23 ديسمبر، 2024 6:30 ص

قبلة على قبر ميت رسالة وصلت متأخرة لاقيمة لها، لماذا نضيع كثير من فرص التصالح مع النفس حتى نقف لاحول لنا ولاقوة مقابل القدر المحتوم الذي يتخطفنا في غفلة منا ونتناسى هذا المصير؟ نغلق أبصارنا عن حقيقة الحياة، نصاب بعمى البصيرة بدافع الانتصار للنفس، متحصنين بالكره والحقد والعداوة، كم أخ في خصام مع أخيه؟ وكم قصة إرث فرقت روابط الأسر؟ كم خلاف عابر أنسى الابن حضن أمه؟ في صفحات الأيام قصص تتزاحم سطورها بروائح نتنة، وأحداث يشيب لها شعر الرضيع، والمحرض لكل هذه الأحداث الانتقام من الأحبة بنار الكره.

لماذا نتقن فنون إخراج الكراهية ونتقن وسائل نشرها بيننا؟ ولا نتعلم طرق التسامح ونشر المحبة، ونخجل في الحديث عنها لإخوتنا وأحبتنا؟ فيما الكره عكس ذلك، لدينا الشجاعة في ضرب المقربين منا بسياطها. استوقفتني دموع رجل ناهز الخمسين من العمر، دموع جعلتني أتساءل: هل كانت دموع حزن أم حسرة وندم؟ دموع ذرفها على قبر أمه بعد قطيعة وخصام سنوات من العمر. ماذا كان يريد أن يوصل بهذه الدموع المتأخرة الباردة التي فقدت حرارتها؟ تراب القبر لم يتعاطف معها، ووجوه أهله استنكروها، وكأنهم أرادوا أن يخبروه: وصلت متأخرًا، فلاعزاء لك، فات الأوان.