بعد ان تم التصويت على قانون الامن الغذائي بأتفاق الكتل السياسية المؤيدة منذ البداية والكتل الرافضة له علنا وصوتت سرا مع القانون .
ماذا ستكون النتائج ؟ وهل سيكون هذا القانون بديلا عن قانون الموازنة ؟ ولماذا هذا الإصرار على تمريره بهذه الصيغة ؟
لقد تعودت الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية منذ صدور دستور جمهورية العراق لسنة 2005 على تعطيل الكثير من مواد الدستور التي لا تتناسب مع توجهاتها في السيطرة على مقدرات الشعب واحكام سيطرتها على السلطة وتوليها الحكم ولم يكن إقليم كردستان بمنئ عن ذلك كله بل كان يستغل الفرص التي يستطيع من خلالها تحويل ما يمكن تحويله الموازنة الاتحادية الى موازنة الإقليم كحصص متعارف عليها وقد يصل الامر الى تعطيل الحراك السياسي في العراق من اجل تحقيق مصالحهم الخاصة تضامنا او خلافا مع بقية أحزاب السلطة الحاكمة وهذه الصراعات الحزبية على السلطة أوصلت النظام السياسي الحالي الى طريق مسدود واغلقت جميع التفاهمات التي كانت قائمة على أساس التوافقات وبدأ العمل على أساس التحدي بعيدا عن المصلحة العامة مما ادخل البلد في اخطر مراحله السياسية منذ تأسيس الدولة العراقية وفق القانون الأساسي لسنة 1925 ولحد الان ،الامر الذي أدى الى جعل الحكومة الحالية من اكثر حكومات تصريف الاعمال استمرارا في عملها متجاوزة جميع المدد الدستورية وبدلا عن التفكير بجدية من الخروج من هذا المأزق السياسي والعمل على تشكيل حكومة جديدة تمارس كامل صلاحيتها ، ذهب البعض الى الالتفاف القانوني على قرارات المحكمة الاتحادية في عدم قدرة حكومة تصريف الاعمال على ارسال مشاريع القوانين حسب قرارها المرقم(121/2022) اتحادية في 15/5/2022 لتقوم اللجنة المالية البرلمانية بأقتراح القانون مرة ثانية بتعديل طفيف على بعض فقراته وتمريره بالتصويت بعد ان اتفقت الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية عليه وكأن المحكمة الاتحادية أخرجت مشروع القانون من الباب ليعود من الشباك وهذا دليل على الفهم السياسي القاصر عند الكثير من نواب الشعب أذ ان المحكمة بقرار سابق لها (21/اتحادية /اعلام/2015) وموحدتها (29 /اتحادية /اعلام/2015) اشترطت فيه ان يكون اختصاص مجلس النواب الأصيل في تشريع القوانين الاتحادية غير ماسا بمبدأ الفصل بين السلطات او من شانها ترتيب التزامات مالية على السلطة التنفيذية غير مدرجة في خططها او موازنتها المالية دون التشاور معها او اخذ موافقتها مما يعني ان البرلمان غير قادر على تشريع قانون يكون بديلا عن قانون الموازنة الاتحادية التي تعجز حكومة تصريف الاعمال عن تقديمه لذلك ستكون هناك دعاوى كثيرة للطعن بعدم دستورية القانون عند نشره بالجريدة الرسمية وربما ستصدر المحكمة الاتحادية قرارا ولائيا بإيقاف العمل بالقانون لحين حسم الدعاوى ان قدمت كما وعد بها بعض النواب ومنهم النائب باسم خشان وهذا متوقع جدا لان بقاء القانون ونفاذه سيؤسس لسابقة دستورية خطيرة يتم من خلالها تجاهل قانون الموازنة الذي يعد إجازة الانفاق التي تمنح للسلطة التنفيذية من الإيرادات المتحققة سنويا ، الامر الذي جعل جانب من فقهاء القانون الدستوري العراقي يذهب باتجاه اصدار تفويض برلماني لحكومة تصريف الاعمال لتقديم مشروع قانون الموازنة للتصويت عليه من قبل البرلمان لمعالجة حالة عدم الثقة بين القوى السياسية الذي عطل الكثير من عمل الدولة ومنها تشكيل الحكومة وارسال قانون الموازنة.