اولا :التمويل
اخيرا صوت البرلمان على قانون شبكة الاعلام العراقي وفي الوقت الذي نبارك للجنة الثقافه والاعلام البرلمانيه الموقره برئاسة الست الفاضله ميسون الدملوجي التي عاصرت لجان الثقافه والاعلام في البرلمان بدوراته الثلاث وللساده اعضاء لجنة الثقافه والاعلام واعضاء مجلس الامناء في شبكة الاعلام العراقي ومديرها العام اللذين تحملوا مسؤولية كل ماجاء في هذا القانون من ايجابيات وسلبيات وسنحاول في عدد من المقالات ان نسلط الضوء على بعض النقاط التي نراها مهمه ومؤثره في مستقبل عمل الشبكه ونؤكد هنا اننا لانستهدف جهه معينه او اي شخص من الاشخاص اللذين كان لهم الدور في كتابة هذا القانون وانما نسعى لتسليط الضوء على بعض النقاط بغية ايجاد المعالجات المناسبه التي قد تعترض عمل هذه المؤسسه المهمه ولعل اولها واهمها مسألة التمويل ..
مما لاشك فيه ان اغلب القنوات التلفزيونيه الفضائيه تعتمد في تمويلها على بث الاعلانات التجاريه فهو من المصادر الاساسيه للتمويل مثلما يشكل مؤشرا مهما في عملية قياس حجم المشاهده وللاسف فان قانون شبكة الاعلام العراقي لم يعط لهذا الجانب اي اهتمام بل ان ماجاء فيه يكشف عن عدم معرفه بهذا الامر المهم. ففي الوقت الذي خصص القانون
نسبة 25% من صفحات جريدة الصباح ومجلة الشبكه لنشر الاعلانات وهي نسبه كبيره جدا ومبالغ فيها بعض الشئ
فانه خصص وقتا قليلا جدا للاعلان في القنوات الفضائيه اذ تم تحديده بوقت 30 دقيقه وهو وقت قصير جدا لايتناسب مع مساحة وقت البث اليومي الذي يبلغ 24 ساعه بما يعادل 1440 دقيقه وبحساب النسبه المئويه ستشكل نسبة بث الاعلانات في القنوات الفضائيه 2,1% وهي نسبة قليله جدا ولاتشكل موردا يؤسس الى تحقيق استقلالية الشبكه مستقبلا كما رسم لها القانون
وبعملية حسابيه بسيطه للغايه يمكن الوقوف على هذه الحقيقه الخطيره اذ ان عرض 30 دقيقه يوميا يساوي
657000 ثا سنويا,وبضرب هذا الرقم الذي يمثل عدد الثواني التي تبثها الشبكه سنويا بسعر الثانيه سنحصل على وارد الشبكه من الاعلانات سنويا فاذا افترضنا ان سعر الثانيه الواحده 25دولار (وبدون استقطاع اي عموله )فان المبلغ الذي تحصل عليه الشبكه سنويا هو 16425000 ستة عشر مليون واربعمائه وخمسه وعشرون دولارا … ماذا تفعل الشبكه بهذا المبلغ اذا ماوضعناه امام رواتب الموظفين
التي تفوق مبلغ المئة مليون دولار سنويا!!؟
هل يكفي هذا المبلغ لتسديد مبالغ الاقمار الصناعيه وتسديد الاشتراك لاتحاد اذاعات الدول العربيه وتسديد قيمة
نقل الدوري العراقي ؟
هل يكفي هذا المبلغ لشراء عربه واحده من عربات النقل الخارجي ) (SNG وهل؟ وهل؟ وقد يفترض احد ويقول اين ذهبت الموارد الاخرى التي حددها القانون ؟ وهو سؤال منطقي جدا يدعونا الى استعراض المواد التي حددها القانون وهي :
1-موازنة مستقلة تقر من قبل مجلس النواب من خلال اللجنة النيابية المختصة واللجنة المالية في مجلس النواب
2- انتاج وبيع وبث الاعلانات والبرامج والأعمال المسموعة والمرئية والمقروءة والالكترونية وغيرها وفقا لأنظمة الشبكة ومدوناتها التي تخص الاعلانات.
3-بيع حقوق البث والنشر للاعمال المسموعة والمرئية والمقروءة التي تنتجها الشبكة لاستخدامها من قبل اطراف اخرى.
4-تأجير الفائض من مواقع بث وارسال ووسائل الانتاج المتوفرة
5- ايرادات مطابع الشبكة.
6-اية ايرادات اخرى وفقا لما يتم تحديده في أنظمة الشبكة.
وباسثناء الفقرتين الاولى والثانيه فان ماجاء فالفقرات الاخرى
لايمكن الاعتماد عليه كونه بعيد عن الواقع .
كنا نامل من السادة النواب في لجنة الثقافة والاعلام ومن السادة اعضاء مجلس الامناء في الشبكة ومديرها العام ان يحددوا مورداً حقيقيا يجعل من الشبكة مستقلة مادياً بالمعنى الحقيقي وليس الافتراضي خاصة وان بعض الاعضاء عاشوا في بعض البلدان التي تمتلك تجارب سابقة ورائدة في مجال المؤسسات الاعلامية المستقلة ؛واذا كانت هناك بعض الصعوبات في اتباع نفس الاساليب التي تتبعها هذه الموسسات الاعلامية الرائدة في جانب التمويل فان
بامكان القائمين على وضع هذا القانون وضع اساليب اخرى ومثال ذلك استقطاع مبلغ الف دينار شهريا من راتب الموظف الحكومي الذي يصل راتبه الى (500000)دينار اذ يشكل هذا الاستقطاع نسبة 0.2% و تتصاعد هذه النسبة لتصل 0.04%للموظف الذي راتبه مليون دينار.وهكذا تتصاعد النسبة لتصل الى 1% للموظف الذي راتبه مليونان وخمسمئة الف دينار شهرياً .ونعتقد ان استقطاع هذه النسبة الضئيلة جداً من راتب الموظف لاتؤثر بشيء على دخله الشهري او السنوي فضلاً عن ضمان اشتراكة الفعلي في نجاح عمل هذه المؤسسه مع الاخذ بنظر الاعتبار ان عدد الموظفين في العراق كبير جدا ومن شأن هذا الاستقطاع البسيط توفير مبالغ كبيرة تكفي لتمويل الشبكة ويمكنها من تحقيق الاستقلالية المادية.
ولانعرف من هو صاحب مقترح ان تكون الاعلانات الخدمية(الحكومية)مجانية؟كيف ولماذا؟هل توافق وزارة الكهرباء مثلاً على تزويد الشبكة بالكهرباء مجاناً؟هل بامكان الشبكة الحصول على اي جهاز من وزارة الصناعة او اي وزارة اخرى مجاناً؟الا يعلم القائمون على وضع هذا القانون ان مبالغ الاعلانات يتم حسابها ضمن ميزانية الشبكة ؟؟
اننا هنا لسنا ضد دعم النشاط الحكومي بل العكس فقد سبق لنا وان اجرينا تخفيضا للاعلانات الحكومية بنسبة50%وقدمنا برامج حكومية مجاناً…ولكن تثبيت ذلك في قانون سيخلق مشاكل عديدة مابين الشبكة والوزارات والموسسات الحكومية التي ترى في اي خبر اعلاناً ومن ثم نسال هل يعلم السادة القائمون على وضع هذا القانون ان نسبة كبيرة من اعلانات جريدة الصباح هي اعلانات حكومية…؟فأذا اصبحت مجانية من يعوض الجريدة هذه المبالغ…؟وهل ستقوم احدى
الوزارات او الموسسات بالاعلان في جريدة اخرى وامامها جريدة الشبكة المجانية ؟الا يشكل هذا خطرا على الصحف الاخرى التي ستبقى الى الابد بدون اعلان حكومي؟ان تمويل الشبكة حسب ماجاء في القانون يعد احدى القنابل الموقوتة التي قد تنفجر في اي لحظة ؛واذا ماحدث ذلك فانها ستؤدي الى توقف اهم مؤسسة اعلامية وكذلك فانها ستودي بمستقبل اكثر من اربعة الاف موظف يمثلون اربعة الاف عائلة ..واذا كان البعض لا يصدق هذه الحقيقة او يصفها بالمبالغة فان ماحدث في عام 2009 هو اكبر دليل على صحة ماذهبنا اليه؛فقد استقطع البرلمان نصف ميزانية الشبكه وجعلها33مليار دينار بدلا من 67مليار دينار لاسباب سياسية ولا يعرف الموظفون الا عدد قليل منهم كيف تم تجاوز هذه الازمة التي كادت ان تؤدي الى غلق الشبكة لو لا استغلال الاعلانات التجارية والحكومية فضلا عن موقف السيد باقر جبر الذي كان يشغل منصب وزير المالية في ذلك الوقت والوقفة المشرفه لعدد من المهندسين اللذين تنازلوا عن مخصصاتهم وبعض حقوقهم المادية…
واستناداً الى كل ما تقدم يمكن القول ان تحديد القانون للاعتماد على الاعلانات التجارية كمورد اساسي من موارد تمويل الشبكة يعد امراً معقولاً ومقبولاً من حيث المبدأ العام ولكنه يعد امراً غير مقبول وغير معقول وفقا للفقرات التي حددها القانون في هذا الجانب والتي تضمنت الوقت المحدد لبث الاعلانات والذي جاء بعيداً عن اجراء اي عمليه حسابيه بسيطه وكذبك بالنسبة لجعل بث الاعلانات الحكوميه مجانا وهذ ماسيؤثر كثيرا على مستقبل عمل الشبكه لذلك ندعو الجميع من الان للبحث عن ايجاد الطرق المناسبه لمعالجة
مسالة التمويل غير المعقوله .