23 ديسمبر، 2024 7:06 م

قالوا وقلت : حول التعليم المستمر للطبيب العراقي

قالوا وقلت : حول التعليم المستمر للطبيب العراقي

قالوا: سمعنا بالتعليم المستمر كأسلوب لتطوير خبرات المهنيين، فما دوره في تطوير الواقع الصحي في العراق؟.
قلت: ولكن حسب علمي لا توجد آلية عمل عراقية من قبل وزارة الصحة أو التعليم العالي أو نقابة الأطباء في العراق لوضع أسس للتعليم المستمر للطبيب العراقي بحيث يكون هذا التعليم جزءا من عمله اليومي طيلة حياته العملية.
قالوا: هناك محاولات في هذا الشأن، ولكن ما المقصود بالتعليم المستمر للأطباء؟.
قلت: أنما نقصد به التعلّم خارج أطار سنوات الدراسة الأولية، وأذا أردنا التحديد فهو أي عملية تعلّم أو تدريب للطبيب بعد تخرجه بما يساعد هذا الطبيب – وما أحوجه الطبيب العراقي لذلك- على تطوير مهاراته والحفاظ عليها.
قالوا: ولكن كيف يتم ذلك؟ وما هي أسس العمل؟
قلت: التعليم المستمر بحد ذاته مبدأ عرفته الحضارات عبر الزمن فكان مبدأ، أطلب العلم من المهد الى اللحد، هو أساس التعليم المستمر الذي يشمل في حالة الطبيب – ومهما تكن درجته العلمية وطبيعة عنوان وظيفته- تطوير المعلومات والمهارات والسلوك المهني من خلال تفاصيل العمل، ودورات وورش عمل رسمية أو غير رسمية. وهدف كل ذلك يبقى تطوير نوعية الخدمة الطبية للمرضى والناس بصورة عامة. فالطبيب الذي يحدّث معلوماته ومهاراته العملية ويواكب تطورات أختصاصه الطبي أنما تتوقع ان تكون خدمته الطبية المقدمّة لمرضاه متميّزة نوعيا وبشكل يعكس درجة التقدم والتطور الحاصل في العالم. ولعمري فهذا واجب على كل طبيب بأن يواكب مسيرة التطور الحاصلة في مجالات أختصاصه وأستنتاج العبر والدروس من كل ذلك.
قالوا: ولكن ماذا يشمل هذا التعليم المستمر؟ وكيف يتحفّز الأطباء له؟
قلت: من الطبيعي أن نقول أن هناك مراكز متخصصة جامعية وغير جامعية في دول العالم والتي تشرف وتنظّم دورات التعليم المستمر لأغلب الأختصاصات العلمية ومنها الطبية بطبيعة الحال. وبرامج التعليم المستمر والتي يجب أن تعكس حاجات مجتمع معين أنما يتم وضعها كأستجابة لمثل هذه الحاجات وبالتعاون مع الأطباء أنفسهم. فدورات التعليم المستمر وورشات العمل والمحاضرات وقراءة المجلات العلمية وحضور أجتماعات أدارية رسمية أو غير رسمية تعتبر من صلب أسلوب التعليم المستمر.وأقترح هنا على وزارة الصحة مثلا أو نقابة الأطباء في العراق أن تقيّم سنويا، علميا ومهنيا، الأطباء الممارسين للمهنة، ومعرفة عدد ساعات مشاركاتهم في التعليم المستمر، حيث يكون تقديم الدلائل على ذلك، ضروريا للتأكد من تطوير المعارف والمهارات، على أن يكون هذا التقييم مرتبطا بشكل أو بآخر بأجازة ممارسة الطبيب لمهنته قانونيا.
قالوا: وهل من تجارب في دول العالم المتقدمة صحيا في مجال التعليم المستمر للأطباء؟
قلت: نعم، والتجارب كثيرة. فخذوا مثلا تجربة بريطانيا ودور الكليات الطبية الملكية فيها ودور المجلس الطبي العام كذلك. حيث ربط هذا المجلس مؤخرا بين أجازة الطبيب البريطاني للعمل وتقديمه الدلائل الكافية على مشاركاته في التعليم المستمر بما يثبت تطوير علومه ومهاراته.
وهكذا راحت الكليات الطبية الملكية البريطانية تنظّم تفاصيل عمل هذا التعليم المستمر لتساعد الطبيب على أن يتم البرنامج المطلوب منه (وهو في حالة أطباء الباطنية مثلا الحصول على 50 ساعة تعليم مستمر سنويا).
وهنا أدعو الى أستفادة الجهات المسؤولة العراقية من دور الجمعيات الطبية العراقية الموجودة في الخارج في المساعدة لوضع تفاصيل منهجية لبرنامج التعليم المستمر لأطباء العراق. وما حضور المؤتمرات والندوات العلمية الاّ جزءا مهما من هذا التعليم المستمر، على أن يكون هذا الحضور فاعلا، ليعكس رغبة الطبيب نفسه في توفير أحسن الخدمات الصحية لمرضاه، وما أجدرهم بذلك.