21 ديسمبر، 2024 8:11 م

قدر العراق أن يكون قرباناً

قدر العراق أن يكون قرباناً

لا يُعرف إن كان ثرثرة كلام أم سيناريو يجري ترتيبه خلف الكواليس، في كل الأحوال فقد توزعت ردود أفعال العراقيين حول تغريدة نشرها المدون الإسرائيلي “إيدي كوهين” على منصة يحذر فيه الميليشيات العراقية بأن ميناء البصرة سيلاقي نفس مصير ميناء الحديدية فيما إذا أطلقت صواريخها نحو إسرائيل، ورغم أن التغريدة لاقت سخرية وإستهزاء من بعض العراقيين، إلا إن البعض الآخر منهم وجدها فرصة للتمعّن ودراسة ما خلف هذه التغريدة.

في مفاجآت سياسية من النوع الثقيل بدأ يسجلها المشهد الدولي والذي سيجعل العراق مُرغماً بالدخول في دوامته، كان أولها إنتخاب الرئيس الإصلاحي الإيراني الجديد بيزشكيان في هذا الوقت الذي أربك حسابات القوى الفصائلية التي تهيمن على المشهد السياسي في العراق، بيزشكيان الذي يدعو إلى سياسة أكثر تسامحاً وإنفتاحاً على الغرب وضرورة عدم البقاء في القفص إلى الأبد، مما يؤشر توجهاً يحمل في عمقه تغيراً في الإستراتيجية الإيرانية التي قد تمتد إلى منطقة الشرق الأوسط، لكن ذلك لا يمنع إيران من إستخدام أذرعها الموجودة في المنطقة لتنفيذ غاياتها ومآربها وتحقيق منافع حتى ولو على حساب شعوب المنطقة، فقد صرّح القائد العام لقوات الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي إن نشاطات حزب الله العراقي واللبناني ستغير الخارطة السياسية للعالم.

وأضاف سلامي في ملتقى قادة القوات البرية للحرس الثوري “إن نشاطات المقاومة التي يقوم بها حزب الله في العراق وحزب الله اللبناني وعملية الوعد الصادق، هي أحداث كبرى ستغير تدريجياً الخريطة السياسية للعالم الإسلامي وغرب آسيا”.

ماذا لو عاد ترامب إلى الرئاسة في البيت الأبيض ومكتبه يحتفظ بمذكرة القبض التي أصدرها بحقه القضاء العراقي بتهمة إغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وكيف سيتعامل الرئيس الجديد للولايات المتحدة مع ذلك الموقف العراقي الذي صدر ضده؟ وهل من المعقول أن لا يرد الصفعة التي قد تشمل النظام السياسي برمته؟.

بعد تغريدة السفيرة الأمريكية في بغداد إلينا رومانوسكي بشأن الحوار الجاري بين العراق والولايات المتحدة في أمريكا وعدم تطرقها إلى ملف الإنسحاب، فيما أشارت إلى الجهود المبذولة لتعزيز التعاون الأمني الثنائي والعلاقات العسكرية، والتي تعكس إلتزام الولايات المتحدة الدائم بدعم سيادة العراق وأمنه وإستقراره، وبقراءة أولية للبيان يظهر سذاجة من يقول إن القوات الأمريكية ستخرج من العراق، كما يظهر تراجع الأصوات الداعية إلى إنسحاب القوات الأمريكية من العراق خصوصاً إذا جلس في البيت الأبيض رئيساً مثل ترامب.

معادلة “ميناء الحديدية مقابل تل أبيب” قد تستدرج دولاً أخرى إلى الصراع، فقد وصف الأمين العام للنجباء العراقية أكرم الكعبي الهجوم الإسرائيلي على الميناء اليمني بأنه “لن يُترك من دون رد وعقاب” مما عزز إنتهاء مهلة الأربعة أشهر التي أُعطيت لوقف عملياتها ضد الأمريكان من أجل إعطاء المبادرة للحكومة العراقية للتفاوض مع الأمريكان لغرض خروجهم من العراق، ودليل على إنتهاء الهدنة هي الصواريخ التي إنهالت على قاعدة عين الأسد معلنة البدء بفصل جديد من الإشتباك.

إنقلاب الفصائل المسلحة على الحكومة العراقية وتعهداتها بالإلتزام بوقف الهجمات سيجعل من الإدارة الأمريكية أخذ زمام المبادرة والتعامل مع الموقف بإرادة أمريكية بحتة دون اللجوء للحكومة العراقية مما قد يعيد إلى الأذهان محاولات الإستهداف الأمريكي للفصائل وقادتها بشكل أو آخر وعلى الأراضي العراقية.

اللوبي الأمريكي الذي تبنّى إتهام نتنياهو بأن إيران تموّل الإحتجاجات داخل أمريكا يجعلنا نستعيد الذاكرة للأحداث التي سبقت إسقاط النظام السابق صدام حسين عندما تم التحشيد الإعلامي ومن وراءه العسكري لضرب العراق، فنتنياهو يريد من عنوان إتهام إيران بالإضطرابات أن يجعل كرة الثلج تكبر وليصنع رأي عام ضد إيران عندما يحين موعد الحرب بين حزب الله اللبناني وإسرائيل.

يعيش الشرق الأوسط على صفيح ساخن ينتظر شرارة صغيرة لإندلاع حريق قد يأكل الأخضر واليابس يكون وقوده العراق ودول في المنطقة لا ناقة لها سوى حركات بهلوانية يُراد لها التاثير في السياسة لصالح إيران التي تلعب بالبيضة والحجر وهي على إستعداد لحرق العراق بأكمله من أجل عيون نظامها، فهل سيكون مصير العراق مثل مصير الحديدية؟ نتمنى ونرجو غير ذلك.