23 ديسمبر، 2024 2:36 م

قراءة أخرى لنصوص من القرآن 1/4

قراءة أخرى لنصوص من القرآن 1/4

نشرت باسمي المستعار (تنزيه العقيلي).

إنها قراءة محاكمة القرآن بالقرآن، هي قراءة من جهة خارِجْقرآنية، ومن جهة أخرى داخِلْقرآنية؛ خارجقرآنية بحكم أننا ننطلق في هذه القراءة من الإيمان بحقيقة بشرية القرآن [أو لا أقل نقرأه قراءة متجردة، أي من غير حكم مسبق بإلهية أو بشرية القرآن]، وبالتالي نسبية الحقيقة فيه، وداخلقرآنية، بحكم أننا حتى مع نفي إلهية مصدر القرآن، لا نبتعد عن استخدام نفس آليات التفسير للقرآن، فيما يفسره المفسرون من الداخل، أو لا أقل نفس الآليات المستخدمة من بعض مدارس ومناهج التفسير القرآنية [تفسير القرآن بالقرآن، أو التفسير الموضوعي].

سنعرض لقراءة أخرى، أي فهم آخر لـ«لا إِكراهَ فِي الدّين»، ولـ«مَن يَّكفُر بِالطّاغوت»، ولـ«يَسأَلونَكَ عَنِ الخمرِ وَالمَيسِر»، ولـ«فيهِما إِثمٌ كبير»، ولـ«قُل يا أَيُّهَا الكافِرون»، ولـ«لا تَغلوا في دينِكُم غَيرَ الحقّ»، ولـ«قالَتِ اليَهودُ لَيسَتِ النَّصارى على شَيء». وهذه القراءات المغايرة، يمكن أن تعتبر نموذجا يعمم على الكثير من نصوص كتاب القرآن.

البقرة 219:

«يَسأَلونَكَ عَنِ الخمرِ وَالمَيسِرِ، قُل فيهِما إِثمٌ كَبيرٌ وَّمَنافِعُ لِلنّاسِ، وَإِثمُهُما أَكبَرُ مِن نَّفعِهِما، وَيَسأَلونَكَ ماذا يُنفِقونَ قُلِ العَفوَ كذالِكَ يُبيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُم تَتَفَكَّرونَ.»

وعلى نفس النحو نستطيع قراءة النص أعلاه على النحو الآتي:

«يَسأَلونَكَ عَنِ [الدّينِ]، قُل فيهِ إِثمٌ كَبيرٌ وَمَنافِعُ لِلنّاسِ، وَإِثمُهُ أَكبَرُ مِن نَفعِهِ».

وحتى لو أردنا تقديم النفع على الضرر (الإثم) [لنكون إيجابيين مع ما ننقده، فنقدم نفعه على ضرره]، وقرأنا النص بهذا الترتيب:

«يَسأَلونَكَ عَنِ [الدّينِ]، قُل فيهِ مَنافِعُ لِلنّاسِ وَإِثمٌ كَبيرٌ، وَّإِثمُهُ أَكبَرُ مِن نَفعِهِ».

فلن يغير ذلك من الحقيقة التي ذُيِّل بها النص، ألا هي: «وَإِثمُهُ أَكبَرُ مِن نَفعِهِ». بمعنى أن ضرره أكثر من فائدته. [وكلامي عن الدين، فيما هو وآثاره في الواقع، حتى مع فرض إلهية مصدره.]

المائدة 90-92:

«يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِنَّمَا الخمرُ وَالمَيسِرُ وَالأَنصابُ وَالأَزلاَمُ رِجسٌ مِّن عَمَلِ الشَّيطانِ، فَاجتَنِبوهُ لَعَلَّكُم تُفلحونَ. إِنَّما يُريدُ الشَّيطانُ أَن يّوقِعَ بَينَكُمُ العَداوَةَ وَالبَغضاءَ فِي الخمرِ وَالمَيسِرِ، وَيَصُدَّكُم عَن ذِكرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ، فَهَل أَنتُم مُّنتَهونَ. وَأَطيعُوا اللهَ وَأَطيعُوا الرَّسولَ، وَاحذَروا، فَإِن تَوَلَّيتُم فَاعلَموا أَنَّما على رَسولِنا البَلاَغُ المُبينُ».

وقراءتها الأخرى:

«يا أيُّهَا الَّذينَ آمَنوا [بِأَيِّ دينٍ أَو مَذهَبٍ كانَ] إنَّما [تَزَمُّتُكُم في دينِكُم أَو مَذهَبِكُم وتَسييسُكم لَهُما] رِجسٌ مِّن عَمَلِ الشَّيطانِ [الشيطان بمدلوله الرمزي أو وجوده الافتراضي]، فَاجتَنِبوهُ لَعَلَّكُم تُفلحونَ. إِنَّما يُريدُ الشَّيطانُ أَن يّوقِعَ بَينَكُمُ العَداوَةَ وَالبَغضاءَ في [الدّينِ أَو المَذهَبِ] وَيَصُدَّكُم عَن ذِكرِ الله وَعَنِ [جَوهَرِ] الصَّلاَةِ، فَهَل أَنتُم مُّنتَهونَ، وَأَطيعُوا اللهَ وَأَطيعُوا [العَقلَ وَالضَّميرَ] وَاحذَروا، فَإِن تَوَلَّيتُم فَاعلَموا أَنَّما [عَلَى النّاصِحِ] البَلاَغُ المُبينُ».