23 ديسمبر، 2024 5:20 ص

مشكلة عويصة تلك التي يوضع فيها عادة شعب العراق ، حين ينخفض مستوى الفعل والتاثير الجماهيري في صناعة القرار الوطني ، يواجه الشعب ثنائيات مفزعة لاثوالث لها ، ثنائيات مرة على الجانبين ، اما الدكتاتورية  أو الاحتلال ، اما التقسيم أو الطائفية اما القبول بالفساد والفاسدين أو الحرب الاهلية ، اما غياب الامن أو الحريات، اما الموت أو الهجرة ، اما واما وكلا المكسبين مُهين ومجهول ولارادّ له سوى القبول بالمقسوم،  الثنائية الجديدة التي يواجهها العراقيون الاعتياديون غير المنتمين هذه الايام ، تنتخب أو لا تنتخب ، تعطي صوتك يخدم الفاشلين،  تحتفظ بصوتك تخدم الفاشلين الذين حكموك ولاشغل لهم سوى التحكم بمصيرك اربع سنوات لياتوك ثانية بصلافة غير مسبوقة مجددين دعوتك لانتخابهم مرة اخرى !.  بالنسبة للجدد الذين يأملون التغيير فهم مقيدون بقانون مقدس مخترق ، المرجع سانت ليغو الذي وضع اسس الانتخابات في بلادنا بدل علمائنا ومفكرينا ومبتكري قوانين اللغة والكتابة وايقاعات العروض الشعرية وفنون السياسة  ، هذا المرجع الذي اعتمدوه خرقوا تعاليمه كما خرقوا سابقا تعاليم الائمة والانبياء ، وحولوا فكرته الطليعية بإنشاء جدول  قسمة اعداد المصوتين على عدد القوائم المشاركة ، الى حيلة من حيلهم اتفقوا عليها ، فرفعوا  نسبة المشترك  من واحد الى 1.6 ثم  1.7 ليحرموا المرشحين النجباء من الوصول ويحرموا الذين انتخبوهم من حرية ونجاح الاختيار.
في واقعنا اليوم ما اسميه ب (قفص المواقف) وهو العنوان الثاني للمقال ، أتخِذُ موقفا معترضا على الحكومة ، فجأة يساندني عدوٌ لي وللحكومة ، فاتراجع هربا من التقاء المصالح، اقاطع الانتخابات  لاكتشف اني أحرِم مواطنا شجاعا جديدا يريد ان يواجه الفاسدين بنفسه داخل قبة البرلمان ، وايضا اتراجع عن قراري واحذر المرشحين الجدد من دخول البرلمان لانهم مع الحيتان المكررة لن يجيبوا نقشا ، بل ربما يندفعون الى الهذيان والجنون كما حصل مع نواب جربوا ذلك ، ثم اتراجع لاشجعهم واقول بدل ان تلعن الظلام اوقد شمعة  ! ،مشكلة عويصة فعلا ، لماذ عويصة؟ عويصة على المستقل فقط ، لان هناك من يرى بعين عقيدته ويحسم امره ، مثلا في تحالف سائرون هناك اربعة اراء .
راي  عقائدي لمتدينين تربوا على ان الشيوعية كفر والحاد ، فهم معترضون على ان يتبنى  السيد الصدر دورهم وحضورهم. يقابله شيوعيون عقائديون لايرون لحزبهم اهمية اذا ماتحالف مع تيار ديني راديكالي. وبين هؤلاء واولئك من يرون أن أية سفينة انقاذ للاصلاح والوقوف بوجه الفاسدين علينا ان نركبها كي ننجو من بحر الفساد ومستنقعات المحاصصة. الفصيل الرابع هو فصيل ( اللاادرية السياسية ) الذي يتردد عن المشاركة حتى وهو يضع اصبعه في قنينة الحبر الازرق، ياتي الى التصويت كمن ياتي الى زرق ابرة بالوريد لايعرف عنها شيئا ، هل  هو في الموقف الصحيح ام في الموقف الخطا ؟، هل يصوت للاصلاح ام يبارك اعادة انتاج الفاسدين مرة اخرى؟ ، هل هو مع الحكومة ام ضدها؟ ، وبعضهم يتمسك باجابة طريفة للفيسلسوف اليوناني الشهير ارسطو ، حين ساله احد تلاميذه  نصيحة حول زواجه ، هل الزواج  افضل ام العزوبية؟ ، فقال له : كلاهما سيء فتزوج . هذه الثنائيات الغامضة في حياة العراقي (المستقل) الطبيعي هي بحد ذاتها فشل عراقي صريح في السياسة والقضاء وادارة المؤسسات وايجاد رؤية واضحة للناس في التعامل مع مستقبل بلادها.حيث لاتعرف بالضبط ماهو المفيد لك ولشعبك ، مقاطعة الانتخابات ام المشاركة فيها!؟
ومالذي تنصح فيه الناس بعد ذلك ، قاطعوا؟ شاركوا؟ وتصبحون على وطن .