ثانياً : قصيدة : غرق طاولة – للشاعر: عدنان الريكاني – العراق.
قصيدة “غرق طاولة” للشاعر عدنان الريكاني تعبر عن مشاعر عميقة من الحزن والانتظار والتشاؤم. الشاعر يستخدم الصور البلاغية والأسلوب الرمزي للتعبير عن حالة من الإحباط والقلق. دعونا نتناول بعض جوانب القصيدة:
الطاولة الفاقدة للإحساس: الطاولة هنا ربما ترمز إلى شيء جامد وغير حي، وهو تعبير عن حالة من الفتور أو الجمود في الحياة أو في مشاعر الشاعر.
قرّع حوافر الوجع: هذه الصورة تعبر عن الألم العميق والمستمر، كأن الوجع يعبر عن نفسه بصوت مزعج ومؤلم.
خمر قلق الانتظار: يشير إلى أن الانتظار الذي يشعر به الشاعر هو حالة قلق وتوتر، حتى يصل إلى حد التسمم أو التشبع من هذا الانتظار.
زفرات غطتها طحالب الركود: الزفرات هنا تعبر عن التنفس المتقطع والمكتوم بسبب الركود والجمود، وكأن هذه الزفرات قد غطتها طحالب الزمن الراكدة.
أزقة مستحيلة وصحف يومية: يشير إلى الحياة التي تتعقد وتتجمد في أزقة ضيقة، وكأن الأخبار اليومية التي تتداول هي تعبير عن هذه الحالة الراكدة.
التجاعيد وجذع السماوات: التجاعيد تعبر عن الزمن والتجارب التي تترك آثارها على الإنسان، والجذع الذي يهز السماوات قد يعكس تأثير الألم على الكون كله.
قطران الأحزان وغبار غيوم عاقرة: هذه الصورة توحي بالحزن العميق الذي ينزل كالمطر الأسود الكثيف من السماء، والذي لا يمكن أن يكون فيه أي أمل.
تجديد تقويم يوم محال: الشاعر يتساءل عن إمكانية تغيير أو تجديد شيء في حياة قد تكون ميؤوساً منها، ويشير إلى الحالة اليائسة التي يعيشها.
رائحة قديد ساخر ورؤية رأس يتدحرج: هذه الرموز تدل على مشهد مؤلم وساخر من الحياة، كأن الرائحة تدل على شيء بائس والرصيد المتدحرج يعبر عن فقدان السيطرة.
في المجمل، القصيدة تعكس حالة من الإحباط والتشاؤم، وهي تنقل مشاعر الشاعر من خلال صور رمزية قوية ومعبرة.
قراءة القصيدة “غرق طاولة” من منظور نفسي يمكن أن تكشف عن حالات عاطفية وذهنية عميقة تعكس تجارب الشاعر النفسية والتأملات الشخصية. دعنا نحلل النص من هذا المنظور:
الطاولة الفاقدة للإحساس:
الطاولة هنا قد تمثل حالة من الجمود النفسي أو العاطفي. قد يشعر الشاعر بأنه في حالة من الانفصال عن مشاعره أو عن الآخرين، كما لو أن حياته توقفت في مكان ثابت لا يتفاعل مع التغيرات.
قرّع حوافر الوجع:
هذا التعبير يعكس الألم العميق والمستمر الذي يعاني منه الشاعر. الوجع هنا يبدو كصوت داخلي مزعج، يعكس الشعور بالمعاناة والتوتر الذي لا يجد له مخرجًا.
خمر قلق الانتظار:
الانتظار الذي يصفه الشاعر هنا يسبب له شعورًا بالقلق والتوتر، مما يؤثر على صحته النفسية. الخمر قد يكون رمزًا للبحث عن مهرب أو تخفيف للآلام، لكن في الحقيقة، هو يعزز القلق بدلًا من تخفيفه.
زفرات غطتها طحالب الركود:
هذه الصورة تعبر عن المشاعر المكبوتة التي تتجمد مع مرور الوقت. الزفرات هنا قد تشير إلى الإحساس بالاختناق أو الصعوبة في التعبير عن المشاعر التي تراكمت بسبب الركود العاطفي.
أزقة مستحيلة وصحف يومية:
الأزقة المستحيلة قد ترمز إلى الشعور بالاختناق أو العزلة التي يعاني منها الشاعر، بينما الصحف اليومية قد تشير إلى الروتين الذي لا ينتهي والتكرار الذي لا يجلب التغيير، مما يزيد من شعور الإحباط.
التجاعيد وجذع السماوات:
التجاعيد تعكس آثار الزمن والتجارب المؤلمة على النفس. الجذع الذي يهز السماوات قد يعكس تأثير هذه التجارب العميقة على رؤية الشاعر للعالم، وكيف أن هذه التجارب تجعل السماء (أو العالم) يبدو أكثر كآبة.
قطران الأحزان وغبار غيوم عاقرة:
الأحزان هنا تظهر كقطران ثقيل يعتم الأفق، في إشارة إلى كيف يمكن للألم أن يغطى كل جوانب الحياة. الغيوم العاقرة تعكس غياب الأمل والفرح، وتشير إلى شعور الشاعر باليأس.
تجديد تقويم يوم محال:
هذا التساؤل يعكس شعورًا بالاستسلام لواقع يراه الشاعر ميؤوسًا منه، ويتحدث عن التحديات النفسية التي تجعل من الصعب على الشاعر أن يرى أي فرصة للتغيير أو التحسن.
رائحة قديد ساخر ورؤية رأس يتدحرج:
الرائحة الساخرة تعبر عن شعور بالإحباط العميق والمرارة تجاه الوضع الحالي. رؤية الرأس يتدحرج قد تشير إلى فقدان السيطرة على الذات أو الشعور بأن الأمور تتدهور بشكل لا يمكن التحكم فيه.
الملخص النفسي:
القصيدة تعبر عن حالة من الألم العميق، والقلق، والتشاؤم، والشعور بالاختناق العاطفي. الصور الرمزية التي يستخدمها الشاعر تعكس شعوره بالإحباط وعدم القدرة على التغيير، وتعبر عن المعاناة التي يواجهها من خلال تجربة الحياة التي تبدو مليئة بالجمود واليأس.
القصيدة :
غرق طاولة ..
خلف تلك الطاولة الفاقدة للإحساس أترصد قرّع حوافر الوجع ، وهي تسقي بلذة خمر قلق الانتظار، وتلك الزفرات التي غطتها طحالب الرُّكود بين أزقة مستحيلة، فرشت فوقها كصحف يومية لنقل الاخبار، حين تكالبت النظرات عليها وانتكست تجاعيد العمر بأعماق اخاديدها البعيدة، فهزّت جذع السماوات لتسقط قطران الاحزان بين مخالب غيوم عاقرة، فمن يجدد تقويم يوم محال ؟، قبل أن أشم رائحة قديد ساخر، أو رُّبمَا أشـــــــاهد تدحرج رأسي أمـــــــامي ..!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعر السلام / عدنان الريكاني / 2024