23 ديسمبر، 2024 4:16 ص

قال الحارث بن ظالم المري ..

قال الحارث بن ظالم المري ..

( متى تجمع القلب الذكي وصارما
وأنفاً حمياً تجتنبك المظالم )
بعد إسقاط نظام البعث وإنهاء حكم صدام بدبابة أمريكية إتاحت قوات الاحتلال فرصة كبيرة بمساحة رمادية لمن ترسبت في صدورهم الاحن والبغضاء من البعث ونظامه وصدام وتسلطه القمعي فتحرك الجميع لكن بطرق مختلفة منهم من رفع صور الضحايا والمغدورين وطاف بها في الأزقة والشوارع مرددا ..
( وينه الحاربك وينه )
ومنهم من أقام مظاهر الفرح والتشفي بالسقوط المدوي للبعث والطاغية ومنهم من اعتزل الناس وجلس في بيته انتظار جلاء العاصفة وهرب من حسبوا على النظام او ارتبطوا بالبعث ومنهم من قام بتتبع ( الرفاق ) من أبناء المناطق الشعبية وقتلهم ردا على مالاقوه منهم من ويلات ومنهم وهم كثيرين قاموا بنهب ممتلكات الدولة وتدمير البنى التحتية للبلد على هشاشتها تحت أنظار العالم وأضواء كاميرات الإعلام المرئي في العالم ومنهم من جلس متفرجا وقد وصف هذا الحال بالفرهود وأطلق على المرحلة اسم ( الحواسم ) ولله در من وصفها بهذا ..
( حمد ..
نشمي على الفرهود شد حيله
حمد باك الحليب وباك قوت الناس
ولون يحصل درب جا فرهد العباس )
ثم أتاح المحتل فترة أشهر كمنطقة رمادية تصفى فيها الحسابات بين الأفراد والمناطق والطوائف والقوميات فقتل من قتل وهرب من استطاع النفاذ بجلده وافتقر بعض واغتنى آخرون وتغيرت مواقع وارتفعت طبقات وانخفضت أخرى ونمت في هذه الفترة الحرجة شتلات الكراهية والفرقة التي غرسها المحتل وسقاها توق العراقيين لإطلاق عنفهم المكبوت ثم أظهر حاكم الاحتلال المدني ملامح سلطة ( مجلس الحكم ) لم تكن مبنية على الكفاءة والاستحقاق والنزاهة والوطنية إنما بناها بشيطنة على التحاصص بين المكونات فتعامل معها اتباع المحتل الذي جاء بهم للحكم على انها حق لهم شرعنه الاحتلال باسم الطوائف فانتفضت طائفة وانتظرت أخرى واستولت ثالثة على مكسبها بفرح وقوة وتسربت من تحت عباءة المحاصصة مجاميع مسلحة كانت قد استولت على أسلحة الجيش السابق بكل انواعها وبدء الاحتراب مدعوما من دول الجوار وغيرها كل حسب مذهبه وبدأت الحرب على شكل عصابات تسليب بالقوة ثم تطورت إلى قتل على الهوية بعدها ظهرت بوضوح التشكيلات المتحاربة وانتماءاتها في كل جانب في الوقت الذي انشغل فيه ممن يتقاسمون السلطة بمكاسبهم غير المشروعة او المعقولة حتى وصل البلد إلى مرحلة الحرب الطائفية المعلنة وكان للاعلام المنحاز والمؤدلج طائفيا دورا بارزا مع غياب واضح للروح الوطنية عند المتحاربين وبما أن الحرب قسمت إلى مراحل من قبل من يؤججها ويقف خلفها ظهرت بعد انتهاء دور ( القاعدة ) في جانب وجيش ( … ) في الجانب الآخر تشكيلات جديدة وجمع بعضها تحت مسمى ( الدولة الإسلامية في العراق والشام ) وزود هذا التنظيم المسلح بكل ما يحتاجه جيش لتحقيق الانتصار في حروب وليس حرب وبموجب هذا الدعم وخنوع وضعف السلطة في المركز وخيانة بعض المتحاصصين استولى هذا الجيش على ثلث المساحة الوطنية وبما أن الحرب هي ليس حربا بين الحكومة والمتمردين إنما حرب طوائف بامتياز تحركت الطائفة الأخرى بعد اقتراب الخطر منها بشكل جدي وأصدر مركز القرار فيها أمرا بالتصدي فهب الجميع وأصبحت الحرب سجالا بين طائفتين تحت مسمى وطني وانتهت بهزيمة الدولة الإسلامية لكن الذي لم ينتهي هو تمدد من قاتلوا على رأس هذا الجيش واستئثارهم بالمال والسلطة والقرار وفرض رغباتهم الشخصية والفئوية على الآخرين.
..