22 نوفمبر، 2024 3:52 م
Search
Close this search box.

قانون المحكمة الإتحادية العليا … بين سذاجة الحاكم والمحكوم ؟!.

قانون المحكمة الإتحادية العليا … بين سذاجة الحاكم والمحكوم ؟!.

القسم الثالث
لقد أبعد السيد مدحت المحمود عن منصبه رئيسا للمحكمة الإتحادية العليا ، بعد صدور قانون مجلس القضاء الأعلى المرقم (112) لسنة 2012 ، حيث أصبح رئيس محكمة التمييز رئيسا لمجلس القضاء الأعلى ، إلى حين صدور قرار المحكمة الإتحادية العليا المرقم (87/إتحادية/إعلام/2013) في 16/9/2013 ، القاضي بعدم دستورية قانون مجلس القضاء الأعلى رقم (112) لسنة 2012 ، حيث عودة مجلس القضاء الأعلى برئاسة السيد مدحت المحمود ، بعد إبعاد دام ( سبعة أشهر وإثنا عشر يوما ) ، مما يستوجب إحالته إلى التقاعد في 18/9/2015 حسب رؤيته وتقديره الخاص . ولكنه ومن قبل ذلك إستغل مكانته وقربه من المسؤولين ، وقدراته وإمكانياته في الشؤون القانونية ، وهو رجل الدولة الأول في القضاء ، في إخفاء فقدان المحكمة الإتحادية العليا لمركزها القانوني ، وعدم المطالبة بإعادة تشكيلها وفقا لأحكام الدستور الواجب حمايته من قبله بصفته رئيسا للمحكمة الإتحادية ، بل والتعتيم على هذا الموضوع الخطير، بإستمراره على قبول الدعاوى والنظر فيها ، وإصدار ما يقتضي بشأنها من القرارات التي لم يعد لها من القوة الباتة والملزمة للسلطات كافة وغير القابلة للطعن ، بسبب صدورها من جهة فاقدة لصفتها الرسمي التي تؤهلها لممارسة واجباتها الدستورية ، ومن دون أن يكون للسلطات وأحزابها ومؤيديها من دور فاعل ومؤثر في كشف ذلك التجاوز بغية معالجته في حينه ، بإحداث موقف حقيقي لإنقاذ مسألة تمس جوهر العدالة والإنصاف من الإنهيار ، بأعلى وأكبر من حدة الضجة المفتعلة بشأن تعيين خبراء المحكمة هذه الأيام ؟!. والتي لا أراها إلا من وسائل وأساليب التغطية على كيفية التعامل مع القرارات التي صدرت من المحكمة في سنة ٢٠٠٦ وما بعدها ، مع كيفية تبويب سلامتها من العيوب القانونية الماسة بإمكانية بطلانها ، والتي تدل على إنعدام مؤهلات القدرة لدى عناصر الأحزاب في إدارة شؤون البلاد والعباد ؟!.
* إن حياة الغفلة وعدم المهنية التي يتسم بها سلوك وتصرفات عناصر الأحزاب الحاكمة ، هي من وضعت لبنة أسس الحال البائس الذي يعيشه العراقيون اليوم ؟!، بسبب الفهم الخاطئ للفساد الذي يتحدد منشأه ضمن إطار عدم التطبيق الصحيح والسليم لقواعد الإدارة والقانون والإقتصاد ، وعلى من يريد الدليل ، فعليه مراجعة قرارات المحكمة الإتحادية العليا ، ليجد قرارات الإلغاء والرد المستندة إلى النواحي الشكلية ، ومن ثم التراجع عن منع مجلس النواب من تشريع القوانين في 14/4/2015 ، المتسبب في ضياع فرص الإفادة من التشريعات التي صدرت ومن ثم ألغيت لعدم دستوريتها ، بحجة أنها مقترحات قوانين وليست مشاريع قوانين ، ومن دون قيام المحكمة بإعداد اللوائح الخاصة بمواضع الوهن ومواقع الخلل في مواد الدستور تمهيدا لإجراءات الإصلاح والتغيير المطلوب وطنيا ؟!، وذلك ما نؤشره في الجانب الرقابي للتشريعات الفاسدة ، والفوضى والإرتباك والإضطرب في الجانب التنفيذي لها . إضافة إلى فتح أبواب التشكيك في عدم حيادية وإستقلال المحكمة الإتحادية العليا ، وإتهامها بالإنحياز أو الإنحراف عن مسار العدالة ، بسبب عدم ممارستها الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة ، بما يتناسب وإتساع الجرائم والمخالفات الإدارية والقانونية ، وردها بقوة الحسم والردع المطلوب مهنيا ؟!.

* ولما كان النص الدستوري للمادة (92) منه ، يقضي بسن قانون بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب لتنظيم آليات عمل المحكمة وتكويناتها . وقبل ذلك النص على أن السيادة للقانون ( المادة (5) من الدستور ) ، وأن القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون ( المادة (19) من الدستور ) ، ومن ثم أن تصدر القوانين والأحكام القضائية بإسم الشعب ( المادة (128) من الدستور ) ، بمعنى حصر إصدار الأحكام القضائية بالقضاة ، وليس بالخبراء الذين لايمتلكون غير الرأي المساعد وغير الملزم للمحكمة وفقا لأحكام المادة (140) من قانون الإثبات ، الذي إحتوى الفصل الثامن منه والخاص بالخبرة على (15) خمسة عشرة مادة منها ، م132- تتناول الخبرة الأمور العلمية والفنية وغيرها من الأمور اللازمة للفصل في الدعوى دون المسائل القانونية . م133- إذا إقتضى موضوع الدعوى الإستعانة برأي الخبراء ، كلفت المحكمة الطرفين بالإتفاق على خبير أو أكثر ، على أن يكون عددهم وترا ممن ورد إسمه في جدول الخبراء أو ممن لم يرد إسمه في هذا الجدول ، وعند عدم إتفاق الطرفين على خبير معين تتولى المحكمة تعيين الخبير . م134/ثانيا- إذا لم يكن الخبير مقيدا في جدول الخبراء ، وجب أن يحلف يمينا قبل مباشرة مهمته ، بأن يؤدي عمله بالصدق والأمانة … إلخ . م137/ ثانيا- يشتمل قرار تعيين الخبير على الأمور التي يراد الإستعانة بخبرته فيها ، وما يرخص له في إتخاذه من التدابير العاجلة عند الإقتضاء . ولا أعتقد جازما أن أحدا ممن يتحدثون بخلاف نصوصها أو مضامينها قد إطلع عليها في السابق أو الحاضر ؟!، لبنائهم الثقافي على وفق المنطلقات الفكرية الحزبية أو الشخصية العامة غير المهنية ، التي لا نعتقد بصحتها ولا نؤمن ولا نثق بها ، لأن التوافق بين الأحزاب هو المعيار التشريعي لكل قانون ، وموضوع الخبير لا يستحق كل تلك الضجة أو الجدل البيزنطي ، لإمكانية إستخدام الخبير بعدة طرق قانونية وكما أوضحنا ذلك لأكثر من مرة وفي عدة حوارات ، ثم ما الذي سيمنع الأحزاب الحاكمة من تمرير ما تراه من القوانين ، بدون الحاجة إلى الخبراء بشكل مباشر وعلني ومكشوف ، ما دام لأي محكمة ومنها الإتحادية العليا حق إستدعاء من تشاء من ذوي الخبرة في موضوع الدعوى لقاء أجر محدد .

* إن للقاضي مكانة وظيفية واجتماعية متميزة ، ولكنه إنسان يخطئ ويصيب في حكمه وقضائه . كونه لا يمتلك علوم فقه الأرض والسماء بأكملها ، وهو بحاجة لمن يقدم له الرأي في كثير من الحالات ، وقد سمى القانون الخبراء لتولي تلك المهمة في القضاء ، وفي دوائر الدولة عنوان وظيفي في الدرجة الأولى من سلم الرواتب . ومن الضروري مراجعة القوانين واجبة التنفيذ قبل التصريح بما يخالفها من حيث النص والتطبيق العملي ، بدلا من الأمنيات النظرية والمزايدات الحزبية والشعارات السياسية النابعة من خارج مصادر القانون . أما إذا أراد مجلس النواب مخالفة أحكام الدستور ، فعليه وزر مخالفته لها ، لأنه من السلطة التشريعية حسب نص المادة (48) من الدستور ، وإختصاصاته محددة في المادتين (61و62) منه ، وعليه وجوب مراعاة الفصل بين السلطات المتمثلة في إختصاصات وأعمال السلطة القضائية المحددة في المواد ( 87-101) من الدستور أيضا . عند تشريعه لقانون المحكمة الإتحادية العيا . لأن في القضاء مبادئ وقواعد لا يستطيع أحد تجاوزها أو تجاهلها عن قصد أو بدونه ، ومنها أن كل ما بني على الباطل فهو باطل ، ولا أدري كيف تصدر محكمة ملغى سند تشكيلها قرارات ملزمة وباتة للسلطات كافة ، دون أن يتحمل رعاتها المسؤولية الكاملة عن ذلك الخطأ الفادح والجسيم ؟!. وكيف يكون تعزيز الإلغاء الحكمي لها إداريا ، بغير إعادة تشكيلها إستنادا لأحكام المادة (٩٢) من الدستور .

* إن السياسة ملعونة مذمومة ، وأخشى أن يكون من وراء كل ماتقدم ، نوايا التخطيط من أجل عدم إجراء الإنتخابات بدوافع مشبوهة ، لأن قانون المحكمة الإتحادية صادر إستنادا لقانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الإنتقالية ، الملغى بموجب الدستور لسنة 2005 ، وإن إعادة تشكيل المحكمة بالصيغة القديمة مخالفة دستورية قابلة للطعن ، مما يعني إمكانية الغاء قانون المحكمة وعدم تشكيلها ، ومن ثم عدم إمكانية إجراء الانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب ، بسبب خلو ساحة القضاء من المحكمة ذات الإختصاص بالمصادقة على نتائجها النهائية ؟!. مع كل الإحترام والتقدير لكل الآراء وأصحابها ، ولكن تذكروا أيها الأعزاء ، أنتم أبناء العراق ، مهد الحضارة والمبادىء والقيم ، ولم ولن يكون العراق يوما قندهار أو خاضع لإرادة وإملاءات الولي الفقيه أو من إحدى ولاياته ، والتشبيه الخاطئ لا يخدم إلا رؤى ومصالح أعداء العراق ؟!. ودمتم له ولأهله الأصلاء بيدر خير وبركة ، من أجل السلم والأمن والإستقرار ، ووحدة الصف والسيادة والإستقلال ، والتقدم والإزدهار .

أحدث المقالات