22 ديسمبر، 2024 11:56 م

قبور تحلم بأجنحة غيرِ مقيدة

قبور تحلم بأجنحة غيرِ مقيدة

حلمٌ يمتطيهِ أخدودٌ مالحٌ
يُبكي صهوةَ فجرٍ فهرسٌ كاملٌ.
لا سفحَ لهُ فوقَ منديلٍ يهتزُّ تحتَ يديكَ اليابستين
لا سهلَ لهُ في قارةٍ من زبيبٍ أصفرَ
يغسلُ وجهَ أعشابٍ و تلالٍ خلفَ صورةٍ قديمةٍ

حلمٌ فأسُهُ رخيمٌ يعزفُ للصّمتِ سمفونيّةً مجهولةً.
هل رأيتَ حلماً أخرسَ يدقّ كلّ مساءٍ ؟
مفتاحُهُ تاهَ تحتَ وطأةِ أنيابِ ذئبٍ أخرسَ
ثمْ تاهتْ فراشاتُ النّهرينِ تغرقُ في خريفِ العمرِ
لا تنتظرُ الأيّامَ الغائمةَ .
لا تغرّدُ الرّوحُ لقرنفلةٍ ضاعَتْ في دفترٍ معلّقٍ بينَ ذاكرةٍ لاتبتسمُ وبينَ خطواتٍ مؤذيةٍ.
تنتشي مخدّةٌ وتسيرُ نحوَ محرابِ حلمٍ يركضُ وراءَ أحصنة ٍ تاهتْ بين ذراعينِ في مرمى غيمةٍ جريحةٍ خانها طينُ الوقتِ …
لا تتهافتُ سنبلةٌ خلفَ مرآةٍ غامضةٍ ترتجفُ أمامَ الزّوارِ فالغرباءُ لا يعرفونَ لغةَ عيونِها..
لا تهادنُ شجرةُ صفصافٍ بالعزفِ عن منبعِ نبيذٍ ومصبِّهِ فالحلمُ يلازمُ تاريخَ عجوزٍ ؛أنفاسُه عرشٌ أحمرُ…
هل للحلمِ حكمتُهُ وللمرآةِ عذريّتُها في جزيرةٍ فقدتْ رئةَ نايٍ يتيمٍ؟
أنا ذاكَ الحجرُ الّذي نبتَ تحتَ ثنايا الرّمادِ خانتْهُ رياحُ مرآتِهِ في ديوانٍ كاملٍ
أنا النّهرُ الّذي تركَ واديَ حزنٍ وركضَ نحوَ قاموسِ نافذةٍ مغلقةٍ.
أنا الومضةُ أقلُّ رماداً بينَ شقائقِ الكلماتِ
ظلالي نخلتان تغنيان مواويلَ لا تنسى كفَّ المكانِ
لاشيءَ يدعو يبشّرُ بقدومِ قوافلِ السنونو
انْ لمْ تكنْ شامخاً ،لا تستطيعُ الصّعودَ فوقَ سفوحِ الجبالِ .
لايهمسُ البابُ لخريرٍ خسِرَ ربيعَهُ و مازالَ يكنّسُ أردافَ محطةٍ نائمةٍ.
أنفاسُه تُغرقُ نهايةَ خريفٍ في عرشِ دخانٍ .!
لمن يورقُ الزّيزفونُ ،والرحيلُ عزفُ حياةٍ لاتهزمُ رائحةَ بخورٍ فوقَ ضفافِ نهرٍ خانَهُ خصرُ زمنٍ بقيَ شريداً يهرولُ حافياً في مكانٍ عابرٍ.
لن تستريحَ العصافيرُ على خدِّ الرّيشِ وريحٌ يجهشُ و يرتدي ثوبَ موالٍ أصيلٍ.
يعزفُ لحناً ربيعياً على شفاهِ فنجانٍ لا رئةَ لهُ
لاتغلقُ مقاماتِ أبوابِها للّيلِ
فالشمعةُ شوارعُها ألحانُ نهرٍ في بستانٍ أخضرَ..
يحتطبُ أغصانَ نباتِ الذلِّ و يدجّنُ أنفاساً من قرميدٍ
يهتزُّ معبدُه على كفٍّ خاملٍ ،عامودُهُ تنخرُهُ عاصفةٌ ترفضُ السّفرَ
فراشةٌ مغمّضةُ العينينِ تمشي بصمتٍ على سلالمَ متجهة ٍنحوَ أسفلٍ دامسٍ.
ما حاجةُ كأسٍ لمْ يطرقْ بابَهُ ماءٌ؟
منْ يفكُّ أزرارَ نهرٍ يسردُ لخريرهِ سيرةَ قميصٍ ضائعٍ؟
والوقت أسيرٌ مصلوبٌ بين ثنايا حكايا مالحةٍ.
قناصةٌ تغتالُ مزهريّةَ وقتٍ وترحلُ
لن تقبلَ الأحلامُ تحدّيَ مشارفِ الموتِ ،فالقبورُ تحلمُ بأجنحةٍ غيرِ مقيّدةٍ .
سيبقى النّهرُ سيّدَ الأنهارِ يسيرُ واقفاً مبتسماً ولن يموتَ .