هنالك من الإعلاميين من يروجون إلى أوهام و أكاذيب مضمونها أن رسائل خليجية مررت الى طهران تتضمن هذه الرسائل تحذيرات موجهة إلى قادة الإطار لثنيهم عن ترشيح شخصيات بعينها و إلا فإن دول الخليج ستقاطع العراق و تجعله في عزلة إقليمية، لذلك سارعت طهران لتمرير تلك الرسائل الى أصدقائها في بغداد لثنيهم عن ترشيح شخصية جدلية غير مقبولة إقليمياً. و تعليقا على هذا الإدعاء أقول أن دول الخليج و على رأسها الرياض لم تعد تهتم للأسماء التي تشغل المناصب العليا في العراق و أصبحت تتعامل ببراكماتية مع الإدارة في بغداد ، و من شواهد ذلك ما أسس له السيد عادل عبد المهدي (صديق طهران) في حكومته من تقارب و انفتاح في العلاقة مع الرياض و الذي استثمر لاحقاً في حوار بغداد الإستراتيجي بين طهران و الرياض، عادل عبد المهدي معروف التوجه بالنسبة للخليجيين هو ليس شخصية هلامية بلا هوية سياسية واضحة لكن مع ذلك لم تكن الراديكالية مانع بوجه مساعي ترميم العلاقات و التعاون بين بغداد و الرياض. أيضا ، ان دول الخليج و في قمة الأزمة بينها و بين ايران حافظت على شئ من التواصل مع طهران ، بل أكثر من ذلك عندما كانت الحرب قائمة مع حلفاء ايران في اليمن و الصواريخ الإيرانية كانت تضرب منشآت حيوية في قلب أبو ظبي و الرياض، في ذات الوقت كان الحوار قائم في بغداد بين ممثلي الرياض و طهران ، أيضا فيما يخص أبو ظبي فإنها حافظت على ديمومة العلاقات التجارية مع طهران، بل سعت الى تطويرها من خلال ما يعرف بمشروع القناة الملاحية بين الامارات و إيران و تركيا ، فضلاً عن أن مصادر رسمية تحدثت عن زيادة في حجم التبادل التجاري بين طهران و ابو ظبي بمقدار 54٪ في عام ٢٠٢١ ، حصل هذا و الحرب قائمة في اليمن مع أصدقاء إيران و الصواريخ الإيرانية و المسيرات تستهدف البنى التحتية لبعض دول الخليج.
بعد كل ذلك أليس من الأجدر بدول الخليج أن تحيط إيران بالعزلة و القطيعة بدل العراق، لماذا العلاقات بين بلدان الخليج و ايران تتصف بالبراكماتية و عندما يصل الأمر للعراق تمرر الرسائل و تهدد الحكومات، لماذا؟! ، في نفس السياق ، ألم تلعب قطر و عمان أدواراً مهمة في تقريب وجهات النظر بين واشنطن و طهران؟! ، إذن لماذا رسائل الخليج تمرر فقط برأس العراقيين؟! على من روج لهذه التسريبات ان يجيب؟!
هنالك حكمة مهمة يعتبرها المحققون مبدأً في التحري عن الحقيقة و هي “اعرف المستفيد تعرف الفاعل” ، و في هذه المقالة سأعتمد هذه الحكمة في التحري عمن يقف وراء هذه الأكاذيب ، و من هو المستفيد من الترويج لها؟! ، و انطلاقاً من ذلك، و على فرض صحة هذه التسريبات فمالثمن الذي سيقبضه الايرانيون لقاء تمرير تلك الرسائل، هل يوجد شئ يستحق أن يكون ثمنا لأن لا يكون في بغداد رئيس وزراء حليف و صديق لطهران ؟!!!، ثم هل ثبت ان إيران تخلت عن أصدقائها في مناسبة ما في سوريا او لبنان او اليمن او حتى العراق لتتخلى هذه المرة عن أصدقائها في بغداد لأجل ذو العينان الكحيلتان؟!
و لنفرض أن الإيرانيون أبلغوا أصدقائهم في بغداد بهذا المضمون (محبة و قربة الى الله تعالى و ذو العينان الكحيلتنان) فهل من المنطقي أن يسرب الإطاريون خبر كهذا للإعلام ؟! بالتأكيد كلا!، لأنه لا يصب في صالح طموحاتهم في تشكيل الحكومة و رئاستها أيضاً!، إذن الذي سرب أخبار كهذه ينبغي أن يكون منافساً غير تقليدياً لقادة الإطار على رئاسة الحكومة، و عليه هو يسعى من خلال بث الإشاعات لتقليص فرص قادة الإطار في الظفر برئاسة الحكومة في سبيل أن يبقى وحيداً فريداً في ساحة المنافسة، من هو ؟! لا اعلم!.
أما إذا قلنا أن هذه التسريبات مفبركة و مصطنعة فمن المستفيد منها يا ترى؟ لم أجد إجابة سوى أن المستفيد من هكذا إشاعات هو من يحاول أن يصدر نفسه على أنه هلامي و شفاف و وسطي و بلا لون سياسي واضح و أنه الوحيد القريب من الكل و المقبول من الجميع (على إعتبار أن معظم قادة الإطار ملونون سياسياً (إن صح التعبير)) !، أكتفي بهذا و أترك لكم أن تتحروا عن هوية من تنطبق عليه تلك الصفات!!!.