفجيرات وقتل، ونهج تأمري.
من جهة أخرى هناك تصور وانطباع ان حزب البعث العربي السوري جاهز لهكذا تنسيق والانطلاق في الوحدة التنظيمية الحزبية من طرفهم ولكن المشكلة ان الطرف الاخر الى الان هو ضمن “كتل” و “أجزاء” غير جاهزة للوحدة رغم وجود عناصر قيادية تريد تلك الوحدة والاتحاد، وهذه المسألة بمجملها تطيل مأساة العراق أكثر وأكثر وخاصة ان “لا” مشروع بديل موجود تستطيع الحالة الانقلابية الثورية الموجودة في الواقع العراقي الشبابي الثائر ان يتبنوه ك “رافعة معرفية” للتغيير.
هناك من يقول: ان المطلوب في الفترة الحالية ان يتجهون لبعضهم من خلال القواسم المشتركة الموجودة بعيدا عن جدليات التاريخ ما قبل ستين سنة والتي انتهت احداثها وماتت شخوصها وأيضا مواضيعها أصبحت بلا فائدة ولا معنى ولا قيمة الا للتوثيق الأكاديمي الجامعي المتخصص.
وهناك من يذكر: ان هذه الوحدة بين الجناحين مطلوبة لكي يخوضوا معا معركة الحاضر وكي يرسمون ملامح مستقبل الامة العربية مما سيساهم في خلق مناخ إيجابي لحركة نهضوية للمشروع الانقلابي العربي في السياسة والاقتصاد والاجتماع، وكذلك إنعاش الوضع الفلسطيني من حالة موت القضية المركزية مما سيساعد على امدادها بدماء الحياة في شرايينها ودعمها.
اذن المطلوب البحث عن العوامل الايجابية المشتركة لهذا الامر والاقتراحات تتحرك في التالي: ان هكذا توحيد حزبي عليه ان ينطلق من خلال “دولة عربية” راعية له، وليس فقط من خلال نقاشات وحوارات داخلية من عناصر التنظيم الحزبي البعثي بجناحيه، وهذه الدولة يجب عليها ان تكون جادة في هذا الامر وأيضا ان تكون من المتأصلين فكريا وثقافيا للعب هكذا دور وأيضا تعتبرها جزء من مشروعها ك “دولة”.
أتصور في هذه المسألة: ان الجمهورية العربية السورية هي المرشح الأنسب لكي تلعب هكذا دور، فهي البلد القاعدة الأساس للفكر القومي العربي وهي من امتد تأثيرها الثقافي حتى على الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والذي تبنى وتأثر في شعارات ومنطلقات حزب البعث وأهدافه وشعاراته ومن خلالها أكمل ما هو ناقص ومفقود عند مشروعه التغييري وهو منذ استلامه السلطة لم يتحدث بأي شي عروبي لمدة سنتين نتيجة لظروف مصر الداخلية الى حدوث انفتاح و نقاش مع السوريين حيث أستعمل هذه الشعارات البعثية لأول مرة منذ استلامه السلطة والذي هو نقاش موقعه في مكان اخر.
ان المطلوب “دولة” حاضنة مقبولة تجمع الجناحين واعتقد ان الدولة السورية انسب مرشح لهذا الامر ولكن ظروف الجمهورية العربية السورية صعبة جدا مع صراعها الطويل والمتشابك قتاليا مع حلف الناتو والصهاينة والدول الوظيفية التابعة لهم نفس الاتراك ناهيك عن البريطانيين والفرنسيين والالمان والصهاينة والذين يحتلون جغرافيا مواقع مهمة من أراضي الجمهورية العربية السورية ولديهم تواجد عسكري و استخباراتي وأمنى يتحرك على الأرض وأيضا وجود احتلال امريكي مباشر في مواقع الثروة السورية الزراعية والمائية والنفطية والتي يسرفها الامريكان وتوابعهم من أعضاء حلف الناتو. اذن سوريا تعيش حرب عالمية على ارضها ولا زالت دائرة مع كل تفاصيلها وتشعباتها وتعقيداتها وتداخل الدول فيها.
فهل الدولة السورية لديها “الترف” و”الفخفخة” و” راحة البال” للانطلاق في هكذا مشروع توحيدي؟ الاجابة لا اعرف، ولكن علينا ان نقول: ان ما هو إيجابي هو منطلقات فكرية جديدة يتم تداولها داخل سوريا لها علاقة في صراع الأقطاب والانتقال لعالم متعدد الاقطاب وكذلك هناك اطروحات في أكثر من موقع عن مسائل بناء الشخصية العربية الإسلامية والتصدي المعرفي الخطابي لموجات برمجة اللوطية ونشر الشذوذ ومقاومته ومنع ضرب المواقع الدينية الرسمية من الحلف الطاغوتي الربوي العالمي.
اذن هناك داخل سوريا من يتبنى خطاب ثقافي معرفي جديد في ظل أوضاع حربية قتالية مستمرة وأوضاع امنية استخباراتية ساخنة وتأمر متواصل ومشاكل داخلية شديدة وموجات تجويع السوريين.
هل ستكون تلك الاطروحات ضمن إعادة تجديد خطاب حزب البعث السوري ومنها ستأتي مسألة التوحيد التنظيمي لجناحين الحزب؟ بعيدا عن مشاكل تاريخية أصبح عمرها أكثر من نصف قرن وتحولت الى أمور يمكن نقاشها على المستوي الأكاديمي البحثي المتخصص بعيدا عن المواقع الحركية المتصلة في الحاضر الحالي؟
وخاصة ان ادخال هكذا مستوي فكري ثقافي حركي متقدم الى المنظومة الحزبية الثقافية لحزب البعث العربي الاشتراكي ضمن نقاشات مؤتمرات قومية و لجان داخلية امر مهم لأعادة التجديد و الحيوية للفكر القومي العربي و كذلك احد مواقع صناعة حالة ثقافية تنتج حالة نخبوية مؤمنة تصنع حركة تطبيقية على ارض الواقع على المستويات الإدارية و الاقتصادية و الاجتماعية بما يمثل أشياء ملموسة يحسها الناس , و منها بناء نموذج قاعدة للوحدة العربية , الذي هو قدرنا كلنا و الذي يجب علينا الحركة اليه ضمن نظريات علمية تنفيذية للوحدة و ليس ضمن كتابات صحافية تبشيرية و خطابات اثارة عاطفية اثبت الواقع انها فشلت في صناعة الوحدة العربية و هذا ما حدث مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر و هو موقع عربي قومي اخر و نقاش مختلف.
هناك من يقول: انه اذا تم ضمان الدولة الراعية فمنها يتم تشكيل لجنة تحضيرية بواسطة الطرفين ضمن عدة لقاءات تنتهي في مؤتمر قومي جامع لكل الأطراف و تنبثق منه قيادة موحدة و برنامج وطني و قومي موضوعي حقيقي واقعي يتجاوز ما انتهت صلاحيته من أفكار قديمة لا قيمة لها في هذه الدورة الزمانية العربية فما كان نافعا من أفكار قبل نصف قرن ليس بالضرورة ان يكون يتحرك في خط التطبيق الواقعي في هذه المرحلة و يمكن كذلك خلال اللقاء المشترك في اللجان الداخلية الحزبية طرح كل المشاكل المتبادلة بعيدا عن تجريح أي طرف للأخر و اجترار خلافات تاريخية انتهت كما ذكرنا سابقا.
هذه كانت قراءة إسلامية في المشروع القومي العربي حزب البعث نموذجا وان كنت من الذين يعيشون القناعة ان دور الأحزاب انتهى في واقعنا العربي وهذا ما شرحته في كتبي المنشورة ولكن هي كانت محاولة لدراسة وقراءة مشروع قومي من زاوية إسلامية إذا صح التعبير ضمن الحالة العلمية الحيادية وأيضا لأن للأحزاب “وجود” فالتعامل معها على انها “مختفية” فهو من الطوباوية او الخيال لأن لها واقع ملموس وأعضاء وتنظيم وان كنا لا نؤمن بأن لها دور حالي !؟ ولكن الحيادية العلمية في دراستها وتحليلها هي امر مختلف عن قناعة من يكتب، ان الأحزاب العربية انتهى مفعولها او ان تأثيرها قد ضعف الى درجة كبيرة، فأصبحت اغلب هذه الأحزاب “رمزية” و “بسيطة” ومن هنا انا ادعوا هذه الأحزاب إذا ارادت ان تسجل موقف للتاريخ ان تتبنى مشروع الوحدة العربية وفتح باب الحوار والنقاش حول هذا الموضوع الأهم والأسبق من أي شيء اخر.
استشاري باطنية وغدد صماء وسكري
كاتب كويتي في الشئون العربية والإسلامية