في ظل الظروف الصعبة والمعقدة التي يعاني منها المواطن العراقي على جميع محاور الأصعدة الحياتية الاقتصادية والأمنية والخدمية والصحية والتعليمية… الخ، بالإضافة إلى عديد من القوانين التي تحتاج إلى إلغاء أو إعادة نظر أو تفعيل عشرات القوانين المعطلة بفعل الفوضى السياسية والتي تهم المواطن والمجتمع ، ينبري مجلس الوزراء المؤقت ورئاسة الجمهورية لتكثيف جهوده وشحذ همته لإصدار (قانون العنف الأسري) الذي يدعي من يطالب بتشريعه أنه يستهدف حماية المرأة من العنف الأسري بينما يخرج من أطلع على مواده بنتيجة مؤكدة مفادها أنه لا يحتوي على أي مادة اجرائية عملية لمحاسبة المعتدين أو معالجة أصل وأسباب مشكلة العنف الأسري وانما يعالج تكرار حالة الاعتداء وتقديره ماديا ومعنويا بحسب الضرر ، كما نستخلص من مواد القانون المقترح ان يستهدف بشكل واضح تفكيك الأسرة العراقية وتدمير بنيتها الاجتماعية وتشريد أفرادها في مراكز إيواء مجهولة المصير والتي قد تكون بوابة للانحراف وضياع الأبناء والبنات في مهب رياح الفساد الأخلاقي والجريمة المنظمة نتيجة إقصاء دور الأباء والأمهات في رعاية وتربية الأبناء وعدم كفاءة مؤسسات الدولة اصلا للقيام بدور الحماية والرعاية للقاصرين فضلا عن البالغين من الاولاد والبنات ..
وفي مراجعة خاطفة لمواد القانون المقترح نجد أن المادة الأولى منه حاولت تعريف مفهوم العنف الأسري الا انها في الحقيقة حفلت بالأيهام والغموض المتعمد كونها خرجت عن نطاق تأكيد المفهوم (العنف) والمديات الذي تنطبق عليه وحلقت بعيدا عن المفهوم وغردت خارج مضامينه عندما حشرت الفعل الذي يحاسب عليه القانون حتى صدر بصيغة الأمر والنهي عن ارتكاب الأفعال السيئة من قبل الوالدين مادام ذلك النهي برأي المشرع يشكل ضررا معنويا مثل (الزعل) وهو خروج واضح عن هدف القانون المعلن وتمييع وإلغاء رسمي لأي دور تربوي وتوجيهي للوالدين في تربية أبنائهم وبناتهم .
اما المادة (١١) من القانون المقترح فتحدثت عن تقديم المتضرر أو من ينوب عنه شكوى الى الجهات المختصة من غير توضيح وتحديد سواء لإعمار المشتكين أو بيان من وصفهم ب (من ينوب عنهم) وهل هم الأقرباء من الدرجة الأولى ام من يقوم المتضرر بتعيينهم لتمثيلهم حتى لو كان المتضرر طفل في السابعة من عمره أو فتاة لم تبلغ سن الرشد؟! او حتى لو كان من ينوب عليه صديق منحرف او صديقة منحرفة ؟!
وكذلك جاءت المادة (15) في نفس سياق المادة (11) ومكملة لشبهاتها وآثارها السلبية بعد أتاحت للطفل اوالفتاة حق الانفصال عن الوالدين وبيت الأهل واللجوء إلى المراكز الآمنة من سلطة الأبوين؟! بل والغريب في هذه المادة هو الزام القضاء بإصدار قرار الحماية خلال (٢٤) فقط لإيواء المتضرر في مركز آمن .
وتبين المادة (24) عدم جدوى تشريع قانون العنف الأسري المقترح من حيث أنها أقرت بوجود قوانين صارمة في قانون العقوبات العراقي تعالج الحالات المشمولة بالعنف الأسري بأشد العقوبات ، الا انها في نفس الوقت لم تشير إلى أسباب تعطيل تلك القوانين إلى درجة أهمالها وتشريع قوانين جديد لأهداف بعيدة كل البعد عن الغاية المعلنة منه والاهداف المرجوة فيه.
أن مشروع قانون العنف الأسري كما هو واضح من مواده يستهدف الأسرة العراقية على مستوى الافراد والجماعات استهدافاً مباشراً وقاتلاً فترى من أسس له يخطط لجعله مرجعية عليا لكل القوانين وموادها بما يعني نسف كامل وتام لعشرات المواد القانونية التي تعنى بالأسرة وعلى وجه الخصوص الأحداث والتي تم إقرارها سابقا على ضوء توافقها وملائمتها ومراعاتها لطبيعة المجتمع الدينية والاجتماعية والثقافية .