عمد الباحث (الـبارسايكولوجي) محمد جاسم عيسى في كتابه “قدرات الدماغ البشري الفائقة”* إلى استقاء المعلومات (الـبارسايكولوجية) والأفكار والتجارب العلمية ، من مصادر متعددة ، اطلع عليها بجدية و دقة ، وكذلك ممارسات وتجارب شخصية له في هذا الجانب ، ومن ثم أجرى عملية ربط وتفاعل بينها ، ولعل بعضها لم يكن جديداً على الساحة المعنية بهذا الشأن، و بالإمكان عدّ ما يرد في بعض أطروحاته ، ما يثير الاختلافات بين المعنيين بهذا الأمر و لعلها افتراضات ترقى إلى المستوى النظري والعملي بشأن علم (الـبارسايكولوجي) وآفاقه. يفتتح القاص والروائي العراقي(حميد المختار) الكتاب، بمقدمة عنوانها ((أبو ايفان))، يكشف فيها أن (محمد جاسم عيسى) ترك كتابه مخطوطاً أمانةً لديه، قبل أن يرحل في البصرة، صباح الخامس والعشرين – شباط عام 2013 ، و:”لعله قد أدى الأمانة لأستاذه وصديقه ، محمد جاسم عيسى، من خلال نشر كتابه”(ص7). (محمد جاسم عيسى) ، منذ منتصف الستينات ، كانت له نشاطات ثقافية وأدبية وفنية،في مدينة البصرة، ونشر شعره وبعض دراساته في الصحف والمجلات العراقية ، و تربطه علاقة وطيدة مع بعض الأدباء والكتاب والفنانين، وبعض الشخصيات الاجتماعية المعروفة في البصرة وكذلك بعض الكتاب والأدباء العراقيين والعرب.بالنسبة للقراء الكرام لمَنْ يرغب حضرتهم الاطلاع على السيرة الحياتية والاجتماعية والنضالية والمهنية والثقافية-الفنية لـ(محمد جاسم عيسى) مراجعة مقالي المنشور عنه في صحيفة( المدى/العراقية) الغراء ، وهذه الصحيفة اليومية-الالكترونية الكريمة- المعنون (الدُّرالنَفيسْ). كتب(محمد جاسم عيسى) عدداً من المسرحيات وأخرجها عندما كان طالباً في كلية الحقوق، جامعة البصرة. وكذلك كتب السيناريو السينمائي، وتعرف على المخرج السينمائي (قاسم حول)، وعمل معه في دمشق ، في فيلم (اليد) ، بدعم “مؤسسة السينما السورية”- دمشق ولصالح” “منظمة التحرير الفلسطينية”. يذكر القاص والروائي (حميد المختار) في كلمته مقدمته للكتاب : (محمد) ابن عمه قد رآه في حداثة سنه، حين كان يزورهم في مدينة (الثورة) في الستينات، وكيف كان يقص عليهم قصصه الغرائبية عن الموتى وأشباحهم وحكاياتهم المخيفة، فكان أول مَنْ غرس في داخله حب القصص السحرية ذات المنحى الغرائبي الادهاشي(ص6). مقدمة الكتاب، للبارسايكولوجي،الأستاذ (محمد صالح حبيب/أمين سر رابطة البارسايكولوجين العراقيين). أكد فيها: أن (محمد) بالنظر لثقافته الغنية العامة، و في علوم (الباراسيكولوجي) بالذات ، ومحاضراته المتعددة الأصيلة الجادة، المثيرة، وتوجهاته العلمية في هذا الشأن، والتي قدمها في (رابطة البارسايكولوجين العراقيين – بغداد)، انتخب رئيساً لـلرابطة، كما لـه باع طويل في مجال الاستشفاء (البارسايكلوجي) وهو على درجة عالية من التواضع وكُره الشهرة، ولهذا نراه لا يعالج إلا برجاء من المعارف والأصدقاء ولم يقبل أجراً عن عمله الإنساني مطلقاً، وأنه كان يوثق كل حالة من هذه الحالات في سجل من القطع الكبير ويحتفظ به لنفسه، ولا يسمح بالإطلاع عليه، لأي كان، وقام بتوثيق بحوثه بسرية تامة، وأشار لمن عالجهم(باراسيكولوجياً) من الرجال والنساء، وبمختلف الأعمار، بالرموز الأولى لأسمائهم دون الكشف أو الإعلان عنها نهائياً، وحتى في أحاديثه الخاصة مع خلص معارفه. (محمد) رجل قانون ومشاور قانوني كبير، وهذا التخصص ساعده كثيراً لغربلة ما يطرح من أفكار وفرز كل ما هو مغشوش وخادع وكاذب، ويقع في منطقة الهرطقة والدجل والشعوذة، انطلاقاً من فكره المحايد المستقيم ومسؤوليته التربوية والأخلاقية ونزعته الإنسانية وثقافته العلمية، فجاءت بحوثه تحمل كل ما هو جديد وممتع وموثق. وكون الأستاذ (حبيب) أمين سر (رابطة البارسايكولوجين العراقيين/بغداد) فقد حضر معه، جلسات عدة لأمراض ميؤوس منها، وكانت النتائج ناجحة ومدهشة ، وهي موثقة (بالرموز) في الرابطة.ويضيف:” أن رابطة (البارسايكولوجين العراقيين) لا يعنيها مَنْ يصدقَ أو لا يصدق ما يجري فيها، من تجارب علمية موثقة ، لأنهم ليسوا طلاب شهرة ابتداءً ، ولولا مناسبة صدور هذا الكتاب لما تطرق لذلك”(ص11-12 ). ولـ(محمد جاسم عيسى)، مراسلات خاصة مع جمعيات وشخصيات دولية متخصصة في علم (الـبارسايكولوجي) باللغتين الانكليزية والألمانية، حيث أوفد إلى (المانيا الشرقية سابقا) للحصول على الدبلوم العالي في التعاون، موفداً من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، بترشيح (مديرية التعاون) في نينوى- الموصل- التي عمل فيها باحثاً ومشاوراً قانونياً في الأعوام 72-2004.وكذلك له مراسلات ولقاءات مع شخصيات مهتمة بهذا الشأن في العالم العربي. الملاحظ أن الباحث الـ(الباراسيكولوجي) (محمد جاسم عيسى) وفي مجال دراسته لـقدرات الدماغ الإنساني، يرسم صورة مستقبلية للبشرية، ويتنبأ بان الإنسان في المستقبل ليس بحاجة لوسائل الاتصالات والمواصلات وكذلك لا يحتاج المركبات الفضائية لاستكشاف الفضاء بل سيتمكن من أن يسبر أغوار الكون اللامتناهية بقدرات(باراسيكولوجية) ودون حاجة إلى بناء قواعد وإطلاق مركبات فضائية بعد أن يكتشف انه يحمل أعظم قاعدة إطلاق في داخله، وهذه القاعدة بإمكانها إطلاق موجات خاصة. وقد أطلق عليها في كتابه بـ((الموجات البايكترونية))، والتي ، كما ذكر، بإمكانها الوصول إلى أي نقطة في الكون بزمن يقترب كثيراً من الصفر، ومن ثم تزويدنا بأدق المعلومات عن هذا الكون الذي نعيش فيه(ص82 ). قسم الكتاب على(23 مبحثا) نظرياً وعملياً ومنها: جهاز مركزي وثلاثة أنظمة، والإثارة والكف من قدرات الدماغ البشري، وقابلية المخ البشري، وتحفيز المراكز الحساسة في لحاء المخ، وإعادة توازن الأداء الوظيفي لمركز حسي معين، وأساليب معالجة الاضطرابات الوظيفية، والتحيز والقدرات الفائقة، والصراع الخفي، والحدس والاستشفاف ، و الفكرة حالة حركية ، ونقطة التحول والتفكير، ونظام الكلام والفكرة، وقوانين الكون والفكرة ، والألم والخوف ، و الإحساس والألم..الخ. وبعض المباحث اشتملت على أقسام فرعية عدة. يعد علم (البارسيكلولوجي) من العلوم العصرية والحديثة وهو يسعى،حسب المختصين والعاملين في هذا الجانب، للكشف عن الإمكانات والطاقات الخارقة في الفكر البشري، و محاولة صياغة التفسير العلمي المقبول لهذه القدرات، والتي لا تحد وقد حيرت كثير من المفكرين والعلماء والباحثين. كما يحتوي الكتاب في مبحث: (حالات ودلالات…ص 135 -154 ) على تجارب موثقة أجراها (محمد) على بعض الذين استعانوا به، نساءً ورجالاً ، وفي مختلف الأعمار، ومن كل أنحاء العراق، ومنهم مرضى(السرطان)، وكانت النتائج ناجحة ومبهرة، بعد أن اكتسبت الحالات المُعالجة الشفاء التام من خلال العلاج باللمس والموجات الفكرية والحسية المشفرة. يصل الباحث (البارسيكلولوجي) (عيسى)، في بحوثه ، التي تضمنها كتابه ، والذي تألف من (174 ) صفحة من القطع المتوسط ، إلى أن تفاعل العقل الإنساني مع الوجود الكوني قائم على التوصل ” لما هو غير مُدرك” من خلال “ما هو مُدرك”. ويتطرق في أبحاثه إلى وجهات نظر وكشوفات، خاصة به، يؤكد فيها أن ثمة:” حالة تفاعلية بين الخبرات الحسية عند الإنسان ونظام الكلام، ينتج عنها ترجمة للأحاسيس، وتعدّ عنصراً فاعلاً في عملية التفكير عند الإنسان”. ما يلاحظ في الكتاب أن الباحث(محمد جاسم عيسى) قد اعتمد كلية على دراسات وأطروحات العالم الروسي “بافلوف” خاصة في نظرية” الانعكاس والانعكاس الشرطي” إلى درجة التبني المطلق، متجاوزاً ، أن بعض طلاب و مريدي نظرية “بافلوف” قد أضافوا لها ،وبعضهم قد تحفظ،دون الإعلان العلني على بعض أطروحاته وفي( الاتحاد السوفيتي) السابق ذاته، أما في العالم الرسمألي فقد تم مهاجمة بعض تلك الأطروحات بشراسة وبعضها لأسباب لم تكن لأمور علمية بحتة بل سياسية ، في زمن ما كان يسمى بـ”الحرب الباردة”. لعل الأفكار والآراء والأطروحات الواردة في الكتاب، ستحظى باهتمام وفحص جاد ، من قبل المعنيين في (البارسيكلولوجي)، الذي يعد من العلوم العصرية الحديثة، وربما ستثير أطروحات واجتهادات الباحث البارسيكلولوجي (محمد جاسم عيسى) جدالاً متواصلاً، ألان أو مستقبلاً ، بين مَنْ يؤيد، أو يضيف إلى ما ذهب إليه وطرحه بوضوح موثق في كتابه، أو مَنْ يعارضه ويسعى لتفنيده، لكن لا يمكن الاستهانة أو التشكيك بألمعية وجدية وإخلاص وتنوع ما طرحه ووثقه في كتابه.
*مكتبة عدنان- شارع المتنبي- بغداد – بالتعاون مع دار(صفحات) للدراسات والنشر- دمشق- 2014- ط1.