23 ديسمبر، 2024 6:08 ص

قرأت في أدبيات علاوي : المدنية ليست ضد الدين

قرأت في أدبيات علاوي : المدنية ليست ضد الدين

لست معنيا بالايديولوجات العامة، قدر عنايتي بشؤوني الشخصية؛ لكن وقوع البرنامج السياسي لإئتلاف “الوطنية” الذي يقوده د. اياد علاوي، شكل بارقة أمل.. إن كان صادقا في ما ضم البرنامج من “رومانسيات سياسية” بحسب الفيلسوف المغربي الراحل د. محمد عابد الجابري.
يشخص البرنامج أن “إئتلاف الوطنية يهدف الى دولة مدنية ومصالحة وطنية وتنمية حقيقية” استوقفتني من بينها “المدنية” إثر عقدتنا التي لن تشفى، من “الدين” لذا نجري مع اي تيار جاد في المدنية، من دون تفنيد الدين طبعا.
فالمبالغة بالمظاهر الاستعراضية، مسخت الدين، وادت الى النفور من القيم التي يحث عليها، وهذا أخطر ما جره الادعياء من خراب على المجتمع.
فقيم “الأخاء” و”الاخلاق” و”الشرف” و”الامانة” و”التراحم” وسواها، من سلوكيات حسنى، دعت لها الديانات، ومن بينها  الاسلام، صار الناس يتنافر معها، كرها بالمظاهر المرائية التي تضطهد الحياة المدنية باسم الدين.
فنسي الناس ان الدين دعى الى تلك القيم ولم يؤسسها، وان تلك المظاهر بدع ليست من جوهر الدين، لكن… “جيب ليل وأخذ عتابة” من يسمع من، وكلاهما.. هذا يبالغ في الولاء وذاك يبالغ في التضاد، حد التفجيرات.
وتلك هي ابسط نقاط سوء ادارةالدولة، من قبل حكومة احادية تريد ارضاء طرف؛ كي ينتخبها لولاية ثالثة، باهمال الاطراف الاخرى، واستفزازها وتعقيد انسيابية حياتها باحراجات دينية، ترضي ذاك وتستفز هذا.. انفلات واضح؛ يشير الى ضعف ادارة الدولة.
إذن “المدنية” التي يدعيها علاوي هي الحل، واتمناه جادا بها بعد انتخابه رئيسا للوزراء، مثلما اتمناه مدركا لمعنى واثر كلمة “حقيقية” في قوله “تنمية حقيقية” لأنهم كلهم يقولون بالتنمية، لكنه قول غير حقيقي.. انما يتضاد مع نفسه عند تبوئهم للسلطة مرتين “والثالثة فيها المنايا” لأنني على ثقة، من ان نوري المالكي، اذا بلغ السلطة ثالثة، سيفوق صداما في مخادعة الديمقراطية، بالتفافات منظمة، مثل حزمة الحلول التي بدا متفضلا بها على الشعب قبل الانتخابات بفترة قصيرة، فنسي الشعب انه هو نفسه الذي تركها تتراكم منذ ثماني سنوات؛ كي تبدو مكرمة عندما يزيحها.
وقد كنا طلابا نتهافت على معرض الكتب، فنجد سعره الذي استورد به “ديناران” مثلا، مشطوبة، وفوقها “خمسة دنانير”بالقلم الجاف، ويبيعونها لنا بدينارين، على ان الثلاثة دنانير مكرمة من صدام حسين.
والخوف كل الخوف ان تظل اللعبة قائمة على مبدأ تراكم الضيم اربع سنوات وازاحته أشهرا قبل الانتخابات، ثم يعود او “يعاد” للتراكم؛ ويحملنا المالكي فضل ازاحته، على انه مكرمة.
ما دام العلم عند الله، فقد جربنا تحايل المالكي، فلنجرب صدق ادبيات علاوي، في برنامجه السياسي.. ولكل حادث حديث، ما عدا الوقوع بالخطأ نفسه للمرة الثالثة.