عندما تقطعت آماله ولم تفلح مناشداته القبائل العربية في استرداد ملك أبيه، قصد امرؤ القيس قيصر الروم لعله يوصله الى مبتغاه. و قال في ذلك:
بَكى صَاحِبي لمّا رأى الدَّرْبَ دُونه وأيقنَ أنــــا لاحقـــــانِ بقيـــــصرا
فَقُـلـتُ لَـهُ: لا تَبْــــــكِ عَيْنــــُـــــــــــــكَ إنّمَــا نحاوِلُ مُلْكاً أوْ نُموتَ فَنُعْذَرَا
و في طريق عودته مات في أنقرة دون أن يحقق من مراده شيئا. وهناك من يقول أن قيصر الروم كاد له بملابس مسمومة فتقرح جلده قبل أن يموت.
وبعد ألف وستمائة عام، يلجأ أحفاد ذي القروح الى قيصرة العالم أمريكا كي يستردوا أرضهم وسيادتهم من أبناء عمومة مرقوا من الدين ومن العقل كما يمرق السهم من الرمية. وقيصرة العالم حلابة ماهرة وضعت أول حساباتها على الطاولة، سبعة ملايين ونصف المليون دولار يوميا تكلفة عملياتها الجوية ، وهذا دون حسابات القياصرة الآخرين الصغار الذين يدبكون أذا دقت طبول أمريكا.
يتدربون تدريبا حيا بقصف البيوت والبشر، ويقبضون. يبيعون سلاحهم الذي انقضى أجله، ويقبضون. يقررون أمدا قدره ثلاثين عاما لبقائهم، وهذا ما تبقى من عمر النفط، ويقبضون. ونحن بين مهاجر ومهجر وضائع و مطرود ومقتول و مسبي، ننتظر.
وسواء أمات امرؤ القيس بمكيدة من قيصرالروم أم تخطفه الموت، فأننا لن نكون أحسن حالا ولا أقل خيبة، ولسنا بحاجة الى مكيدة لا من تركيا ولا من أمريكا، فبعد سنوات من الدمار أدت الى موت الأخلاق والضمير، وانسحاق الأمل، وتبخر الموارد، وتفتت الوطن بين أطماع أيران وحماقة الأخوة الجيران، لسنا بحاجة الى مكيدة كي نموت. فتركيا التي تمرنت على اللعب كما يلعب الكبار، وهي تنام و تصحو على أحلامها العثمانية، صارت تحكم اللعب بمصيرنا. وقد نجد أنفسنا لائذين بها شئنا أم أبينا بعد أن ينفد ماؤنا ونفطنا ويعز الصديق.