23 ديسمبر، 2024 3:05 ص

قبل خمسين عاما لبثتُ هنا

أستظلُ بصفصافةٍ
وأحدّقُ في شرفةٍ قد تطلّّ..
أراها .. فتحلو الحياة .
لم تكن مثل باقي البنات.
هي حوريةٌ وأنا ساحرُ الملكات
والخيالاتُ عندي ينابيع قات
….
بعد خمسين عاماَ أتيت ..
يا لبؤس الديار

كلُّ شيءٍ هنا غامضٌ
وعلى الباب طَرقٌ قديمْ ..
العناكبُ في السقفِ ،
ثمّ شعاعٌ تسلل بين شقوق الجدار
وعلى الركن عشقٌ تعتّق مثل النبيذ
.. هواجس في الانتظار .
فدخلتُ إلى غرفةٍ من غبار
وتذكّرتُ ضوءَ السنين
و نفحَ النسيم المُداف بوردِ العرار
….
قبلتانِ على النافذة .
أهما شفتاي وراء الزجاج ؟ ..
: هما شفتاها ؟.
لم أرَ أحمر الشفتين..
فللون ظل الحِرار
أتلمسُ أثوابها وانوثتها
وأشمُّ بها عطرها ،
ذلك الجسد البضّ حين يفوحُ النضار
ورأيت رسائلها..
كُتبًا ودواوين شعرٍ مبعثرةً تحت دولابها
وحقيبتها وخواتم من ذهبٍ وسوار
أزحتُ التراب..
وعيناي للنافذة.
….
كَم أطلتُ الوقوفَ على بابها
وانتظارٌ يقــودُ الى شرفةٍ في الجنان
حين مرّت هناك ، ربما عبرتْ ،
ظلها، كان ذاك الضياء القريب،
يُعيدُ اليّ ازدهاء الفتوة والعنفوان

أتذكّر في ليلةٍ ماطرة،
وأنا تحت شرفتها مثل طيرٍ بليلٍ
وفي البرد ريحٌ بكل الجهات
أشرقت شمسها ،
حين نادت عليّ : تعال..
صعدت الى دارةٍ بابها موصدة .
حيث كانت وراء الزجاج
وليس امامي سوى النافذة!
….
رحلتْ نحو فجرٍ يطلُّ على حجرةٍ
غادرتها العصافيرُ مُذ صعدت روحُها للسماء
علّ يوماً أحنُّ إلى قبلةٍ في الهواء


أتذكّرُ ضحكتها
و ذراعـينِ ملهوفتينِ..
وحين دنوتُ.. دَنت..
ولا أستطيعُ
الوصول الى مقصدي
أيّ أنثى أرى نورها .. فأمدُ يدي ..
لا ألامس غير اشتياقٍ يلوبُ ، ولم يَجـــدِ
…….

١٦ أيلول ٢٠٢١