23 ديسمبر، 2024 1:49 ص

قرآن ربك يامحمد ﷺعزنا

قرآن ربك يامحمد ﷺعزنا

جولة مع مدرس الفقه بجامعة الأزهر في رياض القرآن الكريم وعلومه وأحكامه وقصصه وأمثاله
قال تعالى :”وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ” المائدة/ 48
حاوره : احمد الحاج
القرآن الكريم كتاب الله الذي فصلت آياته من لدن حكيم خبير، الكتاب الذي تكفل الله بحفظه من التحريف والتصحيف، وهيأ له من يتعهده حفظاً، وتدويناً، وتفسيراً، وتعليماً، وتلاوة الى يوم الدين، هذا الكتاب العظيم المعجز، الذي لا يخلق عن كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه، أدرك المشركون والمنافقون والمستعمرون عظمته فاتخذوه لهم نداً وما كانوا له ندا، وذهلنا عنه نحن المسلمين فإتخذناه مهجورا وما كان ينبغي لنا ذلك، فلو أنا تلوناه حق تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، ووقفنا عند حلاله وحرامه لكنا اليوم كما كان أسلافنا في سابق عهدهم سادة الأمم في العلم والمعرفة والحضارة .
فهاهو الحاكم الفرنسي للجزائر أيام “الاستدمار والاستحمار”الاوربي يقول: “يجب أن نزيل القرآن العربي من الوجود ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم، حتى ننتصر عليهم”، وهذا وزير المستعمرات الفرنسى وبعد ان عجز عن اخضاع الشعب الجزائري لأرادة المستعمر الغاشم يقول: “وماذا أصنع إذا كان القرآن أقوى من فرنسا !”،ويقول المنصر وليم جيفورد بالكراف: “متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب، يمكننا حينئذ أن نرى العربي يتدرج في طريق الحضارة الغربية بعيداً عن محمد وكتابه”،ولا خير في هذه الأمة مالم ترجع الى كتاب ربها تلاوة وحفظا وتعلما وتعليما وعملا بالأحكام ،ولله در الشاعر والباحث المحقق وليد الاعظمي القائل :
قـــرآن ربـــك يا محـمـد عــزنا…ونظـامنا الداعــي لعيــش أرغد
الناس فيه على السواء جميعهم…لا فضـل فــيه لأبــيض أو أسود
ومع أن الحرب المستعرة على القرآن الكريم قديما وحديثا قائمة على قدم وساق ،نجد تهاونا صارخا وخفوتا جليا وكسلا مزعجا تجاهه من قبل المسلمين أنفسهم وعلى المستويات كافة يتساوى في ذلك الأميون والمتعلمون على سواء، مع جهل يكاد يكون مطبقا بما يتعلق بعلوم القرآن الكريم وما أكثرها ولتلافي ذلك كله وللاجابة على أسئلة القراء الكرام حاورنا الدكتور حلمي عبد الحكيم الفقي / مدرس الفقه بجامعة الازهر في حوار هو الثاني مع فضيلته وبادرناه بالسؤال الأول :

* برغم أن مشاهير المفسرين قد أولو علم ” الناسخ والمنسوخ ” أهمية قصوى نجد أن هناك من العلماء من ينفي وجود الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم ويعرفه بتعريفات أخرى، فهل أن النسخ موجود واقعا أم غير موجود وما هي أسبابه وأنواعه؟
– كلمة النسخ في اللغة تطلق على أكثر من معنى ومنها:
النسخ بمعنى الإزالة ومنه قوله تعالى { فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته }.
والنسخ بمعنى التبديل ومنه { وإذا بدلنا آية مكان آية } .
وتأتي كلمة النسخ بمعنى التحويل كناسخ المواريث بمعنى تحويل الميراث من واحد إلي واحد.
والنسخ بمعنى النقل من موضع إلى موضع ومنه نسخت الكتاب إذا نقلت ما فيه من كلمات.
وكلمة النسخ عند علماء الشرع معناها : رفع الشارع حكما شرعيا بدليل متراخ.
والسؤال الآن : هل يوجد نسخ في القرآن أم لا يوجد؟
للعلماء في ذلك ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: قال بوجود النسخ في القرآن في أكثر من مائتي آية وهذا مذهب جمهور العلماء.
المذهب الثاني: وقال بوجود النسخ في القرآن لكن في آيات قليلة جدا فقال السيوطي في كتابه (الإتقان في علوم القرآن النسخ في القرآن )، في عشرين آية فقط.
وقال الدكتور مصطفي زيد ، في أطروحته للدكتوراه بعنوان:
” الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم ” قال لا نسخ في القرآن إلا في ست آيات فقط.
فالمذهب الأول مذهب الموسعين في وقوع النسخ في القرآن والمذهب الثاني مذهب المضيقين لوقوع النسخ في القرآن والمذهب الثالث: قال: لا نسخ في القرآن إطلاقا وممن قال بذلك أبو مسلم الأصفهاني، وتبعه الرازي ومحمد عبده ورشيد رضا والدكتور محمد عمارة والشيخ محمد الغزالي وعبد المتعال الجبري وكثير غيرهم وهذا ما أرجحه وأختاره، وذلك للاتي:
أن قوله تعالى{ ما ننسخ من آية أو ننسها } وأن قوله تعالى { وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل } أن المراد بقوله آية في هذه الآيات هي الآيات الحسية والكونية وليست آيات القرآن، وقال ابن القيم في أعلام الموقعين : ” إن التدرج في التشريع ليس نسخا ” وأول أصحاب الرأي الثالث كل آيات القرآن الكريم التي قيل إن فيها نسخا فمثلا قوله تعالى { واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم } قالوا أن هذا في السحاق ، وقوله تعالى{ واللذان يأتيناها منكم فأذوهما } قالوا هذا في اللواط وهكذا قالوا في كل الآيات التي قيل إن فيها نسخا.
وأما السنة ففيها نسخ بإجماع العلماء كقوله ﷺ{ كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها }.

* المحكم والمتشابه علم قرآني قائم بذاته، منهم من قال بأن القرآن الكريم كله محكم ودليله في ذلك قوله تعالي :” كتاب أحكمت آياته “، وبعضهم يرى أنه كله متشابه ودليله قوله تعالى :” كتابا متشابها “، فما هو معني المحكم والمتشابه وأي الآراء أرجح؟
– نعم المحكم والمتشابه علم قرآني قائم بذاته، والمحكم هو: ما وضح معناه ،وظهر المراد منه. والمتشابه ما استغلق معناه ولم يظهر المراد منه.
وللعلماء في المحكم والمتشابه ثلاثة آراء، بينها الرأيان اللذان وردا في السؤال والرأي الثالث:
القرآن ليس كله محكم وليس كله متشابه، بل ينقسم إلى محكم ومتشابه لقوله تعالى { ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين}
وأما ما استدل به أصحاب الرأي الأول القائل بأن القرآن كله محكم لقوله تعالى{ كتاب أحكمت آياته } فالمراد بأحكامه إتقانه وعدم تطرق النقص إليه.
والمراد بـ متشابها في قوله تعالى { كتابا متشابها مثاني } كون القرآن يشبه بعضه بعضا في الحق والصدق والإعجاز.

* نسمع كثيرا بالمكي والمدني وأن هذه الآية الكريمة مكية، وتلك مدنية فما هو الفرق بينهما، وما هي أبرز السمات التي تميز كل واحدة منها عن الأخرى؟
– للعلماء في تعريف المكي والمدني مذاهب ثلاثة نقتصر هنا على أشهرها:
المكي هو: ما نزل قبل الهجرة سواء نزل في سفر أو حضر وسواء نزل بمكة أو خارجها.
والمدني هو: ما نزل بعد الهجرة، حتى ولو نزل بمكة.
ولمعرفة المكي والمدني طريقان: قياسي، وسماعي،فالسماعي هو ما وصل إلينا بالسماع نزوله بمكة أو المدينة، وأما القياسي فهي سمات وعلامات تعرف بها السور المدنية من المكية، وأبرز هذه السمات مايأتي:
كل سورة ذكر فيها يا أيها الناس، أو كان فيها ذكر للأمم والقرون الخالية أو قصص الأنبياء، أو كانت قصيرة الآيات، فهذه غالبا سور مكية.
وكل سورة ذكر فيها يا أيها الذين آمنوا، أو ذكر فيها المنافقون، أو كان فيها بيان للفرائض والسنن والحدود والأحكام فهذه غالبا سور مدنية.

* للقصص القرآني مكانة بارزة في سور وآيات مباركات كثيرة لا حصر لها، فما هي أهداف هذه القصص وما هي غاياتها ولماذا تكررت بعض القصص ولكن بمحاور مختلفة ومن زوايا أخرى في هذه السورة أو تلك ولماذا لم تجمل كل قصة في سورة واحدة مخصصة لها كما في سورة يوسف عليه السلام؟
– لم يعتمد القرآن الكريم أسلوبا واحدا في إيصال رسالته للناس بل تعددت أساليبه وتنوعت فتارة أسلوب الحوار والجدال بالتي هي أحسن وحينا يعتمد أسلوب الترغيب في الجنان والترهيب من النيران، وحينا آخر يعتمد القرآن الكريم أسلوب القصص القرآني الحكيم.
وقد اعتنى القرآن الكريم بأسلوب القصة لما فيها من عناصر التشويق، وجوانب الاتعاظ والاعتبار.
ويمتاز القصص القرآني بمزايا ينفرد بها عن القصص الإنساني ومن ذلك أن القصص القرآني هو أصدق القصص قال تعالى{ إن هذا لهو القصص الحق }
والقصص القرآني هو أحسن القصص قال تعالى { نحن نقص عليك أحسن القصص }
وللقصص القرآني أهداف كثيرة منها:
_ حصول الاعتبار والادكار قال تعالى { لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب } وقال تعالى { فاقصص القصص لعلهم يتفكرون }.
_ وأيضا تثبيت قلب النبي ﷺ وقلوب أمته علي دين الله، وتقوية ثقة المؤمنين بنصرة الحق وأهله وخذلان الباطل وحزبه قال تعالي { وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك }
_ التكرار في القصص القرآني واضح وظاهرة تدعو للبحث والتأمل ،وإجمالا فإن القرآن الكريم { كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير }
فلكل كلمة في القرآن وكل حرف حكم وفوائد لا تنقضي على مر الزمان وانقضاء الأيام.
وقد ألف القاضي ابن جماعة كتابا سماه ” المقتنص في فوائد تكرار القصص “،وقد أوضح في كتابه فوائد عدة لتكرار القصص القرآني منها:
أن في كل موضع زيادة شيء لم يذكر في الذي قبله،أو إبدال كلمة بأخرى لفائدة ظاهرة أو خفية وهذه عادة البلغاء.
وتكرار القصة لفوائد جمة فكل مرة تعرض فيها القصة تجد في ألفاظها زيادة ونقصان وتقديم وتأخير، يكشف عن جانب من جوانبها، أو يظهر فائدة جديدة، أو يكمل حدثا من أحداثها.

* المثل القرآني له مكانه خاصة في كتاب الله تعالى لا تقل أهمية عن القصص القرآني، ترى ما هو الهدف من تلكم الأمثال وما هي العبر المستنبطة منها؟
– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن القرآن نزل على خمسة أوجه: حلال وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، فاعملوا بالحلال، واجتنبوا الحرام، واتبعوا المحكم، وآمنوا بالمتشابه، واعتبروا بالأمثال }.
والمثل القرآني هو: إبراز المعنى في صورة رائعة موجزة لها وقعها في النفس وتصوير المعقول بصورة المحسوس ليكون أوضح في الذهن وأثبت في العقل والأمثال في القرآن كثيرة منها قوله تعالى { إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها } وقوله تعالى { إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس }
وللأمثال في القرآن فوائد جمة منها:
1- ابراز المعقول في صورة المحسوس الذي يلمسه الناس فيتقبله العقل، ويتضح في الذهن.
2- والأمثال تكشف عن الحقائق، وتعرض الغائب في صورة الحاضر والمشاهد كقوله تعالى { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس }
3- والأمثال أوقع في النفس وأبلغ في الوعظ وأقوى في الزجر وقد ورد المثال كثيرا في القرآن للتذكرة والاعتبار قال تعالى { وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون }.

* ما الحكمة المرجوة من ذكر العديد من الحيوانات كالذباب والعنكبوت والنحل والنمل والبقرة والحمار والفيل والجراد وغيرها حتى أن سورا سميت بأسماء بعضها؟
– ورد في القرآن الكريم كثير من أسماء الحشرات والطيور والحيوانات كالذباب والعنكبوت والنحل والبقرة والحمار.
وقد وردت هذه الأسماء لحكم بالغة وآيات باهرة، فمرة تأتي للدلالة علي عظمة قدرة الله في الخلق, وأخرى تشير إلي معجزة أحد رسل الله عليهم الصلاة والسلام، وثالثة تكشف عن نعم الله التي أسبغها علي خلقه.
وقد سميت بعض سور القرآن بأسماء حيوانات،كالبقرة، والفيل، كما سميت بعضها باسم حشرات كالنحل والنمل والعنكبوت.
ناهيك عما ورد في تضاعيف الآيات الكريمة من أنواع الحيوان والحشرات والطيور التي تدل على بديع صنع الله، وعظيم قدرته.
فقد لفت القرآن الكريم أنظار المؤمنين إلى التفكر في الإبل وعجائب خلقها قال تعالى { أفلا ينظرون إلي الإبل كيف خلقت }.
ووجه القرآن الكريم أيضا عقول المؤمنين إلى وجوه من الحكم في خلق الخيول، وجميل خلقها،
وتناسق شكلها،وقدرتها علي الكر والفر ، وإلى العنكبوت ودقة صنعها تلك الخيوط التي تأخذ شكلا هندسيا بديعا، كما تدرج في العرض حتى وصل إلى النملة والذبابة والبعوضة، فتبارك الله أحسن الخالقين.

* قيل الكثير في الحروف المقطعة أوائل بعض السورالقرآنية الكريمة نحو ” الم، طه ، كهيعص ، حم ،عسق ، ن ” فماهي معانيها وما غايتها ، ولماذا وردت في أوائل السور فحسب ولم ترد كذلك في منتصفها أو في أواخرها ؟

-ورد في تفسير الحروف المقطعة في أوائل السور وجوه كثيرة، تزيد على عشرين قولا، والذي أختاره منها:
أن هذه الحروف إشارة للتنبيه إلى أن هذا الكتاب مؤلف من جنس هذه الأحرف، وهي في متناول المخاطبين به من العرب، ولكنه مع هذا هو ذلك الكتاب المعجز، الذي لا يملك أن يصوغوا من تلك الحروف مثله، الكتاب الذي يتحداهم مرة ومرة ومرة أن يأتوا بمثله،أو بعشر سور مثله، أو بسورة من مثله، فلا يملكون لهذا التحدي جوابا.
وذلك مثل صنع الله في كل شيء وصنع الناس، فالتربة الأرضية مؤلفة من ذرات معلومة الصفات، فيصنع الناس من هذه الذرات لبنة أو أجرة أو آنية،لكن الله المبدع يجعل من تلك الذرات حياة، حياة نابضة خافقة، تنطوي علي ذلك السر الإلهي المعجز، سر الحياة، ذلك السر الذي لا يستطيعه البشر، وهكذا القرآن حروف وكلمات يصوغ منها البشر كلاما وأوزانا، ويجعل منها الله قرآنا وفرقانا، والفرق بين صنع الله وصنع البشر من هذه الحروف والكلمات، هو الفرق ما بين الجسد الخامد والروح النابض، هو الفرق ما بين صورة الحياة وحقيقة الحياة.

* هناك تفاسير كثيرة منها قديمة وأخرى حديثة،فما هي أنواع التفسير إجمالا وما هي أبرز الفروقات بينها؟
– علم التفسير من أشرف العلوم قدرا، ومن أرفعها منزلة، وما ذلك إلا لشرف موضوع التفسير، الذي يتناول كتاب الله بالتوضيح والبيان للعامة والخاصة.
ولقد نشأ علم التفسير مبكرا في حياة النبي صلي الله عليه وسلم ونما وتطور، وسيبقي عطاء القرآن الكريم متجددا عبر القرون لأن القرآن لا تنقضي عجائبه ولا يخلق من كثرة الرد، ولتفسير القرآن أنواع كثيرة من أهمها:
التفسير بالمأثور، والتفسير بالرأي، والتفسير الموضوعي.
والتفسير بالمأثور: تفسير القرآن الكريم بالقرآن والسنة، والمأثور عن سلف الأمة،ومن أهم التفاسير بالمأثور تفسير ابن جرير الطبرى، والدرر المنثور للسيوطي ، وتفسير ابن كثير.
التفسير بالرأي: وهو تفسير قائم على التدبر والفهم لكتاب الله تعالى مع الاستعانة بالعلوم الخادمة لهذا الغرض من سنة النبي ﷺوعلوم اللغة العربية ومن أشهر التفاسير بالرأي : تفسير الرازي ، وتفسير أبي السعود ، وتفسير الخازن.
والتفسير الموضوعي: هو جمع الآيات المتفرقة في سور القرآن المتعلقة بالموضوع الواحد، وتفسيرها حسب المقاصد القرآنية وقيل: هو بيان موضوع ما من خلال آيات القرآن الكريم في سورة واحدة أو أكثر.
وهناك التفسير العلمي، والتفسير الإجمالي والتفسير المقارن والتفسير التحليلي.

* الترادف في القرآن الكريم موضوع مهم جدا قيل فيه الكثير، فهل المترادف هنا هو تكرار للمعنى مع اختلاف المبني، أم أن لكل كلمة منه معنى مغايرا يناسب الحال والمقال فالخوف غير الخشية..العام غير السنة..العمل غير الفعل..بلي غير نعم..قعد غيرجلس ..الوالدان غير الأبوين،حدثنا قليلا عن ذلك.
– ورد في القرآن الكريم مترادفات كثيرة، ولكن الترادف في القرآن بين الألفاظ المتشابهة في المعنى ليس من قبيل التكرار، عند علماء التفسير لأنهم يراعون نظم الكلام ودلالة السياق والإفراد، ولذا منع كثير من الأصوليين وقوع أحد المترادفين موقع الآخر في التركيب، وإن اتفقوا على جوازه في الإفراد، فالترادف ليس تكرار للمعنى مع اختلاف المبنى، لأن لكل كلمة معنى مغايرا يناسب السياق،فالخوف غير الخشية، اذ ان الخشية أعلى من الخوف وأشد، فالخشية تكون من عظم المخشي منه وهو الله، حتى وإن كان الخاشي قويا، والخوف يكون من ضعف الخائف وإن كان المخوف أمرا يسيرا، قال تعالى{ ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب }وقال تعالى { إنما يخشى الله من عباده العلماء }.
ومن ذلك أيضا الشح والبخل، فهذان لفظان مترادفان عند اللغويين بخلاف المفسرين الذين يعدون الشح أشد من البخل.
ومن ذلك جاء وأتى، فجاء تستعمل في الجواهر والأعيان، وأتى تستعمل في المعاني والأزمان، قال تعالى{ ولمن جاء به حمل بعير } وقال تعالى{ وجاءوا على قميصه بدم كذب } { وجيء يومئذ بجهنم } وقال تعالى{ أتى أمر الله } وقال تعالى{ أتاها أمرنا }
ومن ذلك قعد وجلس، فقعد لما فيه لبث بخلاف جلس، ولهذا يقال قواعد البيت، ولا يقال جوالسه للزومها، ولبثها، ويقال : جليس الملك ولا يقال قعيده، لأن مجالس الملوك يستحب فيها التخفيف.
ومن ذلك السنة والعام,، فالغالب استعمال السنة في الحول الذي فيه شدة وجذب ، والعام ما فيه الرجاء والحقب { تزرعون سبع سنين دأبا } { ثم يأتي من بعد ذلك عام يغاث فيه الناس }.

* ما هي أهم التفاسير القرآنية التي تنصحون بمتابعتها وقراءتها باستمرار برأيكم؟
– تفاسير القرآن لا يغني بعضها عن بعض فلكل تفسير اهتماماته ومميزاته التي لا تجدها في غيره، لكن من أراد تفسيرا يهتم بالمأثور فابن كثير، ومن أراد تفسيرا يهتم بالفقه فالقرطبي ومن أراد تفسيرا يهتم بالتربية الإيمانية والروحانية والعقدية فتفسير في ظلال القرآن لسيد قطب،رحمه الله .

* علم أسباب النزول هو واحد من العلوم القرآنية المهمة فما هي أنواعه؟ وهل يشترط بمن تخصص بعلوم القرآن الكريم فضلا عن القراء والحفاظ وعموم الناس معرفتها عن كثب ؟
– سبب نزول الآية أو الآيات أمر مهم في معرفة المراد من كلام الله عز وجل،وعلم أسباب النزول من علوم القرآن الضرورية للوقوف على مراد الشارع عز وجل، لكن لا بد من غربلة وتنقية روايات أسباب النزول وأخذ الصحيح منها، ورد ما سوى ذلك .
وإذا ترك العالم المسلم ما ورد في أسباب النزول، فإن ذلك قد يوقعه في القول بعكس مراد الله عز وجل ، ومن ذلك قوله تعالى { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } فقد فهم البعض منها، النهي عن الجهاد في سبيل الله عز وجل، إذا كان فيه تهلكة وهذا خطأ جسيم، ولا يعصم من الوقوع فيه إلا معرفة سبب نزول الآية، قال أبو أيوب الأنصاري :نزلت فينا معاشر الأنصار، وذلك أنه لما أعز الله عز وجل دينه، ونصر جنده المؤمنين، قلنا إن أموالنا قد ضاعت فلو أقمنا فيها، وأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله عز وجل { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } فأفاد القرآن الكريم أن التهلكة هي ترك الجهاد، وأن النجاة من الهلكة تكون بالجهاد بالنفس والمال في سبيل الله عز وجل.
ومعرفة سبب النزول ضرورية لكل عالم مسلم وكل مشتغل بعلوم الشريعة.
ومع ذلك فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهذا باب خلاف بين الأصوليين، فقالت جماهير الأصوليين، بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولكن ذهب فريق من علماء الأصوليين إلى القول بأن العبرة بسبب النزول، لا بعموم اللفظ.
وأكثر القرآن نزل ابتداء لإحقاق الحق وإبطال الباطل، وهداية الخلق إلي طريق الحق .
وما نزل على أسباب خاصة، وحوادث معينة قليل، لكن مع قلته تألف منه علم عظيم، لا غنى عنه لمفسر، أو محدث، أو فقيه.

* كما أن لكل علم من العلوم وشأن من الشؤون آدابه وضوابطه التي ينبغي التحلي والالتزام بها، فإن لتلاوة القرآن وحفظه آدابها وضوابطها التي يتوجب التمسك بها، فأوجز لنا آداب التلاوة والحفظ ؟
– لتلاوة القرآن وحفظه آداب كثيرة نذكر منها :
أولا: إخلاص النية لله وحده لا شريك له، وهذا في كل عمل يعمله المسلم قال تعالى { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } وقال تعالى { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } وفي الصحيحين عن رسول الله { إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى }.
قال أبو القاسم القشيرى : الإخلاص إفراد الحق في الطاعة بالقصد، وهو أن يريد بطاعته التقرب إلي الله تعالى دون شيء آخر من تصنع لمخلوق أو اكتساب محمده عند الناس، أو محبة أو مدح من الخلق، أو معنى من المعاني سوى التقرب إلى الله تعالى.
وقال الفضيل بن عياض: ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل لأجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما.
ومن آداب التلاوة والحفظ أن يعمل بما يحفظ وبما يتلو وأن يتخلق بالأخلاق الحسنة والخصال الحميدة،وأن يلزم الورع والخشية والسكينة والوقار والتواضع، وأن ينصح للمسلمين عامتهم وأئمتهم وأن يحب للناس ما يحب لنفسه، وأن يكره لهم ما يكره لنفسه، وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه مرفوعا { لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه } والمراد بأخيه هنا أخيه في الإنسانية.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال ” ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذ الناس نائمون، وبنهاره إذ الناس مفرطون, وبحزنه إذ الناس يفرحون، وببكائه إذ الناس يضحكون، وبصمته إذ الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون “.
وعن الفضيل بن عياض قال: حامل القرآن، حامل راية الإسلام، لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو ،ولا يلغو مع من يلغو تعظيما لحق القرآن.

* قواعد وأحكام التجويد والتلاوة علم قائم بذاته أرجو من جنابك المرورعلى أنواعها وفروعها المهمة والتي ينبغي على القراء إتقانها مليا.
– التزام أحكام التجويد أثناء القراءة فرض عين على كل مسلم ، أما تعلم أحكام التجويد ففرض كفاية ، فيجب على كل مسلم أن يلتزم بمراعاة أحكام التجويد أثناء القراءة فإن لم يلتزم كان آثما قال صاحب الجزرية :
والأخذ بالتجويد حتم لازم …ومن لم يجود القرآن آثم
وهذا العلم ( علم التجويد ) لا بد في تعلمه وتعليمه من المشافهة ولا يصح أن يؤخذ من الكتب.

* نسمع كثيرا عن القراءات السبع والقراءات العشر، فهل هي الأحرف السبع ذاتها التي نزل بها القرآن الكريم، وما هي أبرز هذه القراءات وأشهرها ووجه الاختلاف بينها ؟
– يا رب وفق وأعن يا كريم :
أولا: لقد نزل القرآن على حرف واحد أول الأمر، ولكن الرسول ﷺ ظل يستزيد جبريل حتى أقرأه على سبعة أحرف كلها شاف كاف ودل على ذلك حديث ابن عباس في الصحيحين عن رسول ﷺ { اقرأني جبريل على حرف فراجعته فزادني فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى على سبعة أحرف }
ثانيا: ما معنى الأحرف؟
الحرف أي الوجه ، وسبعة أحرف أي سبعة أوجه من القراءة تختلف لفظا وتتفق معنى، وإن اختلفت معنى فاختلافها من باب التنوع والتغاير، لا من باب التضاد والتعارض، كما قال ابن مسعود : ” هو بمنزلة قول أحدكم : هلم، أقبل، تعال “.
ثالثا: أما تحديد القراءات السبع فهي ليست من تحديد القرآن والسنة، ولكنها اجتهاد ابن مجاهد رحمه الله ، فظن الناس أن الأحرف السبعة هي القراءات السبعة لا إتفاقها في العدد، وإنما جاء العدد مصادفة واتفاقا، وقد ظن بعض الناس أن الأحرف هي القراءات وهذا خطأ، ولا يعرف هذا عن أهل العلم.
رابعا: الأحرف السبعة والخلاف حولها لم يعد له وجود منذ عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه , لأنه جمع المسلمين على حرف واحد، وذلك حين جمع المسلمين على حرف واحد من الأحرف السبعة، وأحرق ما سوى ذلك من الأحرف الأخرى، والقراءات السبعة هي إحدى الأحرف السبعة وبالتحديد الحرف الذي جمع عثمان القرآن عليه.
خامسا: وأما القراء السبع فهم:
1- نافع المدني 2- ابن كثير المكي
3- عاصم الكوفي 4- حمزة الزيات الكوفي
5- أبو عمرو بن العلاء البصري 6- عبد الله بن عامر الشامي
7- الكسائى الكوفي
وأقواهم سندا في القراءة : نافع وعاصم.
وأفصحهم أبو عمرو والكسائى
ويروى عن نافع : ورش ، وقالون
ويروى عن عاصم : حفص ، وشعبة والله أعلم.

* وماذا عن غريب القرآن ومبهماته ؟
– غريب القرآن: هي الألفاظ التي يخفى معناها ويدق على العامة دون الخاصة، وهذا أمر نسبي فما يكون من معاني الألفاظ خفيا على البعض يكون واضحا جليا عند آخرين، وما يكون واسع الاستعمال عند أهل بلد يكون قليل الاستعمال عند غيرهم.
وفي القرآن الكريم إشارات إلى أن غريب القرآن قد عاصر التنزيل على عهد الرسول ﷺ ويبدو هذا الأمر طبيعيا، فإن القرآن الكريم نزل بلهجات مختلفة، فقد نزل على سبعة أحرف ، بلهجات العرب المتغايرة، وقد نشأت اللهجات في بيئات مختلفة، ومن إشارات القرآن الكريم إلى ذلك قوله تعالى { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم } (النحل:44) وقوله تعالى { وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه } (النحل: 64) ومن أمثلة ذلك:
1- أن أعرابيا سأل رسول الله ﷺعن معنى الظلم في قوله تعالى { ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } (الأنعام: 82) ففسره النبي ﷺ ، بالشرك مستدلا بقوله تعالى { إن الشرك لظلم عظيم } (لقمان: 13)
2- سئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن قوله تعالى { وفاكهة وأبا } (عبس:31) فقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم.
3- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت لا أدري { ما فاطر السماوات والأرض } (فاطر: 1)
حتى اختصم إلي أعرابيان في بئر فقال أحدهما أنا فطرتها: أي ابتدأتها
وجدير بالذكر أن دائرة غريب القرآن تتسع يوما بعد يوم بسبب ضعف ملكة البيان لدي الناس.

* لمعاني القرآن الكريم أهمية قصوى لمعرفة مراد الله تعالى من آياته ومن دونها يرتبك الكثير من القراء بل والحفاظ أيضا، وبالأخص منهم غير الناطقين بالعربية، ويخلطون حابلا بنابل في الفهم والاستنباط والاستدلال . حدثنا قليلا عن ذلك.
– علم التفسير أشرف العلوم، لأن موضوعه كتاب الله تعالى الذي هو ينبوع كل حكمه، ومعدن كل فضيلة، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم، لا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه.
وكان الصحابة على عهد رسول اللهﷺ ، يسألونه فيما أشكل عليهم من كتاب الله تعالى فيوضح لهم ما صعب عليهم فهمه كسؤالهم لما نزل قوله تعالى { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } فقالوا وأينا لم يظلم نفسه، ففسره النبي ﷺ، بالشرك مستدلا بقوله تعالى { إن الشرك لظلم عظيم } فإذا كان الصحابة يلجأون إلى النبي ﷺ ، لفهم معاني القرآن الكريم فنحن أشد الناس احتياجا إلى معرفة معاني القرآن الكريم لقصورنا عن مدارك أحكام اللغة، ولأن كلام الله عز وجل بلغ النهاية في الفصاحة والبلاغة، والكلام الفصيح يجمع المعاني الدقيقة والكثيرة في اللفظ القليل، فنعرف من معاني القرآن القليل ويخفي علينا الكثير فنحتاج من يوضح لنا مراد الله من كلامه .
وإذا كان هذا حال العرب الآن مع القرآن فغيرهم أشد احتياجا لمعاني القرآن الكريم.
ولعلم التفسير أصوله وضوابطه التي لا بد من مراعاتها والالتزام بها كي يصل المفسر أو الشارح لصحيح المعني المراد من الآيات.

* علم الأحكام الفقهية لا يقل أهمية عن سابقة من العلوم القرآنية المناظرة، بماذا تنصحون طلبة الدراسات القرآنية وسواهم في هذا الإطار وكيف عليهم أن ينزلوا تلكم الأحكام على الواقع المعاش بما يناسب كل طرف وحكم وحالة من دون لبس ولا التباس ولا تلبيس كما تراه واقعا على ألسنة الناس في كثير من الأحيان؟
– علم الفقه أو علم الحلال والحرام ، هو الشريعة العملية فى الإسلام ، والفقه كما عرفه علماء الشريعة هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية.
وعلم الفقه مصدره القرآن والسنة، ومصادر التشريع الأخرى المتفق عليها والمختلف فيها لدي علماء الأصول ،والفقه في اللغة العربية هو الفهم ،وليس ذلك فحسب بل عرفه بعض العلماء بأنه الفهم الدقيق، ويحتاج الفقيه إلى معرفة بالشرع ومصادره ومقاصده وإلمام دقيق بالواقع حتى يستطيع أن يصدر حكم الشرع في المسألة المعروضة عليه بدقة ،والفقيه هو موقع عن الله سبحانه وتعالي في الفتوى التي يصدرها كما ذهب إلي ذلك ابن القيم في مؤلفه الرائع (إعلام الموقعين عن رب العالمين) .
فلا بد للفقيه من إلمام بالشرع وإلمام بواقع الحياة حتى يتمكن من إصدار حكم الشرع في المسألة المعروضة عليه دون خلط ولا لبس ولا تلبيس.

* هناك علم الخاص والعام، وعلم المطلق والمقيد، وعلم المجمل والمبين ،نود التعريج قليلا عن أمثلة لبيان كل واحد منها على حده.
– المجمل هو الذي ينطوي في معناه على عدة أحوال وأحكام قد جمعت فيه ولا يمكن معرفتها إلا بمبين.
وقيل: المجمل ما ازدحمت فيه المعاني واشتبه المراد اشتباها لا يدرك بنفس العبارة بل بالرجوع إلي الاستفسار ثم الطلب والتأمل.
وقد جاءت كثيرا من آيات القرآن الكريم الخاصة بالأحكام التكليفية جاءت مجملة ،وفصلت أحكامها وبينتها السنة،مثل قوله تعالى { وأقيموا الصلاة } فالأمر بالصلاة جاء في القرآن مجملا ،وبينته السنة بالقول والعمل،وقد قال ﷺ: { صلوا كما رأيتموني أصلي }
ومثل الصلاة جاء الحج مجملا في القرآن ،وبينته السنة بالقول والعمل ،قال عليه الصلاة والسلام : { خذوا عني مناسككم } وكذلك الزكاة والصيام والبيوع وأحكام الأسرة والجنايات .
وأما العام والخاص:
فالعام هو اللفظ الدال على كثيرين، والمستغرق في دلالته لجميع ما يصلح له ،بحسب وضع واحد، فالرجال لفظ عام لأنه يدل علي استغراق كل ما يصلح له اللفظ من حيث الوضع .
ومن تعريف العام ،يتبين تعريف الخاص فهو : اللفظ الذي وضع لمعني واحد علي سبيل الانفراد ومثال ذلك قوله تعالى : { وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ } (الطلاق:4)
فهذا عام يشمل عدة كل معتدة لا ترى الحيض يأسا أو صغرا، وسواء كانت الفرقة من طلاق أم من فسخ بعد الدخول .
ومثال آخر على العام الذي خصص، قوله تعالى { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } (النساء:11)
فهي ألفاظ عامة خصصت بدليل لفظي مستقل كحديث{ لا ميراث لقاتل } وحديث {لا يرث أهل ملتين }.
وأما المطلق والمقيد: فالمطلق هو : الذي يدل على موضوعه من غير نظر إلي الوحدة أو الجمع أو الوصف ، بل يدل على الماهية من حيث هي ،كالرقبة في قوله تعالى : { فك رقبة } ( البلد 12)
والفرق بين المطلق والمقيد يدل على الحقيقة من غير قيد يقيدها من غير ملاحظة لعدد أو لواحد.
وأما المقيد فهو: ما يدل على الماهية مقيدة بوصف أو حال أو غاية أو شرط، كقوله تعالى { فتحرير رقبة مؤمنة } النساء 92
فجاءت هنا الرقبة مقيدة بوصف الإيمان .
واتفق الفقهاء على أنه إذا اتحد الحكم والموضوع فإن المطلق يحمل على المقيد كما في قوله تعالى { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ } ( المائدة 3 ) . فإن الدم هنا ذكر مطلقا فيحمل هذا المطلق على المقيد في قوله تعالى { قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } ( الأنعام : 145 ) فإن الموضوع هنا هو الدم والحكم هو التحريم فيحمل المطلق هناك على المقيد هنا ويكون المحرم هو الدم المسفوح ، وأما الكبد والطحال وهما دم غير مسفوح فإن التحريم لا يشملهما.

* وماذا عن الوجوه والنظائر في القرآن الكريم ؟
– معنى الوجوه والنظائر: أن تكون الكلمة واحدة جاءت في مواضع متفرقة من القرآن الكريم على لفظ واحد وحركة واحدة ،ولكن يراد بها في كل مكان وردت فيه معنى يخالف معناها في المكان الآخر.
فكل كلمة وردت في موضع ، وجاء نظيرها في موضع آخر هو ما يعرف بالنظائر، أما تفسير الكلمة بمعانيها المختلفة فهو ما يعرف بالوجوه.
وبناء على هذا يكون المراد بالنظائر إنما هو اسم للألفاظ ، ويكون المراد بالوجوه إنما هو اسم للمعاني .
وقد جعل بعضهم ذلك من معجزات القرآن ، حيث كانت الكلمة الواحدة واللفظة الواحدة ترد في القرآن على عشرين وجها أو أكثر أو أقل ، ولا يوجد ذلك في كلام البشر.
فمثلا جاء تفسير كلمة الأمر على أكثر من عشرة أوجه ومنها: الدين ، القول ، العذاب القتل ببدر، فتح مكة، قتل بني قريظة، القيامة، القضاء، الوحي، النصر،الشأن ،الفعل، الكثرة ، المنكر.
وكلمة الدين جاءت على خمسة أوجه أو خمسة معان في القرآن الكريم وهي: التوحيد ، والحساب ، والحكم، والدين بعينه والملة.
1- التوحيد: جاءت كلمة الدين بمعنى التوحيد في قوله تعالى في سورة آل عمران الآية 19
{ إن الدين عند الله الإسلام } بمعنى إن التوحيد عند الله الإسلام.
وكقوله تعالى في سورة الزمر { فاعبد الله مخلصا له الدين } بمعنى مخلصا له التوحيد.
2- الحساب: كما في قوله تعالى في فاتحة الكتاب { مالك يوم الدين } أي يوم الحساب، وكما في سورة الصافات { هذا يوم الدين } أي يوم الحساب، وكما في سورة المطففين { الذين يكذبون بيوم الدين } أي يوم الحساب.
3- الحكم: جاءت كلمة الدين في القرآن الكريم بمعني الحكم كما في قوله تعالى في سورة النور { لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله } أي حكم الله وكما في سورة يوسف { ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك } أي في حكم الملك.
4- الدين: جاءت كلمة الدين بمعنى الدين بعينه كما في قوله تعالى في سورة التوبة وسورة الصف وسورة الفتح {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق } يعني الدين الذي يدين به العباد إلي الله عز وجل.
5- الملة: كما في قوله تعالى في سورة البينة { وذلك دين القيمة } أي الملة المستقيمة.

* هناك ما يسمي بالإعجاز البلاغي والبياني والعلمي للقرآن الكريم كيف تنظرون لذلك.
– القرآن الكريم معجز فى كل شىء ، ووجوه الإعجاز فى القران الكريم كثيرة ، فهو معجز فى بلاغته وبيانه ، ومعجز فى سبقه العلمى للبشرية كلها ، ونشير بلمحة موجزة إلى بعض هذه الوجوه :
أولا : الإعجاز البلاغى والبياني :
من الثابت أن العرب وقت نزول القرآن كانوا أهل فصاحة وبيان بل ارتقي العرب في هذا الوقت إلى قمة مدارج البيان ولم يعهد بقوم إقامة سوق للكلمة والبيان إلا عند العرب قبيل بعثة النبي ﷺ، وكانت الكلمة البليغة تقع في نفوس العرب موقع الموسيقى فتطربهم والقصيدة الطويلة فتهزهم، وكان حداؤهم لإبلهم رجزا وتدليلهم لأبنائهم أنماطا من البيان, هؤلاء الذين خاطبهم القرآن، فرأوا فيه نوعا من البيان لم يعرفوه من قبل فانجذبوا إليه وأقروا بتأثيره ولم يستطيعوا أن يماروا فيه، بل خروا صاغرين أمام بلاغته، معترفين بأنه يسمو على قدرهم، ويعلو على طاقتهم ، وبالرغم من أن العرب كفروا بالقرآن،ولم ينقادوا للإيمان، لكنهم لم يستطيعوا أن ينالوا من القرآن، ولما دبروا وقدروا في أمره قالوا : إنه سحر يؤثر، وذلك يتضمن الإقرار باستيلائه على نفوسهم وعلوه على كلامهم، وإن كان من نوعه وسمو معانيه.
ثانيا: الإعجاز العلمي:
وأما الإعجاز العلمي في القرآن الكريم فيقصد به الآيات التي تتكلم عن موضوعات علمية ظهرت أماراتها واتضحت معالمها بعد نزول القرآن بمئات السنين ، قال تعالى { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } ( فصلت : 53 )
والعلماء في هذا المجال منقسمون الى فريقين: فريق يرى أن هذه الحقائق وتلك المعلومات لم تذكر في القرآن للتسلية إنما لابد من الافادة منها لهداية البشرية إلى دين الإسلام، وتعريف الإنسانية بأن الإسلام دين الحق والصراط المستقيم الموصل إلى مرضاة رب العالمين، وأن وجود آيات نزلت في القرآن الكريم منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام تتحدث عن حقائق علمية لم يهتد لها أساطين العلم في شتى المجالات إلا بعد أكثر من ألف عام لهذا أكبر دليل على أن هذا الكتاب منزل من عند رب العالمين وأنه كتاب لا ريب فيه من رب العالمين وأنه كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير.
وأما الفريق الثاني ومنهم سيد قطب فيقول:
ونحن أصحاب هذه العقيدة لا نحاول أن نحمل النص القرآني المستيقن على نظرية غير مستيقنة تقبل اليوم وترفض غدا، ولذلك لا نحاول أن نوفق بين النصوص القرآنية والنظريات التي تسمى علمية، وهي شيء آخر غير الحقائق العلمية الثابتة القابلة للتجربة كتمدد المعادن بالحرارة وتحول الماء بالبخار، وتجمده بالبرودة،إلى آخر هذا النوع من الحقائق العلمية ، إن القرآن الكريم ليس كتاب نظريات علمية، ولم يجيء ليكون علما تجريبيا كذلك، وإنما هو منهج للحياة كلها منهج لتقويم العقل , وينطلق في حدوده، ولتقويم المجتمع ليسمح للعقل بالعمل والانطلاق دون أن يدخل في جزيئات وتفصيليات عملية بحتة فهذا متروك للعقل بعد تقويمه وإطلاق سراحه.
وأرى أنه من الواجب الفائدة بالإعجاز العلمي ليس في القرآن فحسب بل في القرآن والسنة، ولكن مع احترام النصوص وتفسيرها طبقا لقواعد اللغة العربية من غير تكلف ولا تعسف، ويرجع في فهم السنة المطهرة لرجال الحديث الثقات.

* ما هى فضائل تعلم القرآن الكريم وتعليمه ؟ وما فضل تلاوته ، فضل حفظه ، فضل الاجتماع على قراءته ،وتدارسه ؟
– القران الكريم كلام الله عز وجل ، وكلام الله عز وجل أفضل الكلام ، وفضل كلام الله على ما سواه من الكلام كفضل الخالق على المخلوق ، وقد جاءت نصوص كثيرة تدل على فضل تعلم القرآن وتعليمه وفضل تلاوته ومنها :
قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ } ( فاطر 29 )
وقال تعالى { ورتل القرآن ترتيلا } ( المزمل : 4 )
ومن السنة أحاديث كثيرة منها ، ما روى عن عثمان بن عفان رضى الله عنه قال ، قال ﷺ: { خيركم من تعلم القرآن وعلمه } رواه البخارى وابو داود والترمذى
وعن عائشة رضى الله عنها قالت ،قال رسول الله ﷺ: { الذي يقرأ القرأن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة ،والذي يقرأ القرآن ،وهو يتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران } متفق عليه
وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن رسول الله ﷺ قال :{ إن الله تعالى يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين } رواه مسلم
والحديث الشهير عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ: { من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف } رواه الترمذى ، وقال : حديث حسن صحيح ، وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ: { اقرؤوا القرآن ، فإن الله تعالى لا يعذب قلبا وعى القرآن ، وإن هذا القرآن مأدبة الله ، فمن دخل فيه فهو آمن ، ومن أحب القرآن فليبشر } رواه الدارمى وغيره
وأما الاجتماع على تلاوة القرآن وتدارسه فعمل رغب فيه الشرع ، وحث عليه ، فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله عز وجل فيمن عنده } رواه أحمد وأبوداود

فضل حفظ القران الكريم
حافظ القرآن من أهل الله وخاصَّته ، وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على علو مكانة حافظ القران ومنها :
1 – عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله ﷺ: «إنَّ للهِ أهلين من النَّاسِ قالوا من هم يا رسولَ اللهِ قال أهلُ القرآنِ هم أهلُ اللهِ وخاصَّتُه”

2 – القرآن يرفع حافظه: عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها ذكرت عن النبي ﷺأنه قال: «مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ».

3 – رفعة القدر في الدنيا: عن عمر- رضي الله عنه- قوله: «أما إنَّ نبيَّكم ﷺ قد قال: إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ»، كما جاء في سنن أبي داود من رواية أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ”.

4- عن أبى أمامة – رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله ﷺيقول: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ…».

5 -عن النبي ﷺأنه قال:«يُقالُ لصاحبِ القُرآنِ يومَ القيامةِ اقرَأْ وارْقََ ورتِّلْ كما كُنْتَ تُرتِّلُ في دارِ الدُّنيا فإنَّ منزلتَك عندَ آخِرِ آيةٍ كُنْتَ تقرَؤُها».

* ما هي أفضل الوسائل والطرق لحفظ القران كاملا ؟
-من أهمِّ النصائح التي يرشد العلماء من أراد حفظ القرآن الكريم إليها ما يلي:

1 – الإخلاص: فإن الإخلاص من أهم الوسائل المُعينة على حفظ القرآن الكريم، لأن الحافظ أمينٌ على رسالة الوحي الخالدة التي نزلت على قلب رسول الله ﷺ وحفظت في الصدور وفي السطور.
2 – تصحيح النطق : بأن يقرأ القرآن قبل حفظه على المشايخ المتقنين ويتعلم منه كيفية النطق الصحيح للآيات، خاصة المواضع التي فيها تشابه وصعوبة في اللفظ

3 – تحديد كمية الحفظ: حيث إن لكل شخصٍ حداً ومقداراً معيناً لا يستطيع أن يزيد عليه، وتحديد مقدارٍ ثابتٍ للحفظ يعتبر من أهم الوسائل المعينة على ديمومة الحفظ والصبر عليه.

4 – اختيار الزمان والمكان المناسبين: فينبغي على الذي يريد حفظ كتاب الله أن يُحدد المكان والتوقيت المناسب للحفظ؛ فلا يحفظ في وقت اشتداد الحر أو في مكانٍ مليءٍ بالإزعاج وأفضل مكانٍ لحفظ القرآن على الإطلاق المسجد.

5 – لا ينبغي على الذي يريد حفظ القرآن الانتقال إلى موضع حفظٍ جديد حتى يُتقن الذي حفظه سابقاً؛ حيث إن ذلك يؤدي إلى تشتيت القرآن في عقله ولا يكون قد استقرَّ في ذهنه شيءٌ منه إلا النزر اليسير.

6 – حافظ على الحفظ من مصحفٍ خاص ( له رسمٌ واحد)؛ لأن عقل الإنسان يهتمُّ بالتفاصيل فإذا تغيرت المصاحف في رسمها من حيث عدد الأسطر ولون الكلمات تشتت الحافظ ولم يُثبت حفظه كما ينبغي.

7 – المحافظة على ترابط السور والآيات: فالسورة الواحدة تحتوي على أحداث متسلسلة، وكذلك الآيات الطويلة؛ فلا ينبغي حفظ جزءٍ من السورة ثم الانتقال إلى موضعٍ آخر منها دون ربط السابق باللاحق، والترابط بين آيات السور وقصصها يُسهل من الحفظ ويجعله يسيراً مرناً.

8 – الفهم من أسرع طرق الحفظ: فإن الحافظ إذا فهم مغزى الآيات حفظها وإن توضَّح له معناها سهُل عليه الربط بين جزئيات السورة وبالتالي حفظها بيسرٍ وسهولة.

9 – التفسير يُعين على الحفظ: فيجب على من يرد حفظ القرآن أن يقرأ التفاسير ليُدرك أسباب النزول والمعاني الخفية وراء الآيات وبعض الكلمات ذات الدلالات البعيدة، ما يُعينه على الحفظ بشكلٍ أيسر.

10 – العناية بالمتشابهات: في بعض المواضع المتشابهة بين السور والآيات ينبغي العناية بتلك المواضع وربط أطراف الآيات ومواضع السور حتى يسهل التفريق بين المتشابهات من الآيات والسور.

11 – التسميع والتسابق مع أهل القرآن: فينبغي على من يرد الحفظ أن يختار صُحبةً ممن يسعون إلى حفظ كتاب الله ليشجعوه على الحفظ ويتسابق معهم عليه ما يُحرك فيه روح المنافسة ويجعله أكثر نشاطاً وهمة.

12 – معاهدة القرآن الكريم: حيث إن القرآن الكريم شديد التَّفلُّت من صاحبه ما لم يتعاهده بالمراجعة والمذاكرة.

13 – اغتنام سنوات الحفظ: فينبغي أن يسعى الإنسان إلى تحفيظ أبنائه القرآن الكريم وهم في بداية عمرهم حتى يسهل عليهم الحفظ ويترسخ في أذهانهم، وهذا لا يعني عدم قدرة الكبار على الحفظ إن توافرت العزيمة والإرادة لذلك.

14 – المحافظة على الورد: ينبغي على الحافظ أن يجعل له ورداً مخصصاً يذاكره يومياً حتى يترسخ القرآن في عقله وقلبه.

*بعض الناس يختم المصحف فى شهر واحد وبعضهم عدة مرات فى الشهر الواحد ، خصوصا فى شهر رمضان ، ترى ما هى الطريقة المثلى لختم المصحف ؟
-ليس لختم القران مدة محدودة، وأحسن ما يفعل في ذلك: ما بيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن كيفية قراءة القرآن، حين أخبره أحد الصحابة بأنه يختم في كل يوم ويصوم الدهر، فأمره النبي صلى ﷺ أن يصوم ويفطر، وأن ينام ويقوم، وأن يختم في كل شهر، وقال إن لنفسك عليك حقًا، وإن لأهلك عليك حقًا، وإن لضيفك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه فاستزاده فانتهى معه إلى أسبوع، قال: اقرأه في كل أسبوع، في كل سبعة أيام.
فأفضل ما يقرؤه في سبعة أيام، وإن زاد فلا حرج، في شهر.. في عشرين.. في أكثر، وأقل ما يقرؤه فيه ثلاثة أيام، كما في الحديث: لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

* ترجمة معاني القرآن الكريم الى اللغات الحية كان لها الدور الأهم في هداية الاف الاوربيين وبقية الشعوب غير المسلمة الى الاسلام وتعريفه لهم ، بماذا تنصح المترجمين المحترفين وكل من ندبوا انفسهم لهذه المهمة الجليلة وهل نحن مقصرون في هذا الجانب العظيم ؟

ترجمة القرآن الكريم إلى لغات العالم -وخاصة إلى اللغات الحية- أمر على غاية من الأهمية؛ لما تقوم به هذه الترجمة من تعريف بأصول الإسلام، وبيان لقواعد هذا الدين الحنيف،
والترجمة تنقسم إلى قسمين: ترجمة حرفية، وترجمة معنوية أو تفسيرية.
أما الترجمة الحرفية: فهي نَقْل الكلام من لغة إلى لغة أخرى، مع مراعاة الموافقة في النظم والترتيب، والمحافظة على جميع معاني الأصل المترجَم ، وأما الترجمة التفسيرية: فهي شرح الكلام وبيان معناه بلغة أخرى، دون مراعاة لنظم الأصل وترتيبه، ودون المحافظة على جميع معانيه المرادة منه.
والترجمة الحرفية للقرآن أمر غير ممكن بالنسبة لكتاب الله العزيز؛ وذلك لأن القرآن الكريم نزل لغرضين أساسيين:

أولهما: كونُه آية دالَّة على صدق النبي ﷺفيما يبلغه عن ربه عز وجل؛ وذلك بكونه معجِزاً للبشر، لا يقدرون على الإتيان بمثله، ولو اجتمع الإنس والجن على ذلك.

ثانيهما: كونه هداية للناس لما فيه صلاحهم في دنياهم وأخراهم.

والترجمة التفسيرية من الأمور التي فُرِضَت على الأمة؛ بل هي آكد؛ لما يترتب عليها من المصالح المهمة؛ كتبليغ معاني القرآن؛ وإيصال هدايته إلى الناس أجمعين، ممن لا يتكلمون العربية، ولا يفهمون لغة العرب، وأيضاً حماية العقيدة الإسلامية من كيد الملحدين، والدفاع عن القرآن بالكشف عن أضاليل المبشرين، الذين عَمَدُوا إلى ترجمة القرآن ترجمة حَشَوْهَا بعقائد زائفة، وتعاليم فاسدة، ليُظهروا القرآن لمن لم يعرف لغته في صورة تُنَفِّرُ منه، وتَصُدُّ عنه؛ ولهذا كان من الضروري ذكر الشروط التي يجب أن تتوافر وتراعى، لتكون الترجمة التفسيرية ترجمة صحيحة مقبولة، وهذه الشروط التي يجب مراعاتها في عملية الترجمة:

أولاً: أن تكون الترجمة مستوفية شروط التفسير، لا يعول عليها إلا إذا كانت طبقا لقواعد اللغة العربية، والأصول المقررة شرعاً.
ثانياً: أن يكون المترجِم بعيداً كل البعد عن الميل إلى عقيدة زائفة تخالف ما جاء به القرآن،
ثالثاً: أن يكون المترجم عارفاً بكل المصطلحات اللغوية الواردة في القرآن، متمكناً من دلالاتها الشرعية على الأحكام المرادة بها، حتى يكون قادراً على اختيار اللفظ المعبر عن المعنى المراد.
رابعاً: أن يكون المترجِم عالماً باللغتين، المترجَم منها والمترجَم إليها، خبيراً بأسرارهما، يعلم جهة الوضع والأسلوب والدلالة لكل منهما.
خامساً: أن يُكتب القرآن أولاً، ثم يؤتى بعده بتفسيره، ثم يُتبَع هذا بترجمته التفسيرية، حتى لا يتوهم متوهم أن هذه الترجمة ترجمة حرفية للقرآن.
وأخيرا :
يفضل أن تكون الترجمة خاضعة لإجتهاد جماعى وتحت إشراف المجامع العلمية وهيئات كبار العلماء فى الدول الإسلامية حتى تخرج على أفضل وجه واقرب معنى لمراد الله عز وجل من كتابه الكريم.

لملمت أوراقي شاكرا للدكتور حلمي عبد الحكيم الفقي / مدرس الفقه بجامعة الازهر لما أتحفنا به من درر ولآلئ، وفي ذهني أربع إصدارات حديثة عن القرآن الكريم تستحق القراءة والمتابعة بحق ،الأول كتاب “القرآن نسخة شخصية “للدكتور احمد خيري العمري،والثاني “مجالس النور في تدبّر القرآن الكريم وتفسيره” بأربع مجلدات للدكتور محمد عياش الكبيسي بالاشتراك ،والثالث هو كتاب “أسئلة وأجوبة بضبط الألفاظ المتشابهة” للشيخ دريد ابراهيم الموصلي ، والرابع هو ” التفسير التفاعلي الميسر” ويضم كل من ” تفسير السعدي ، تفسير الجلالين ، السراج في غريب القرآن ، الميسر في غريب القرآن ، المختصر في التفسير، التفسير الميسر ، تفسير ابن جزي ، تفسير ابن عاشور” . اودعناكم اغاتي