نسمع هذه الأيام الحديث عن طلبات، من هنا وهناك، للتصويت على قانون العنف الأسري في البرلمان العراقي، وهذا القانون حاله حال بقية القوانين او مشاريع القوانين المعطلة داخل أروقة مجلس النواب، والذي يمر حاليا بحالة من السبات.
وهنا نسأل المشرع الكريم، لماذا مشروع قانون العنف الاسري، وما هي أسبابه وهل تم معالجتها؟، نصت فقرة الأسباب الموجبة لهذا القانون بأن: ” بغية الحد من مظاهر العنف الأسري، والقضاء على أسبابه، وحماية للأسرة وأفرادها، و تحمل الدولة لمسؤولياتها، ووقاية المرأة من الأفعال التي تشكل عنفاً بأشكاله المختلفة، مما يستوجب السعي الحثيث لتجريم تلك الأفعال وملاحقة مرتكبيها، وتوفير الخدمات اللازمة، ونظراً لكون العنف ضد المرأة يعد شكلا من اشكال التمييز، وانتهاكاً لحقوق الانسان، والتزاما بالصكوك والمعاهدات والمواثيق الدولية، التي صادق عليها العراق، وانسجاماً مع ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الأممية، وسيرا على خطى مبادئ المجتمع الدولي، وتنفيذاً لأحكام المادة (29) من الدستور. شرع هذا القانون”.
لكي نقرب الصورة اكثر الى القارئ، في علم الصحافة، يجب ان تكون هناك إجابات في الخبر الصحفي على الأسئلة الستة والتي هي (من /ماذا /متى /أين /لماذا /كيف) حتى يكتمل الخبر الصحفي من جميع جوانبه الى القارئ، وهنا نحن من يوجه السؤال لمشرع هذا القانون، وبغض النظر عن انه قد أعاد الينا شخصية المخبر السري، هل تم تشريع القوانين الأخرى والتي هي على تماس مباشر مع الاسرة وافرادها المذكورين في هذا القانون، او معالجة القوانين النافذة بما يتناسب مع الالتزامات بالصكوك والمعاهدات والمواثيق الدولية، والتي صادق عليها العراق؟، وهل سأل المشرع نفسه قبل تشريعه لمشروع هذا القانون “لماذا” يحدث العنف الأسري و “متى” و “أين”.
مشروع تعديل قانون العمل والضمان الاجتماعي والذي تم العمل عليه، وكانت أحد مطالب تظاهرات تشرين، وأطلقت الوعود الحكومية والبرلمانية وقتها على تعديله بما يخدم شريحة كبيرة من شرائح المجتمع العراقي (العاطلة عن العمل)، والذي تجد ان أكثر حالات العنف الأسري تحدث فيها، حيث تجد ان رب الاسرة وابنائه عاطلين عن العمل، وفي نفس الوقت يتطلعون الى حياة في بلد غني يوفر لهم ابسط مستلزمات العيش وليس أحسنها “حسب المعاهدات والمواثيق الدولية”، وبدلا من إنشاء مراكز الإيواء “حسب ما مذكور في القانون أعلاه”، بناء مستشفيات “حكومية” حديثة تواكب التطور العلمي في العالم وتكون إيراداتها للدولة وخدمتها للمواطن، حتى يتم تفعيل الضمان الصحي، وليس ارسال الضحايا الى مراكز صحية “حسب ما مذكور في القانون أعلاه”.
المشرع الكريم، هل تعلم ان هذا القانون في الوقت الحاضر لا يخدم المجتمع، بل انه سيزيد من المشاكل داخله، واذا كانت لديك النية الحقيقية في خدمة المجتمع فعليك العمل فورا على تعديل قانون العمل العراقي “سيرا على خطى المجتمع الدولي”، و وضع قاعدة بيانات مركزية للأفراد المشمولين بهذا القانون وعوائلهم، عند ذلك لا تحتاج الى المخبر السري للبلاغ على مشاكل العائلة وتفرعاتها، بل سيكون البلاغ علني من أحد افراد العائلة المٌعنفة و كذلك لا تحتاج الى السرية في إجراءاتها القانونية، عليك أيها المشرع الكريم إيجاد “الحلول” للمشاكل وليس إيجاد “مشاكل” اخرى للمشاكل في تشريع القوانين.