وجود الاحزاب في جميع دول العالم هو لخدمة المواطن وتمثيله بالشكل السليم، اضافة الى انها تعبر عن الديمقراطية الصحيحة وقيادة المجتمع الى مراحل التمدن.
ووجود هذه الاحزاب يحتاج بالضرورة لقانون ليسهل عملها ويحاسبها إذا ما خرقت القوانين.
وبعد مد وجزر وانتظار طويل تم في الفترة الاخيرة القراءة الاولى لقانون الاحزاب السياسية في العراق لكنه لم يكن بالمستوى الذي كان ينتظره كل سياسي العراق واحزابهم لذا تم اعادته الى اللجنة المكلفة بصياغته لما يحمله من مغالطات واخطاء.
ومن أبرز الاشكاليات التي تضمنها هذا القانون حسب راي قانونيين وخبراء وكالتالي:
· المادة 2 والتي حرمت العراقي المقيم في الخارج حق المشاركة في تأسيس حزب او الانتماء اليه، مع انه قد منح حق المشاركة في الانتخابات وحق الترشيح اليها، علما ان المادة الـ 14 من الدستور العراقي نصت على ان العراقيين متساوون امام القانون ودون تمييز، وهذا ما يتناقض مع ما ورد في المادة 2 من قانون الاحزاب.
· اما الفقرة رابعاً من المادة 8 التي تشير الى ان لا يكون من بين مؤسسي الحزب او قياداته او اعضائه من ثبت بحكم بات قيامه بالدعوة او المشاركة للترويج باي طريقة من طرق العلانية لأفكار تتعارض مع المبادئ العامة المنصوص عليها في الدستور ، وهذا يشكل مخالفة للدستور الذي ضمن للمواطن حرية التفكير ونشر افكاره بما يتوافق مع القانون ، فلماذا يحرم من المشاركة في تأسيس الحزب؟
ان هذا النص يعتبر بمثابة نص ضمني يؤسس لعقوبة جنائية تتعارض مع ما ورد من احكام تتعلق بحقوق وحريات المواطن.
· كما ان المادة 9 التي حددت سن من له الحق في تأسيس الحزب بـ 25 سنة وهذه ستكون سيكون قيدا مؤلما لفئة الشباب التي تتسم بالعلم والتكنلوجيا الحديثة وهو نفس الاتجاه الذي تم فيه استبعاد الشباب من الترشح لعضوية البرلمان ومجالس المحافظات ، لذا فمن الاصلح تخفيض السن الى 21 سنة.
· اما المادة 11 والتي اشترطت ان تقديم قائمة بأسماء ما لا يقل عن 2000 عضو مؤسس مقيمين في 6 محافظات عراقية ، وهذه المادة ستحرم الاحزاب الناشئة لاشتراطها التواجد في ستة محافظات مما سيخلق ازمة سياسية مع تلك الاحزاب التي تأسست على اساس جغرافي او قومي ، وهذا النص يؤكد بانه فصل على مقاس بعض الاحزاب المتنفذة.
· كما تؤكد المادة 12 وما بعدها التي اوجبت نشر اسماء المؤسسين للحزب، وتسليم اسمائهم الى دائرة الاحزاب ونشر اسماء المتبرعين للحزب ، فهذه تشكل سابقة خطيرة تهدد امن الاحزاب السياسية في العراق، كما ستؤدي الى خلق حالة من الذعر والخوف لدى المواطنين في حال انتمائهم للأحزاب.
· المادة 19 التي فقرة اولاً: تستحدث دائرة تسمى (دائرة شؤون الاحزاب السياسية) ضمن العمل التنظيمي لوزارة العدل ، تأسيس هذه الدائرة وارتباطها اداريا بوزارة العدل (السلطة التنفيذية) ستخلف بيئة سيئة وغير سليمة ، خاصة ان المشروع قد منحها صلاحيات خطيرة في متابعة الاحزاب ورصد عمله ، والافضل من ذلك هو تأسيس هيئة مستقلة بدل هذه الدائرة وجعل ارتباطها بالبرلمان مباشرة استنادا الى المادة 108 من الدستور العراقي.
· اما تمويل الاحزاب من قبل الدولة ووفقا لما اقترحه القانون فانه سيؤدي الى خلق احزاب تجارية ، كما سيؤدي الى تبعية بعض الاحزاب الى السلطة الحاكمة وسيتم عرقلة دعم بعض الاحزاب اذا ما عارضت الدولة.
· وفي مجال العقوبات التي اقترحها قانون الاحزاب كالإنذار والغرامة المالية فانه لم يميز بين الحزب كشخص معنوي واعضاء الحزب كأشخاص طبيعيين في مجال فرض العقوبات الجنائية.
وفي ذات الوقت قرر هذا القانون بانه في حال وجود عقوبات جنائية اشد في القوانين الاخرى فان العقوبة الاشد هي التي ستطبق.
ان مثل هذا الوضع خطير جدا لان قانون العقوبات العراقي لسنة 1969 تضمن العديد من العقوبات الجنائية التي قد تصل الى الاعدام في قضايا النشر والاعلام والترويج لأفكار معاضة للسلطة ، فهل سيتم تطبيق هذه القوانين على من يخالف من الاحزاب..!!
ان قانون الاحزاب بصياغته الحالية يحمل في طياته الكثير من الاخفاقات والنواقض والثغرات لكونه متناقض في الكثير من مواده ويشكل خطرا على الحياة السياسية في العراق ، إذا من واجب مجلس النواب عدم الاستعجال في اقراره والتدقيق بتفاصيله حتى لا نقع في مشكلة كما حدث مع الدستور الذي لازال ينتظر التعديل.