23 ديسمبر، 2024 8:30 ص

قبائح السلوك العقائدي!!

قبائح السلوك العقائدي!!

تأريخ البشرية يزدحم بالقبائح العقائدية أيا كانت , حزبية أو دينية وما يتشعب عنها من كينونات ذات طاقات إنفعالية تدميرية هائلة ومتنوعة الأساليب.

ولا يخلو أي سلوك عقائدي من الفعل البشع المروع المشين , فالعقيدة مهما كان نوعها توقد في أعماق البشر إرادة قتل الآخر وتدمير وجوده وترويعه.

ذلك أنها تمتلك طاقات الإنحراف والتأويل وفقا لنوازع النفس الأمارة بالسوء , لأنها تعطي مبررات البراءة من السلوك السيئ.

فالخطايا والآثام التي تُرتكب يمكن تسويغها وفقا لآليات المعتقد والتصور الناجم عنه , وفي بعضها يتحقق تفاعل وهمي جماعي يساهم في زيادة قدرات إرتكاب الحماقات , والإنقضاض على الأبرياء وفقا لمسوغات الوهم والتصور المنحرف.
وعلى مدى العصور تم قتل البشر دون مبررات كافية أو أدلة إجرامية أو قانون يحكم بذلك , وإنما هو منهج العقائد كافة , وفقا لما يحلو للذين تمكنوا أن يفسرونها ويتخذونها سبيلا لتحقيق مآربهم الخبيثة.

وفي عصرنا الحالي أصبحت العقائد من أسهل المسوغات للإقدام على البشائع , خراب ودمار وإزهاق للأرواح البريئة ومصادرة لحقوق الناس , والقيام بحملات التطهير العرقي والطائفي والمذهبي , وغيرها من التصرفات السيئة المدمرة للوجود الإنساني والقيم والأخلاق والتقاليد الصحيحة.

وفي كل يوم تتوارد الأخبار عن حماقة هنا وأخريات هناك , ومآسي تتفاقم وخراب مستطير , ودمار ساحق يعم أرجاء الأماكن , التي ترفع رايات عقائدها , وتطلق وحوش جنونها لتعيث فسادا في الأرض والعباد, وهي تنادي بأعلى صوتها بأنها تؤدي رسالة عقيدتها الصائبة الصحيحة , وما عداها لا يصلح إلآ للمحق والفناء.

فالعقليات العقائدية إقتلاعية , إمحاقية ذات توجهات ضارة بالوجود الإنساني لأنها تنكر عصرها , وترفض الحياة , وتسعى لإقامة أسباب الموت والفناء.

إنها إرادات سوداوية , وتطلعات متوحشة وتفاعلات سقرية , تحيل كل موجود إلى رماد , حتى لتختنق برماد ضحاياها , ودخان مآسيها فتموت أو يخبو سعيرها.

ولا يُعرف متى سينطفيئ أجيج السلوكيات العقائدية , وتتحرر البشرية من تفاعلاتها الدموية , التي طغت على مسيرة الأزمان.

فهل أن البشرية قد تحضّرت وتنوّرت , أم أنها لا تزال في غياهب كهوف المعتقدات والتحزبات والتصورات الظلماء؟!!