23 ديسمبر، 2024 3:11 م

قراءة أولية فيما يدور في اليمن السعيد

قراءة أولية فيما يدور في اليمن السعيد

فيما يبدو أنها القشة التي ستقصم ظهر المملكة العربية السعودية، ونقصد بها تدخلها السافر في الشؤون الداخلية لجارتها الجنوبية اليمن، إعتمادا على الوضع الدولي المأزوم، والذي ينبئ هو الأخر بكثير من التغيرات في المواقف الدولية والإقليمية، فإننا نسجل هنا بعض الملاحظات على تحركات كثيرة حدثت على الساحة الإقليمية والدولية.
أولى هذه التحركات تمثلت بالقمة العربية التي إنعقدت في شرم الشيخ، والتي جاءت مصاحبة للعدوان السعودي على اليمن، والذي لم تأت نتائجه كما توقعت الملكة، خاصة وأنها رمت بكامل ثقلها في هذه الحرب، وحتى تشكيل القوة العربية التي طالبت بها، تحتاج الى زمن ليس بالقصير لترى النور، وهو شيء ليس في صالح المملكة العجوز.
الموقف العراقي من الأزمة اليمنية، مع هدوءه كان قويا، ذلك لأنه إعتمد الدبلوماسية العاقلة في إيصال الصوت اليمني من الأزمة، ذلك لأنه سياسية أكثر منها عسكرية، ومن ثم فإن تجييش هذه الأعداد الكبيرة من القوات والطائرات والسفن الحربية، لن يجر معه سوى الويلات لشعوب المنطقة، التي هي أصلا حبلى بكثير من المشاكل والحروب.
الموقف العربي يكاد يضع قدما مع المملكة، وأخرى ضدها؛ خاصة ما يتعلق بموقف مصر الرسمي، إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار المساعدات التي قدمتها دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تكاد تصل مع الإستثمارات الخليجية الى 120مليار دولار، وهو ما يمكن أن يؤدي الى نهوض الإقتصاد المصري المترنح من جديد، لكن هذا لا يمنع وجود ضغوط في الشارع المصري لا ترغب بدخول هذه الحرب، لأنها سبق وأن غاصت في المستنقع اليمني أيام الرئيس عبد الناصر.
الموقف الإيراني يكاد لا يختلف في هذه الأزمة عن الموقف في سوريا والعراق، ذلك لأن الجمهورية الإسلامية ترى بأنها ملزمة بالدفاع عن مصالحها في المنطقة، بالإضافة الى شعورها بأنها مستهدفة من خلال محاولة السيطرة على مضيق باب المندب، السبب في ذلك معروف للقاصي والداني، وهو وقوف الجمهورية الإسلامية كند قوي في مفاوضاتها مع مجموعة ال5+1 حول ملفها النووي؛ الذي لم تتنازل عنه قيد أنملة، لمعرفتها بصحة توجهاتها والتي منها تصحيح التوازن في المعركة مع إسرائيل.
الموقف التركي يبقى تابعا لموقف قطر، بالرغم من كون الأخيرة أصغر حجما، لكن هكذا مواقف لا تقاس بحجم الدولة، بل بما تدفعه من أموال لتنشيط الإقتصاد التركي، الذي يبدو عليه أنه على شفا الإنهيار، خاصة بعد أحداث تقسيم التي كشفت ضعف الإقتصاد التركي وإعتماده الكبير على أموال المستثمرين والديون المترتبة على تركيا، والتي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.
الموقف الأمريكي وهو موقف مائع، يتشكل وفقا لمصالح عليا لهذا البلد، وهو أيضا مع وضد، مع تقليم أظافر الحوثيين ومن وراءهم الجمهورية الإسلامية، بحيث تقوم دوائره الإستخبارية بتمرير المعلومات عن حشود وتحركات الحوثيين لغرفة العمليات السعودية المشكلة ضد الحوثيين، وضد أن تنتصر المملكة في هذه الحرب، وتنادياولة الم بالعودة الى طاولة المفاوضات بين الفصائل المتحاربة في اليمن، مع عدم تناسي موقف اللوبي الصهيوني فيها، والذي يدفع بإتجاه التصعيد.
الموقف الروسي دائما يتبع مصالحه العليا، والمتمثلة بالمحافظ على طرق وصول النفط الروسي الى البحر المتوسط وكذلك الغاز، بالإضافة الى ضمان وجود موطئ قدم للدب الروسي في منطقة الصراع الدائر في الشرق الأوسط، وتسويق سلاح الذي تنتجه المصانع الروسية، وهذا الأمر لاحظناه في الأزمة السورية، وكيف وقفت روسيا الى جانب نظام بشار الأسد وأمدته بأنواع متطورة من السلاح لمقاتلة جبهة النصرة والقاعدة، وإستخدامها لحق النقض الفيتو عدة مرات ضد قرارات كادت تؤدي الى نهاية نظام الأسد في سورية من سنين.