18 نوفمبر، 2024 3:22 م
Search
Close this search box.

” قانون الاحوال الشخصية الجعفرية” انتهاكٌ لحقوق المرأة – طفلةً وبالغةً –

” قانون الاحوال الشخصية الجعفرية” انتهاكٌ لحقوق المرأة – طفلةً وبالغةً –

في زمن تسعى فيه شعوب العالم  الى تشكل مجتمع مدني ديمقراطي حر تُحترم فيه حقوق الانسان وتتحق فيه المساواة والعدالة الدولية بين الشعوب المختلفة من جهة والعدالة الاجتماعية بين افراد الشعب الواحد من جهة اخرى,  ويُرفع فيه الحيف عن المرأة والطفل بشكل خاص . في هذا الزمن الذي انخرط به العراق في معترك التغيير, كشعب تواق الى الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية, من خلال تجربته الديمقراطية الحديثة . في هذا الزمن يصدر مشروع “قانون الاحوال الشخصية الجعفرية ”  الذي قد يعدّه البعض عملا او محاولة للحفاظ على هوية اجتماعية ما, ذلك عندما يُنظر اليه من الخارج , اما حينما نقرأ نصوصه بمواده  المختلفة وننظر فيها ملياَ , ندرك ان مشروع القانون هو محاولة خطرة تهدف الى سحب العراق من منظومة الدول الديمقراطية المدنية – التي تكفل حقوق الانسان وفق قوانين المجتمع الدولي  المعاصر – وتذهب به الى اقدم عصر اسلامي .
عندما يعرّف القانون الدولي الطفل ويحدد شخصيته وحقوقه وفق اتفاقية حقوق الطفل العالمية , نرى ان مشروع “قانون الاحوال الشخصية الجعفرية” يصادر اهم حقوق الطفل – على الاقل – من جهة الانثى ” الطفلة , اذ يحدد هذا القانون عمر الزواج للمرأة ” الطفلة”  بتسع سنوات , وهو خرق لشرعة دولة اعتمدت على العلم في تحديد عمر البلوغ عند الانسان بـ اكثر من 18 سنة . لم يتوقف التجاوز على القانون الدولي عند هذا الحد بل, يرى المشرع الجعفري ان يتولى امر تزويج البنت (طفلة كانت ام بالغة ) وليٌ عليها من الرجال وهو امر يقع فيه على المرأة ضرران, الاول عندما تكون طفلة – دون الـ 18 – ويقرِر زواجها عنها احد اوليائها , ان ذلك يعني مصادرة حقها في الاختيار مسبقا – وان كانت راضية بهذا الزواج – ذلك لانها طفلة وهي غير قادرة على حسم اختيارها وتحديد مصالحها المستقبلية وخياراتها . ولا يختلف الحال عندما تكون بالغة ولا تزوّج الا بموافة وليّها, ما يعني ان ارادتها مصادرة او مرهونة برأي ورغبة ومصالح غيرها “وان كان ابوها او اخوها او اي من اقاربها ” والاغرب  ان القانون الجعفري اعادنا الى عصر “الاماء وما ملكت الأَيمان ” وكأن المرأة سلعة بلا روح ولا مشاعر , اذ يعاقب القانون الجعفري المرأةَ التي ترفض تعاطي الجنس مع زوجها متى شاء هو ذلك , وبالمقابل لا يحق لها هي تعاطي هذا الشيء متى رغبت به , وهذا امر مهين للذات الانسانية عند المرأة وسالب لحقها المادي والمعنوي . هناك الكثير من المواد المخالفة لقوانين حقوق الانسان وحرياته والمثيرة للجدل من الجانب الانساني في هذا القانون ناهيك عن مخالفتها للدستور العراقي الذي يقول في المادة 14 (العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد …..)  اذن اين المساواة في القانون الجعفري (وفقا للدستور)  فيما ذكرنا حول تزويج الفتيات بعمر 9 سنوات  والتزويج بالوكالة وممارسة الحقوق الجنسية وغيره  !؟  ثم ان هذا التشريع يعارض الفقرة ب من المادة ثانيا من الدستور التي تقول (لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية ) ويتعارض هذا القانون ايضا مع الفقرة ج من المادة نفسها والتي تقول (لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور )
ان ما ذكرناه كان جانبا من الحقوق الشخصية والمدنية التي يضر بها هذا القانون المرأةَ والطفلَ حصرا , اما الجوانب الاخرى فهي كثيرة ايضا ولا يتسع المقال للحديث عنها ولكنْ اهمها واخطرها الجانب الوطني . اذ يرسخ هذا القانون الانقسام في المجتمع العراقي على اساس طائفي, يهدد وحدة البلاد وسلامتها , فمع قانون جعفري اليوم, وسني غدا, ومسيحي بعد غد, يصبح المجتمع العراقي اشبه بالكامبات المغلقة والمنغلقة , فلا سني يستطيع الزواج من شيعية وبالعكس وهكذا الحال مع المسيحي الصابئي الايزيدي ما يعني ان هذا القانون ومثيلاته يعملن على منع انصهار مكونات الشعب العراقي مع بعضها البعض ويرسيخن الانقسام والطائفية .

أحدث المقالات