18 ديسمبر، 2024 5:42 م

قراءات بين انسحاب الصدر وشروط البارتي وسيادة

قراءات بين انسحاب الصدر وشروط البارتي وسيادة

الكل يعلم من هو تحالف إنقاذ وطن (المنتهي) ربما مؤقتا والذي يتكون من الصدريين وحزب البارتي وتحالف سيادة …

لكن انسحاب الصدريين خلق فجوة كبيرة في هذا التحالف القوي … وقلب العملية السياسية راسا على عقب وتاه المحللين في طيات الاستنتاجات والمسببات والسيناريوهات لهذا الانسحاب ومن ضمنها محدثكم … لكن استقراء الواقع مع بعض التنازلات عن الثوابت الكلاسيكية في العملية السياسية العراقية والتجرد من الانحياز لما يدركه عقلك من فوز وخسارة لطرف دون آخر … ينبئك بكارثة كبرى سيقع فيها الإطار التنسيقي لأنه فعلا وكما يقال قد ابتلع الطعم …

لأنه يتحدى شيء مجهول …

نعم تحدى طموحات الصدر وخطته …

وسبب انسحابه …

وفعلا لحد الآن هي غامضة الأهداف والنوايا

هناك فرق بين أن تتصدى لتحدي أنت تعلم هدف الخصم منه وبين تحدي مجهول الأهداف هذا يسمى غباء وعبثية بمقدرات ما تملكه من خواص أوصلتك لمنصب القيادة والتصدي لاي مشروع يحاول تسيد الموقف على حساب كيانك أو حزبك …

وفعلا هذا ما حصل … مضى الإطار بتسمية النواب البدلاء عن النواب الصدريين المستقيلين بإرادتهم وطاعة لقائدهم

فالتيار لم ينسحب لأنه مهزوم أو لأنه خسر معركة حتى تعلن نفسك الاطار المنتصر وانك قد كسبت المعركة هذه سذاجة واضحة في ما يحمله الاطار من تفكير بمخرجات العملية السياسية العراقية … وبنفس الوقت جهل واضح بطريقة تفكير الصدر

فالعاقل والإنسان البسيط سوف يستنتج إن انسحاب الصدر تكتيكي وليس خوفا من شيء وما كان موضوع نفس طويل أو قصير في تحمل الخصوم … لا أبدا والعكس صحيح فان نفس الصدر طويل وطويل جدا لكنكم لا تعلمون والدليل انسحابه التكتيكي الذي يعلن على مرحلة جديدة في تعامله معكم … ودليل آخر في بيانه الأخير أشار الى انه لم يتلقى تهديد هذه المرة من الجارة الشرقية وهذا يعني انه انسحب ومزاجه ( عال العال ) اتخذ القرار وهو متيقن من خطوته القادمة … والا من المستحيل على أي قائد سياسي يستغني عن تلك المكتسبات بهذه البساطة فلديه جمهور واسع اجتهد وتعب وناصر حتى النفس الأخير فكيف يتخلى عن تلك المكتسبات بتلك السهولة ؟

السبب … إن الصدر في انتصاره التكتيكي الواضح المعالم لكل فطن يستند فيه على قاعدتين

الأولى الثقة المطلقة لجمهور التيار به

والثانية (تخبط الإطار) في إرضاء الخصوم لكسبهم في معركة تشكيل الحكومة

وهنا علينا أولا أن نستذكر الاتهامات التي وجهت لأطراف من تحالف إنقاذ وطن والتي هي واضحة لا داعي لسردها والأمر الآخر الذي يجب أن نستذكره هو الضغوطات التي مارسها الاطار على المستقلين وكذلك حزب البارتي وتحالف سيادة واهم ما في كل هذا هو قانون النفط وقرار المحكمة الاتحادية الموقرة بصدد هذا الموضوع …

كل تلك التفاصيل لابد أن تكون حاضرة في ذهن القارئ اللبيب حتى يكون منصف مع نفسة وهو يستنتج الحقائق ويصدق الدلائل التي تشير الى إن الاطار ما كان صراعة لأجل الوطن

بل كان من اجل مكاسب حزبية ورفضة للأغلبية التي دعا اليها الصدر كانت ازدواجية واضح لانهم وعلى لسان قادتهم كانوا يدعون لها جهارا نهارا قبل الانتخابات لكن هذا الخطاب تغير الى التوافقية بعد خسارتهم الانتخابات … وهنا علينا أن نعود الى صلب الموضوع وكيف إن الصدر بانسحابه التكتيكي هذا سينتصر بسبب القاعدة الثانية ألا وهي (تخبط الاطار)

كيف سيتخبط الإطار؟

الدلالات واضحة والتنازلات التي كان يشكل بها ضغطا على خصومة في تحالف إنقاذ وطن بدأت منذ أول جلسة عندما تم التصويت على النواب الجدد

(بما يخص تحالف سيادة) …

حيث اقر البرلمان التعديل على النظام الداخلي وألغى فقرة هيئة الرئاسة في البرلمان ليتسيد السيد الحلبوسي القرار والمشهد في البرلمان بعد أن كان في صراع واضح مع التيار على هذا الأمر بينه وبين السيد حاكم الزاملي والسيد الكعبي بسبب المنصب الخاص بالنائب الأول لرئيس البرلمان والصلاحيات التي يمتلكها …

هناك إشاعات تقول أن (حقوق) انسحبت من البرلمان بسبب إن الاطار قد وافق أو بصدد الموافقة على طلب تحالف سيادة بضرورة سحب كل قطعات الحش””د من المناطق السنية وبالخصوص جرف النصر وهذا المطب إن وقع فيه الاطار ففيه استهانه واضحة بدماء الشه””داء أمام جمهورهم وأمام التضحيات التي سقطت … ولا اعتقد إن مثل هكذا القرار سيوافقون عليه لأنه صعب جدا لتفسيرات لسنا بصدد طرحها في هذا المقال .

(بما يخص البارتي) …

مطالب إقليم كردستان واضحة جدا وهي تخص النفط والمادة مائة وأربعون حول كركوك والمناطق المتنازع عليها وأيضا استعادتها لإدارة الإقليم بعد أن (حررها) الإطار سابقا في زمن السيد العبادي وكذلك رواتب البيشمركة ورواتب الموظفين وميزانية الإقليم …

فان الإطار مجبر على الموافقة على تلك البنود اذا ما ارد تشكيل الحكومة لان الطرف الآخر مصر ومصر جدا على تنفيذها ليكون جزء من التوافق معهم … وهنا الكارثة الكبرى في ما لو وافق الأخير على تنفيذ شروط الإقليم … فلا مصداقية تبقى ولا خطابات تخص الوطن والمذهب ستصدق بعد الآن وسيكون منظر الاطار كالمحتار وسيخسر الدار والجار.

فعندما كانوا متحالفين مع الصدر ضيقتم الخناق بتصريحات وتهديدات وقوانين من المحكمة الاتحادية وعندما انسحب الصدر كل تلك الضغوطات اختفت وهي قابلة للتسوية !!!!

ولو سلمنا إن عجلة تشكيل الحكومة التوافقية سارت بشرطها وشروطها فلا اعتقد إن النجاح سيكتب لها لأنها تجربه خاضها العراقيون كل تلك الفترة الماضية ولم تنتج أي شيء إيجابي على مستوى الخدمات والاقتصاد والعلاقات الخارجية ومصيرها الفشل لا محاله …

وعندها وكأني بالصدر قد اعلن انتصاره وقد تجنب ضغط الشارع العراقي ورد فعله عندما يقوم بتنفيذ شروط وطلبات تحالفه بنفسه في حكومة الأغلبية ليقوم بهذا الواجب والدور وهو متخبطا تحالف الاطار بدلا عنه … وعندما يتسيد الموقف مرة أخرى سيقول إن تلك القوانين التي شرعت وتلك الشروط التي نفذت … قد نفذت بتوافقية الاطار …

عندها سياتي ليحكم وتحالفه جاهز مع شروطه المنفذة .

ملاحظة / كل ما ذكر في أعلاه هو سيناريو للمطب التكتيكي التوافقي الذي رصهم الصدر فيه مجبرين على تنفيذه مقتادين انفسهم للفشل التوافقي والذي هو متوقع.

………………………………..

أما السيناريو الآخر والذي يعتقد من خلاله قادة الاطار هو دهاء وذكاء سياسي سيخرجهم من عنق الزجاه التي وضعهم فيها الصدر باقل الخسائر وسيفشلون المخطط الذي رسمه لهم من خلال العودة الى خطاب الأغلبية … وتخليص انفسهم من تنفيذ شروط السنة والكورد وتشكيل حكومة اغلبيه يستطيعون من خلالها إدارة الدولة بدون معوقات مستندين الى الدستور والقانون وبدعم من المحكمة الاتحادية الموقرة في تطبيق وتنفيذ تلك الضوابط التي تحرج الخصوم … فكيف يكون ذلك؟

بكل بساطة يقومون بإلغاء التفسير الخاص بالمحكمة الاتحادية الموقرة للمادة 70 من الدستور بأغلبية الثلثين للتصويت على رئيس الجمهورية ليكون التفسير بعد التنسيق مع المحكمة الاتحادية بانه ولدواعي تسيير أمور البلد والخروج من الانسداد السياسي والتخلص من مشاكل التعطيل الحاصل في البنود الدستورية ومددها … سيعدل القانون من شرط الثلثين الى النصف زائد واحد للتصويت على رئيس الجمهورية … وهناك إشارات واضحة قد أرسلتها المحكمة الاتحادية الموقرة وقد تم رصد ذلك من خلال صفحات تويتر ومن ضمنهم الأستاذ الإعلامي (حسام الحاج) حيث نوه الى ما صدر من المحكمة الاتحادية في نظامها الداخلي من إمكانية التراجع عن قراراتها اذا اقتضت المصالح الدستورية والعامة

في إشارة واضحة من المحكمة الموقرة الى إمكانية تعديل وإلغاء قوانين سارية ومن ضمنها قانون النفط الخاص بإقليم كردستان … أو تفسير المحكمة الاتحادية بما يخص التصويت على رئيس الجمهورية …

أما القانون الأول فهو يدخل ضمن السيناريو الأول بتنفيذ شروط الإقليم لتشكيل حكومة توافقية … أما القرار الثاني إن صح إمكانية التعديل عليه فهو يخص الشطر الثاني من السيناريو المطروح في هذا المقال ….

والسيناريو يقول … إن الاطار سيغلق المنافذ أمام شروط الخصوم الذين كانوا متحالفين مع الصدر ولن ينفذوها وعندها سيعود الانغلاق أو الانسداد السياسي للواجهة مرة أخرى … عندها سيعود الاطار الى خطاب الأغلبية الوطنية ليعتبروه هو الحل الوحيد للخروج من الأزمة بسبب عدم إمكانية التوافق مع البارتي وسياده لان شروطهم (تعجيزية) ولا يمكن تطبيقها لأنها مخالفة للدستور وقوانين المحكمة الاتحادية الموقرة بعدها سيقوم الاطار بجمع التواقيع لتقديم استفسار وإمكانية تعديل مادة تصب في صالح الخروج من الانسداد السياسي ألا وهو إعادة النظر في تفسير المحكمة الاتحادية حول المادة الدستورية رقم 70 وتحويلها من شرط الثلثين الى النصف زائد واحد للخروج من الأزمة …

وبما إن هناك احتمالية واضحة إن المحكمة الاتحادية الموقرة لديها صلاحيات تخولها سحب القرارات التي تعارض المصالح الوطنية العليا للبلد … فلربما يتم تعديل هذه الفقرة … عندها الاطار التنسيقي سيكون ملكا يمشي كالأسد في الساحة السياسية العراقية لأنه وبكل بساطة بعدد نوابه وكونه الكتلة الأكبر مع جمع (بعض) المستقلين معه وجزء من السنه وجزء من أكراد الإقليم (السليمانية) سيكون عددهم (كافي او زايد) لتشكيل حكومة الأغلبية الوطنية التي كانوا يدعون لها قبل الانتخابات ( او عاشو عيشه سعيده ) …

لكن بالتأكيد هذا السيناريو سيكون له ردود فعل من الأطراف التي سلخوها باحترافية من المشهد التنفيذي والقرار في العراق … عندها ومن الطبيعي تلك القوى ستساير ركب الصدر والسير خلفة نحو الاستقالة لتنتهي العملية السياسية بشكل مفجع وغير مرضي لجميع الأطراف.

خلاصة الطرح … كل ما ورد في أعلاه هي مجرد احتمالات واستقراءات للواقع لا يتبناها الكاتب ولا يدعوا لها …

لكن في شطري السيناريوهات تشير الخلاصة الى إن انسحاب الصدر هو انسحاب المنتصر

فالاطار (محصور ما بين العدو أمامكم والبحر خلفكم ) فان تنازل للخصوم ونفذ شروطهم وسار في حكومة التوافق فقد فشل وخسر جمهوره ومصداقيته وبنفس الوقت سيفشل بإدارة الدولة لان تجربتها السابقة بعنوان التوافقية قد أثبتت فشلها …

وان لم يتنازل وذهب الى السيناريو الثاني بحكومة الأغلبية فستنهار العملية السياسية برمتها …

وان لم يتنازل ولم ينفذ شروط الخصوم أيضا سنعود للانسداد وستفشل المنظومة السياسية ككل من إيجاد الحلول عندها سيذهبون الى حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة في موعد جديد بشرط تعديل بعض الفقرات الدستورية التي تعرقل تشكيل الحكومة والتصويت عليها ..

ومع كل تلك الأطروحات فالأنظار كلها سوف تتجه للصدر وانسحابه التكتيكي …

وهنا ربح الصدر وخسر الاطار